الخطوة التالية لمؤشرات التنافسية
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
تتخذ دول المنطقة اليوم في سياق إندماجها في التواصل العالمي الخطوة التالية في مؤشرات التنافسية، ونعني بها الانتقال من وضع «متلقي» للمؤشرات إلى وضع «مساهم في صنعها» أو ما يعرف بمرحلة الـ Drafting، مستندة في ذلك على ثلاثة عوامل أساسية: القوة الاقتصادية أو الميزة الاقتصادية النسبية التي تميزها في سياق معين، أو بنائها لمؤسسات تعنى بتسويق قوتها الناعمة أو سمتها الوطنية Nation Branding، أو بقوة شبكات دبلوماسيتها التقليدية التي تطوع للتحول إلى أشكال أخرى من الدبلوماسية الشعبية أو العلمية أو الناعمة.
وبالعودة إلى المشاركة في صنع أجندة المؤشرات الدولية، نعتقد أن السنوات المقبلة ستكون مليئة بالمزيد من التنافس من دول العالم في صنع هذه الأجندة، خصوصًا مع صعود تكتل BRICS وإعادة الحديث الموسع عن «التنمية في الجنوب العالمي» ويبدو المنعطف الأساسي هنا - كما تشخصه دراسات المعهد الألماني للتنمية والاستدامة- هو إدراك الغرب أن سياسات التجارة والتمويل والاستثمار التي قادتها بعض القوى الصاعدة في العقود الماضية كانت موجهة بشكل أساس نحو تحقيق أهداف جيوسياسية في المقام الأول، وعليه أصبح الجنوب العالمي أولوية بالنسبة لبعض القوى دون غيرها. يغير أجندة التنمية كذلك مسألة إيلاء قدر أكبر لتحالفات الجنوب وتكتلاته وأدوارها في التأثير على مسار الاقتصاد والتنمية العالمية. وهذا يعني بالضرورة تغير خارطة التكتلات والتحالفات الدولية، وإنتاج منطق جديد لأجندة التنمية، وتعزو روزانا جاكسون هذا المنطق الجديد إلى عاملين أساسيين وهما: التغييرات في القواعد واللوائح فيما يتصل بحركة التبادل الاقتصادي والتجارة العالمية، وظهور سلاسل القيمة العالمية والإقليمية. لذلك هناك تهافت من بعض دول العالم والمنطقة العربية للدخول في BRICS ومحاولة تكوين أدوات اقتصادية جديدة بناء على هذه التحالفات متمثلة في الممرات الدولية، أو الأدوات اللوجستية الأخرى لتعزيز التبادل التجاري.
على مستوى دول المنطقة عملت دولة الإمارات العربية المتحدة بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تطوير «مؤشر المعرفة العالمي»، الذي يحاول تشخيص تنافسية الدول في أبعاد منها: رأس المال المعرفي وبيئات التعلم وتوفر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتنافسية والانفتاح الاقتصادي، وصولًا لمعرفة وضعية البيئة الممكنة لتحويل المعرفة إلى قيمة اقتصادية مضافة. كما عملت المملكة العربية السعودية على الدراسات الأولى لمؤشر الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يستهدف تقييم مُكنة الدول في التحول لاقتصادات دائرية للكربون من ناحية خفض الانبعاثات، وإعادة تدوير وإزالة واستخدام الكربون، كما عملت مؤسسة مسك على تطوير دراسة أولى لمؤشر الشباب العالمي في 2022. بناء على المعلومات المستقاة والشراكة مع بعض المؤسسات الدولية المعنية بهذا الشأن. وكل هذه الجهود في تقديري خطوات أولى للدخول إلى ما أسميه شخصيًا «دبلوماسية المؤشرات».
