يبدي زعماء أمريكا اللاتينية تأييدا شديدا للشعب الفلسطيني، لاسيما في ظل الحرب الإسرائيلية الراهنة في قطاع غزة، وهو موقف تاريخي لها 3 أسباب في دول "الحديقة الخلفية" للولايات المتحدة حليفة إسرائيل، بحسب كونور إيكولز في تحليل بموقع "ريسبونسبل ستيتكرافت" الأمريكي (Responsible Statecraft).

إيكولز قال، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو أحدث مؤخرا صدمة في العالم الدبلوماسي عندما اتهم إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، إذ كتب عبر منصة "إكس": "رئيس الدولة الذي ينفذ هذه الإبادة الجماعية هو مجرم ضد الإنسانية، ولا يمكن لحلفائهم التحدث عن الديمقراطية".

وتابع أن بترو، وهو أول رئيس يساري للبلاد، ضاعف من انتقاداته لإسرائيل في الأسابيع الأخيرة، وأعاد تغريد ملصق يصور طفلا كرتونيا مهددا بالبنادق الإسرائيلية، ووصف هجوم إسرائيل على مستشفى الشفاء في غزة بأنه "جريمة حرب".

كما وعد بيترو بتقديم التماس إلى الأمم المتحدة لمنح فلسطين وضع دولة كاملة العضوية، بدلا من وضع "دولة مراقب غير عضو" الراهن، بالإضافة إلى محاكمة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ومنذ 46 يوما يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت أكثر من 13 ألفا و300 شهيد فلسطيني، بينهم ما يزيد عن 5 آلاف و600 طفل و3 آلاف و550 امرأة، فضلا عن أكثر من 31 ألف مصاب، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

و"بيترو ليس وحده (المؤيد لفلسطين) في أمريكا اللاتينية، ففي حين أدانت أغلب دول المنطقة هجوم حماس، جاء ردها قاسيا على الهجوم الإسرائيلي على غزة، وقطعت كل من بليز وبوليفيا علاقاتها مع إسرائيل، واستدعت كولومبيا وتشيلي وهندوراس سفراءها من تل أبيب"، كما أردف إيكولز.

وزاد بأنه "حتى الدول التي تعتبر نفسها محايدة بشأن الصراع، مثل البرازيل والأرجنتين، أصدرت إدانات شديدة للهجمات الإسرائيلية على المدنيين، وقال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا: "هذه ليست حربا.. هذه إبادة جماعية."

وردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني، شنت "حماس" في7  أكتوبر/ تشرين الأول الماضي هجوما على مستوطنات محيط غزة، فقتلت 1200 إسرائيلي وأسرت نحو 240، بينهم عسكريون برتب رفيعة، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.

اقرأ أيضاً

كولومبيا: سنقدم مقترحا أمميا للاعتراف بفلسطين دولة مستقلة

استقلال لاتيني

ووفقا لخبراء فإن تأييد أمريكا اللاتينية لفلسطين يرجع إلى ثلاثة أسباب هي: استقلال أمريكا اللاتينية المتزايد عن الولايات المتحدة، وصعود الحركات اليسارية والسكان الأصليين، ووجود جاليات عربية كبيرة في الشتات في معظم أنحاء المنطقة، كما أضاف إيكولز.

وقال أليكس ماين، مدير السياسة الدولية في مركز الأبحاث الاقتصادية والسياسية، إن "الولايات المتحدة أعربت عن "خيبة أملها تجاه الحكومات التي فعلت أشياء مثل استدعاء سفرائها، أو الإشارة إلى الإبادة الجماعية".

واستدرك: "لكن هذا الضغط لم يعد له أهمية كبيرة كما كان من قبل، فلقد تغيرت المنطقة بشكل كبير من حيث اعتمادها على الولايات المتحدة ومستوى التأثير الذي يمكن أن تتمتع به واشنطن على السياسة الخارجية."

كما "ينبع الموقف المؤيد لفلسطين من جانب العديد من زعماء أمريكا اللاتينية من مد الناشطين اليساريين والسكان الأصليين الذين وصلوا إلى السلطة في السنوات الأخيرة"، بحسب إيكولز.

وأضاف أنه "الآن يسيطر ساسة يسار الوسط على السلطة في ثلثي دول أمريكا اللاتينية، ويمثلون أكثر من 90% من سكان المنطقة وناتجها المحلي الإجمالي".

