المعاناة الإنسانية تتكشف في غزة والمساعدات لا تفي بالاحتياجات
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
قال رئيس بلدية غزة يحيى السراج، اليوم الأحد، إن حجم الدمار في قطاع غزة كبير جدا، والمعاناة الإنسانية ما زالت على أشدها في جميع أنحاء القطاع.
وأكد السراج أن البلدية لم تتسلم لتر وقود واحدا بعد، بينما يحتاج 700 ألف شخص في مدينة غزة وشمالي القطاع إلى الخدمات والوقود لتشغيل الآبار والمحطات لهذه المناطق، إضافة لفتح الشوارع لتسهيل حركة طواقم الإنقاذ والإسعافات.
وطالب المؤسسات الدولية بإيصال المواد الغذائية والماء والوقود والكهرباء إلى قطاع غزة، لا سيما شمال القطاع.
وحذر السراج من انتشار الأوبئة والأمراض بسبب تراكم النفايات، حيث لا يمكن الوصول إلى المكب الرئيسي في منطقة جحر الديك (شرق المدينة) لنقل النفايات.
من جهته، قال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عدنان أبو حسنة للجزيرة إنهم بحاجة إلى 120 طنا من الوقود على الأقل لبدء تشغيل المرافق الأساسية، وأضاف أن الوضع في غزة وشمال القطاع أشبه بالزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا.
وأردف أن مياه الصرف الصحي قد غمرت شوارع القطاع، مما سيؤدي لتلوث الشواطئ ونشر الأمراض، كما أن الأمراض المعوية والجلدية تنتشر بأضعاف ما كانت عليه.
دخول المساعدات
وقال أبو حسنة إن آلية إدخال الشاحنات في معبر رفح معقدة وسعته القصوى 130 شاحنة يوميا، ويجب فتح معبر كرم أبو سالم لإيصال الوقود ومواد الإغاثة، حيث يجب دخول 200 شاحنة مساعدات إغاثة يوميا لمدة شهرين متواصلين.
بدوره، قال الهلال الأحمر الفلسطيني إنه أرسل اليوم 50 شاحنة مساعدات محملة بالمواد الغذائية والمياه والمواد الإغاثية والمستلزمات الطبية الطارئة إلى مدينة غزة وشمال القطاع.
من جهتها، قالت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية لولوة الخاطر إن وتيرة المساعدات إلى غزة لا تفي بالاحتياجات، مشيرة إلى وصول مساعدات للمناطق الشمالية بالقطاع لأول مرة منذ بدء العدوان الإسرائيلي.
وأوضحت الخاطر للجزيرة من الطرف الفلسطيني لمعبر رفح أن قطر مستعدة لإرسال أي كميات مطلوبة من المساعدات، لافتة إلى أن هناك عملا ومحادثات على المسار السياسي في اتجاه محاولة تمديد الهدنة.
وتنص بنود اتفاق الهدنة على إدخال 200 شاحنة من المواد الإغاثية والطبية يوميا لكافة مناطق قطاع غزة، غير أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قالت إن الاحتلال لم يلتزم بهذا البند من الاتفاق ولم يسمح بدخول العدد المنصوص عليه من الشاحنات إلى شمال غزة.
إنقاذ المستشفيات
من جهتها، ناشدت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة جميع الطواقم الطبية والتمريضية الموجودة في محافظتي غزة والشمال للالتحاق فورا بالعمل في مستشفى كمال عدوان، نظرا للظرف الصعب الذي يمر به المستشفى من ضغط العمل الهائل.
وتعرض مستشفى كمال عدوان (شمالي قطاع غزة) للقصف خلال العدوان الإسرائيلي، مما أسفر عن تدمير جزء من غرفة العناية المركزة.
في غضون ذلك، أطلق شباب فلسطينيون مبادرة تطوعية لتنظيف مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة، وإعادة تشغيله بالحد الأدنى، وتهيئة قسم غسيل الكلى، بالتزامن مع اليوم الثالث من الهدنة المؤقتة.
وفي السياق، قال محمود حماد -مدير عام الشؤون الإدارية بوزارة الصحة في غزة- إن شبابا بدؤوا مبادرة تطوعية لتنظيف مجمع الشفاء من الأتربة والمخلفات الطبية، لتقديم الرعاية الطبية للمرضى في غزة بالحد الأدنى.
وتابع حماد أن المستشفى فيه دمار كبير في مرافقه كافة، لكن المبادرة ستعمل على تهيئته وتنظيفه وتعقيمه، لإعادة تشغيله، وبالأخص قسم مرضى غسيل الكلى.
وأوضح أن هناك مرضى في غزة سيتعرضون للموت المحتم، في حال لم يخضعوا لجلسات غسيل كلى.
التهجير القسري
من ناحيته، حذر صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين من أن التهجير القسري في قطاع غزة يهدد حياة الحوامل، إذ يتركهن عالقات وغير قادرات على الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة.
وشدد الصندوق على ضرورة أن تحصل الحوامل في غزة على خدمات الرعاية الصحية لضمان سلامتهن وسلامة أطفالهن.
ويوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، دخلت الهدنة الإنسانية بين إسرائيل وحركة حماس حيز التنفيذ، وتستمر لمدة 4 أيام قابلة للتمديد، برعاية قطرية ومصرية وأميركية.
وتضمّن الاتفاق تبادل أسرى وإدخال مساعدات إنسانية وإغاثية وطبية ووقود إلى مناطق القطاع كافة ، الذي يسكنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
ولمدة 48 يوما حتى 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلفت 14 ألفا و854 شهيدا فلسطينيا، بينهم 6150 طفلا وما يزيد على 4 آلاف امرأة، بالإضافة إلى أكثر من 36 ألف جريح، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نقاط عسكرية على أنقاض المنازل .. آلية مساعدات غزة الجديدة تثير غضباً دولياً وتُتهم بانتهاك المبادئ الإنسانية
في قلب الخراب حيث الجوع يحصد الأرواح قبل القنابل، تُحاول أيادٍ جائعة انتزاع كيس دقيق من بين الركام.. لكنها تصطدم بسياج من الرصاص. مشاهد أشبه بحربٍ على الجياع، حيث تُوزع المساعدات فوق أنقاض منازلهم، وتُحرس ببنادق الاحتلال. آلية "إنسانية" جديدة تفرضها إسرائيل والولايات المتحدة، لكنها تتحول إلى أداة إذلال وقمع، بينما تحذر الأمم المتحدة: "هذا ليس إنقاذًا.. بل انتهاك صارخ لكل مبادئ الإغاثة".
واجهت آلية توزيع المساعدات في قطاع غزة، وفق خطة إسرائيلية أميركية، موجة متصاعدة من الانتقادات، الأربعاء، بعد إصابة العشرات من الفلسطينيين في إطلاق نار إسرائيلي، خلال يومين متتاليين من عمليات تسليم المساعدات، حسبما أفادت صحيفة "واشنطن بوست".
واكتظت المواقع التي جرى فيها توزيع المواد الغذائية بالحشود، في مشهد يسلط الضوء على حجم أزمة الجوع في هذا القطاع المحاصر والمُدمر، الذي يعاني منذ مارس الماضي من حصار إسرائيلي يمنع إدخال المساعدات الإغاثية.
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة، إن ما يصل إلى 50 شخصاً أصيبوا بطلقات نارية بالقرب من موقع خاص لتوزيع المساعدات في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوب القطاع، الثلاثاء، مشيرين إلى أن حشوداً اجتاحت، الأربعاء، موقعاً لتوزيع المواد الغذائية تابعاً لبرنامج الأغذية العالمي في دير البلح بوسط القطاع، ونهبته بحثاً عن أكياس دقيق فردية، قبل أن يتعرضوا لهجوم من قبل مسلحين.
وقال برنامج الأغذية العالمي في بيان، إن "التقارير الأولية تشير إلى أن شخصين لقيا مصرعهما وأصيب عدة أشخاص في الحادث المأساوي"، فيما أفاد إياد عماوي، مسؤول صحي في مستشفى "شهداء الأقصى" ، لاحقاً بأن شخصاً ثالثاً لقي مصرعه.
وأضاف البيان: "الاحتياجات الإنسانية خرجت عن السيطرة بعد 80 يوماً من الحصار الكامل، ومنع جميع المساعدات الغذائية والإنسانية الأخرى من الدخول إلى غزة".
ويُدار برنامج المساعدات الجديد من قبل "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة خاصة وصفتها "واشنطن بوست" بأنها "مثيرة للجدل" بدأت هذا الأسبوع توزيع الغذاء في القطاع.
وتحظى هذه الآلية بموافقة إسرائيلية، وتُؤمن من قبل متعاقدين خاصين مدعومين من الولايات المتحدة، وتتجاوز منظومة الأمم المتحدة لتقديم المساعدات.
نهج Blackwater
وتُظهر وثائق تخطيط داخلية تعود إلى نوفمبر الماضي، أن مؤسسي "مؤسسة غزة الإنسانية" كانوا يتوقعون منذ البداية موجة رفض، وسبق أن أعدوا نقاطاً للرد الإعلامي تحسباً لاتهامات محتملة تُشبه مراكز توزيع الغذاء بـ"معسكرات اعتقال" تستخدم البيانات البايومترية، إذ تُقارن المؤسسة بشركة "بلاك ووتر"، وهي شركة مرتزقة أميركية سابقة تورطت في أعمال عنف ضد مدنيين في العراق.