إن صحت تسمية «دبلوماسية المؤشرات» فهي تبنى على عنصرين أساسيين: الميزة القطاعية التي تستطيع من خلالها دولة معينة التأثير في الشبكات العالمية، والإقناع بالأجندة التي تحملها، وتحديد قيمة اقتصادية دولية لتلك الأجندة. والعنصر الثاني: قدرتها على خلق شبكات الدعم، وتكريس الصورة حولها عبر الدبلوماسية الشعبية، وهذا يعول على وجود المؤسسات المركزية لذلك، والمنتج الإعلامي الذي يتبع نفس السردية ويروجها ويرسخها. وعند البحث عن مساحة مساهمة سلطنة عُمان في مثل هذا المشهد، فقد استطاعت مبادرات مثل «رسالة الإسلام من عُمان» الامتداد عبر عدة دول عبر العالم لتكريس بُعدي «التعايش والتسامح» اللذين تتسم بهما الثقافة العُمانية، وينبعان في الآن ذاته من أصل رسالة الإسلام، ويتطوران بتطور التركيب التاريخي للمجتمع في عُمان. ونتساءل: لماذا لا نذهب إلى خطوة أخرى من خلال تعزيز هذه الميزة باقتراح تطوير «مؤشر للتواصل الحضاري»، حيث يعنى هذا المؤشر بقياس انفتاح الدول منهجيًا على عمليات التواصل الحضاري مع المجتمعات الأخرى، ويمكن بناء المؤشر وتركيبه بدراسات أولية تسبقه، تعصف الجوانب المهمة المؤثرة في عمليات التواصل الحضاري، والقدرة على قياسها مثل: الجوانب التعليمية والمعرفية، دور الاقتصاد والتجارة والاستثمار، دور سياسات السياحة، عمليات التبادل الثقافي. ونعتقد أنه بالمساهمة في تطوير هذا المؤشر يمكن إيجاد عنصر دولي جديد لدفع المجتمعات نحو الاهتمام بمحورية التواصل الحضاري ودوره في تقريب وتفاهم الشعوب، والحد من النزاعات، وترويض القوة في أطر من التفاهم الدولي.
منهجيًا يمكن للمؤشر أن يركب من مؤشرات فرعية؛ فعلى سبيل المثال: (اللغات وتنوع اللهجات داخل الدولة -اتفاقيات التعاون والتبادل الثقافي التي وقعها البلد -مؤسسات الإعلام الناطقة بلغات متعددة - سياسات الهوية الثقافية- تأكيد القوانين على احترام التعدد اللغوي والديني والعرقي- الفعاليات والمهرجات والأحداث الثقافية- مبادرات التعاون العالمي- حركة السياحة- دور الدبلوماسية في حل النزاع...) هذه مجرد أمثلة أولية للمؤشرات المركبة التي من الممكن أن يحويها المؤشر الكلي، ويمكن موازنتها بين أبعاد سياسية وقانونية وثقافية واقتصادية ليكون للمؤشر قيمته الدولية الممثلة من ناحية، وليستطيع في الآن ذاته دراسة البيئة التكاملية الممكنة لانفتاح وقدرة المجتمعات على التواصل الحضاري الإيجابي. إن دعم مثل هذا الاتجاه يتسق مع موجهات رؤية عُمان 2040 الهادفة إلى كون المجتمع العُماني «مُجتمع رائد عالميًا في التفاهم والتعايش والسلام»، ونعتقد أن هناك دعامتين في خطة التنمية الخمسية العاشرة من الممكن أن يقوم عليهما هذا الجهد؛ فقد أوردت البرامج الاستراتيجية برنامجًا يعنى بأن تكون «الثقافة العُمانية معروفة عالميًا من خلال المشاركة في المحافل الدولية»، وبرنامجًا آخر لإنشاء «مركز الدراسات الحضارية العُمانية». ويمكن أن يكون المركز -إن كان هناك اتجاه لإنشائه- حاضنًا لهذا الجهد، إضافة إلى الأبعاد الاستراتيجية الأخرى التي يمكن أن يعمل عليها في سبيل «توثيق الحضارات العُمانية، وتنفيذ برامج توعوية وترويجية لنشر الحضارة العُمانية وتوثيقها محليًا لإبراز الموروث العُمانية» - كما هو مستهدف البرنامج المنصوص عليه.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التواصل الحضاری الع مانیة
إقرأ أيضاً:
"الغرفة": 15 علامة تجارية عُمانية تشارك في "معرض الامتيازات العراقية"
مسقط- الرؤية
تشارك غرفة تجارة وصناعة عُمان ممثلة في مركز الامتياز التجاري في معرض الامتيازات العراقية بنسخته الثانية، خلال الفترة من 28 ولغاية 30 مايو الجاري في معرض بغداد الدولي بجمهورية العراق الشقيقية، برئاسة المهندس حمود بن سالم السعدي النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان ورئيس لجنة مركز الامتياز التجاري، وبمشاركة 15 علامة تجارية عُمانية.
وقد شارك في افتتاح المعرض مالك خلف وادي مدير عام دائرة تطوير القطاع الخاص بوزارة التجارة العراقية، وسعادة السفير الشيخ محمود بن مهنا الخروصي القائم بأعمال سفارة سلطنة عُمان في جمهورية العراق.
