الثورة نت:
2025-07-13@09:51:11 GMT

رماد تذروه الرياح!

تاريخ النشر: 13th, July 2025 GMT

 

يزداد الوضع تعقيدا على الكيان الصهيوني مع هذا التصاعد النوعي لعمليات الإسناد اليمنية، كما وتصاعد درجة الصلابة في الموقف الداعم للفلسطينيين، تعقُّد الوضع ينسحب أيضا على رأس الشر أمريكا التي بدأت تعيش حالة من تقليم عوامل القوة وأدوات فرض الهيمنة.

المرتكز الرئيس في ما يجري من حرب الإبادة الصهيونية في غزة والعدوان الأمريكي السافر على اليمن، أن القوات المسلحة اليمنية تقاتل انتصاراً للحق وللمظلومية ودفاعا على النفس، فيما يمارس الأعداء هواية القتل والاستباحة على طريق مخطط الهيمنة المطلقة على المنطقة.

منذ اللحظة الأولى لعمليات الإسناد اليمني لغزة كان الإعلان واضحا بأن هذه العمليات تأتي إسنادا للمستضعفين في القطاع، وأنها لن تتوقف حتى وقف العدوان ورفع الحصار عنهم. وشهد (21) شهرا من الإجرام والقتل والتنكيل بحق الأطفال والنساء أشكالا يندى لها جبين الأخلاق، فيما استمر اليمن بتنفيذ عملياته في عمق الكيان، كما فرض عليه حظرا بحريا وجويا وهو ما نتج عنه أثار واضحة حركت كل المنظومة الصهيونية بقيادة أمريكا للتدخل والعدوان على اليمن في محاولة لإنقاذ كيانهم غير الشرعي من السقوط.

خسرت التحالفات وانسحبت، وارتد تشنج الأمريكي إلى نحره وانسحب، بينما استمر اليمن بعملياته. المثير هنا هو الإصرار العجيب من قبل العدو على مواصلة حصد أرواح الفلسطينيين، وفرض حالة تجويع عليهم لم يشهدها التاريخ، وتجاوُز عنوان الدفاع عن النفس إلى قتل الأبرياء، وتجُاوز عنوان استعادة الأسرى، إلى تحويل القطاع إلى كتلة من الأنقاض.

المشهد بهذا الحال، يكشف عن نوايا حقيقية لإفراغ غزة من أهلها بالقتل أو التهجير، ولهذا الغرض تبدو الحماقة سيدة السلوك العدواني لنتنياهو الذي يدفع بأعداد كبيرة من مجنديه إلى محرقة غزة مقابل استعادة أعداد قليلة من الأسرى.

وإزاء ذلك يبدو من الفظيع تخيل أن تُترك الأمور على ما هي عليه، بأن يستمر العدو الصهيوني في قتل الفلسطينيين وتجويعهم ومنع الماء والدواء عنهم كما يشاء، بلا حتى سقف زمني لهذه العربدة، ومن الصعب تقبُّل هذا التجاهل لصرخات الأمهات الثكالى، والعدو يقعد مبتسما وفي قناعته بأن هذه الصرخات لن يكون لها أي تفاعل عربي، إسلامي، دولي.

لأجل ذلك كانت الأيام تشهد اجتهادا يمنيا واضحا ليس باستمرار تنفيذ عمليات «الفتح الموعود والجهاد المقدس» وحسب وإنما في تطوير القدرات والتكتيكات، ليصير ما سببته القوات المسلحة من وجع للعدو وحاميته اكثر وقعا وأثرا، فمجتمع الكيان افتقد الأمان، وسمعته الدولية أصبحت تحت الصفر، واقتصاده انكشف، وتبين أنه كيان لا يقوم على أي مقومات تضمن له الاستمرار، ولو دخل أي معركة بإمكاناته منفردا لتشتت بعد فترة وجيزة جدا قادته ومجتمع الغاصبين في أصقاع الأرض.

الإمعان في ارتكاب هذه الجرائم بتعمد وتحد صارخ لكل القوانين ولكل الأصوات الداعية إلى احترام حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة، إنما هو توجه نابع من شعور العدو بأنه تحت المظلة الأمريكية المحكوم من اللوبي الصهيوني، فوق القانون، وفوق أي اعتبارات.

