أكد مرصد الأزهر الشريف أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لا تكف عن تبرير جرائمهم التي فاقت كل تصور بتحميل الفصائل الفلسطينية المسؤولية عن ضحايا العدوان من أهل فلسطين، فضلًا عن تسويغ الهمجية الإرهابية تجاه غزة عامةً، ومستشفياتها خاصةً، بمزاعم وجود مراكز قيادة ومقار عسكرية للمقاومة تحت المستشفيات، موضحًا أنّ التعرض للمستشفيات وفق توصيف القانون الدولي «جريمة حرب لا تسقط بالتقادم».

مستشفى الشفاء ليست صرحًا للعلاج فقط

وأوضح المرصد أنّه قد كثر الحديث هذه الأيام عن مجمع الشفاء الطبي في غزة واختصاصه بتلك المزاعم، والحقيقة أن الاحتلال الإسرائيلي كدأبهم- كاذبون، وبمنطق عقلاني محض لم لا يجترأ الصحفيون في غزة أو بعض أهلها على التقاط صور ثابتة أو مقاطع مصورة للمركز المزعوم تحت المجمع الذي لجأ إليه آلاف البشر ولا مجال فيه لحفظ سر؟ وليس للحقيقة من نصيب في هذه المزاعم إلا حقيقة صادمة تنتفي بها كل تلك المزاعم  ألا وهي أن الكيان الصهيوني نفسه هو من بنى ذلك المقر أسفل مجمع الشفاء الطبي في عام 1983 عندما كان يحتل القطاع احتلالًا كاملًا ويسيطر عليه.

وأشار إلى أن حكومة الاحتلا الإسرائيلي بنت في ذلك غرفة عمليات أمنية عسكرية تحت الأرض وشبكة من الأنفاق تحت المجمع الطبي، وهذا هو عين الباعث على الحديث «الواثق» عن وجود ذلك المقر، وتحديدًا تحت المبنى رقم 2 من المجمع.

التحرك الإسرائيلي ضد مستشفى الشفاء لا يستند لمعلومات

وتابع: «الحقيقة أن التحرك الإسرائيلي ضد مستشفى الشفاء لا يستند على معلومات موثقة بل بناء على أهداف موضوعة يسعى الكيان الغاصب لتنفيذها، فإذا افترضنا أن هناك بالفعل أسفل الشفاء الأسرى وشبكة الأنفاق فهل يعقل أن يتحدث الاحتلال قبل أيام علنًا عن ذلك قبل تنفيذ هجومه؟! .. بديهيًّا فإنّ ذلك يعرض حياة الأسرى للخطر، وفي حال كانت المقاومة بالفعل أسفل الشفاء فإنها ستقوم بنقل الأسرى وعناصرها إلى مكان آخر فورًا».

ونوه بأنّ إذا عمل قادة الاحتلال على مدار الأيام الماضية على تهيئة الرأي العام الداخلي والعالمي قبل تنفيذ هجومه استنادًا على أهداف وليس حقائق، وتحليلًا للفيديو المصور للمتحدث باسم جيش الاحتلال، فقد رأيناه جميعًا يعرض حذاء وعصبة رأس إلى جانب عدد قليل من الأسلحة، وهنا نتوقف ونعود إلى تصريحات نقلتها صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول سابق في الشاباك وآخران ذكروا أن المنطقة الواقعة تحت «الشفاء» تستوعب عدة مئات من عناصر المقاومة بناء على زعمهم، وقياسًا على ذكروا وما وجدته المجموعة المقتحمة للمستشفى بعد مرور تقريبًا 24 ساعة فإن هناك تناقض واضح بين ما ذُكر وما وجد.

وشدد على أن هناك تقريرًا نشرته صحيفة «هآرتس» العبرية في عام 2009 أكد أن قادة المقاومة لا يتواجدون في مكان واحد بل ينتشرون ويغيرون مواقعهم باستمرار، وأن التقارير لم تظهر أي صور لمناطق الطوابق السفلية كما تدعي الآن، نضف إلى ذلك أن المراسلين الذين يقومون بتغطية الهجمات الصهيونية خلال الأعوام 2008، و2009، و2012، و2014 و2023 لم يقدموا أي تقارير عن استخدام المقاومة للمنشآت تحت الأرض التي بناها الكيان وقت احتلاله للقطاع.

