ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بشكل كبير في الآونة الآخيرة، وتشير المؤشرات المالية لحجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بنهاية العام المالي 2023 إلي تحقيق نمو بنسبة 10% عن العام المالي الماضي 2022، بينما سجلت قيمة صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر 66.7 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية، بحسب ما أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

الاستثمارات الأجنبية في مصر

وبلغت قيمة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر سجلت 5.7 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2022 ـ 2023 مقابل 3.3 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، بزيادة بلغت 2.4 مليار دولار، وبنسبة قدرها 75.4 بالمئة.

وتصدرت السعودية قائمة أعلى عشر دول استثمارًا في مصر خلال النصف الأول من العام المالي 2022 ـ 2023، حيث بلغت قيمة استثماراتها 2.1 مليار دولار، تليها في المرتبة الثانية الإمارات 1.5 مليار دولار، ثم إيطاليا 1.2 مليار دولار، ثم المملكة المتحدة 1.2 مليار دولار، ثم الولايات المتحدة مليار دولار، ثم لوكسمبرج 705.7 مليون دولار، ثم هولندا 641.4 مليون دولار، ثم الصين 418.6 مليون دولار، ثم سويسرا 388.6 مليون دولار، وأخيراً الكويت 282.2مليون دولار، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية.

جمعية المهندسين المصرية: الاستثمارات الخارجية طوق نجاة لصناعة البتروكيماويات المنصة الوطنية لبرنامج «نُوَفِّــي» وعامٌ من التنفيذ..رانيا المشاط:314 مليون دولار تمويلات لتعزيز الاستثمارات في دعم الشبكة القومية للكهرباء

وبلغ عدد الشركات التي تم تأسيسها طبقا لقوانين الاستثمار 31.2 ألف شركة خلال العام المالي 2021 ـ 2022 مقابل 28.5 ألف شركة خلال العام المالي السابق له، بنسبة ارتفاع قدرها 9.2 بالمئة، وسجلت قيمة رأس المال لهذه الشركات 117.4 مليار جنيه خلال العام المالي 2021 ـ 2022 مقابل 84.9 مليار جنيه خلال العام المالي 2020 ـ 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 38.3 بالمئة.

ومن جانبه، صرح رئيس مجموعة اللامي القابضة السعودية، محمد طلعت اللامي، اليوم الاثنين 20 نوفمبر 2023، بأن المجموعة تنوي استثمار 500 مليون دولار في مصر، خلال العامين المقبلين.

وقال اللامي في مقابلة تليفزيونية، إن الاستثمارات ستركز على قطاعات السياحة والعقارات، موضحًا أن المجموعة البالغ حجم استثماراتها في مصر 3 مليارات دولار، تعمل على افتتاح فندق جديد في شرم الشيخ خلال 2024، باستثمارات 50 مليون دولار وبطاقة فندقية 500 غرفة.

وأفاد اللامي، الذي تمتلك مجموعته 3 فنادق في شرم الشيخ بطاقة 2000 غرفة، بأنه حصل على رخصة تطوير عقاري على مساحة 85 فداناً بمنطقة الحزام الأخضر في مدينة 6 أكتوبر، غربي القاهرة.

وكشف عن تدشين مشروع سكني ومول تجاري على هذه الأرض باستثمارات 100 مليون دولار، على أن تبدأ الأعمال الإنشائية بالمشروع خلال النصف الأول من 2024.

ويشار إلى أن السياحة تسهم بما يصل إلى 15% من الناتج المحلي، وهي مصدر رئيس للنقد الأجنبي، إلى جانب قناة السويس وتحويلات المغتربين والصادرات، وتستهدف مصر زيادة إيرادات القطاع السياحي من المتوسط المقدر حاليًّا بنحو 12 مليار دولار سنويًّا، إلى 30 مليار دولار سنويًّا، خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.

