المسلة:
2025-07-27@07:10:39 GMT

المفاوضات النووية.. كل الطرق تؤدي إلی روما!

تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT

المفاوضات النووية.. كل الطرق تؤدي إلی روما!

1 يونيو، 2025

بغداد/المسلة:

محمد صالح صدقيان

انتهت الجولة الخامسة من المفاوضات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، في مقر السفارة العُمانية في روما، يوم الجمعة الماضي، في ظل أجواء ضبابية جعلت النتائج غير واضحة بشأن قرب التوصل إلى اتفاق يُنهي تداعيات الملف الإيراني الشائك والمعقد إقليمياً ودولياً.

“تقدم.. غير محسوم”؛ الكلمة الأكثر وضوحاً. قالها الوسيط العُماني وزير خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي في معرض تقييم نتائج هذه الجولة من المفاوضات التي تركها رئيس الوفد الأمريكي ستيف ويتكوف، قبل ساعة من موعد انتهائها، لأسباب غير واضحة، في مفارقة لافتة للانتباه ميّزت هذه الجولة خصوصاً أن المعروف عن ويتكوف انحيازه للخيار السياسي والدبلوماسي من أجل التوصل مع طهران إلى اتفاق يُنهي هذا الملف من دون اللجوء إلى لغة الحرب والتهديد والتصعيد.

يُصبح السؤال هنا: لماذا ترك ويتكوف المفاوضات قبل أن تنتهي؟ وأفادت وكالة أنباء فارس أن ويتكوف غادر بدعوى ارتباطه بـ«رحلة طيران مجدولة»، فيما نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول أمريكي كبير لم يشأ كشف هويته قوله إن «المباحثات ما تزال بنّاءة. لقد أحرزنا تقدماً إضافياً، ولكن يبقى عمل ينبغي القيام به»، مضيفاً أن «الجانبين توافقا على أن يلتقيا مجدداً في مستقبل وشيك”.

الرأي الراجح في طهران أن ويتكوف أراد الضغط علی المفاوض الإيراني وارباكه وتوجيه رسالة مفادها أن الموقف الإيراني المتشدد في قضية التخصيب لن يوصل إلى نتيجة ملموسة، وبالتالي لا فائدة من تمضية وقت أطول في مفاوضات يُفضل الإيرانيون استمرارها بطريقة غير مباشرة. ولوحظ أن ويتكوف لم ينتظر نهاية الجولة لكي يُصافح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي يرأس وفد بلاده، كما كان يحصل في الجولات السابقة، لا بل أظهر عدم اكتراثه بأهمية الوقوف مع عراقجي بعد المفاوضات لينقل إليه تصوراته التي هي أهم مما دار من مراسلات بين الجانبين.

وثمة سؤال عما إذا كان عراقجي توجه مساء يوم الجمعة الماضي إلی أحد مطاعم البيتزا الإيطالية في روما، لكن الأكيد أن مشكلة التخصيب ما زالت هي القضية المركزية التي تحول دون التوصل إلى “اتفاق” أو “اتفاق إطاري” على مدى الجولات الخمس الماضية. ولعل الزيارة التي قام بها وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إلى طهران في الأسبوع الماضي للمشاركة في ندوة “حوار طهران” كانت مهمة لجهة حمل رسالة واضحة من واشنطن تُعارض فيها أي أنشطة تخصيب علی الأراضي الإيرانية، وتبدي استعداها للتفاوض علی ما عدا ذلك من اجل التوصل اتفاق. هذه الرسالة الأمريكية، وان كان حملها في سياق قريب وزير الخارجية القطري الذي زار طهران، كانت لافتة للانتباه دعوة وزراء خارجية سلطنة عُمان بدر البوسعيدي وقطر محمد بن عبد الرحمن وإيران عباس عراقجي إلی عقد اجتماع ثلاثي لتدارس الموقف قبل تحديد تاريخ ومكان انعقاد الجولة الخامسة من المفاوضات علی خلفية المعلومات التي حملها الوزيران القطري والعُماني لانقاذ المفاوضات.

وثمة انطباع أن عراقجي وافق على المشاركة في الجولة الخامسة وعدم ترك المفاوضات حتی لا يُعطي ذريعة للجانب الأمريكي، تاركاً الأمر للمرشد الإيراني الأعلی الإمام علي الخامنئي ليرد ببيان واضح ولسان فصيح أن إيران ترفض التخلي عن أنشطة التخصيب وأن هذا الأمر يندرج في خانة “الخط الأحمر”، وأضاف أنه لا يعتقد أن هذه المفاوضات ستصل إلى نتيجة.

وفي حقيقة الأمر، فإن المرشد دخل علی خط المفاوضات وأرسل رسالة تفاوضية وكأنه في قاعة المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الأمريكي، وحدّد من خلالها سقف المطالب الإيرانية التي لا يمكن القفز عنها. ومن بعد هذه الرسالة، أصبحت المفاوضات “أكثر حرفية” – علی حد تعبير عراقجي – وصار يعرف كل طرف الخطوط الحمراء للطرف الاخر. واللافت للانتباه أن ما أدلى به عراقجي بعد انتهاء الجولة الخامسة كان بمثابة إشارة إلى الوسيط العُماني لكي يتولى تدوير الزوايا من أجل التوصل مع الجانب الأمريكي إلى صيغة تضمن لإيران حل قضية التخصيب. وهذه النقطة سيُثيرها أيضاً الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان خلال زيارته الرسمية إلى سلطنة عُمان غداً (الثلاثاء ) تلبية لدعوة السلطان هيثم بن طارق.

ومن يرصد الموقف الإيراني منذ عقود من الزمن يُدرك أنهم منذ البداية لم يكونوا في وارد التخلي عن أنشطة التخصيب، وهذا الأمر يدركه الأمريكيون الذين كانوا مرنين منذ الجولة الأولى في التعامل مع هذه الأنشطة وكانوا يميلون إلى خفض نسبة التخصيب في أثناء المفاوضات، لكن ما أن تنتهي كل جولة تفاوضية ويعود الوفد الأمريكي إلی واشنطن، تتبدل المواقف، وهذا إن دلّ على شيء إنما على وجود معارضة من قبل الصقور في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ووزارة الدفاع (البنتاغون) لهذه الأنشطة.

وتقول مصادر إيرانية مواكبة إن طهران تدرك جيداً وجود تيار في داخل الولايات المتحدة بما في ذلك داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب يتناغم مع اللوبي اليهودي والكيان الاسرائيلي للضغط علی إيران بكل الوسائل المتاحة بما في ذلك المفاوضات لوضعها في زاوية صعبة، إما لتغيير عقيدتها النووية أو المساهمة في تأمين “الأمن الإسرائيلي” من خلال الكف عن دعم فصائل محور المقاومة. وهذا التيار يعمل حالياً ليس لعرقلة مسار المفاوضات أو تحقيق أهداف معينة وإنما لانهيار المفاوضات، وهو الخيار الأفضل له من أجل شيطنة إيران وجعلها أسيرة ضغوط عسكرية وأمنية وسياسية وعقوبات اقتصادية لشل حركتها في الإقليم من جهة، واحداث خلل داخل المجتمع الإيراني يؤدي الی فوضی يعجز النظام عن مواجهتها من جهة ثانية.

في مثل هذه الأجواء يتم طرح بدائل وخيارات متعددة لأنشطة التخصيب في نسبتها، وفي كميتها، وفي نوع أجهزة التخصيب وعددها أو تعليقها لمدة زمنية معينة، وفي المقابل، تضع إيران “يدها علی الزناد” وتبدي استعدادها لتوجيه رد حاسم في حال تعرضها لأي عمل عدائي من قبل العدو الإسرائيلي.

وتعتقد القيادة الإيرانية أن قوانين ومواثيق ومبادىء الوكالة الدولية للطاقة الذرية تُجيز لأعضائها اجراء أنشطة تخصيب اليورانيوم لانتاج الوقود المستخدم لأغراض سلمية، وأن هذه الوكالة لا يُمكنها مساءلة أعضائها سياسياً وإنما فنياً وتقنياً استناداً إلى تقارير المفتشين التابعين لها حصراً وليس استناداً إلی تقارير استخباراتية مزعومة. في الوقت نفسه، تعتقد إيران أن الولايات المتحدة دولة “متسلطة” و”مهيمنة” لا تعترف بالقوانين الدولية ولابمواثيق الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وخير دليل علی ذلك انسحابها من اتفاق 2015 النووي الذي تم إبرامه مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.. وأيضاً لجهة عدم التزامها بالقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.

المشكلة الحقيقية في كل ذلك مصدرها واحد: انعدام الثقة المتبادلة بين الجانبين، وللأسف لم يسعَ الإيرانيون والأمريكيون ولا حتی الوسيط العماني إلى ردم هذه الهوة.. ومن دون ذلك لن تتوفر الثقة التي يُفترض أن تُشكّل الأرضية المناسبة لاحتضان أي اقتراح أو برنامج للتوصل إلى اتفاق نووي جديد أو تقصير المسافة للوصول إلى مثل هذا الاتفاق العتيد.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الجولة الخامسة

إقرأ أيضاً:

حماس تتحدث عن تفاصيل آخر جولة مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال

تحدث القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس غازي حمد، مساء اليوم السبت، عن تفاصيل آخر جولة مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، بشأن التوصل لاتفاق يقضي بوقف إطلاق النار في قطاع غزة وعقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى.

وقال حمد: "حركة حماس كانت دوما تقدم المواقف الإيجابية والمرنة والمتقدمة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار، وأنا أعتقد أن هناك الكثير من الشهادات والوقائع والحقائق، حتى التي لمسها الوسطاء في التعامل مع الحركة في جولات التفاوض الكثيرة، لأن حماس كانت دومًا جدية ومهتمة بأن تصل إلى اتفاق".

وأضاف أنّ "ما حدث في الفترة الأخيرة هو أننا فوجئنا بهذا الموقف، رغم أننا قدمنا رؤية عقلانية وموضوعية، وقاربت كثيرا من مقترح ويتكوف"، وفق ما تحدث به خلال مقابلة مع التلفزيون العربي.

وتابع قائلا: "أعتقد أن حتى الوسطاء أبدوا أننا كنا أقرب ما نكون إلى الوصول إلى اتفاق يُنهي حالة الحرب وحالة العدوان، ويصل بنا إلى اتفاق نهائي يُشكِّل الوضع في قطاع غزة".

واستدرك: "فوجئنا بانسحاب الوفد الإسرائيلي، وبتصريحات الرئيس الأمريكي، وأنا أعتقد أنها كلها تصريحات غير مبرَّرة وغير منطقية، ولا أساس لها ولا رصيد لها من الصحة، لأنه كما قلت، بالفعل موقفنا إيجابي وواقعي، وقدم رؤية لكل القضايا المطروحة سواء المتعلقة بموضوع المساعدات أو بالضمانات لاستمرار المفاوضات في مرحلة ما بعد 60 يومًا".



واستكمل حديثه: "كان المستغرَب أن يكون الموقف الأمريكي متشنجًا، وكانوا متشدِّدين، ولم يقدموا أي تفسيرات. يعني، لغة التهديد ولغة الوعيد، هي التي كانت قائمة على لسان ترامب أو لسان ويتكوف".

وأشار إلى أن "المفاوضات مليئة بالمخاطر لأنها لا تحتمل الخطأ ولا تحتمل الانحراف، لذلك أنا أقول إن معركة المفاوضات لا تقل أهمية وجدية وخطورة عن المعركة في الميدان، لأن الاحتلال ما لم يستطع أن يحصله في الميدان من خلال القوة العسكرية والقتل والإجرام والتجويع، حاول أن يفرضه في المفاوضات، وأن يفرض على حماس وقائع وحقائق لا يمكن أن نقبل بها".

وأوضح أنّه "في قضايا كثيرة أرادها الاحتلال، لذلك كانت المفاوضات عملية انعكاس. نحن نريد لشعبنا الفلسطيني البطل المقاوم الصابر المعذَّب والمجوَّع، أن تعكس له المفاوضات طموحاته وآماله في التخلّص من الحرب، وكل ما يريد. ولذلك، نحن قاتلنا بشراسة لأن تكون المفاوضات معركة بالفعل توصلنا إلى نهاية هذه الحرب المروعة".

وبيّن أنه "في مسألة مثل المساعدات، كانت إسرائيل تريد من المساعدات أن تكون على قياسها؛ المساعدات هي تتحكم فيها، تريد أن تتفق من جديد، وتتحكم في المواد، وتتحكم في الدول التي تستلم، والمؤسسات التي تستلم المساعدات، وكيفية توزيعها وآلية توزيعها".