وبحسب ماين، فإن "هذه المجموعات شاركت منذ فترة طويلة في حملات التضامن مع فلسطين وغيرها من حركات حقوق السكان الأصليين، خاصة وأن إسرائيل ساعدت في تسليح العديد من حكومات المنطقة الأكثر قمعا في القرن العشرين".

اقرأ أيضاً

أمريكا اللاتينية تغضب.. تشيلي وكولومبيا تسحبان السفراء من تل أبيب وبوليفيا تقطع العلاقات

نفوذ سياسي

"كما يشكل الشتات العربي في أمريكا اللاتينية قوة رئيسية وراء النشاط المؤيد لفلسطين، فالبرازيل وحدها تضم نحو 16 مليون مواطن من أصل عربي، وتشيلي لديها أكبر عدد من السكان الفلسطينيين مقارنة بأي دولة أخرى خارج الشرق الأوسط"، بحسب إيكولز.

ولفت إلى أن ظاهرة الهجرة العربية إلى أمريكا اللاتينية تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، عندما فر العديد من المهاجرين اللبنانيين والسوريين إلى الأمريكتين هربا من تداعيات نهاية الإمبراطورية العثمانية، ثم تبعهم الفلسطينيون في موجات بعد كل حرب كبرى بين إسرائيل والدول العربية.

وتابع أن "هذا الشتات الكبير يتمتع بنفوذ سياسي كبير في جميع أنحاء المنطقة، حيث يشغل السياسيون العرب مناصب عليا في حكومات عديدة. وفقا لصحيفة واشنطن بوست، فإن 10% من أعضاء البرلمان البرازيلي من أصول عربية اعتبارا من 2016.. بينما توجد جالية يهودية صغيرة نسبيا بالمنطقة بلغت 500 ألف في 2017".

لكن يهود أمريكا اللاتينية الداعمين لإسرائيل ليس لديهم من القوة المالية ما يعادل الجماعات الصهيونية الأمريكية القوية، مثل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، وفقا لماين.

اقرأ أيضاً

رؤساء البرازيل وكولومبيا وفنزويلا يصعدون إدانة الاحتلال بسبب تطورات غزة.. واستنكارات أخرى

المصدر | كونور إيكولز/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أمريكا اللاتينية تأييد فلسطين أسباب أمریکا اللاتینیة أکثر من

إقرأ أيضاً:

لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟

أعلنت إسرائيل استهداف قيادي بارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خلال عملية عسكرية في قطاع غزة، في خطوة أثارت تساؤلات حول توقيتها ودلالاتها السياسية والأمنية، لا سيما أنها جاءت في ظل سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم أن البيان الرسمي للجيش الإسرائيلي خلا من ذكر اسم القيادي المستهدف، فإن وسائل الإعلام الإسرائيلية تداولت على نطاق واسع اسم رائد سعد، وقدمته بوصفه "الرجل الثاني" في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ونائب قائدها العام.

وفي هذا السياق، أوضح مراسل الجزيرة إلياس كرام أن عدم ذكر الجيش الإسرائيلي للاسم يعكس على الأرجح، عدم التيقن الكامل من نتائج محاولة الاغتيال، لافتا إلى أن البيانات الرسمية غالبا ما تتأخر إلى حين التأكد الاستخباراتي من نجاح العملية.

وبحسب كرام، فإن البيان الإسرائيلي اكتفى بالإشارة إلى استهداف "شخصية قيادية بارزة" في حماس، قال إنها كانت تعمل على إعادة تأهيل بنى عسكرية موجهة ضد الجيش الإسرائيلي، وهو الوصف ذاته الذي تبنته التسريبات المنسوبة لمصادر أمنية.

وتزامنا مع ذلك، حرصت وسائل الإعلام الإسرائيلية على إبراز دور رائد سعد، مقدمة إياه باعتباره اليد اليمنى لقائد القسام الراحل محمد الضيف، وأحد المخططين الرئيسيين لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في محاولة لتبرير عملية الاغتيال.

وفي السياق، أفاد مصدر في الإسعاف والطوارئ في قطاع غزة بارتقاء 4 شهداء وإصابة 10 آخرين حالة بعضهم خطرة جراء قصف الاحتلال سيارة مدنية جنوب غربي مدينة غزة.