واستكمل بأنّ مستشفى الشفاء ليست صرحًا لعلاج المرضى فقط، بل تاريخًا من النضال ضد الاحتلال، ففي عام 1971 وقعت معركة بالأسلحة النارية بين فلسطيني ودورية صهـ يو نية داخل مبناها، وفي عام 1987م خلال الانتفاضة الأولى حدثت مواجهات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال خارج المستشفى؛ لذا يعد اقتحامها حيلة صـ هيـ ونية لكسر الصمود الفلسطيني مع استمرار تواجد الفلسطينيين في شمال القطاع رغم التهديدات والمجازر المرتكبة ضدهم وعدم تنازلهم عن أرضهم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مستشفى الشفاء مرصد الأزهر الشريف مجمع الشفاء الطبي مستشفى الشفاء فی عام

إقرأ أيضاً:

لبنان: كيف نمارس المقاومة الدبلوماسية بموازاة المقاومة الميدانية؟

ما إن اعتمد مجلس الأمن الدولي بقراره تاريخ 17 نوفمبر 2025 خطةَ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ببنودها العشرين لوقف إطلاق النار، وبسط الاستقرار في قطاع غزة، حتى باشر كيان الاحتلال الصهيوني سلسلةَ اعتداءات برية وجوية على مجمل الأراضي اللبنانية من جنوبها إلى شمالها، بدعوى ضرورة تدمير مواقع وأسلحة حزب الله (بما هو العمود الفقري لقوى المقاومة) مع إنه كان قد التزم، بعد موافقة الحكومة اللبنانية، باتفاقَ وقف الأعمال العدائية الذي رعته الولايات المتحدة، ولم تلتزم به إسرائيل على الإطلاق. نجم عن هذه الاعتداءات الإسرائيلية حتى الآن:

*احتلال خمس تلال تشرف على مجمل منطقة جنوب نهر الليطاني.
*تدمير القرى الحدودية من الناقورة غرباً إلى شبعا شرقاً، ومنع أهاليها من العودة إليها لترميمها.
*نزوح عشرات الآلاف من السكان إلى شماليّ نهر الليطاني، وهجرة الآلاف أيضاً إلى خارج البلاد.
*اتخاذ مجلس الوزراء قراراً في 5 أغسطس2025 يقضي بحصر السلاح بيد الدولة فقط.

*احتدام الجدال بين القوى المحافظة المؤيدة لأمريكا، والمطالِبة بالإسراع في نزع سلاح حزب الله، والقوى السياسية الوطنية المؤيدة للمقاومة، والمعارضة لنزع سلاحها، في وقتٍ يحتل العدو أراضي لبنانية، ويستمر في اعتداءاته اليومية على الشعب والوطن والسيادة.

إزاء تظاهرات احتجاجية حاشدة عمّت شتى دول العالم وضغوطٍ مارستها دول عربية وإسلامية على الولايات المتحدة، اتصل ترامب بنتنياهو طالباً منه التخفيف من اعتداءاته على لبنان، والتجاوب مع دعوة الرئيس جوزف عون، إلى سلوك طريق التفاوض، داعياً إياه لزيارته في واشنطن قبل أعياد الميلاد ورأس السنة.

بالرصد الدقيق والتحليل الموضوعي للواقعات والتحولاّت السائدة في لبنان وفلسطين وكيان الاحتلال ومختلف دول الإقليم ذات الصلة بالصراع العربي- الصهيوني، تتضح الحقائق الآتية:

*يعارض رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وغالبية النواب والقوى السياسية الفاعلة في لبنان نزعَ سلاح المقاومة بالقوة، تفادياً لاندلاع حربٍ أهلية.
*الجيش اللبناني، بقيادته وضباطه، غير راغب وغير قادر على نزع سلاح المقاومة بالقوة ليس لأسباب ودوافع وطنية فحسب، بل لأنه يفتقر إلى السلاح والعتاد اللازمين للقيام بهذه المهمة الخطيرة، لاسيما وأن الولايات المتحدة وسائر دول الغرب الأطلسي ترفض رفضاً باتاً تسليح الجيش، أو السماح بتسليحه من مصادر أخرى متاحة.

*تعافي حزب الله من الخسائر البشرية والعسكرية التي تكبّدها خلال السنة الجارية الموشكة على الانتهاء. صحيح أنه لم يستكمل بعد كامل قدراته التي كانت له قبل استشهاد قائده التاريخي السيد حسن نصرالله، ومجموعةٍ من كبار قادته وبعض أسلحته الثقيلة، إلا أنه ما زال يحتفظ بمعظم أسلحته المتطورة، ولولاها لما كان أصرّ على التمسّك بسلاحه وتصميمه على مواجهة العدو المعتدي.
*يشكّ خبراء عسكريون داخل كيان الاحتلال وخارجه في قدرة الجيش الإسرائيلي المنهك على احتلال جنوب لبنان والبقاء فيه، وإن كانوا يسلّمون بقدرته على التدمير والتخريب والتهجير والتجويع.

*تبدو تركيا مصرّة على المشاركة في قوة الاستقرار الدولية، المنوط بها المحافظة على الأمن داخل قطاع غزة، لمنع نتنياهو من تصفية قوات «حماس» في الأنفاق، خلال تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب. والأرجح ان تركيا وسائر الدول الإسلامية المشاركة في قوة الاستقرار الدولية، لن تشارك في نزع سلاح «حماس» وحلفائها، أو في تدمير أنفاقها.

