زيارة أمريكية وتصريحات مثيرة للجدل.. إندونيسيا وماليزيا على خطى التطبيع مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT
بينما تزايدت عزلة إسرائيل على الساحة الدولية بسبب حربها الأخيرة على غزة وردود الفعل الغاضبة في أوروبا وأمريكا الجنوبية وإفريقيا، تلوح في الأفق مؤشرات على تحركات أكثر انفتاحًا تجاهها في جنوب شرق آسيا. اعلان
تبرز كلٌّ من إندونيسيا وماليزيا، أكبر دولتين مسلمتين في المنطقة، في صلب هذا التحول الذي يثير قلقًا واسعًا بين الشعوب والنشطاء، والذي يرونه انحرافًا عن السياسات التقليدية الرافضة لأي شكل من أشكال التطبيع.
في إندونيسيا، أثار قرار الحكومة السماح مبدئيًا بمشاركة المنتخب الإسرائيلي في بطولة العالم للجمباز الفني المقررة في جاكرتا في 19 تشرين الأول/ أكتوبر موجة انتقادات شعبية واسعة، قبل أن تتراجع لاحقًا وترفض منح تأشيرات للاعبين الإسرائيليين.
غير أن الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو ألقى لاحقًا خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة دعا فيه إلى "توفير الأمن لدولة إسرائيل"، في تصريحٍ بدا خروجًا عن النهج الدبلوماسي المعتاد لإندونيسيا تجاه إسرائيل.
برابوو، الذي يُنظر إليه كأكثر قادة إندونيسيا ميلاً لإسرائيل منذ عقود، لا يخفي رغبته في فتح قنوات تواصل معها. وسبق أن عُرضت صورته خلال حملة دعائية في تل أبيب، وذلك إلى جانب عدد من زعماء العالم تحت شعارات مثل "نحو شرق أوسط جديد" و"أبرموا الصفقة".
تاريخيًا، عُرفت إندونيسيا بمواقفها الرافضة لأي مشاركة إسرائيلية في الفعاليات الدولية التي تستضيفها. ففي عام 2023، جُرّدت من حقها في تنظيم كأس العالم تحت 20 سنة لكرة القدم بعد رفض حاكم بالي السماح بمشاركة المنتخب الإسرائيلي. كما اعتذرت لاحقًا عن استضافة ألعاب الشاطئ العالمية بسبب رفضها لشروط تمنع استبعاد الرياضيين الإسرائيليين.
ومع هذه التغييرات الأخيرة، يرى مراقبون أن جاكرتا قد تكون ماضية في خطوات تمهّد لعلاقات أكثر مرونة، في سياق ضغوط دولية لإدخالها في إطار "اتفاقات إبراهيم"، التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى لتشجيع دول العالم الإسلامي على التطبيع مع إسرائيل.
ماليزيا: ضغوط داخلية واتهامات بتليين الموقففي ماليزيا، يجد رئيس الوزراء أنور إبراهيم نفسه في قلب عاصفة مشابهة، إذ يستعد لاستقبال ترامب في كوالالمبور رغم الاعتراضات الشديدة من طلاب ونشطاء ومفكرين مسلمين. وتتهمه مجموعات مؤيدة لفلسطين بتليين موقف بلاده الرافض تقليديًا لأي علاقة مع إسرائيل.
وقد حاول تبرير دعوة ترامب بالقول إنها صدرت من موقع ماليزيا كرئيسة لرابطة دول آسيان، وإنها لا تمثل قرارًا حكوميًا مباشرًا، لكنه أضاف أن بلاده "لا تستطيع كدولة صغيرة تحمل تبعات اقتصادية" في حال تجاهلت واشنطن. هذا التبرير بدا ضعيفًا في نظر خصومه الذين ذكّروه بأن العلاقات الاقتصادية الأمريكية ازدهرت في عهد مهاتير محمد، رغم مواقفه الحادة ضد واشنطن وتل أبيب.
ورغم مسارعة إبراهيم إلى تنظيم تجمع جديد لدعم فلسطين في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، يرى منتقدوه أن هذه الفعاليات باتت وسيلة لاحتواء الغضب الشعبي أكثر من كونها تعبيرًا حقيقيًا عن موقف مبدئي. فقد نُقل موظفو الخدمة المدنية بحافلات لملء ملعب في العاصمة خلال تجمع مماثل في آب/ أغسطس 2024، في ظل موجة اعتراض على إشراك شركة "بلاك روك" الأمريكية، المتهمة بدعم الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، في إدارة المطارات الماليزية.