انتهاك للاتفاق

ويشير مراسل الجزيرة إلى أن هذا الخطاب الإعلامي يأتي في وقت يفترض أن وقف إطلاق النار لا يزال ساريا، لكنه يتعرض، وفق توصيفه، لانتهاكات متكررة من جانب إسرائيل عبر عمليات قصف واغتيال وهدم منازل داخل القطاع.

وتبرز أهمية هذه العملية، إن ثبت نجاحها، من كونها قد تكون أرفع عملية اغتيال تطال قياديا في غزة منذ بدء العمل باتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خاصة إذا صح توصيف سعد كمسؤول مركزي عن إعادة التصنيع والتسليح داخل الحركة.

إعلان

وفي هذا السياق، أشار كرام إلى أن إسرائيل تعتبر جميع قيادات حماس، السياسية والعسكرية، أهدافا مشروعة، ولا ترى في اتفاق وقف إطلاق النار أي حصانة لهم، سواء داخل قطاع غزة أو خارجه، وهو ما يفسر استمرار دائرة الاستهداف.

لكن توقيت العملية يكتسب بعدا سياسيا إضافيا، مع تزايد الحديث عن ضغوط أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، وهو ما قد تسعى إسرائيل إلى عرقلته أو إعادة صياغته بشروطها الخاصة.

ويؤكد كرام أن إسرائيل، عبر هذا التصعيد، تحاول فرض نموذج أمني مشابه لما تطبقه في لبنان، حيث نفذت مئات عمليات الاغتيال ضد كوادر حزب الله منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار هناك في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

تضارب الروايات

وبشأن تضارب الروايات حول نجاح الاغتيال، أوضح كرام أن التسريبات الصادرة عن "مصادر أمنية" إسرائيلية تعود في جوهرها إلى الجيش نفسه، الذي يفضل التريث قبل إعلان رسمي، تفاديا لإحراج محتمل في حال عدم تأكيد النتائج.

وتستند هذه التسريبات إلى سرد موسع عن شخصية رائد سعد، ودوره المفترض في إعداد وثيقة "جدار أريحا"، التي تتهمه إسرائيل بوضعها كخطة لهجوم "السابع من أكتوبر"، رغم أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد اطلعت عليها سابقا دون التعامل معها بجدية.

كما تشير الروايات الإسرائيلية إلى أن سعد كان يتولى في المرحلة الأخيرة مهمة إعادة بناء القدرات العسكرية لحماس، وهو ما تستخدمه تل أبيب كمبرر مباشر لتنفيذ عملية الاغتيال، بزعم إحباط تهديدات مستقبلية.

وتحدث كرام عن محاولات سابقة لاغتيال سعد خلال الأسابيع الماضية، ألغيت في اللحظات الأخيرة لأسباب عملياتية أو استخباراتية، إلى أن اعتبرت إسرائيل أن "الفرصة الميدانية" باتت مؤاتية لتنفيذ العملية.

وفي خلفية المشهد، يربط كرام بين هذا التصعيد واستعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة واشنطن، حيث يتوقع أن يواجه ضغوطا أميركية للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، مع سعيه لفرض شروط أمنية مشددة.

مقالات مشابهة

  • دول عربية وإسلامية تصدر بياناً حول «أونروا».. أمريكا تجدد دعم إسرائيل!
  • لماذا استهدفت إسرائيل الرجل الثاني في القسام الآن؟
  • إسرائيل تنفذ عملية اغتيال لقيادي في حماس داخل غزة
  • رغم شهرتها كمشروب منشّط.. لماذا يشعر بعض الأشخاص بالنعاس بعد شرب القهوة؟
  • الأمم المتحدة: “إسرائيل” هجّرت اكثر من ألف فلسطيني منذ مطلع العام الجاري
  • مصر تحذر أمريكا من محاولات إسرائيل فرض وقائع جديدة في غزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تهجّر 1000 فلسطيني بالضفة الغربية
  • تنديد عربي وإسلامي بهجوم إسرائيل على "الأونروا"
  • كوبا تشيد بسياسة الصين الجديدة تجاه أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي
  • WSJ: أمريكا محبطة من عدوانية إسرائيل ضد النظام الجديد في سوريا