غابات الأمازون.. حارس طبيعي للمناخ
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
أحمد مراد (القاهرة)
تشكل غابات الأمازون الممتدة على مساحات شاسعة في أراضي 9 دول في قارة أميركا الجنوبية واحدة من أهم الغابات الموجودة على الكرة الأرضية، حيث يعتبرها العلماء «رئة الأرض» و«الحارس الطبيعي» لمناخ الكوكب، وتؤدي دوراً رئيساً في الحد من تداعيات التغير المناخي التي تطال غالبية دول العالم.
%6 من الكرة الأرضية
تغطي غابات الأمازون نحو 6% من سطح الكرة الأرضية، وتقدر مساحتها الإجمالية بنحو 5 ملايين كيلو متر مربع، وتمتد في أراضي 9 دول في قارة أميركا الجنوبية، وهي: البرازيل، وبيرو، وكولومبيا، وفنزويلا، والإكوادور، وبوليفيا، وغيانا، وسورينام، وغيانا الفرنسية.
ويُقدر العلماء عمر غابات الأمازون بنحو 55 مليون سنة، وعاش البشر فيها منذ أكثر من 11200 سنة.
وتتمتع غابات الأمازون بمناخ مستقر، وتوصف بأنها من أكثر غابات العالم استقراراً في المناخ، ولا تزيد درجة الحرارة فيها على 27 درجة مئوية.
%20 من الأكسجين
يعتبر الكثير من العلماء غابات الأمازون بمثابة «رئة الكرة الأرضية»، وتكفي الإشارة إلى أنها تنتج نحو 20% من الأكسجين الذي يتنفسه مليارات البشر حول العالم.
وتمثل غابات الأمازون نموذجاً عالمياً للتنوع البيئي والبيولوجي، حيث تضم نحو 400 مليار شجرة تنتمي إلى 16 ألف نوع مختلف، إضافة إلى 40 ألف نوع من النباتات المختلفة.
وبحسب تقديرات العلماء والباحثين، فإن مع كل كيلومتر واحد في غابات الأمازون يوجد أكثر من 90 ألف طن من النباتات الحية. كما تُعد غابات الأمازون موطناً لأكثر من 200 نوع من الطيور، و420 نوعاً من الثدييات، ويعيش فيها ما يقارب 2.5 مليون نوع من الحشرات المختلفة.
ويشكل القطع الجائر للأشجار تهديداً خطيراً يواجه غابات الأمازون، إذ إنه في خلال العقود الأربعة الماضية تم قطع نحو 20% من أشجارها.
%50 من الغابات المطيرة
تشكل غابات الأمازون مصدراً رئيساً ومهماً للمياه النقية في العالم، حيث تضم 5 أنهار أشهرها نهر الأمازون الذي يُعد أكبر نهر في العالم من حيث الحجم، والثاني عالمياً من حيث الطول، ويحتوي على 17 رافداً.
كما يوجد نهر آخر يُعرف بـ «نهر ريو حمزة»، وهو يتدفق على عمق 2000 متر تحت نهر الأمازون، وسُمي بهذا الاسم نسبة إلى مكتشفه «فاليا حمزة»، وهو أحد الباحثين في المرصد الوطني البرازيلي، وبحسب اعتقاد العلماء فإن هذا النهر يمتد بنفس طول نهر الأمازون البالغ حوالي 6 آلاف كيلومتر. ولكنهم يعتقدون أن عرضه يبلغ حوالي 200 مرة أضعاف عرض نهر الأمازون
وتتساقط الأمطار على غابات الأمازون طوال العام، وهو ما يجعلها واحدة من أهم الغابات المطيرة في العالم، وتكفي الإشارة إلى أنها تمثل أكثر من نصف الغابات المطيرة على كوكب الأرض.
%25 من المستحضرات الصيدلانية
تمثل غابات الأمازون مصدراً مهماً للمكونات التي تدخل في تصنيع العشرات من الأدوية والمستحضرات الصيدلانية والطبية، فهناك أكثر من 120 دواءً تم تصنيعها من مصادر مشتقة من النباتات الموجودة في غابات الأمازون.
كما تشير إحدى الإحصائيات إلى أن ربع المستحضرات الصيدلانية الطبية المستخدمة اليوم تحتوي على مكونات أساسها من غابات الأمازون. علماً أن 70% من النباتات التي تم تحديدها على أنها نشطة ضد الخلايا السرطانية معظمها موجودة في غابات الأمازون.
تداعيات
تلعب غابات الأمازون دوراً مؤثراً وفاعلاً في حماية كوكب الأرض من تداعيات التغير المناخي، وهو ما يجعل الكثيرين من العلماء يعتبرونها «حارس طبيعي» لمناخ الأرض في ظل وجود العدد الهائل من الأشجار المنتشرة فيها، إضافة إلى كتل غازات الدفيئة التي تخزنها الكتلة البيولوجية لغابات الأمازون.