ولم تخلُ تلك الفعالية من المواقف المحرجة، إذ هتف نائب رئيس الوزراء أحمد زاهد حميدي دعمًا لإسرائيل عن طريق الخطأ قبل أن يعتذر لاحقًا قائلاً إنه "انجرف في الحماسة".
جدل داخلي وقمع الأصوات المعارضةفي موازاة ذلك، شهدت ماليزيا سلسلة احتجاجات مؤيدة لفلسطين، قمعت الشرطة بعضها واعتقلت ناشطين أمام السفارة الأمريكية، فيما مُنع طلاب جامعة مالايا من تنظيم تجمع مناهض لإسرائيل داخل الحرم الجامعي. ويخطط الطلاب لمسيرة جديدة في كوالالمبور تتزامن مع زيارة ترامب.
ويؤكد المعارضون أن هذه التطورات تمثل تراجعًا عن السياسة التقليدية الرافضة لأي تقارب مع إسرائيل، وهي السياسة التي ترسخت في عهد مهاتير محمد عندما أقامت ماليزيا علاقات رسمية مع حركة حماس.
في المقابل، يرى مؤيدوه أن استقبال ترامب يمثل فرصة لماليزيا لإيصال موقفها من القضية الفلسطينية مباشرة إلى واشنطن، إلا أن كثيرين يشككون في ذلك، معتبرين أن مجرد حضوره سيكون كافيًا لفتح الباب أمام إسرائيل لتعزيز وجودها السياسي والدبلوماسي في منطقة طالما اعتُبرت واحدة من أكثر مناطق العالم الإسلامي حساسية تجاهها.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الضفة الغربية إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الضفة الغربية إندونيسيا دونالد ترامب إسرائيل ماليزيا آسيا تطبيع العلاقات إسرائيل دونالد ترامب حركة حماس غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الضفة الغربية قطاع غزة فلسطين فرنسا نزوح بحث علمي إسبانيا مع إسرائیل لاحق ا
إقرأ أيضاً:
أكبر نقابة أمريكية للمعلمين تمحو إسرائيل من الخريطة وتكتب فلسطين
أرسلت أكبر نقابة للمعلمين في الولايات المتحدة رسالة إلكترونية إلى أعضائها تضمنت خريطة للأراضي المحتلة (إسرائيل)، مكتوب عليها "فلسطين"، كجزء من المواد التعليمية المتعلقة بـ "الشعوب الأصلية"، بالإضافة إلى مواد تدعم هجوم الـ 7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حسبما ذكرت صحيفة نيويورك بوست ووسائل إعلام أخرى في البلاد.
Largest US teachers union sends 3 million members map that completely ‘erases’ Israel: ‘An inexcusable lapse’ https://t.co/LDkpSpzaCa pic.twitter.com/UsEM6gI9A6 — New York Post (@nypost) October 11, 2025
وأرسلت الجمعية الوطنية للتعليم (NEA)، التي يبلغ عدد أعضائها نحو ثلاثة ملايين عضو، رسالة بالبريد الإلكتروني تتضمن الخريطة بالإضافة إلى روابط لمواد تدافع عن هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب التقرير.
ووفقًا لتقرير صادر عن صحيفة "جويش نيوز سينديكيت"، المعنية بشؤون اليهود، تصف الخريطة (إسرائيل) بأنها "فلسطين" وتُشير إلى أنها "أرض فلسطينية أصلية، وزعم ستيفن روزنبرغ ، المدير الإقليمي لمعهد القيم في أمريكا الشمالية، لـ JNS: "هذه خطوة مقلقة للغاية من أكبر نقابة عمالية في الولايات المتحدة، التي تُروّج لمحتوى معادٍ للسامية وتحاول تبرير الجرائم (الإرهابية) واصفا الأمر بأنه انتكاسة خطيرة للغاية لمنظمة مُكلفة بتعليم جيل المستقبل". وفق ادعائه.
