ناجية من مجزرة شمال غزة تروي لـعربي21 لحظات من الرعب والخوف
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
ما زالت جرائم الاحتلال ومجازره بحق المدنيين العزل في قطاع غزة تتكشف يوما بعد يوما، مع دخول الهدنة يومها السادس والأخير، بعد عدوان مدمر وغير مسبوق تسبب في إزهاق أرواح الآلاف من الفلسطينيين.
وروت السيدة كفاح حجازي في شهادة أدلت بها لـ"عربي21" تفاصيل مرعبة عاشتها لساعات في المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة، حيث كانت ترافق ابنها الجريح، بعد أن اقتحمته قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر يوم الجمعة الماضية الـ24 من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري.
وقال "حجازي"، إن قوات الاحتلال بدأت بشكل مفاجئ محاصرة المستشفى من كل الجهات مساء يوم الخميس 23 من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، عبر أرتال من الدبابات والجرافات العسكرية، الأمر الذي أحدث حالة من الرعب في صفوف المرضى والنازحين في المستشفى، خاصة بعد أن عمدت قوات الاحتلال إلى إطلاق النار صوب الأقسام الداخلية للمستشفى ومحيطه مستهدفة كل من يتحرك في المكان.
ولفتت إلى أن محاصرة دبابات الاحتلال للمستشفى دفعت النازحين إلى محاولة الهروب من القتل وإطلاق النار صوب المستشفى حيث بدأوا بالهرب من باب خلفي للمستشفى يطل على منطقة تل الزعتر شمال قطاع غزة، لكن طائرات مسيرة مسلحة من نوع "كواد كابتر" كانت في انتظارهم وأطلقت النار على كل من حاول التحرك من عبر هذا الباب محاولا النجاة والوصول إلى خارج المستشفى.
طريق الموت
تقول "حجازي" في شهادتها: "إن كل من حاول الخروج من المستشفى أطلقت قوات الاحتلال عليه النار فسقط العديد من الشهداء والجرحى في الساحة الخلفية للمستشفى، وكنت أشاهد ما يجري من مجازر من نوافذ الطابق الثاني للمستشفى حيث يرقد ابني الجريح رفقة عدد كبير من الجرحى ينتظرون مصيرهم المجهول".
وتابعت: "تمكن عدد كبير من النازحين وبعض الجرحى من الهروب، لكن العديد منهم سقط بين جريح وشهيد عند أسوار المستشفى وفي الساحة الداخلية بين الباب الخلفي والأسوار، وترك العديد منهم ينزفون إلى فارقوا الحياة بفعل عدم قدرة الطواقم الطبية على إسعافهم أو سحبهم داخل مبنى المستشفى لعلاجهم".
وشددت "حجازي" على أن عددا من الجرحى ومرافقيهم ويبلغ تعدادهم نحو 150 شخصا معظمهم نساء وأطفال ومسنون تبقوا داخل المستشفى بسبب عدم قدرتهم على الهروب من المشفى، وظل هؤلاء في انتظار مصيرهم مع تواصل تقدم دبابات الاحتلال نحو المستشفى تحت غطاء كثيف من النيران والقذائف التي كانت تصيب المستشفى ومحيطه.
وأضافت: "تجمعنا نحن الجرحى ومرافقيهم وعدد قليل من الطاقم الطبي في طابق الاستقبال بسبب شدة القصف وإطلاق النار نحو الطوابق العليا من المستشفى".
وأكدت أنه عند الساعة الواحدة والنصف من فجر يوم الجمعة وأثناء جلوسها رفقة ابنها الجريح تفاجأت بدخول دبابة للاحتلال داخل قسم الاستقبال، بعد أن حطمت الجدار الخارجي، وسط إطلاق نار عشوائي في المكان، الأمر الذي تسبب بحالة غير مسبوقة من الفزع والرعب والصراخ داخل المكان.
عند هذه اللحظة، قالت "حجازي" إنها أدركت أن النهاية والموت أصبح قريبا جدا منها، فبدأت بترديد الشهادة وسط دموع حارة على مصير ابنها الجريح الذي لم يتجاوز 10 سنوات من عمره، الذي أصيب بجراح بالغة في رأسه وقدمه في مجزرة جباليا".