وتُعد غابات الأمازون من أكبر أحواض الكربون في العالم، حيث تخزن ما يزيد على 150 مليار طن متري من الكربون، وهو ما يكافئ مقدار انبعاثات الوقود الحفري عالمياً لمدة تزيد على 10 سنوات. علماً أن نحو نصف المخزون الكربوني في غابات الأمازون كامن في التربة، أما النصف الآخر فيكمن في أشجارها التي تحتوي على نحو 20% من إجمالي الكربون الذي يحتجزه الغطاء النباتي في مختلِف أرجاء كوكب الأرض.
كما تتصف غابات الأمازون بأنها «صانعة مناخها»، إذ تُولد بعض أمطارها، وتحتفظ ببرودة الجو في أرجائها، وتحافظ على ثبات درجات الحرارة واستقرارها في الإقليم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأمازون الغابات التغير المناخي المناخ الاستدامة كوب 28 مؤتمر الأطراف مؤتمر المناخ فی غابات الأمازون نهر الأمازون من النباتات فی العالم أکثر من
إقرأ أيضاً:
من “حارس الازدهار” إلى “الراكب الخشن”.. هل انقلبتِ النتائج؟
مقالات:
بقلم/عبدُ الحميد الغُرباني
منذُ شاركت في معركة الإسناد للمقاومة الفلسطينية، كانت اليمنُ وحدَها أمامَ ما سُمي “تحالف الازدهار” الأمريكي و”اسبيدس” الأُوروبي، ثم مشاركة بريطانية لأمريكا، فيما وُصِفَ بـ “الراكب أَو الفارس الخشن”.
وَفي التصدي والمواجهة لم يكن هدفُ اليمن أن تكسرَ إرادَةَ كُـلّ هذه القوى وَتفرضَ عليها المشيئةَ اليمنية الكاملةَ، وإنما كان الهدفُ تقويضَ أهدافهم المُعلَنة وَهي في جولتَـي المواجهة:
– استعادة حرية الملاحة الإسرائيلية، وإن كان هذا الهدفُ يُسوَّق تحت غطاءِ حرية الملاحة الدولية.
– تقويضُ وتدميرُ القدرات اليمنية المُختلفة.
أما الهدفُ غيرُ المعلَن فهو فرضُ معادلة الاستفراد بالشعب الفلسطيني ومحاصَرته في الميدان وحيدًا.
ومع الجولة الثانية كانت الولاياتُ المتحدة قد أضافت إلى هذه الأهداف استعادةَ الردع بعد أن كانت الجولة الأولى قد أفضَت عمليًّا إلى انكشافِ قوة الردع وَالهيمنة الأمريكية في المسرح البحري، فإلى أين انتهى الاشتباكُ اليمني الأمريكي؟ قبلَ وَبعدَ إعلان سلطنة عُمان عن اتّفاق لوقف إطلاق النار بعد نحو شهرَين من العمليات الساخنة والتصعيد المُكثّـَف؟ هل أوقف اليمنُ عملياتِ الإسناد لغزة والشعب الفلسطيني ورَفَعَ الحظرَ عن الملاحة الإسرائيلية في منطقة عملياتِه؟
إن وقائعَ الميدان من جهة، والمواقف المعلنة سياسيًّا وعسكريًّا من أُخرى تؤكّـد أن أولويةَ اليمن كانت وما زالت كما هي قبل “حارس الازدهار” وبعد “الفارس الخشن”؛ فلا هو رفع الحظرَ أمام السفن المرتبطة بالعدوّ الإسرائيلي ولا هو أوقفَ ضربَ الأهداف الحسَّاسة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وغير ذلك تحقّق له من استعمالِ القوة ضد القوات الأمريكية وَالتصدي لها الوصولُ بواشنطن إلى نقطةٍ وجدت فيها البقاءَ في إسنادِها للإسرائيلي أكثرَ كُلفةً، فضلًا عن صورة ردعٍ تتهشَّمُ تِباعًا مع كُـلّ يوم يمُرُّ في المواجهة، في ظلِّ سجلٍّ مفتوحٍ لسقوط مُسيَّرات إم كيو 9 وَمقاتلات إف 18 وَتمركُزٍ بعيدٍ لحاملاتَي طائراتها أقصى البحرَين العربي والأحمر، وهما الأُصُولُ العسكرية الضخمة المناطُ بهما سرعةُ الانتشار والقدرةُ على الوصول لدرجةٍ بات للولايات المتحدة بها وعبرها حدودٌ تشتركُ مع كُـلّ دولة في قارات العالم.
