جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-14@03:21:49 GMT

قراءات في زوال إسرائيل

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

قراءات في زوال إسرائيل

د. سالم بن عبدالله العامري

 

الوصول للقمة إيذانٌ بالفساد والانهيار إذ "للدول أعمار كما للبشر"، هذه المقولة الخالدة قالها المفكر العربي عبد الرحمن بن خلدون قبل نحو 600 عام؛ حيث بيَّن في "نظرية العمران" أن المجتمعات البشرية إنما تسير وفق قوانين مضبوطة ومحددة، هذه القوانين تفتح المجال للتنبؤ بالمستقبل من حيث تطور الحضارات وانهيارها؛ فالعمران عند ابن خلدون كالإنسان الذي ما يكاد يصل إلى ذروة شبابه وقوته حتى يبدأ بالضعف والذبول.

زوال إسرائيل أمر حتمي لا يعتريه شك للخبر الصادق الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون". إسرائيل ليست استثناء في حركة التاريخ؛ بل انهيارها سيكون دراماتيكيًا بأسرع مما يتصور الكثيرون نتيجة ما يعانيه هذا الكيان من أزمات وصراعات داخلية مستعصية ومستمرة.

فما بين التنبؤات التوراتية والتلمودية، والتفاسير القرآنية، والتحليلات السياسية والاستخباراتية، واستقراء الأحداث للعلماء والمفكرين، والانقسام الداخلي غير المسبوق الذي ينهش في أروقة الكيان الصهيوني، نتطرقُ في هذا المقال لقراءات أشارت بما لا يدع مجال للشك عن زوال إسرائيل من الجغرافيا والوجود.

ففي دراسة مأخوذة من كتاب "زوال إسرائيل عام 2022، نبوءة أم صُدَف رقمية"، للأستاذ الفلسطيني بسام الجرار، الذي فسّر فيه النبوءة القرآنية الواردة في سورة الإسراء، والمتعلقة بزوال إسرائيل من الأرض المقدّسة، بواسطة ما يسمى بالتفسير العددي؛ حيث أشار إلى أن السورة تتحدث في مطلعها عن نبوءة أنزلها الله تعالى في التوراة، وتنصّ هذه النبوءة على إفسادين لبني إسرائيل في الأرض المقدسة، فيكون ذلك عن علو واستكبار يقول سبحانه وتعالى: «وَءَاتَينا مُوسَى الكتابَ وجعلناهُ هدىً لبني إسرائيلَ أَلا تَتخذوا من دوني وَكيلا، ذُرّيةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إنّهُ كانَ عَبْدًَا شَكُورًا، وَقَضَيْنَا إلى بني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُنّ في الأرضِ مرّتين وَلَتَعْلُنّ عُلوًا كبيرا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا، ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا، إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا». أمّا الإفساد الأول فقد مضى قبل الإسلام؛ حيث وقع في منتصف القرن الأول قبل الميلاد من خلال صراع أبناء سليمان عليه السلام على السلطة، فعم الفساد مما دفع نبوخذ نصر الثاني عام 586 (ق.م) لشن حملة أدَّبَ فيها اليهود وقضى عليهم، وسُمي ذلك تاريخيًا بالسبي البابلي. وأمّا الثاني والأخير فإن المعطيات تقول إنه الدّولة التي قامت في فلسطين عام 1948م، فيتوقّع أن يكون عام 2022.

وقد أشارت بعض التقارير الاستخباراتية الأمريكية، وبعض ما نقلته الصحف الغربية ما يؤكد أنّ «إسرائيل» لن تكون موجودة في المستقبل القريب أي أنّه في عام 2022 لن تظل «إسرائيل» على خريطة العالم، وأنها لا يمكن أن تصمد أمام المؤيدين للفلسطينيين. ولعل ما يدعم تقارير هذه الأجهزة الأمنية والدراسات البحثية الغربية توقع مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين (رحمه الله) عام 1998 خلال لقاء تلفزيوني مع قناة الجزيرة ضمن برنامج «شاهد على العصر» تحدث الشيخ أحمد ياسين عن رؤيته لمستقبل دولة إسرائيل بعد خمسين عامًا من قيامها؛ حيث توقع أن تزول إسرائيل قبل حلول عام 2027.

ونشرت صحيفة "هآرتس" العبرية مقالًا للكاتب الصهيوني الشهير آري شبيت تحت عنوان "إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة"، يقول فيه "يجب النظر بهدوء ومشاهدة دولة إسرائيل وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة"، فقد انتهى الأمر.. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس.