يتحصّل من عرض الحقائق، سالفة الذكر، كما من المعلومات المسرّبة من كبار المسؤولين اللبنانيين وضيوفهم من المسؤولين الدوليين، أن مستقبل الوضع في قطاع غزة يتوقّف على قرار ترامب، الذي حرص على استدعاء نتنياهو إلى البيت الأبيض ليبلغه قراره الأخير بضرورة تنفيذ المرحلة الثانية من خطته، والسير بهندسةٍ سياسية واقتصادية للقطاع تخدم أغراض الولايات المتحدة بالدرجة الأولى، وتتيح لنتنياهو هامشاً من حرية الحركة، لخدمة مصالحه السياسية على نحوٍ يضمن فوزه وحلفاءه في انتخابات الخريف المقبل.
ثمة ثمانية أشهر فاصلة من الصراع الشديد
وعليه، ثمة ثمانية أشهر فاصلة من الصراع الشديد، قبل أن يتضح مصير لبنان وقطاع غزة، فكيف تراها تتصرف أطراف الصراع، لاسيما قوى المقاومة على الصعيدين الدبلوماسي والميداني في كِلا البلدين؟

أرى أن الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفاءهما، سيركّزون جهودهم على الصعيد الدبلوماسي، فيما ستركّز قوى المقاومة وحلفاؤها في لبنان على الصعيدين الدبلوماسي والميداني معاً. ترامب سيسعى أيضاً الى إنهاء الحرب في قطاع غزة وإحلال الاستقرار، من خلال «مجلس السلام»، الذي سيترأسه شخصياً بالتعاون مع توني بلير، بغية منع العودة الى العنف بواسطة قوة الأمن والاستقرار المؤلفة من دول شتى تراعي السياسة الأمريكية في منطقة غرب آسيا، أي بما يشمل السعودية وتركيا وإيران. ذلك قد يتطلّب عدم تجريد «حماس» من السلاح كلياًّ، أو تعطيل الأنفاق، شريطةَ عدم عرقلتها سيطرة امريكا على القطاع، لاسيما اقتصادياً. «حماس»، من جهتها، ستراعي سياسة أمريكا طيلة فترة المفاوضات شريطةَ عدم مساسها، أو اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل تحرير الضفة الغربية وتوحيدها مع القطاع في دولةٍ مستقلة بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية ذات الصلة.

قوى المقاومة وحلفاؤها السياسيون سيركّزون على هدفين معاً: حصر التفاوض داخل لجنة الإشراف «ميكانيزم» بالأمور التقنية الإجرائية فقط، المتعلقة بوقف الأعمال العدائية، وبرمجة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة، واستعادة الأسرى. في المقابل، ستتعهد قوى المقاومة بتجميد عملياتها ضد العدو طالما المفاوضات حول الأمور الثلاثة سالفة الذكر ناشطة، لكنها لن تتوانى عن الردّ على إسرائيل إذا تابعت اعتداءاتها. وهي ستصرّ على عدم بحث مسألة حصرية السلاح بيد الدولة في المفاوضات، لكونها مسألة داخلية تحت طائلة وقف التفاوض في حال إصرار أمريكا واسرائيل على بحث الموضوع.

قد تقوم قوى المقاومة من تلقاء نفسها بالتواصل مع السعودية وإيران وتركيا، من أجل تأمين الدعم السياسي والدبلوماسي اللازمين لسحب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية ولبنان وسوريا، وكذلك من أجل مقاضاة كيان الاحتلال لدى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، بغية معاقبة مجرمي الحرب الإسرائيليين وحلفائهم، والحكم على الجناة بالتعويضات المناسبة. الخلاصة: لا مؤشرات واضحة إلى نجاح ترامب وسائر أطراف الصراع في التوصل إلى تسوية مقبولة. فالصراع الدبلوماسي والميداني طويل ومعقد ومصيري.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • سرايا القدس: تم إغلاق ملف أسرى العدو!
  • الدفاع المدني: انتشلنا جثامين 15 شهيدًا من داخل مستشفى الشفاء بغزة
  • ماذا تملك المقاومة في غزة اليوم لردع الاحتلال؟
  • مرصد الأزهر يشارك في المؤتمر الختامي لمبادرة التعليم لمنع ومكافحة التطرف العنيف بالمغرب
  • الدفاع المدني: انتشلنا جثامين 98 شهيدًا من داخل مستشفى الشفاء بغزة
  • مرصد الأزهر يُعزز المناعة الفكرية في معسكر بلطيم .. محاضرات عن الحرية المسؤولة
  • مرصد الأزهر يشارك في المؤتمر الختامي لمبادرة مكافحة التطرف بالمغرب
  • لبنان: كيف نمارس المقاومة الدبلوماسية بموازاة المقاومة الميدانية؟
  • عالم أزهري: البشعة جريمة كبيرة ومرفوضة شرعا
  • مرصد الأزهر: نائب فرنسي يدعم مسلمي فرنسا ردًا على استطلاع متحيز وهجمات المساجد