وتابعت" : سحبت سرير ابني الجريح إلى جهة أخرى خشية أن تدوسه الدبابة، وصرت أركض به رغم ثقله نحو الساحة الداخلية للمسشتفى، وسط صراخ وحالة من الهستيريا والخوف دبت في قلوب الجرحى وكل من تواجد في المكان".
إعدام أول شخص
وتابعت الشاهدة بالقول: "بدأت قوات الاحتلال عبر مكبر للصوت بالنداء على كل من يتواجد داخل قسم الاستقبال برفع يده عاليا، ودعت المتواجدين إلى فتح الباب الرئيسي، في هذه الأثناء ذهب أحد الرجال نحو الباب، وعند محاولته فتحه عاجله أحد جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص صوب رأسه مباشرة، فسقط شهيدا".
وأردفت: "طلبت قوات الاحتلال من الموجودين التزام أماكنهم وقالت لنا عبر مكبرات الصوت أنها ستدخل طائرة مسيرة داخل القسم للتعرف على الموجودين، وعلى الجميع الركوع على ركبتيه ورفع يديه فوق رأسه (..)، دخلت طائرة مسلحة برشاش وطارت فوق رؤس الموجودين، وبدأت بإطلاق النار عشوائيا على كل الموجودين، فقتلت وأصابت أكثر من 10 أشخاص".
واستطردت: "سقط إلى جواري تماما مسن كان بعد أن أصيب برصاصة في رقبته، وإلى يساري أصابت رصاصة سيدة كانت ترافق ابنتها الجريحة، وعلى مرمى البصر كان هناك ما لا يقل عن 10 مصابين مضرجين بدمائهم، دون أن يتمكن أحد من اسعافهم أو سحبهم".
وأضافت: "بعد ذلك عمد أحد جنود الاحتلال الذي كان يقف عند مدخل المستشفى إلى تسليط الطائرة على وجوه الجميع، للتأكد من هوياتهم، وكان يتحكم بها عبر لوح الكتروني كان بيده، وكل من يتحرك في هذه اللحظات يتم إطلاق النار عليه دون رحمة".
وتابعت: "طلب جنود الاحتلال من أحد الشبان الموجودين بنزع كاميرا مراقبة كانت مثبتة على أحد جدران المستشفى، ولكنه لم يتمكن من ذلك، فما كان من جنود الاحتلال إلا وأن أطلقوا عليه النار فورا وأردوه في الحال، وتكررت هذه الجريمة حين طلب الاحتلال من أحد الموجودين النهوض والتحرك يمينا باتجاه أحد الممرات، وعندما هم بالنهوض من مكانه والسير وفق ما قيل له، أطلق جنود الاحتلال النار عليه وقتلوه في الحال".
ممرض ينهار باكياً وهو يصف ما عاشه هو وزملائه في المستشفى الإندونيسي من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي!! pic.twitter.com/gKK8ytxO6R — هدى نعيم Huda Naim (@HuDa_NaIm92) November 24, 2023
في هذا التوقيت طلب جنود الاحتلال من الموجودين الاصطفاف في طابورين واحد للرجال وآخر للنساء، وبعد ذلك طلبوا من الرجال السير خارج القسم نحو الساحة الخارجية، وحين خرجوا، قالت حجازي: "سمعنا إطلاق النار، وصوت صراخهم في الخارج ، واتضح لاحقا أن معظمهم اما جرى اعتقاله أو قتله في المكان".
تنكيل وقتل أحد الجرحى
"في هذه الأثناء، طلب جنود الاحتلال من جريح يدعي "أبو الأمير" أن يلوح بيده، وحين تعرفوا عليه، انهالوا عليه بالضرب المبرح، خصوصا على قدميه الماصبتان بكسور وجروح، وبدأوا بسحبه على الأرض ممسكين بأسياخ المعدن "البلاتين" التي زرعت له لتثبيت كسور القدمين، في مشهد بشع وفظيع". والحديث للشاهدة.
وأضافت: "سحبوه نحو الخارج وواصلوا ضربه بعنف، وكنا نسمح صراخه، وبعد ذلك سمعنا إطلاق نار، وهدأ الصراخ، حينها علمنا أنهم أعدموه بدم بارد".