ومن المفكرين الذين يتوقعون نهاية قريبة لإسرائيل المفكر المصري عبد الوهاب المسيري مؤلف موسوعة (اليهود واليهودية والصهيونية)؛ إذ يقول إن المقاومة الفلسطينية ستُنهك إسرائيل إلى أقصى حد، حتى وإن لم تتمكن من هزيمتها؛ مما سيجعلها مُرشَّحة للانهيار خلال بضعة عقود. ويضيف "في حروب التحرير لا يمكن هزيمة العدو وإنما إرهاقه حتى يُسَلِّم بالأمر الواقع"، مضيفًا أن المقاومة في فيتنام لم تهزم الجيش الأمريكي وإنما أرهقته لدرجة اليأس من تحقيق المخططات الأمريكية، وهو ما فعله المجاهدون الجزائريون على مدى ثماني سنوات في حرب تحرير بلدهم من الاستعمار الفرنسي".

 وقد توقّع البعض من النخب في قيادات الصهاينة زوال كيان إسرائيل، وأعربوا عن قلقهم من أن إسرائيل قد تختفي من الوجود قبل الذكرى الثمانين لقيامها عام 1948م، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو الذي أعلن في عيد العرش في نوفمبر عام 2017 أنه سيجتهد لأن تبلغ إسرائيل عيد ميلادها المائة لكن هذا ليس بديهيًا؛ فالتاريخ يعلمنا أنه لم تعمّر دولة للشعب اليهودي أكثر من ثمانين سنة وهي دولة الحشمونائيم.

وهو ما صرح به كذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت؛ حيث قال في 3 يونيو 2022: "نواجه جميعًا لحظة مصيرية، فقد تفككت إسرائيل مرتين في السابق بسبب الصراعات الداخلية، الأولى عندما كان عمرها 77 عامًا، والثانية 80 عامًا، ونعيش الآن حقبتنا الثالثة، ومع اقترابها من العقد الثامن، تصل إسرائيل لواحدة من أصعب لحظات الانحطاط التي عرفتها على الإطلاق".

كما أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك في مقال له في جريدة «يديعوت أحرونوت» بتاريخ 7 مايو 2022، إلى قرب زوال إسرائيل قبل حلول الذكرى الـ80 لتأسيسها، مستشهدًا في ذلك بـ«التاريخ اليهودي الذي يفيد بأنه لم تُعمَّر لليهود دولة أكثر من 80 سنة إلّا في فترتين استثنائيتين، فترة الملك داوود وفترة الحشمونائيم، وكلتا الفترتين كانتا بداية تفككهما في العقد الثامن، وإن تجربة الدولة العبرية الصهيونية الحالية هي الثالثة، على وشك دخول عقدها الثامن، وأخشى أن تنزل بها لعنته كما نزلت بسابقتها، ويلمح باراك إلى أن لعنة العقد الثامن قد تتحقق على يدي بن غفير وأمثاله».

وقد أعاد الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في خطاب مصور له بعد عملية طوفان الأقصى "لعنة العقد الثامن" للواجهة، خلال إشارته إليها بعد عملية طوفان الأقصى، حيث قال: "ولعنة العقد الثامن ستحل عليهم وليرجعوا إلى توراتهم وتلمودهم ليقرؤوا ذلك جيدا ولينتظروا أوان ذلتهم بفارغ الصبر".

وأن من أهم الأسباب للاعتقاد بزوال إسرائيل هو الانقسام الداخلي والكراهية المستعرة وانتشار الفساد وانهيار الاقتصاد داخل الكيان الصهيوني علاوة على انخفاض روح التضحية والقتال في صفوف جييش الاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي تنمو فيه قوة المقاومة الفلسطينية وتزايد عمليات التنسيق والتعاون بين مختلف الفصائل الفلسطينية، كما يمكن اعتبار التغيرات الديمغرافية في إسرائيل عاملًا آخرَ يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في زوال إسرائيل، خصوصًا إذا استمرت معدلات النمو السكاني للعرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بمعدلات عالية، فقد يتغير التوازن الديموغرافي بشكل كبير مما يؤدي إلى تفوّق أعداد الفلسطينيين على الإسرائيليين مع مرور الزمن.

لا شك أن كيان إسرائيل زائل في النهاية طال الزمن أو قصر، فإن الوعد الإلهي قادم لا محالة كما بشَّرنا بذلك القرآن الكريم، وهذا وعد الله سبحانه وتعالى للمؤمنين المجاهدين، خصوصًا أن اسرائيل كيان قام على الظلم، والاغتصاب، وكل كيان يقوم على الظلم والاغتصاب مصيره الدمار والانهيار، ولكن يجب أن يتبع ذلك ضرورة استيفاء شروط النصر من استعداد بكل ما أوتينا من قوة، ووحدة الصف، والرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه، وتطبيق شرع الله في إقامة العدل، ونبذ الظلم، ونصرة المظلوم وهو ما يشير إليه الشيخ محمد الغزالي في نظريته للتحرير؛ إذ يرى أن "تحرير القدس يكون بالدراسة لا بالحماسة وبعودة صادقة إلى الذات تجويدًا وقوة هذا هو القانون الوحيد للتحرير". ويضيف: "سيبقى العرب ينحدرون ما داموا يرفضون الإسلام تربية وثقافة وشريعة وفلسفة وشارة حياة ودعامة مجتمع" قال تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: زوال إسرائیل العقد الثامن

إقرأ أيضاً:

خبراء: خطر تهريب المخدرات من سوريا ما زال يهدد الأردن رغم زوال الغطاء السياسي

صراحة نيوز ـ أجمع خبراء أمنيون وسياسيون على أن خطر تهريب المخدرات من الأراضي السورية ما يزال يشكّل تهديدًا حقيقيًا لأمن الأردن واستقراره، رغم زوال الغطاء السياسي الرسمي الذي كان يؤمّن هذه العمليات في عهد النظام السوري السابق.