وقال شاهدان، نقلت إفادتهما المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن الحشود أخذت تتزايد على مدار اليوم مع انتشار خبر توزيع المساعدات، ما دفع القوات الإسرائيلية إلى فتح النار من مواقعها قرب ميدان العلم، الذي يبعد نحو نصف ميل عن موقع التوزيع، وذلك قرابة الساعة الرابعة والنصف عصراً بالتوقيت المحلي.
وفي مؤتمر صحافي عقد الأربعاء، وصف جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في غزة، أول موقع هرع إليه الفلسطينيون الجائعون والمضطربون بأنه "نقطة توزيع عسكرية أُنشئت فوق أنقاض منازلهم".
وقال ويتال: "برنامج التوزيع الجديد يتجاوز مسألة السيطرة على المساعدات. إنه يمثل نقص مُدبر"، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق "طلقات تحذيرية في المنطقة الواقعة خارج المجمع وأنه استعاد السيطرة على الوضع".
وفي وقت لاحق، أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بأن طاقم أحد مستشفياتها الميدانية تعامل مع تدفق كبير للمصابين، بينهم نساء وأطفال، وجميعهم يعانون من جروح ناجمة عن أعيرة نارية.
وأظهرت مشاهد من موقع الحادث حشوداً كبيرة تتجه نحو نقطة التوزيع، مع تمزيق جزء من السياج، كما ظهرت مروحية عسكرية تطلق قنابل مضيئة في السماء، وظهر في مقاطع فيديو من المكان، تحققت منها "واشنطن بوست"، أشخاصاً يفرون في حالة هلع، بينما يُسمع صوت إطلاق نار في الخلفية.
بدورها، قالت "مؤسسة غزة الإنسانية" في بيان، إن المقاولين الأميركيين المكلفين بتأمين الموقع اضطروا إلى الانسحاب مؤقتاً مع تفاقم الفوضى، الثلاثاء، ما أتاح لعدد قليل من الناس أخذ المساعدات، فيما نفت أن تكون أي طلقات قد أُطلقت داخل موقع التوزيع على الفلسطينيين.
وأضافت المؤسسة أنها "واصلت توزيع المساعدات في موقع آخر لها جنوب القطاع من دون حوادث"، وأكدت أنها ستواصل توسيع نشاطها في المواقع الأربعة التابعة لها، مع بناء مواقع إضافية.
وقال مصدر مطلع على سير العملية، إن "حجم الحشد كان كبيراً جداً في تلك اللحظة، لدرجة أن المقاولين خافوا من احتمال حدوث تدافع".
واستقال اثنان من كبار مسؤولي المؤسسة هذا الأسبوع، وقال أحدهما إن خطط المنظمة تتعارض مع ما وصفه بـ"مبادئ العمل الإنساني من إنسانية وحياد وعدم تحيز واستقلالية".
انتهاك المبادئ الإنسانية
ورفضت غالبية المنظمات الإنسانية وجميع وكالات الأمم المتحدة، المشاركة في نظام "مؤسسة غزة الإنسانية"، معتبرة أنه "ينتهك" المبادئ الإنسانية وقد يُستخدم لتهجير الفلسطينيين قسراً من خلال دفعهم إلى الانتقال جنوباً بالقرب من مراكز التوزيع.
وقالت بشرى الخالدي، مسؤولة السياسات في منظمة "أوكسفام" للأراضي الفلسطينية: "لقد حذرنا من أن هذا سيحدث، وها هو يتكشف أمام أعيننا. ما يتم تقديمه على أنه آلية إنسانية ليس في حقيقته سوى نظام للسيطرة".
وأضافت: "هذه الآلية تجرد وكالات الإغاثة من استقلاليتها، وتحرم الفلسطينيين من حقهم في تلقي المساعدات، وتضع قرارات تتعلق بالحياة والموت في أيدي طرف من أطراف النزاع". وتابعت: "إنها تنتهك المبادئ الأساسية للعمل الإنساني، وتحول المساعدات إلى أداة حرب".
وقال مسؤولون في الأمم المتحدة، إن إسرائيل استمرت في السماح بدخول بعض شاحنات المساعدات التابعة للأمم المتحدة، رغم بدء عمل "مؤسسة غزة الإنسانية"، ولم يتضح بعد إلى متى ستستمر إسرائيل في السماح للأمم المتحدة بتوزيع مساعداتها الخاصة، بدلاً من التحول إلى نظام مؤسسة غزة الإنسانية.
واعتبر مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، في بيان، أن المشروع الإسرائيلي لتوزيع المساعدات داخل المناطق العازلة "فشل فشلاً ذريعاً".
وذكر مكتب الإعلام الحكومي، أن اندفاع آلاف الجائعين "الذين حاصرهم الاحتلال وقطع عنهم الغذاء والدواء منذ حوالي 90 يوماً، نحو تلك المناطق في مشهد مأساوي ومؤلم، انتهى باقتحام مراكز التوزيع والاستيلاء على الطعام تحت وطأة الجوع القاتل".