وأكدت حجازي أن هذ الحال "استمر حتى الساعة الخامسة من فجر الجمعة، أي قبل ساعتين فقط من دخول إطلاق النار حيز التنفيذ، وعقب ذلك انسحبت الدبابات من المكان، تاركة خلفها دمارا واسعا في المستشفى، وخسائر فادحة في الأرواح".
وأشارت إلى أنه "حين بدأ النهار بالبزوغ، خرج من تبقى أحياء من قسم الاستقبال في المستشفى إلى الساحة الخارجية، لنكتشف مجرزة مروعة ارتكبها الاحتلال،(..) عشرات من جثث الشهداء كانت ملقاة في الخارج وعليها آثار إطلاق نار، وكان بعض هؤلاء ما زال ينزف، فيما وجدنا رجلين مسنين مقيدين بالحبال".
وختمت حجاز شهاداتها لعربي21 بالإشارة إلى أنه "بعد بدء سريان الهدنة توافد الناس صوب المستشفى وبدأوا بالبحث عن ناجين، ليتبين أن معظم من وجودوا كان جرحى واستشهدوا بعد أن تركوا ينزفون، وجرى نقلهم إلى جانب عشرات الجثث التي تكدست في المستشفى على مدار أيام دون أن يتمكن ذووهم أو الطواقم المختصة من دفنهم بفعل ضراوة القصف".
تغطية صحفية: جانب من الجرائم التي ارتكبها جيش الاحتلال في المستشفى الإندونيسي شمال غزة طوال أيام pic.twitter.com/9M7fBgDu5N — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) November 24, 2023 عاجل⚠️: اكتشاف عدد هائل من جثث الشهداء الفلسطينيين خارج المستشفى الإندونيسي!
https://t.co/ZmHBrdbIru — Dr.Sam Youssef Ph.D.,M.Sc.,DPT. (@drhossamsamy65) November 24, 2023
وكشفت الهدنة الإنسانية الراهنة عن حجم الدمار الذي طال العديد من غرف المرضى والأقسام جراء القصف المدفعي وإطلاق النيران على المستشفى.
وتزعم دولة الاحتلال أنه توجد في مستشفيات بغزة مقرات لقيادة حركة "حماس" بالإضافة إلى أنفاق تحت الأرض تحتجز فيها الحركة أسرى إسرائيليين. وهو ما نفته "حماس" والطواقم الطبية.
وقال مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية منير البرش في تصريحات سابقة، إن "جيش الاحتلال استهدف المستشفى الإندونيسي ودمر غرفة العمليات ومركز غسيل الكلى والعديد من سيارات الإسعاف".
البرش أضاف أن "الجيش دخل غرفة المصابين وقتل 12 فلسطينيا، كما قصف مداخل ومخارج المستشفى".
ويشن الاحتلال حربا مدمرة على غزة قتلت حتى الآن أكثر من 15 ألف فلسطيني، بينهم 6150 طفلا وما يزيد على 4 آلاف امرأة، وتسبب في دمار هائل في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية وأممية.
وبوساطة قطرية مصرية أمريكية، بدأت في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري هدنة إنسانية استمرت 4 أيام، وأُعلن مساء الاثنين تمديدها يومين إضافيين، ومن بين بنودها وقف مؤقت لإطلاق النار، وتبادل أسرى، وإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة، حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتلال غزة الفلسطينيين مجازر فلسطين غزة الاحتلال مجازر المستشفي الاندونيسي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المستشفى الإندونیسی جنود الاحتلال قوات الاحتلال فی المستشفى إطلاق النار الاحتلال من فی المکان العدید من بعد أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
حماس توافق على مقترح أمريكي لوقف النار لمدة 60 يوما والإفراج عن 10 أسرى للعدو وإدخال المساعدات
الثورة / متابعات
ارتكب جيش الاحتلال «الإسرائيلي» أمس مجزرة مروعة استهدفت مدرسة تؤوي نازحين ومنزلا لعائلة فلسطينية في قطاع غزة خلفت عشرات الشهداء والجرحى.
وقالت مصادر طبية في غزة أن 36 شخصا استشهدوا إثر قصف صهيوني استهدف فجر أمس مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة وسط قطاع غزة. بينهم 6 نساء و18 طفال وفقا لمكتب أعلام غزة.