وعلى ذكر تصدر السعودية أعلى قائمة الاستثمارات المباشرة في مصر، قال رئيس جهاز التمثيل التجاري، يحيى الواثق بالله، إن مصر تستهدف جذب استثمارات سعودية جديدة بقيمة تتجاوز ملياري دولار خلال عامي 2023 و2024.

وأضاف الواثق بالله في تصريحات له، على هامش منتدى الأعمال المصري السعودي، المقام اليوم في العاصمة القاهرة، أن الحكومة طالبت وزير الصناعة السعودي والوفد الاستثماري المرافق له، بتوجيه أغلب تلك الاستثمارات للقطاع الصناعي، موضحًا أن الجانب السعودي رحب بطلب الحكومة المصرية، ووعد بدراسة الفرص المتاحة.

وقال إن مصر قدمت طلباً آخر للجانب السعودي يتضمن تنفيذ مشروعات صناعية ضخمة في مصر بنظام الشراكة، وتوجيه إنتاجها للسوق الإفريقية، مشيرًا إلى أن الجانب السعودي طلب من مصر قائمة بالفرص والقطاعات المقترحة لدراستها واتخاذ قرارات استثمارية بشأنها.

وأشار الواثق بالله إلى طلب من الجانب السعودي لتمويل جزء من التبادل التجاري بالعملات المحلية، لافتاً إلى أن هذا الطلب لا يزال مجرد مناقشات تتطلب اجتماعات واتفاقيات بين البنكين المركزيين المصري والسعودي.

ومن جانب آخر، تسعى قطر إلى تعزيز التعاون الثنائي مع مصر، وتطوير العلاقات بين البلدين واستكشاف فرص الاستثمار في مصر بما يضمن تحقيق الازدهار بين البلدين.

وتعد قطر من أكبر المستثمرين في مصر بنحو 5.5 مليار دولار في عدد من القطاعات على رأسها القطاعات المالية والعقارية، وعززت بطولة كأس العالم قطر 2022 القطاع الاقتصادي غير النفطي في قطر ووضعت قطر في المرتبة الأولى عالميا في جذب الاستثمارات الأجنبية وفق مؤسسة ستاندر آند بورز جلوبال.

وتم توقيع عدد من الاتفاقيات مع الشركات المصرية في عدة قطاعات اقتصادية على رأسها الصناعة والتجارة والقطاعات العمالية، وقطر تتيح للمستثمرين التملك بنسة 100%، كما اتاحت بلاده للمستثمرين تملك العقارات ودخول شراكات في القطاعات اللوجستية والصناعات الدوائية والغذائية التي تلبي احتياجات السوق المحلي والتصدير.

ومن جانب آخر، عكست الأجندة الاقتصادية المستمرة حتى 2027 عبر وثيقة أولويات، بين الاتحاد الأوروبى ومصر، قوة العلاقات التجارية والاقتصادية، لتؤكد على أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الاقتصادي الأول لمصر بحجم استثمارات تتجاوز 38 مليار يورو بواقع 30% من كل الاستثمارات الأجنبية المباشرة داخل مصر.

وأوضحت وثيقة الأولويات التي تم التوقيع عليها 2022 بين مصر والاتحاد الأوروبى، أن تنفيذ المبادرات الرئيسية للخطة الاقتصادية والاستثمارية للأجندة الجديدة لمنطقة البحر المتوسط ، بما في ذلك من خلال مبادرات "فريق أوروبا "، سيساهم في تحقيق أولويات الشراكة، وتشكل جزءًا مهمًا من تعاون الاتحاد الأوروبي مع مصر وتساعد على حماية مصالحنا.

وتتضمن الأولويات الشاملة التي ستوجه الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي حتى 2027: الاقتصاد الحديث المستدام والتنمية الاجتماعية في مصر، حيث سيتعاون الاتحاد الأوروبي ومصر كشريكين رئيسيين في دفع الأهداف الاجتماعية والاقتصادية المنصوص عليها في "استراتيجية التنمية المستدامة - رؤية 2030" في مصر، مع إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات التنمية المستدامة، وذلك من خلال تعزيز المرونة وبناء الرخاء ودعم التحول إلى الاقتصاد الرقمي والأخضر؛ و التجارة والاستثمار إذ يعتبر الاتحاد الأوروبي ومصر شريكين تجاريين مهمين، كما سيحدد الجانبان بشكل مشترك الأساليب المناسبة لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية الثنائية ، وتحسين القدرة التنافسية وضمان وصول السلع والخدمات إلى الأسواق المعنية وفقًا للوائح منظمة التجارة العالمية واتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ومصر.

وفي مجال الطاقة والبيئة والعمل المناخي، سيتعاون الاتحاد الأوروبي ومصر في تنويع مصادر الطاقة والتحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات، مع التركيز بشكل خاص على مصادر الطاقة المتجددة ، وإجراءات كفاءة الطاقة ، والتحول التدريجي نحو وسائل نقل برى منخفضة الكربون ومستدامة و في مجال الشحن البحري والطيران المدني.

وسيقوم الاتحاد الأوروبي ، بناءً على طلب من الحكومة المصرية، بدعم جهودها لتحديث استراتيجية مصر المتكاملة للطاقة التي تهدف إلى تلبية متطلبات التنمية المستدامة في البلاد والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

كما أن السياسة الخارجية الناجحة وانفتاح مصر على العالم جعل أمامها الفرص واعدة للاقتصاد في الجمهورية الجديدة فكانت مصر على مدى السنوات التسع الماضية محل جذب للاستثمارات الأجنبية لاسيما في ضوء المشروعات الضخمة التي تقوم بتشييدها في مختلف المجالات.

ويبدو التعاون الاقتصادي مهم ومثمر بين الجانبين المصري والأوروبي، حيث يعد الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد للمنتجات المصرية ويمثل حوالي 30٪ من صادرات مصر، ويعد الاتحاد الأوروبي أيضًا المستثمر الرئيسي في مصر، حيث يبلغ حجم استثماراته المتراكمة حوالي 38.8 مليار يورو تمثل حوالي 39% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد، وتظل مصر ثاني أكبر متلق للاستثمار الأجنبي المباشر من الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

طفرة كبيرة في الاستثمارات الخارجية

وشهدت العلاقات الاقتصادية طفرة كبيرة حيث زادت الصادرات المصرية إلى أوروبا بنسبة 100 % خلال العام ٢٠٢٢-٢٠٢٣ مقارنة بعام 2021 وذلك بفضل الصادرات المصرية من الغاز إلى عدد من البلدان الأوروبية وهو ما اكد عليه سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة كريستيان برجر الذي ردد في تصريحات صحفية متعددة أن التبادل التجاري بين الجانبين حقق زيادة ملحوظة حيث بلغت صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبي خلال النصف الأول من عام 2022 حوالي ٨ مليارات يورو مقارنة بحوالي 4 مليارات يورو لنفس الفترة من عام 2021 بنسبة تناهز 100 %.

وأضاف السفير الأوروبي أنه بالنظر إلى أن إجمالي صادرات مصر بلغ حوالي 27 مليار يورو ، فإن الاتحاد الأوروبي يظل أكبر مستورد للمنتجات المصرية ويمثل حوالي 30 ٪ من صادرات مصر، موضحا أن إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي إلى مصر خلال النصف الأول من ٢٠٢٣ بلغ حوالى9934 مليون يورو، حيث مثلت المعادن 32٪ والمواد الكيميائية حوالي ١١٪ والمعادن الأساسية حوالي ٩٪ ، البلاستيك والمطاط حوالي ٧٪ ، المنتجات النباتية. ٦٪ ومنتجات النسيج حوالي ٥٪ .

وقال إن إجمالي صادرات مصر في المقابل إلى الاتحاد الأوروبي بلغت ٧٨٨٠ مليون يورو، مثلت الآلات والأجهزة ٢٦٪ من صادرات مصر للاتحاد ، المواد الكيميائية ٢٠٪ المعادن الأساسية ١٢٪ ، النقل والمعدات ١٢٪ ، الخضروات ٩٪ والبلاستيك والمطاط ٦٪ .

كما أشار إلى أن مصر تمكنت في عام ٢٠٢٢ من خفض العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي بشكل كبير. حيث تُظهر الإحصاءات المؤقتة بشأن التجارة بين الاتحاد الأوروبي ومصر لعام ٢٠٢٢ قفزة هائلة في الصادرات المصرية إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 78.8 % أي من ٩ مليارات يورو في عام 2021 إلى ١٦ مليار و ٣٠٠ مليون يورو في عام ٢٠٢٢.

وأوضح برجر أن ذلك يرجع إلى حد كبير إلى زيادة الصادرات في ثلاثة قطاعات وهي الوقود المعدني (أي الغاز والنفط) بنسبة 170٪ من مليارين ونصف مليار يورو إلى ٧ مليار يورو ، والأسمدة بنسبة 142٪ وبدرجة أقل البلاستيك بنسبة ٤٨٪ ،  مشيرا إلى أن الفئتين الأوليتين هما النتيجة الطبيعية لإعادة توجيه الاتحاد الأوروبي للمصادر بسبب الحرب في أوكرانيا.

وأضاف السفير الأوروبي أن صادرات الاتحاد الأوروبي انخفضت بشكل طفيف فقط من ٢١ مليار ونصف مليار يورو في عام 2021 إلى ٢١ مليار يورو في عام ٢٠٢٢.

وأشار إلى أن عام ٢٠٢٢ - ٢٠٣٣ شهد كذلك عودة الاستثمارات الأوروبية إلى معدلاتها الطبيعية التي سبقت أزمة تداعيات وباء فيروس كورونا "كوفيد ١٩".

من جانبه قال الدكتور طارق البرديسي المحلل السياسي وخبير العلاقات الدولية، إن استثمارات السعودية في مصر تخطت 32 مليار دولار، لافتا أن العلاقات التى تربط مصر بالمملكة العربية السعودية هي علاقات راسخة واستراتيجية وتاريخية، وتعد مصدر لأمن واستقرار المنطقة والنواة الصلبة للعلاقات العربية - العربية التي يمثل محور الرياض القاهرة أساس رسوخها وثباتها.

وأضاف البرديسي، لـ"صدى البلد"، أن العلاقات بين مصر والسعودية تقف على أرضية واحدة ومشتركة صلبة تتمثل فى المصير والمستقبل المشترك والتحديات التى تواجه المنطقة العربية وضرورة تصدي البلدين لهذه التهديدات فهما دولاتان فى جسد واحد، مؤكدا على وجود تنسيق متبادل مستمر فى المواقف والرؤي بين البلدين تجاه أي تحديات أو تطورات سواء  كانت إقليمية أو دولية أو عالمية.  

وتأتي دولة الإمارات العربية المتحدة الثانية عربيًا من حيث الاستثمارات بمصر وهي في تزايد متواصل، حيث بلغت حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر 20 مليارا حتى نهاية 2020 وصولا لنحو 28 مليار دولار حتى بداية 2023 في قطاعات السياحة والتعليم واللوجيستي والصناعات الغذائية والطاقة النظيفة والمتجددة والطيران والصناعات الدوائية والنقل.

عام ينتهي بأزماته.. مفاجأة جديدة حول موعد استئناف تصدير الغاز الطبيعي لأول مرة بالتاريخ دولة تحاكم رئيس أخرى.. فرنسا تصدر مذكرة اعتقال بحق بشار الأسد

ويشهد التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين تطورا كبيرا في كافة المجالات وتعد العلاقات الاقتصادية والاستثمارية انعكاسا قويا لمتانة العلاقات وطموحات القيادة السياسية بين البلدين الشقيقين، وتعزيز التعاون المشترك بين مصر الإمارات الذي نشهده يعمل على زيادة قيمة التبادل التجاري وتحقيق المنافع الاقتصادية بين الدولتين، ويزيد الفرص الاستثمارية التي تتيح المزيد من فرص العمل خاصة أن الاقتصادين الإماراتي والمصري يمثلان محركين رئيسيين لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط ومن أكبر الاقتصادات العربية إذ يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي لكلا البلدين 830 مليار دولار خلال سنة 2021 وهو ما يشكل ما نسبته 25% من الناتج المحلي الإجمالي العربي.

في هذا الصدد قال الدكتور عادل عامر الخبير الإقتصادي، إن الإمارات هي الشريك الأول لمصر في المنطقة العربية في الاستثمارات، لافتا إلى أن العلاقات التجارية العلاقات المصرية الإماراتية راسخة ووطيدة، كما أن العلاقات الدولية بين الدول عرضة للتغير بشكل عام إلا أن العلاقات المصرية الإماراتية ثابتة على أساس الأخوة وراسخة لا تتغير.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ صدى البلد، أن هناك شراكة كبيرة على المستوى التجاري بين مصر والإمارات، وتعتبر مصر من أهم الدول المصدرة للإمارات، وكذلك وجود استثمارات إماراتية بمليارات الدولارات في مصر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الاستثمار الاستثمارات الاستثمارات الاجنبية الاستثمار الأجنبي مصر الاتحاد الأوروبي الاستثمارات الأجنبیة المباشرة خلال النصف الأول من خلال العام المالی ملیار دولار خلال المباشرة فی مصر أن العلاقات ملیون دولار بین البلدین یورو فی عام صادرات مصر ملیار یورو عام ٢٠٢٢ بین مصر إلى أن عام 2021

إقرأ أيضاً:

سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي

قال المحلل السياسي المهتم بالشأن الدولي محمد عمر، إنه في ظل تواصل المواجهة ما بين روسيا وأوكرانيا وانهزام الأخيرة بشكل ملحوظ في الميدان، وسعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتطبيق خطة سلام، يقف قادة الدول الأوروبية حجر عثرة أمام هذه الجهود ويعملون على تأزيم الصراع بدعم أوكرانيا رغم المشاكل الإقتصادية الصعبة التي تواجه دولهم.
وأضاف أن ترامب استخدم "كلمات حادة" خلال حديثه الأخير مع قادة أوروبا بشأن الحرب الأوكرانية وانتقد الرئيس الأمريكي قادة أوروبيين واصفا إياهم بالضعفاء، وفي مقابلة مطولة مع موقع بوليتيكو، أشار الى أن دولا أوروبية متدهورة فشلت في ضبط الهجرة أو اتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء حرب أوكرانيا مع روسيا، متهما إياها بترك كييف "تقاتل حتى تنهار". 
وتابع المحلل، أنه في الوقت الذي كان يُتوقع أن ينفق فيه الاتحاد الأوروبي على استدامة اقتصاده وتحسين معيشة شعوبه، تقوم حكوماته بإعادة توجيه موارد مالية ضخمة في إطار الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي أفرز أزمة معيشية خانقة لدى المواطن الأوروبي، موضحا أنه بموازاة ذلك، تعمل المفوضية الأوروبية على بلورة آليات قانونية ومالية معقدة للاستفادة من الأصول الروسية المجمدة في الغرب، والتي تقدر قيمتها بنحو 300 مليار دولار.
وأوضح أنه بذلك تضع أوروبا قدمها على حافة الهاوية من خلال السعي لتحقيق مكاسب مالية عاجلة من أصول مجمدة لتعويض خسائر سياسية متوقعة، مقابل مخاطر اقتصادية وقانونية وأخلاقية بعيدة المدى قد تعيد رسم علاقاتها الدولية وتعيد فتح ملفات ماضيها الاستعماري.
وأكد أن النقاش لم يعد يدور حول دعم أوكرانيا فقط، بل حول الثمن الذي سيدفعه الاتحاد الأوروبي وشكل النظام المالي الدولي في المستقبل، مشيرا إلى أنه لا يمكن فهم حجم الضائقة الحالية بمعزل عن أزمات بنيوية مزمنة، فمنذ عام 2009، تعاني منطقة اليورو من أزمة ديون سيادية هيكلية، تمثلت في عدم قدرة عدة دول (مثل اليونان والبرتغال وإيرلندا وإسبانيا) على تسديد ديونها أو إنقاذ بنوكها الوطنية دون مساعدة خارجية.
واستطرد المحلل، أن هناك عوامل هيكلية ساهمت في تفاقم هذه الأزمة، أهمها وجود اتحاد نقدي "عملة واحدة" دون وجود اتحاد مالي موحد بمعايير ضريبية ومعاشات مشتركة، مما حد من قدرة القادة الأوروبيين على الاستجابة بشكل فعال، حيث خلفت هذه الأزمة آثارا اقتصادية وسياسية عميقة، وصلت معدلات البطالة في بعض البلدان إلى 27%، وأدت إلى تغيير الحكومات في أكثر من نصف دول منطقة اليورو.
وأضاف أنه مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، تحولت الأزمة البنيوية إلى أزمة مركبة، حيث أدت الحرب إلى تعطيل واردات أساسية مثل الطاقة والمعادن والغذاء، بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا، ما تسبب في ارتفاع التضخم في دوله إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود.
وأكد أنه سبق وأن قدر بنك الاستثمار الأوروبي حجم الصدمة الناجمة عن ارتفاع فواتير الطاقة وانخفاض الصادرات بارتفاع نسبة الشركات الخاسرة في الاتحاد الأوروبي من 8% إلى 15%، كما أن نسبة الشركات المعرضة لخطر التخلف عن سداد ديونها قد ترتفع من 10% إلى 17%.
وتعكس أرقام التضخم في الاقتصادات الكبرى بمنطقة اليورو صورة واضحة لآفاق الأسعار في التكتل، ففي ألمانيا، أكبر اقتصاد في المنطقة، ارتفع معدل التضخم على نحو غير متوقع إلى أعلى مستوى له منذ تسعة أشهر، وشهد قطاع الصناعة خسائر تتراوح بين 100-160 مليار يورو، كما ارتفعت تكلفة المعيشة وأسعار الطاقة في كل من فرنسا وإسبانيا وبريطانيا، أكبر دول الاتحاد.