وشهد المعرض في يومه الأول توقيع اتفاقيتين منح امتياز تجاري، الاتفاقية الأولى وقعها محمد صغير قاسم المعمري صاحب العلامة التجارية "الأخوة للفضيات"، أما الاتفاقية الثانية وقعها عيسى بن صالح الأغبري صاحب العلامة التجارية العُمانية "سفن فرايز".
وتأتي هذه المشاركة في إطار جهود الغرفة لتعزيز حضور العلامات التجارية العُمانية في الأسواق الإقليمية والعالمية، وفتح آفاق واعدة للتعاون التجاري والاستثماري، لاسيما في قطاع الامتياز التجاري الذي يشهد نموا متسارعا في جمهورية العراق. وضم جناح الغرفة المشارك في المعرض أكثر من 15 علامة تجارية عُمانية رائدة في السوق العُماني، تسعى إلى استكشاف فرص منح الامتياز التجاري والدخول إلى السوق العراقي.
وتولي الغرفة اهتماما كبيرا بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الأعمال، حيث تسعى من خلال مبادراتها إلى دعم العلامات التجارية العُمانية وتمكينها من المنافسة إقليميا ودوليا، والأخذ بيد رواد الأعمال للتوسع والوصول إلى العالمية.
وألقى المهندس حمود بن سالم السعدي النائب الثاني لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان ورئيس لجنة مركز الامتياز التجاري كلمة خلال افتتاح فعاليات المعرض، قال فيها إن المشاركة في معرض الامتيازات العراقية تأتي انسجاما مع التوجهات الاستراتيجية للغرفة الرامية إلى تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز التنويع الاقتصادي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية "عُمان 2040"، التي تركز على تنويع مصادر الدخل، وتشجيع الاستثمار، وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى توسيع حضور المنتجات والخدمات العُمانية في الأسواق الإقليمية والعالمية.
وأضاف: "نؤمن بأن السوق العراقي يشهد تحولا اقتصاديا ملحوظا تقوده مبادرات نشطة من القطاع الخاص، ويعد المعرض فرصة حقيقية لخلق شراكات استراتيجية من خلال جمع العلامات التجارية والمستثمرين في بيئة واحدة محفزة للتبادل التجاري والتعاون والاستثمار"، مشيرا إلى مركز الامتياز التجاري يسعى إلى دعم أصحاب العلامات التجارية العُمانية وتمكينهم من التوسع إقليميا عبر منح الامتياز التجاري، والتواصل مع شركاء جدد في الأسواق الخارجية. وتابع بالقول إن هذه الفعاليات تمثل فرصا واعدة لنقل التجارب الناجحة، وبناء شراكات تجارية جديدة تسهم في تطوير قطاع الامتياز التجاري.
وأكد المهندس حمود السعدي، أهمية تسجيل العلامات التجارية العُمانية خارج سلطنة عُمان، باعتباره عنصرا أساسيا لحماية الملكية الفكرية، وضمان استدامة الاستثمارات، وبناء الثقة مع الشركاء التجاريين في الأسواق الدولية.
وقالت نصرة بنت سلطان الحبسية المديرة العامة للتجارة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار وعضو لجنة الامتياز التجاري بغرفة تجارة وصناعة عُمان: "في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها سلطنة عُمان لتعزيز حضورها الاقتصادي في المحافل الإقليمية والدولية، ودعم ريادة الأعمال وترويج العلامات التجارية الوطنية، تأتي مشاركة العلامات التجارية العُمانية في معرض الامتيازات العراقيّة الثاني تأكيدًا على هذا التوجه الاستراتيجي بتنظيم من غرفة تجارة وصناعة عُمان ممثلة في لجنة الامتياز التجاري".
وأضافت أنه من منطلق دور وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار كمنظم ومشرع للقطاع التجاري، فإننا نحرص على تهيئة بيئة قانونية محفزة وآمنة، تمكن رواد الأعمال العُمانيين من الانطلاق بثقة نحو الأسواق الإقليمية والدولية، مع توفير الممكنات والتشريعات التي تدعم نمو العلامة التجارية العُمانية. وأكدت الحبسية أن هذه المشاركة تأتي كفرصة استراتيجية لاستعراض جودة المنتج العُماني وتميز هويته التجارية، والتأكيد على قدرة العلامات الوطنية على المنافسة في المحافل الدولية. وأوضحت أن الوزارة تؤمن بأن المشاركة في المعارض الدولية تعد إحدى النوافذ المهمة للترويج للمنتج العُماني، مشيرة إلى مواصلة العمل على تمكين العلامات الوطنية من التوسع خارجيا من خلال برامج دعم متخصصة، وتسهيلات قانونية، وشراكات مثمرة محليا ودوليا.