وهو ما دفع الوكالة الوطنية للتعليم لإصدار بيانًا على موقعها الإلكتروني جاء فيه: "علمنا مؤخرًا أن المحتوى الخارجي الذي أرفقناه برابط على الموقع، والذي تستخدمه العديد من وسائل الإعلام والمؤسسات، يتضمن محتوى لا يفي بمعاييرنا وقيمنا، فور علمنا بذلك، راجعنا الموقع والمواد التي أرفقناها برابط، وحذفناها على الفور، ندين بشدة المحتوى المسيء، يبحث فريقنا عن محتوى جديد يتماشى مع قيمنا واحتياجات أعضائنا والجمهور".
وانتقدت رابطة مكافحة التشهير (ADL)، التي قطعت نقابة المعلمين المعنية علاقاتها بها في وقت سابق من هذا العام، المنظمة بشدة، وكتبت الرابطة على منصة "أكس": "هل نسيت الرابطة شيئًا؟، وأرسلت النقابة لأعضائها مقالًا يتضمن خريطة للعالم تمحو إسرائيل". وأضاف: "هذا ليس خطأً بسيطًا، بل فعلٌ صادمٌ ينكر التاريخ والواقع الراهن. ينبغي على المعلمين تعليم الحقائق، لا إعادة صياغتها".
Did the NEA forget something? The union sent its members an article featuring a world map that erased Israel. This is not a simple oversight, but a shocking act that denies both history and present reality.
Educators should be teaching facts, not rewriting them. pic.twitter.com/YoO7nnozHF — ADL (@ADL) October 10, 2025
وفي تموز/ يوليو الماضي، رفض مجلس إدارة الرابطة الوطنية للتعليم، اعتماد تصويت أعضائها الداعي إلى قطع العلاقة مع "رابطة مكافحة التشهير" (ADL)، بسبب دعمها الصريح لـ"إسرائيل" وعدوانها على قطاع غزة، واتهامها المتكرر للعرب والمسلمين بمعاداة السامية، وافتخارها بانتمائها الصهيوني، وقد دعا القرار إلى وقف استخدام الرابطة والنقابات الفرعية والمدارس لمواد وبرامج وإحصاءات "رابطة مكافحة التشهير" المتعلقة بمكافحة معاداة السامية، بحجة خلطها المتعمد بين انتقاد إسرائيل ومعاداة السامية.
وكان نحو 7 آلاف ممثل منتخب من الفروع المحلية للنقابة قد صوّتوا، خلال المؤتمر السنوي في الأسبوع الأول في وقت سابق، لصالح قرار بعدم استخدام برامج رابطة مكافحة التشهير أو المشاركة في تدريباتها المهنية الموجهة للمعلمين، ووفقاً للقواعد، كان من المفترض أن يُعرض القرار على مجلس الإدارة لاعتماده، إلا أن الأخير اعتبره "مقاطعة"، ما جعله، حسب توصيفهم، خاضعاً لـ"خطأ إجرائي"، وهو ما رفضه الممثلون، مؤكدين أنهم لم يستخدموا مصطلح "مقاطعة" في أي بند من القرار.
من جهتها، أعربت كتلة "معلمون من أجل فلسطين"، المعترف بها رسمياً داخل النقابة، عن خيبة أملها من قرار المجلس، وقالت إن رابطة مكافحة التشهير "تسلب الفلسطينيين إنسانيتهم، وتضلّل الخطاب التربوي بشأن القضية الفلسطينية، وتستهدف المعلمين المدافعين عن الحقوق الفلسطينية، ما يضعف حرية التعليم، ويقوّض الجهود الحقيقية لمكافحة معاداة السامية عبر نشر بيانات مضللة، تساوي بين انتقاد إسرائيل والكراهية العنصرية".
وأكدت المنظمة أن التصويت، رغم رفضه من مجلس الإدارة، يمثل "تحولاً تاريخياً في موقف النقابات العمالية تجاه دعم حقوق الفلسطينيين ورفض التطبيع التربوي مع إسرائيل"، مضيفة أن "المعلمين أصبحوا أكثر وعياً بضرورة التصدي للروايات الكاذبة التي تروّج لها منظمات مثل رابطة مكافحة التشهير".
وكانت رابطة مكافحة التشهير قد دعت، أخيراً، إلى فرض قيود على المؤسسات الأكاديمية والتعليمية لمنعها من انتقاد "إسرائيل"، ووصفت مواقف بعض المدارس الرافضة للإبادة الجماعية في غزة بأنها "معادية للسامية". كما هاجمت الرابطة الوطنية للمدارس المستقلة في العام الماضي، لتقديمها محاضرات حول حقوق الإنسان، شملت الدفاع عن الحقوق الفلسطينية.