ووصلت جثث عدد من الشهداء، إلى مستشفيي المعمداني والشفاء، بينما نقل الجرحى لتلقي العلاج وسط ظروف صحية صعبة.
وتم انتشال جثامين 19 شهيدا في جريمة أخرى للاحتلال استهدفت منزلا لعائلة فلسطينية في جباليا البلد شمالي قطاع غزة.
وأوضحت وزارة الصحة في التقرير الإحصائي اليومي، أنه وصل مستشفيات قطاع غزة 38 شهيدا (منهم 1شهيد انتشال)، و169 إصابة خلال 24 ساعة الماضية، مشيرة إلى أن الإحصائية لا تشمل مستشفيات محافظة شمال قطاع غزة لصعوبة الوصول إليها.
وقالت إن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025 بلغت (3.822 شهيدا، 10.925 إصابة).
وأضافت: لازال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
يأتي ذلك فيما أصدر جيش الاحتلال أمس إنذارا للمواطنين للإخلاء «الفوري» لمحافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وقال إنه يشن هجوما «غير مسبوق» في المنطقة.
ودعا السكان إلى التوجه نحو منطقة المواصي غربا، ليوسّع بذلك عمليات التهجير في القطاع، الذي يخضع أكثر من 80% من مساحته لأوامر إخلاء منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقا للأمم المتحدة.
في غضون ذلك، أعلن جيش الاحتلال إطلاق 3 صواريخ من جنوب قطاع غزة باتجاه مناطق غلاف القطاع.
وأوضح أنه تم اعتراض أحد الصواريخ قبل أن يخترق المجال الجوي للمناطق المتاخمة، مضيفًا أن 8 صواريخ أُطلقت من غزة خلال الأسبوع.
سياسيًا، أكدت قناة الأقصى التابعة لحركة «حماس»، أمس، أن حركة حماس وافقت على مقترح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأوضحت قناة الأقصى نقلا عن مصدر خاص، أن «حماس وافقت على مقترح ويتكوف الذي يؤكد على وقف إطلاق النار الدائم في قطاع غزة».
وفي نفس السياق، أكدت وكالة «رويترز»، أن حماس وافقت على مقترح يتضمن إطلاق سراح 10 رهائن على دفعتين خلال 60 يوما من وقف إطلاق النار.
وتشمل صيفة الاتفاق، وقفا لإطلاق النار لمدة 60 يوما والإفراج عن 10 أسرى على دفعتين وجثث مقابل أسرى فلسطينيين، حيث سيتم الإفراج عن 5 أسرى إسرائيليين في اليوم الأول من الاتفاق والإفراج عن 5 آخرين في اليوم الـ60.
ويشمل الاتفاق -حسب المصادر- ضمان إدخال المساعدات الإنسانية بشكل غير مشروط من اليوم الأول، وفق البرتوكول الإنساني، بضمان أميركا والوسطاء. وأضافت المصادر أن المبعوث الأميركي نقل الاتفاق إلى الحكومة الإسرائيلية، وبانتظار ردها النهائي عليه.
ونقلت الجزيرة عن مصدر مقرب من حماس، أن الاتفاق يشمل إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كامل، بواقع ألف شاحنة يوميًا، وانسحاب قوات الاحتلال من المناطق الشرقية والشمالية والجنوبية لقطاع غزة في اليوم الخامس من بدء سريان التهدئة.
وأضاف المصدر من حماس أن هناك تعهدا أمريكيا بقيادة مفاوضات جادة تفضي إلى وقف شامل للحرب، وضمان عدم العودة إلى العمليات العسكرية في حال تعثرت المفاوضات خلال فترة التهدئة.
وكشف الرئيس الأمريكي في وقت سابق أن إدارته تجري اتصالات مع إسرائيل حول وقف الحرب في غزة، وتوقع حصول أخبار سارة «مع حركة حماس».
وقال ترامب إن الحديث جار مع» إسرائيل» بشأن إمكانية إنهاء الحرب بغزة في أقرب وقت ممكن، لافتا إلى أنه يعتقد أنه قد تكون هناك أخبار سارة فيما يخص التفاوض مع حماس بشأن وقف إطلاق النار.