من جانبه، تحدث عبدالله بن حمود المحروقي مؤسس شركة "تشين"، عن الحملة التسويقية التي تنفذها الشركة بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة عُمان للترويج للعلامات التجارية العُمانية، مؤكدا أن المشاركة في معرض الامتيازات العراقي تمثل فرصة واعدة لدعم رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، من خلال تمكينهم من التوسع عبر نظام الامتياز التجاري في السوق العراقي. وأشار المحروقي إلى أهمية هذا المعرض في فتح آفاق جديدة لأصحاب العلامات التجارية العُمانية، بما في ذلك عقد شراكات استراتيجية، وتبادل الخبرات، والتعرف عن قرب على السوق العراقي، إلى جانب الاطلاع على التجارب الناجحة والعلامات التجارية العالمية المشاركة في المعرض.
وتحدث محمد آل إسماعيل، مؤسس العلامة التجارية "دار الكنافة"، عن أهمية المشاركة في معرض الامتيازات التجارية، مؤكدا أن المعرض يمثل فرصة قيمة للتعريف بالعلامة والترويج لها على نطاق إقليمي، واستكشاف فرص التوسع من خلال منح الامتياز التجاري في الأسواق الخارجية، خصوصا السوق العراقي الواعد. وأضاف: "نسعى من خلال هذه المشاركة إلى بناء شراكات استراتيجية، وتعزيز حضورنا في المنطقة، ونقل تجربتنا في قطاع الحلويات الشرقية إلى أسواق جديدة تسهم في نمو أعمالنا وتوسع علامتنا التجارية".
وقال سامي بن محمد المجيني مؤسس العلامة التجارية "ملك البيتزا"، إن مشاركة العلامة في معرض الامتيازات العراقية تهدف إلى تعزيز حضورها في الأسواق الإقليمية، واستكشاف فرص التوسع عبر منح الامتياز التجاري لشركاء محتملين. وأضاف: أن المشاركة تشكل فرصة لعرض جودة منتجات "ملك البيتزا" والنموذج التشغيلي الناجح الذي تتبعه العلامة أمام المستثمرين ورواد الأعمال الباحثين عن فرص استثمارية واعدة.
وقال محمد صغير قاسم المعمري، مدير عام شركة "الأخوة للفضيات" لفروع سلطنة عُمان: إن مشاركة الشركة في معرض الامتيازات العراقية تأتي بهدف تعزيز التجارة، والترويج للاستثمار، وتوسيع نطاق الامتياز التجاري "الفرنشايز" في السوق العراقي. وأضاف: كما نسعى من المشاركة إلى توقيع اتفاقيات تعاون مع عدد من الشركات في جمهورية العراق، من بينها شركاء تجاريون محتملون يحملون أسماء تجارية قائمة، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع الشركات التي سبق التعاون معها، والتواصل مع مندوبي الشركة المتواجدين في العراق.
ويُعد معرض الامتيازات العراقية من أبرز الفعاليات التي بين رواد الأعمال والمستثمرين وشركات الامتياز التجاري والوكالات المحلية والدولية، بهدف منح فرص استثنائية للتوسع والنمو في بيئة تجارية تنافسية في السوق العراقي. ويوفر المعرض فرصة لاستكشاف أسواق جديدة، مما يساعد الشركات على زيادة مبيعاتها وتوسيع قاعدة عملائها، كما يتيح المعرض تفاعلا مباشرا بين العلامات التجارية المشاركة وزوار المعرض، مما يسهم في تعريف الزوار بالمنتجات والخدمات المقدمة، وتعزيز الوعي بالعلامات التجارية.
ويهدف المعرض إلى ربط الامتيازات المحلية والدولية بالمستثمرين، بما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوسيع نطاق الأعمال، كما يسعى المعرض إلى تسهيل التواصل وبناء العلاقات المهنية واستكشاف الفرص التسويقية الواعدة بما يمكن المشاركين من دخول أسواق جديدة وتحليل الاتجاهات الحالية لدعم استراتيجياتهم المستقبلية، ويسهم المعرض أيضا في تعزيز الحضور التجاري على المستويين المحلي والدولي، من خلال فتح المجال للقاءات المباشرة بين الشركات والعملاء والمستثمرين والشركاء المحتملين، بهدف إنشاء شراكات تجارية مثمرة ومستدامة.