ويكشف الإصرار على استمرار الإبادة أن العالم أمام جماعة صهيونية يعتريها الخلل النفسي والعقلي ولا يمكن الركون إلى قدرتها حتى بأن تؤطَر نفسها في شكل منظمة، وهو ما لا يمكن التغاضي عنه وترك حفنة المختلين الصهاينة ينتهكون أبسط الحقوق الإنسانية كالغذاء والحصول على المياه. ولأجل ذلك برز أثر الإسناد اليمني وعلى صخرته ستتحطم المشاريع التي تستهدف الأمة، ولنا في إغراق السفينتين الأسبوع الماضي خير مثال، أما زوبعة البعض وإطلاقهم التهديد بعد عمليتي الإغراق، فإن اليمن قد أكد بصورة واضحة أن الموقف ثابت والعمليات مستمرة، وأن التهديدات ما هي إلا رماد تذروه رياح يوم عاصف.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مدن سودانية تنهض من رماد الحرب والخرطوم تتراجع

في وقت ينهار فيه قلب السودان، تقف مدن أخرى على هامشه لتعلن عن صعود جديد يُعيد رسم الخارطة الجغرافية للنفوذ الاقتصادي والعمراني. الخرطوم، العاصمة التي كانت ترمز إلى مركز القرار والسيطرة، تشهد انحسارا مدمرا بفعل الحرب التي اندلعت قبل أكثر من عامين، تاركة خلفها فراغا سكانيا ومؤسساتيا، في حين تنمو على أطراف المشهد مدن مثل بورتسودان وعطبرة والقضارف وشندي والدبة، لتتحول إلى حواضن بديلة للدولة والاقتصاد والمجتمع.

هذا التقرير يرصد تحولات هذه المدن في ظل الانهيار المتسارع للعاصمة، ويستعرض كيف بات الهامش مركزا مؤقتا وربما دائما.

حركة مواصلات نشطة في بورتسودان (الجزيرة) بورتسودان العاصمة المؤقتة

مدينة بورتسودان، المعروفة بـ"دُرّة الشرق"، تقع على الساحل الغربي للبحر الأحمر، وقد شهدت تغييرات عميقة منذ اندلاع الحرب في الخرطوم. حيث تحولت المدينة إلى مركز إداري بديل للحكومة، وأصبحت ملاذا للنازحين والفارين من مناطق الصراع، ومقصدا للعابرين بحرا وجوا.

كما جذبت المدينة المستثمرين ورجال الأعمال الذين نقلوا إليها نشاطهم التجاري، وأصبحت مقرا للمنظمات الدولية والإنسانية والسفارات الأجنبية.

ويُعدّ مطار بورتسودان الدولي الآن المنفذ الجوي الوحيد الذي يربط البلاد بالعالم الخارجي، مما ضاعف من أهميته الاستراتيجية. أما الميناء البحري الوحيد في السودان، فقد اكتسب بدوره أهمية اقتصادية متزايدة منذ إنشائه في أوائل القرن الماضي، وأصبح أحد أركان الاقتصاد الوطني في ظل انقطاع العاصمة.

وفي ظل هذا الانتعاش، شهد القطاع العقاري في المدينة تضخما كبيرا في الأسعار، حيث تضاعفت إيجارات العقارات بشكل جعلها بعيدة المنال عن أصحاب الدخل المحدود، مما أدى إلى ظهور تفاوتات اقتصادية بين الوافدين الجدد والسكان الأصليين.

عطبرة وشندي والقضارف.. صعود صناعي وزراعي وعمراني

في شمال السودان، برزت مدينة عطبرة -التي تُعرف بـ"مدينة الحديد والنار"- كواحدة من أبرز المدن التي نهضت بوتيرة متسارعة.

إعلان

عطبرة التي كانت مركزا تاريخيا للسكك الحديد، استفادت من موقعها الجغرافي عند تقاطع الطرق القومية بين الخرطوم وبورتسودان وحلفا، ومن تدفق رؤوس الأموال الهاربة من مناطق النزاع، خاصة تلك العاملة في قطاع التعدين الأهلي للذهب.

وانتقل إلى المدينة عدد كبير من العمالة التي كانت تعمل في القطاعات غير المنظمة، وارتفع عدد السكان من نحو 75 ألفا إلى نحو مليوني نسمة، وفقا لما صرّح به علي عسكوري، المسؤول السابق في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لموقع الجزيرة نت.

وقال عسكوري: "في كل مكان في عطبرة ترى العمارات ترتفع، والمراكز التجارية تنمو، والشركات والمناطق الصناعية تتسع". وقد رافق هذا التوسع نمو في سوق الذهب، حيث أصبحت ولاية نهر النيل (التي تنتمي إليها عطبرة) مع ولاية البحر الأحمر تنتج نحو 70% من الذهب في السودان، بعد انتقال مصفاة الذهب إليها وبناء برج خاص بسوق الذهب.

القضارف جذبت عشرات المصانع الكبرى، وأصبحت من أبرز بؤر النمو الزراعي والصناعي (الجزيرة)

أما في شرق السودان، فقد جذبت ولاية القضارف -التي تُعد من كبريات مناطق الإنتاج الزراعي- رؤوس أموال ضخمة وكبريات الشركات، حيث شُغّل نحو 32 مصنعا في مجالات متنوعة، مما أسهم في تقليص الفجوة الغذائية، وتوفير فرص عمل واسعة للشباب والعمالة في المجالات الحرفية والمهنية.

وقد أدى توافد المستثمرين إلى انتعاش سوق العقارات وارتفاع أسعار الإيجارات، لا سيما في سوق القضارف والسوق العمومي والمحال التجارية، إلى جانب تحسن ملحوظ في القوة الشرائية ومعدل الدخل، رغم تصاعد البطالة والتضخم في بقية مناطق السودان.

وفي مدينة شندي الواقعة شمالي الخرطوم، استقرت عشرات المصانع التي غادرت العاصمة بعد الحرب. وقد خصصت المحلية مدينة صناعية متكاملة استوعبت هذه المصانع، بحسب ما أوضح المدير التنفيذي لمحلية شندي، خالد عبد الغفار، للجزيرة نت.

وتشمل الصناعات الجديدة في شندي إنتاج المواد الغذائية، والكراسات، والمياه المعدنية، والعصائر، والشاي، والصابون، واللحوم، بالإضافة إلى صناعات البلاستيك والعطور والأواني المنزلية، ومعدات الكهرباء، والسباكة، وتعليب الخضروات، وتجفيف البصل.

كما خصصت شندي مواقع لمعارض السيارات التي كانت تتركز سابقا في الخرطوم، وسوقا جديدا لمواد البناء، إلى جانب انتقال تجارة الأحذية والملابس والعطور من سوق سعد قشرة الشهير في بحري إلى أسواقها. وتشير بيانات محلية إلى أن عدد سكان شندي تضاعف أكثر من 5 مرات، وارتفعت إيجارات السكن والمتاجر بدرجة غير مسبوقة.

شندي تحولت إلى قطب صناعي بديل، مع انتقال عشرات المصانع من الخرطوم إلى أراضيها (الجزيرة) الدبة.. الميناء البري

وفي شمال السودان، تحولت مدينة الدبة الواقعة على منحنى نهر النيل إلى ميناء بري ضخم، وأصبحت مركزا حيويا يربط بين الأقاليم الشمالية والغربية والشرقية.

تُستقبل في المدينة السلع والبضائع القادمة من المثلث الحدودي مع مصر وليبيا، بالإضافة إلى الواردات القادمة من مصر مباشرة.

وباتت المدينة نقطة توزيع مركزية للسلع إلى ولايات دارفور وكردفان، كما أصبحت ملتقى للنازحين الذين هربوا من تدهور الأوضاع الأمنية والخدمية في تلك الأقاليم، بحثا عن الاستقرار والتعليم والخدمات الصحية لأطفالهم.

إعلان

وقد ارتفع عدد سكان الدبة من نحو 50 ألفا إلى أكثر من 500 ألف نسمة خلال عامين فقط، مما جعلها تتحول من مدينة صغيرة إلى مركز اقتصادي ناشئ. ويُعزى ذلك إلى موقعها المفتوح على الصحراء، مما سهّل تحوّلها إلى نقطة عبور لسلع التصدير من كردفان ودارفور نحو بورتسودان أو شمالا نحو معبر أرقين الحدودي مع مصر.

حطام السيارات على جنبات الطرق في العاصمة السودانية (الفرنسية) صعود المدن هل يعيد تشكيل السودان؟

التحولات العميقة التي تشهدها مدن مثل بورتسودان، وعطبرة، والقضارف، وشندي، والدبة لا تمثل مجرد رد فعل ظرفي على الحرب الدائرة في الخرطوم، بل تكشف عن إعادة توزيع حقيقي للثقل السكاني والاقتصادي في البلاد.

هذه المدن أصبحت في غضون عامين فقط محاور جديدة للنمو والعمران، واستوعبت موجات النزوح والاستثمار التي كانت تتركز سابقا في العاصمة.

لكن يبقى التساؤل الجوهري: هل سيقود هذا الصعود إلى تغيير دائم في الجغرافيا السياسية والاقتصادية للسودان؟ أم أنها لحظة طارئة ستتبدد مع نهاية الحرب؟ الأكيد أن واقع ما بعد الخرطوم لن يشبه ما قبلها، وأن المدن التي كانت على الهامش باتت تمتلك الآن مفاتيح جديدة لمستقبل البلاد.

مقالات مشابهة

  • أمنُ الكيان.. خرابُنا
  • الكيان الصهيوني ... مشروع غير قابل للبقاء !
  • “حماس”: ارتقاء أكثر من 100 شهيد منذ فجر اليوم في غزة يعكس إجرام وفاشية الكيان الصهيوني
  • مدن سودانية تنهض من رماد الحرب والخرطوم تتراجع
  • اليمن والعالم العربي.. الخط الفاصل
  • الأدب والألم: كيف يولد الجمال من رماد البؤس؟
  • إقرار صهيوني بصعوبة القضاء على التهديد من اليمن
  • صحفي لبناني: اليمن نجح في تحويل البحر الأحمر إلى ساحة ردع استراتيجية
  • اليمن في قلب المعركة.. عقيدةٌ راسخة وتفوّقٌ استراتيجي يُربك العدوّ ويُعيد صياغة معادلات الصراع