لقد قيل -وهو حقٌّ-: إن معيارَ النصر والهزيمة في الحربِ المحدودة، فَكُّ قبضةِ العدوّ عن أهدافِ الحرب، وقد أمكَنَ لليمن ذلك وتبقَّى لأعدائها -وهم بالضرورة أعداءُ فلسطين والعرب عمومًا- الخيبةُ والفشل، لقد أسقطت صنعاء معادلةَ الاستفراد بغزة والشعبِ الفلسطيني وَثبتَّت معادلةَ إسنادِها؛ رَغمًا عن السياسة الصهيونية الرامية لإخلاء الساحةِ من التضامن مع غزة والمناوئة للكيان المؤقَّت، لدرجةٍ انقلبت معها الصورةُ بشكل دراماتيكي ولأولِ مرة يجدُ العدوُّ نفسَه وحيدًا في معاركه خارجَ رقعة الأراضي المحتلّة دون أن يعنيَ ذلك فِراقًا مع الولايات المتحدة لناحية أن المصلحةَ الأمنية الإسرائيلية تمثل أولويةً أمريكيةً ثابتة، لكنْ الاتّفاقُ يعكسُ طريقةً مختلفةً في التعامل بينهما فرضتها النيرانُ اليمنية.
منذ بداية الإسناد اليمني لبُندقية الجهاد والتحرير الفلسطينية، لم يكن استهدافُ السفن الأمريكية وحظرُ الملاحة أمامَها على قائمةِ الأهداف، وإنما واشنطن هي من وضعت نفسَها في مرمى النارَ اليمنية، وبالتالي لم تتنازل اليمن، إنما انسحبت واشنطن من ميدان المعركة ووفَّرت صنعاءُ ملاذًا لتأمين الخروج وَنزولِ الأمريكي عن شجرة أهدافه بعدَ نحو شهرَين من نتائجَ مُخيِّبةٍ للآمال استنزفت عتادَها وذخائرَها الأحدثَ.
وبعدَ طولِ انتظار أدواتها الإقليمية والمحلية على التَّل ورهانِ هؤلاء على الاقتراب من بيئةٍ تُهيِّئ الانقضاض على اليمن والتهاوش على الصيد فيه كما حصل في سوريا، لكن الرياح جرت على عكسَ مآرِبِ الجميع، خرجت الولاياتُ المتحدة من مأزِقِ الضربات العسكرية الفاشلة في اليمن مع الكثير من الخسائر، لا تقتصر على المباشرة.
وفي ظل مكاسبَ يمنيةٍ لا تقفُ عند جانب مُعيَّن، استعادت صنعاءُ معها موقعَها في المعادلة الإقليمية لصالحِ الأمن القومي العربي وثبتَت حضورَها ضمن نَسَقٍ محسوبٍ بمنتهى الدقة تحافظُ معه على القيام ِبواجبها الديني وتترجمُ موقفَها المبدئي تجاه القضية الفلسطينية.
وبوِسْعِ اليمن اليوم وَقد حيَّدَ العدوَّ الأمريكي عن ساحة المواجهة أن يواصِلَ بزخمٍ كافٍ إرهاقَ العدوّ الإسرائيلي والبلوغ بالإسناد ذروته مع تعقيدات وتحديات أقلَّ في هذا الطريق، ومع عدم وجودِ وسائلَ أفضلَ بالنسبة للعدوّ لاستنزاف التهديد اليمني وأمام انعدامِ الخيارات غير المُكلِفة لمواجهةِ الصوارِيخ والمُسيرات اليمنية والإدراك أن مُعادلةَ الردع تتهشَّمُ أمام اليمن كما أن لا سبيلَ لاستعادتها أَو فرضِها عبر قصفِ الأعيان المدنية لليمن، وَهو ما يعني أن اليمنَ يُقَدِّرُ تقديرًا متوازنًا أهميَّةَ دوره في المعركة؛ وكونه عامِلًا ضمن مجموعة عواملَ أُخرى ستدفعُ العدوَّ الإسرائيلي بالإكراه للنزولِ عن شجرة العدوان والحِصار المفروض على غزةَ، وفي طليعة هذه العوامل، المقاومةُ الفلسطينية واستمرارُها؛ تعبيرًا عن الإرادَة والصبر والصمود الشعبي في غزة وَالضفة الغربية المحتلّة والتأييد والدعم في الشتات.
تجارِبُ الصراعات الحديثة تذكِّرنا أن السؤالَ الجوهري فيها هو: كم احتلَّ العدوّ من إرادتنا؟ وليس كم احتل العدوّ من أراضينا ودمّـر من منازلنا وقتل وجَرَحَ منا؟
لقد ثبت أن كُـلَّ مساحةٍ من الأرض احتلها العدوُّ قابلةٌ للاستعادة طالما بقيت الإرادَة، ولكن احتلالَ أيِّ جزءٍ من الإرادَة هو الضياعُ الذي لا سبيلَ إلى استرجاعِه.