الجيش الإسرائيلي يعلن المرحلة الثانية في حرب غزة ويستدعي قيادات عسكرية سابقة لضمان الحسم
تاريخ النشر: 21st, November 2023 GMT
ومع نشر تفاصيل المرحلة الثانية من العملية البرية التي توقع أمنيون وعسكريون أن يواجه الجيش صعوبات وتحديات كثيرة لتنفيذها، دعت جهات عدة داعمة لتفضيل التوصل إلى صفقة، متخذي القرار إلى الإسراع في التوصل إلى اتفاق يضمن عودة جميع الأسرى خشية موت مزيد منهم بسبب القصف الاسرائيلي.
هجوم "بدقة قاتلة" وبحسب تقرير إسرائيلي حول المرحلة الثانية من التوغل البري، سيتم التركيز على القسم الجنوبي من غزة في منطقة خان يونس وسيكون التحدي أكثر تعقيداً، لكن الجيش مقتنع بأنه قادر على المهمة.
وستنفذ العمليات البرية في الجنوب عبر ثلاث مراحل، فتخترق خلال الأولى منها وحدات مكثفة من المشاة وعشرات المدرعات والجرافات المناطق المستهدفة جنوب القطاع، ترافقها نيران مكثفة من المدفعية والمروحيات والطائرات المقاتلة إلى جانب الطائرات المسيّرة، ثم في المرحلة الثانية تقوم إحدى الوحدات بتمشيط المنطقة المستهدفة على أن تبدأ بقية الوحدات بالاستعداد للمرحلة الثالثة والحاسمة، وفيها سيدير الجيش معارك قتالية للقضاء على حركة "حماس" وأنفاقها، وفق خطته التي ستنفذ في موازاة استمرار تطويق المنطقة التي شهدت قتالاً في المرحلة الأولى على شريط بطول حوالى 12 كيلومتراً من بيت حانون إلى الشاطئ في الرمال والشيخ عجلين.
وصرح وزير الدفاع يوآف غالانت بأن الجيش جاهز لهذه المرحلة وأن قواته "ستنجح في الهجوم الذي سينفذ بدقة قاتلة وبتعاون بين القوات البرية والجوية والبحرية وكذلك الاستخبارات والشاباك".
وبحسب غالانت، سيبذل الجيش قصارى جهده للتوصل إلى أماكن وجود الأسرى الإسرائيليين، ملمحاً إلى "إعادة تشغيل العملاء في غزة للتعاون مع الجيش".
وفي حين حذرت جهات أمنية وعسكرية من الأخطار التي يرجح أن يواجهها الجيش في عمق غزة، أشار تقرير إسرائيلي إلى أن الآلاف من "حماس" انتقلوا إلى الجنوب ومعهم معظم الأسرى الإسرائيليين، مما أثار احتجاج عائلات الأسرى التي تنتظر لقاءها مع الكابينت وسط عقبات متواصلة تمنع صفقة تبادل في وقت قريب.
تجنيد أمنيين سابقين في ذروة النقاش الإسرائيلي والخلافات الداخلية حول سبل التعامل مع حرب غزة، تجندت مجموعة من الأمنيين السابقين لدعم الجيش كي يتقدم في المعارك من دون توقف أو التزام حتى بالمطلب الأميركي للوصول إلى المرحلة الأخيرة من الحرب وتحقيق أهدافها، ومن دون ذلك فستعود "حماس" تهدد إسرائيل من غزة والضفة أيضاً.
الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الجنرال غيورا إيلاند دعا متخذي القرار إلى عدم الخوف من العالم كله والتقدم نحو القضاء على "حماس"، معلناً معارضته لإدخال الوقود إلى غزة.
ووفق إيلاند، فإن الجدال حول الاستجابة الإسرائيلية لمطالب دولية بسماح إدخال الوقود إلى غزة يعكس مواجهة مبدئية بين تل أبيب وواشنطن في موضوع الرواية الصحيحة، ويقول "بحسب الرواية الأميركية، توجد في غزة جماعتان الأولى حماس، وهم إرهابيون وحشيون ولهذا فهم أبناء موت"، وفق تعبيره، "أما الثانية، فينتمي إليها معظم الناس في غزة، وهم مدنيون أبرياء يعانون بلا ذنب، لذا من واجب إسرائيل ليس فقط الامتناع قدر الإمكان عن المس بهم، بل أيضاً العمل للحفاظ على حياتهم".