وأكد أن الاحتلال كان يريد أن يفرض قيودًا مشددة على موضوع المساعدات، "وعاند في ذلك كثيرًا، وكنا نريد الاتفاق وفقا لما ما ورد في اتفاق 19 يناير 2025، أن تكون هذه المساعدات تصل إلى كل أبناء قطاع غزة، وأن تصل بكميات كافية، وأن تتولاها الأمم المتحدة، والهلال الأحمر الفلسطيني، والمؤسسات الدولية التي كانت تعمل في قطاع غزة قبل 2 مارس".



ولفت إلى أنه في موضوع خرائط الانسحاب، كان الاحتلال يطرح بداية أنه يريد أن يسيطر على ما لا يقل عن 40 بالمئة من قطاع غزة، وأن يوسع المناطق العازلة، وأن يسيطر على مناطق حيوية في القطاع، وأن تبقى ما يسمى بالمدينة الإنسانية، أو ما يسمى بمحور "موراج".

وشدد على أن "حماس قاتلت بشراسة وقوة وبصلابة من أجل نمنع تغوّل الاحتلال الإسرائيلي، وأن يفرض مناطق عازلة واسعة في قطاع غزة، والحمد لله استطعنا أن ندفعه إلى الوراء، وأن نضع رؤية جيدة مقبولة يمكن التعاطي معها في هذا الاتفاق".

وأردف قائلا: "من القضايا المهمة جدًا، أن الاحتلال يريد أن يظل الباب مفتوحًا من أجل عودة الحرب، وكانوا يتحدثون بشكل واضح أنهم لا يريدون أي جملة أو أي عبارة تدل على أن الحرب سوف تتوقف في يومٍ ما".

وتابع: "نحن قاتلنا أيضًا، كما قلت مرةً وثانيةً وثالثة، من أجل أن نضع سدًّا منيعًا أمام عودة الحرب مرة أخرى، يعني أريد أن أقول إنه في قضايا كثيرة جدًا كانت إسرائيل تريد أن تفرضها، وأن تعكسها، وأن تجسدها في هذا الاتفاق من أجل أن تفرض على الشعب الفلسطيني حالًا لا يمكن القبول به".

واستكمل حديثه: "أريد من الناس أن يفهموا جيدًا بأن معركة المفاوضات كانت قاسية وصعبة، صحيح أن البعض كان يريد أن يقول لنا إن الظروف في غزة قاسية، نحن نتفهم أنها قاسية ومؤلمة، والبعض كان يقول: "يا حماس، كوني واقعية ومشي هالأمور وخلينا نمشي".

وذكر أننا " كنا أمام خيارين: إما أن نذهب إلى اتفاق هزيل وسريع، وإما أن نتفق على الذهاب إلى اتفاق جيد"، مبينا أن "الاتفاق الهزيل يمكن أن يسمح للاحتلال بأن يتحكم في المساعدات، ويتحكم في كل شيء، وأن يفرض منطقة عازلة واسعة تطال حوالي 40 إلى 50٪ من قطاع غزة، وأن يضمن الاحتلال أن يكون هناك عودة للحرب، إضافة إلى شروط كثيرة جدًا".

واستدرك: "نحن فضّلنا أن نصبر ونصمت من أجل أن نصل إلى اتفاق جيد، وبحمد الله كما قلت، استطعنا بالفعل أن نحقق كثيرًا من الإنجازات في هذا الاتفاق، في أكثر من قضية من القضايا التي كانت مطروحة".

مقالات مشابهة

  • عاجل | فوكس نيوز عن ويتكوف: المفاوضات مع حماس التي تعثرت بدأت تعود إلى مسارها
  • "لا أحد سيسمح بانهيارها".. غازي حمد يكشف عن مجريات مفاوضات غزة
  • حماس تتحدث عن تفاصيل آخر جولة مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال
  • نعيم: تصريحات ويتكوف تخدم الاحتلال وتخالف السياق التي جرت فيه جولة المفاوضات
  • انطلاق المفاوضات النووية بين إيران والترويكا الأوروبية في إسطنبول
  • تركيا.. انطلاق المفاوضات النووية بين إيران وأوروبا
  • انطلاق المفاوضات النووية بين إيران وأوروبا في إسطنبول
  • عشية محادثات الترويكا.. رسالة حاسمة من عراقجي بشأن التخصيب
  • حماس تؤكد وجود فرصة لوقف النار.. وإسرائيل تدرس رد الحركة
  • إيران تؤكد استئناف المفاوضات النووية مع الترويكا الأوروبية في إسطنبول