وتابع المحلل، أن الاتحاد الأوروبي يواصل تقديم دعم مالي ضخم لأوكرانيا، وقد طرحت المفوضية الأوروبية منذ أيام خطة جديدة بقيمة 90 مليار يورو لتغطية ثلثي احتياجات كييف التمويلية لعامين، باستخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان، إلا أن هذه الخطة تواجه معارضة ومخاطر جسيمة منها مخاطر قانونية حيث حذرت شركة "يوروكلير" البلجيكية - التي تحتفظ بأكبر حصة من الأصول الروسية المجمدة - من أن استخدام هذه الأصول قد يتم تفسيره على أنه "مصادرة"، مما يقوض ثقة المستثمرين الدوليين بأوروبا ويؤدي إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض لجميع دول الاتحاد.
كما رفض البنك المركزي الأوروبي ضمان قرض سابق بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، معتبرا أن ذلك يعد "تمويلا نقديا" مباشراً للحكومات، وهو ما يحظره القانون الأوروبي.
وأشار إلى أن هناك انقسام داخلي حيث ترفض دول مثل بلجيكا والمجر الخطة لغياب الضمانات الكافية أو لمعارضة أي تمويل إضافي، مما يعكس انقساما أوروبيا حول كيفية تحمل هذا العبء المالي الجديد.
وقال إن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي الى تقويض ثقة المستثمرين الأجانب ببيئة الاستثمار الآمنة في أوروبا، مما قد يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال وتراجع النمو، كما أنها ستعمل على تأجيج عداء طويل الأمد مع روسيا، وتشويه صورة أوروبا كحامية للقانون الدولي وحقوق الإنسان، ويضمن حق روسيا بالرد القاسي على هذه الخطوة.
وأكد أنها قد تفتح الباب أمام مطالبات تعويضات تاريخية من دول أخرى، خاصة في أفريقيا، عن جرائم الحقبة الاستعمارية. وهذا ما بدأ يطفو على السطح، كما جاء في تصريحات وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الذي دعا خلال مؤتمر حول "تجريم الاستعمار" إلى "حق أفريقيا في التعويض العادل واستعادة الممتلكات المنهوبة".
وأوضح المحلل، أن المواطن الأوروبي العادي يعاني واقعا مريرا من ارتفاع متواصل في أسعار الغذاء والطاقة والنقل، بينما تبقى الرواتب كما هي دون زيادات تذكر، وقد حذرت دراسات من أن الارتفاع الكبير في الأسعار يضرب الأسر ذات الدخل المنخفض بشكل غير متناسب، وخاصة في دول أوروبا الوسطى والشرقية، مما يهدد بدفع مئات الآلاف إلى دائرة الفقر.
وأكد أن ما يزيد الوضع تعقيدا هو أن أسواق السندات العالمية بدأت تطالب بعوائد أعلى على ديون الدول الأوروبية، مما يشير إلى مخاوف المستثمرين المتزايدة من تراخي السياسات المالية وتراكم الديون في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لفرض تقشف مالي، وفي الوقت نفسه، يمثل الإنفاق العسكري والأمني المتزايد نتيجة الدعم للنظام في كييف استنزافا إضافياً للموارد التي كان من الممكن توجيهها لتحسين الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية.
وتساءل إلى متى ستستطيع اقتصادات أوروبا تحمل تكلفة الحرب المزدوجة وتكلفة إنقاذ اقتصادها الداخلي من الإنهيار، وتمويل جهود عسكرية خارج حدودها - دون أن يدفع المواطن الأوروبي الثمن الأكبر من رفاهيته ومستقبله الاقتصادي، موضحا أن الإجابة مرتبطة بمسار الحرب نفسها، وإلى أي مدى يمكن للقادة الأوروبيين التوصل إلى حلول سياسية تخفف من هذا العبء المالي الذي يثقل كاهل شعوبهم، والتعاون مع الولايات المتحدة في خطتها المطروحة للسلام.

مقالات مشابهة

  • سياسي: خطة المفوضية الأوروبية تجاه أموال روسيا المجمدة تهدد الاقتصاد الأوروبي
  • الحكومة تعلن قبول استثمارات جديدة بقيمة 2.9 مليار دولار.. تفاصيل
  • الحكومة تعلن عن استهداف استثمارات بـ5,247 مليار دولار اليوم .. تفاصيل
  • الاتحاد الأوروبي يوافق على دعم أوكرانيا بقيمة 2.3 مليار يورو
  • 25 مليار قدم مكعب | اكتشاف غازي جديد ينعش آمال الاقتصاد المصري .. وخبير يوضح
  • قيادي بمستقبل وطن: فائض الـ179 مليار جنيه يعكس صلابة الاقتصاد المصري
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • 12 مليار دولار.. طفرة مرتقبة في صادرات الغذاء المصرية
  • 3.5 مليار دولار.. 94 صفقة نفذها البنك الأوروبي في مصر منذ 2020
  • 6 مليارات دولار.. طفرة سلامة الغذاء ترفع ثقة الأسواق الدولية في المنتج المصري