أما الرواية الأخرى الإسرائيلية فتقول، وفق إيلاند، إن "إسرائيل لا تقاتل ضد منظمة إرهاب بل ضد دولة غزة.
ودولة غزة تقودها حماس، وهذه المنظمة نجحت في أن تجند كل مقدرات دولتها وكسب تأييد معظم سكانها حول زعامة رئيس حماس في غزة يحيى السنوار وسط التأييد التام لعقيدته.
بهذا المفهوم، فإن غزة تشبه جداً ألمانيا النازية التي شهدت أحداثاً مشابهة. ولأن هذا هو الوصف الدقيق للوضع، لذا يفترض إدارة القتال بما يتناسب مع ذلك".
إيلاند الذي يؤيد خطاً قتالياً حتى النهاية في غزة وعدم التزام أي مطلب أميركي أو دولي حتى "سحق حماس"، يحظى بدعم واسع بين عسكريين وأمنيين، ويتبنى روايته عسكريون وكذلك وزير الدفاع يوآف غالانت الذي تتلاقى تهديداته وموقف إيلاند. وبحسب ما يقترح إيلاند على متخذي القرار، فإنه "ممنوع أن توفر إسرائيل للطرف الآخر أي قدرة تمكنه من استعادة قوته.
وأكثر من ذلك، نحن نقول إن السنوار شرير لدرجة أنه لا يهمه إذا مات كل مواطني غزة"، ويضيف "هل حقاً النساء في غزة مسكينات؟ لا. فجميعهن أمهات وأخوات وزوجات وعائلات قتلة حماس.
من جهة هن جزء داعم لهؤلاء". وتجاوز إيلاند المواقف الأكثر تطرفاً في إسرائيل تجاه غزة، ليدعو إلى القضاء على جميع المنظومات في القطاع العسكرية منها والمدنية، ويقول إن "الأسرة الدولية تحذرنا من أزمة إنسانية في غزة ومن أوبئة قاتلة. علينا عدم الاكتراث لذلك، على رغم كل المصاعب التي ينطوي عليها الأمر. فالأوبئة في جنوب القطاع ستقرب النصر وستقلل الجرحى في أوساط جنود الجيش الإسرائيلي.
إننا لا نؤيد معاناة الطرف الآخر كهدف بل كوسيلة. لدى الطرف الآخر إمكان وقف المعاناة إذا ما استسلموا. السنوار لن يستسلم لكن، لا خيار أمام قادة كتائب حماس في جنوب القطاع إلا الاستسلام، عندما لا يكون لديهم وقود ولا ماء وحين يصابون بالأوبئة ويزداد الخطر على حياة عائلاتهم".
ويطلب إيلاند من الكابينت عدم التجاوب مع واشنطن وإبداء موقف أكثر صلابة، قائلاً "لا تتحدثوا معنا عن الجوانب الإنسانية ما لم يطلق سراح المخطوفين جميعاً". هذا الموقف يتماشى وما يؤكده في كل ظهور يوآف غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي، بأنه "من أجل تحسين شروط صفقة تبادل أسرى وزيادة عدد الأسرى الإسرائيليين إلى حوالى 80، بدلاً من 50 بحسب طرح حماس، ينبغي تشديد هجوم إسرائيل في القطاع وممارسة الضغط بصورة أكبر على رئيس حماس يحيى السنوار.
بهذه الطريقة فقط سيكون بالإمكان جعل السنوار يقدم تنازلات"، بحسب غالانت الذي التقى وحدات برية تستعد لدخول المرحلة الثانية من العملية البرية، وأنهى حديثه برفع معنوياتهم قائلاً "الانتصار حتمي لنا وأنتم قادرون على سحق حماس
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: المرحلة الثانیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
حرب الأعصاب.. إسرائيل تهدد وإيران تحت ضغط الحسم
"عهد الوكالة انتهى ومحور الشر قد انهار"، هكذا بشّرت إسرائيل بميلاد مرحلة جديدة في الشرق الأوسط. في المقابل، ترى طهران أنها خرجت منتصرة من مواجهة تاريخية مع تل أبيب، موجهةً ما تصفه بـ"صفعة قاسية" للولايات المتحدة.
بين الروايتين، يكشف الواقع عن خارطة متشابكة من الضربات المباشرة والمعارك بالوكالة والتلويح النووي. فهل تقف المنطقة أمام جولة جديدة من الحرب؟ أم أن لحظة التفاوض اقتربت؟ وما السيناريو الأقرب في لعبة كسر الإرادات بين إسرائيل وإيران؟.
أفول "محور الشر".. أم إعادة التموضع؟
بعد أعوام من الترويج لمفهوم "محور الشر"، تشير إسرائيل إلى انهياره، مؤكدة أن الضربات الموجهة منذ 7 أكتوبر أنهكت أذرع إيران في المنطقة.
تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، بأن عهد الوكالة قد انتهى، عكست رؤية إسرائيلية مفادها أن حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والفصائل العراقية، وحتى حماس في غزة، أصبحوا خارج المعادلة الفعلية للمواجهة.
فعلياً، اكتفى الحوثيون بإطلاق رمزي للصواريخ، وتجمد حزب الله تحت وقع ضربات موجعة استهدفت قياداته وبنيته التحتية، بينما التزمت الفصائل العراقية الحذر، وبدت سوريا برئاسة أحمد الشرع خارجة من دائرة التأثير، فيما غرق قطاع غزة في محاولات لملمة بنيته الداخلية.
لكن بالرغم من هذه الصورة، لم تخرج إيران منهارة، بل مارست سياسة "امتصاص الصدمة"، مركّزة على حماية برنامجها النووي ومحاولة استعادة زمام المبادرة.
5 سيناريوهات محتملة.. من الانهيار إلى إعادة التموضع
في مقال تحليلي نُشر على موقع معهد الشرق الأوسط تحت عنوان "الحرب الإسرائيلية – الإيرانية: سيناريوهات الأيام والسنوات المقبلة"، رسم الدكتور بول سالم خريطة لمسارات محتملة تحدد مستقبل المواجهة بين الطرفين.
هذه السيناريوهات تتوزع بين دبلوماسية تبدو شبه مستحيلة، وتصعيد كارثي، وصمود استراتيجي، وانتقام غير متكافئ، وأخيرا تغيير داخلي محتمل في طهران.
1. صفقة مستحيلة؟
السيناريو الأول يُبقي الباب مواربًا أمام تفاوض محدود. لكنه يتطلب من إيران تنازلات تمس جوهر النظام، كالتفكيك الكامل لبنية التخصيب ووقف البرنامج النووي، وتقليص الترسانة الصاروخية، وحلّ الجماعات الموالية لها.
شروط يعتبرها سالم، وتعززها تصريحات ترامب ونتنياهو، "استسلاماً غير مشروطًا"، لا يبدو أن طهران مستعدة له، مما يجعل هذا المسار أقرب إلى الأمنيات منه إلى الواقع.
2. التصعيد الانتحاري
الخيار الثاني يتمثل في تصعيد مباشر ضد المصالح الأميركية، لكن بول سالم يعتبره "مقامرة عالية المخاطر" قد تؤدي إلى تدخل عسكري أميركي ودولي واسع، وربما حتى صيني، إذا ما مست مصالح الطاقة.
ورغم امتلاك إيران لقدرات على زعزعة الاستقرار، فإن تكلفة هذه المغامرة تفوق مكاسبها، وتبدو القيادة الإيرانية مدركة لذلك.
3. الصمود الاستراتيجي.. السيناريو المرجح
هذا هو السيناريو الذي يراه سالم "الأكثر احتمالا"، حيث تختار إيران البقاء في عين العاصفة، تمتص الضربات، وتعيد التموضع على غرار تجربة صدام حسين بعد 1991 أو الأسد بعد 2012.
يبقى هذا الخيار النظام قائما، لكنه ضعيف، مفتقد للردع، وغير قادر على بسط السيطرة التامة داخليًا أو التهديد خارجيًا.
تداعيات هذا السيناريو خطيرة داخليا، إذ قد يشهد تصدعات مناطقية في بلوشستان وخوزستان، مدعومة بانتفاضات داخلية.
ويضيف سالم: "قد نشهد انهيارًا بطيئًا للنظام، لا تحوّلًا مفاجئًا"، لكن النظام سيملك وقتًا لإعادة التقييم والتكيف.
4. الانتقام غير المتكافئ
حتى في ظل التراجع، تمتلك طهران شبكات استخباراتية وعسكرية سرية يمكن تفعيلها عبر عمليات سيبرانية، اختراقات أمنية، أو هجمات بالوكالة ضد مصالح إسرائيلية أو أميركية. وهذا السيناريو لا يعيد لإيران هيمنتها، لكنه يجعلها عبئًا دائمًا على خصومها.
5. تحوّل داخلي.. لحظة غورباتشيف إيرانية؟
السيناريو الأخير هو انقلاب داخلي أو تحول داخل النخبة الحاكمة، ربما نتيجة تدهور الوضع الداخلي أو وفاة المرشد علي خامنئي. قد يفرز ذلك قيادة جديدة تنفتح على تسوية "تحويلية" مع الغرب. لا يعني ذلك "لحظة غورباتشيف" كاملة، لكن تغيير المسار الاستراتيجي يبقى خيارا مطروحا في ظل انسداد الأفق الحالي.
وفي حديثه لبرنامج "على الخريطة" على سكاي نيوز عربية، قال الدكتور بول سالم إن "السيناريو الأرجح هو استمرار الحرب، لكن بنار أقل اشتعالا".
وأشار إلى أن إيران لا تزال تحتفظ بأدوات الردع مثل الصواريخ والطائرات المسيّرة وشبكة الميليشيات. لكنه شدد على أن "النظام الإيراني خسر جزءا كبيرًا من قدراته الردعية، وأصبح مكشوفًا جويًا أمام الطيران الإسرائيلي والأميركي".
كما أشار إلى أزمة داخلية حادة تعيشها إيران، تتجلى في احتجاجات شعبية متكررة وسخط واسع من السياسات الثقافية والاقتصادية.
وأضاف أن "الأولوية الكبرى للنظام الإيراني الآن هي البقاء"، معترفًا بأن "القرارات المصيرية ستُتخذ في الأشهر المقبلة، خاصةً بعد رحيل خامنئي"، ومرجحًا أن "التغيير قد يأتي من داخل النظام نفسه، عبر الحرس الثوري أو نخب سياسية جديدة".
ترامب.. قائد وحيد لسياسة خارجية مضطربة
من جهة أخرى، أشار سالم إلى أن الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب تعيش تخبطا واضحا في صنع القرار، إذ "يتحكم ترامب بمفرده في السياسات الخارجية، متجاوزا وزارتي الدفاع والخارجية".
ورغم تفضيله المعلن للمفاوضات، "لا يستبعد استخدام الخيار العسكري مجددا"، خاصةً مع وجود ملفات أمنية حساسة تتعلق بمحاولات إيرانية لاستهدافه شخصيًا.
وفيما يخص دول الخليج، أوضح سالم أن "رغبة الخليج في التسوية السياسية واضحة"، لكنها مشروطة بتقليص الطموح النووي الإيراني وانفتاحها على اقتصاد المنطقة. ومع ذلك، يبقى العائق الحقيقي أمام التهدئة الشاملة – برأيه – في تعنت الحكومة الإسرائيلية الرافضة لأي حل عادل للقضية الفلسطينية، ما يعقّد الاندماج الإقليمي حتى لو تراجعت إيران.
من يربح جولة الحسم؟
دخل الصراع بين إسرائيل وإيران مرحلة جديدة لا تقل تعقيدا عن سابقاتها. فإذا كانت الجولة الأولى من المواجهة قد أضعفت إيران عسكريًا وقلّصت نفوذ وكلائها، فإن الجولة الثانية ستكون على جبهة التوازنات الاستراتيجية لا الميدانية فقط. فهل تصمد طهران حتى يغيّب الوقت ترامب ونتنياهو؟ أم تكون المواجهة الكبرى أقرب مما نتصور؟. في انتظار الحسم، تبقى المنطقة على صفيح ساخن، فيما الزمن – مرة أخرى – يبدو اللاعب الأذكى على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية.
نقلا عن سكاي نيوز عربية