جاء ذلك خلال حلقة حوارية ضمن برنامج “صوت المملكة”، تناولت استمرار تهريب المخدرات من الجنوب السوري وهيبة الحدود الأردنية، حيث دعا المتحدثون إلى إبرام اتفاق أمني معلن بين عمان ودمشق، وتعزيز التعاون الأمني المشترك، بل وطرح بعضهم فكرة دخول الجيش الأردني إلى مناطق الاشتباه داخل الأراضي السورية لمحاصرة الشبكات الإجرامية وقطع خطوط الإمداد.

وقال الخبير الأمني عمر الرداد إن فقدان الغطاء السياسي الرسمي لعمليات التهريب لم ينهِ الخطر، بل زاد من أطماع الميليشيات التي وجدت في تجارة المخدرات موردًا ماليًا أساسيًا. وأضاف أن استمرار التهريب يأتي ضمن أهداف اقتصادية لتلك الميليشيات التي قد تمتلك مخزونًا كبيرًا من المواد المخدرة، مشيرًا إلى تعقيد المشهد الأمني في جنوب سوريا، وعدم قدرة النظام السوري الحالي على فرض سيطرته الكاملة.

الرداد أوضح أن تهريب المخدرات سابقًا لم يكن منفصلًا عن أجندات سياسية، حيث استُخدم كأداة لزعزعة الاستقرار في الأردن ضمن مشروع إقليمي تقوده إيران. كما كشف أن تلك العمليات كانت تترافق مع تهريب أسلحة تحت غطاء دعم المقاومة الفلسطينية، بينما كانت النوايا الحقيقية تتجه نحو نشر الفوضى داخل الأردن.

من جهته، حذّر رئيس الجمعية الأردنية لمكافحة المخدرات موسى الطريفي من تفاقم أزمة المخدرات في المملكة، مستندًا إلى بيانات مديرية الأمن العام التي سجلت أكثر من 25 ألف قضية مخدرات خلال عام 2024. وأكد أن هناك محاولات حثيثة لنقل صناعة المخدرات إلى داخل الأردن، مشددًا على ضرورة تغليظ العقوبات بحق المتاجرين والمتعاطين، وتطوير التشريعات لتكون أكثر ردعًا.

ودعا الطريفي كذلك إلى مواجهة الخطر داخليًا من خلال ملاحقة مستقبلي المخدرات المهرّبة، إلى جانب تعزيز المراقبة والتنسيق مع الجهات الأمنية في دول الجوار.

بدوره، رأى مدير مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمار قحف، أن النظام السوري يبذل جهودًا لضبط التهريب، لكنه غير قادر على ذلك دون دعم وتعاون دولي، خاصة في ظل الأوضاع المتوترة على الحدود، لا سيما مع لبنان. واعتبر قحف أن الحدود السورية-الأردنية تُعد أكثر انضباطًا نسبيًا، مشيدًا بمقترح إقامة تعاون أمني وثيق بين البلدين.

ودعا قحف إلى استثمار اللقاءات العربية والقمة المقبلة لطرح ملف تهريب المخدرات كأولوية إقليمية، وبلورة موقف عربي موحّد يساند الأردن في حماية حدوده من هذه الآفة المتفاقمة.

ويُعد تهريب المخدرات من الجنوب السوري أحد أبرز التحديات الأمنية التي تواجه الأردن، في ظل تداخل المصالح بين جماعات مسلحة وميليشيات خارجة عن سيطرة الدولة، مما يستدعي حلولًا أمنية وسياسية متكاملة على المستويين الثنائي والإقليمي.

مقالات مشابهة

  • ترامب: السعودية ستطبع مع إسرائيل في الوقت الذي تراه مناسبا
  • حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال.. الإفتاء تجيب
  • نجا من هجوم سابق.. من الصحفي حسن إصليح الذي اغتالته إسرائيل بغزة؟
  • إحتفل به الأصدقاء في الثامن من مايو الجاري ..عن الفنان السوداني الشامل السيّد عبد الله صوصل نحكي
  • لوبوان: إسرائيل عالقة في فخّ غزة الذي نصبه يحيى السنوار
  • آخر تقرير.. ما الذي تخشاه إسرائيل في سوريا؟
  • خبراء: خطر تهريب المخدرات من سوريا ما زال يهدد الأردن رغم زوال الغطاء السياسي
  • كاريكاتير| زوال الكيان المؤقت
  • ما هو يوم الحج الذي أوجب الله عليه الناس؟ تعرف عليه
  • سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب