موقع 24:
2024-06-20@15:57:37 GMT

هذا ما يقول به تاريخ الصراع

تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT

هذا ما يقول به تاريخ الصراع

عندما أحرز العرب نصر أكتوبر (تشرين الأول) 1973، كان حزب العمل هو الذي يحكم في تل أبيب، وكانت غولدا مائير على رأس الحكومة، وكان موشي ديان على رأس وزارة الدفاع، وكان ديفيد أليعازر على رأس رئاسة أركان الجيش، وكان إيلي زعيرا على رأس المخابرات العسكرية.

وحين وضعت الحرب أوزارها في تلك السنة، ذهب الأربعة إلى لجنة أغرانات الشهيرة، ووقفوا أمامها كما يقف المتهم أمام العدالة، وراحت اللجنة تسألهم وتُسائلهم جميعاً، وخرجوا منها مُدانين أمام الإسرائيليين، قبل أن تدينهم هي وتضع مسؤولية الهزيمة التي لحقت بإسرائيل في رقبة كل واحد فيهم، وبغير أن تستثني منهم أحداً.


وكان لا بد أن تذهب غولدا مائير عن رئاسة الحكومة، فذهبت بالفعل وقدمت استقالتها في 1974. ومن بعدها جاء إسحاق رابين رئيساً لحكومة العمل نفسها، ولم يحدث أن قاد عملية للسلام وقتها، رغم اشتهاره لاحقاً بجنوحه إلى السلم، ورغم الحديث الدائم عن أن اغتياله في 1995 كان بسبب إيمانه بالسلام وسعيه في طريقه عن يقين فيه.
ولما خرج رابين من الحكم خرج معه العمل، وجاء في مكانه الليكود بزعامة مناحم بيغن، الذي عمل مع السادات إلى أن جرى توقيع معاهدة السلام المصرية  الإسرائيلية.
وإذا جربت أن تقارن بين المبادئ السياسية التي يؤمن بها كل حزب منهما ويتبعها في مقاعد الحكم، سترى أن الليكود أكثر تشدداً من العمل، الذي يبدو في سياساته أميل ما يكون إلى الاعتدال، وإن كان مفهوم الاعتدال في هذا السياق يظل نسبياً، لأن ما يراه العمل اعتدالاً في السياسات المتبَعة من جانبه تجاه الفلسطينيين بالذات، وتجاه بقية العرب في أنحاء الإقليم، يمكن ألا يكون اعتدالاً في نظر كثيرين في المنطقة.
ومع ذلك، فالحزب الذي تابع مفاوضات كامب ديفيد مع القاهرة في 1978، والذي وضع توقيعه على معاهدة السلام في السنة التالية، كان الليكود لا العمل، وكانت هذه مفارقة في حد ذاتها، لأن المنطق يقول العكس.
ولكن بقليل من التأمل تكتشف أنه لا مفارقة في الموضوع، لأن الليكود المتشدد يظل محل ثقة الإسرائيليين إذا دخل في أي مفاوضات مع أي طرف فلسطيني أو عربي، ومصدر الثقة في نظر مواطنيه أن تشدده سيمنعه من تقديم تنازلات، ولكن العكس وارد في حالة حزب العمل، لأن اعتداله المفترض سيجعله مهيأً لأن يقدم تنازلات عند التفاوض.
ومع شيء من التعديل في هذه المعادلة، هل يمكن أن يتكرر هذا في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، قياساً على ما جرى في تلك الأيام بين تل أبيب والقاهرة على يد الليكود؟
أما دواعي التعديل فهي أن التغيير إذا وقع في صيغة الحكم الحالية لليكود، فسيكون بذهاب بنيامين نتانياهو وحده، لا ذهاب الليكود كله عن الحكم، لأن المشكلة فيه هو بالأساس، وليست في الليكود صيغة تحالف حاكمة، ولأنه إذا كان لحكومة أن تقود عملية سلام تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، في مرحلة ما بعد الحرب على غزة، فالغالب أن تكون حكومة ليكودية، حتى لا تلاحقها الاتهامات بتقديم التنازلات.
صحيح أن في حكومة نتانياهو سياسيين أشد تطرفاً منه تجاه قضية فلسطين، وفي المقدمة منهم إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، وبتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، ولكن الحصة الكبرى من مقاعد الكنيست، حسب آخر انتخابات، هي في ميزان الليكود بصفته الكتلة الكبرى في الائتلاف الحاكم، وليست الحصة الكبرى في حزب بتسلئيل ولا في ميزان بن غفير.
ومما نتابعه في سماء الأجواء السياسية الأميركية والإسرائيلية معاً، نستطيع أن نرصد فيها تلميحات إلى أن ذهاب نتنياهو مسألة وقت، وأن إخفاقه في مواجهة هجوم السابع من أكتوبر، ثم إخفاقه في تحقيق شيء من وراء الحرب على غزة، يرشحانه بقوة للذهاب الذي لا يوجد له بديل.
وفي الفترة السابقة على نصر أكتوبر، كان مسؤولون مصريون يلتقون هنري كيسنجر، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون، وكانوا يسألونه أن تساعد إدارة نيكسون في انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في  ي5ونيو (حزيران) 1967، وكان هو يرد بما معناه أن الطرف الخاسر لا يمكنه أن يتحدث بلغة المنتصر!
فلما تحقق النصر كان هو أول الذين انخرطوا في عملية السلام التي بدأت من بعد النصر، ولم يكن قبلها يُبدي استعداده لأي انخراط من هذا النوع. وبالقياس، فإن غزة تظل من بعد الحرب عليها منتصرة، حتى ولو كان عدد شهدائها 15 ألفاً، وحتى ولو كانت نسبة كبيرة من منشآتها وبيوتها لا توجد فيها طوبة فوق طوبة. ففي بيان له يوم 26 من هذا الشهر ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أن 40 ألف طن ألقاها الإسرائيليون على القطاع خلال 49 يوماً دامت فيها الحرب، وأن تقديرات الخسارة تصل إلى 12 مليار دولار.
غزة منتصرة بالمعنى الأشمل للنصر رغم هذا كله، وانتصارها هو انتصار لكل فلسطيني فيها، أو في الضفة الغربية، أو في غيرهما، وإذا تطلعنا إلى وقت مناسب لبدء تحرك جاد نحو السلام، ومحرِّض عليه، ومشجع له، فهو هذا الوقت الذي انتصرت فيه غزة، وأرغمت تل أبيب على أن تخضع لهدنة.
غزة منتصرة رغم جراحها التي تكفي العالم لو توزَّعت عليه، ولأنها منتصرة فانتصارها يُغري بالذهاب إلى تسوية تقود إلى الدولة الفلسطينية المستقلة، وليس أنسب من «الليكود» ليشارك في صناعة هذه التسوية، لأن له سابقة وربما سوابق في هذا السبيل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل على رأس

إقرأ أيضاً:

صحيفة إسرائيلية تكشف خطة نتنياهو السرية للبقاء في السلطة

سلط صحفي إسرائيلي الضوء على طموحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتأجيل الانتخابات الإسرائيلية المقررة عام 2026 من خلال تغييرات داخلية ستغير وجه إسرائيل، والتعويل على تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة. وجاءت هذه المقابلة من خلال حوار نشرته صحيفة معاريف على موقعها الإلكتروني مع شخصية تنتمي لحزب الليكود، وعملت مع نتنياهو في وقت سابق.

ولم يسّم الصحفي نير كيبنيس هذه الشخصية، ولكنه وصفها بصيغة قال فيها إنه "من الليكوديين المخضرمين حتى الجذور، والذي دفع في الماضي ثمنا إعلاميا بسبب انتمائه السياسي". وهو شخص "كان مستشارًا، وعمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء، عندما كان لا يزال هناك أشخاص حول نتنياهو موالون للمملكة (إسرائيل) وليس فقط للملك (يقصد نتنياهو)".

تأجيل الانتخابات

بدأ الرجل حديثه للصحفي بقوله إن نتنياهو "سيبقى رئيسا للوزراء لمدة 5 سنوات أخرى على الأقل"، وفي حين ظن الصحفي أن هذا المستشار السابق يبالغ، فعاجله بالتعليق "أو 5 أشهر، أيهما يأتي أولا"، فأجابه عضو الليكود "أنت لا تفهم، هذه الحرب لن تنتهي ما دام خطر الانتخابات يحوم في خلفية الأحداث".

وعندما سأله الصحفي: "هل تراهنون على إجراء الانتخابات في موعدها عام 2026؟"، مشيرا إلى عدم إمكانية تأجيلها، أجابه المستشار السابق: "أنت ساذج.. إن تأجيل انتخابات السلطة المحلية، الذي بدا وكأنه عمل فني، كان هو البداية". وذلك في إشارة إلى تأجيل انتخابات السلطات المحلية والبلديات لمرتين، والتي كانت مقررة يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين أجريت في فبراير/شباط الماضي.

وعندما واجهه الصحفي بأن "هناك قانونا، وهناك محكمة عدل عليا، وهناك عوامل لن تسمح بحدوث ذلك"، كانت إجابة المستشار السابق أن "شرعيتهم أصبحت موضع شك بالفعل، والشرطة لن تطبق القانون (يقصد بسبب خضوعهم لأوامر إيتمار بن غفير)، أما الجهات الأخرى التي قد تتمرد (يقصد المسار الذي يريد نتنياهو السير فيه)، فستدرك أن الإصرار على تطبيق القانون يعني مواجهة عنيفة مع جهاز الأمن الداخلي، الذي يخضع الآن للتعديل بحيث يصبح مواليا للسلطة" وأضاف أن "دولة إسرائيل وقوانينها ستخضع للخط السياسي المهيمن حاليا على الحكومة".

وأوضح عضو الليكود أن "ما يحدث الآن في الشرطة ليس سوى البداية. وقريبا سينتهي جميع رؤساء الأجهزة الأمنية من واجباتهم، سواء الجيش الإسرائيلي، أو الموساد، أو الشاباك، ولن يعيّن (يقصد نتنياهو) إلا من يكون مخلصًا له في جميع الأحوال".

وأضافت الشخصية الليكودية أن لنتنياهو هدفين: أولاهما جر الصراع في الشمال إلى مرحلة الغليان، والثاني هو التشاجر مع بايدن وخدمة ترامب. وأن ترامب -في المقابل- بعد أن يصل للسلطة سيمنح نتنياهو حرية القيام بحرب شاملة مع لبنان، وهي حرب ستستمر لمدة طويلة وبالتالي ستؤدي إلى منع أي احتمال لإجراء الانتخابات. ويعقب كل ذلك استكمال عملية الاستيلاء على الأنظمة الداخلية، بحيث سيسمحون لنتنياهو بتأجيل الانتخابات، طالما رافقه شعور بأنه يتمتع بصحة جيدة تؤهله للبقاء في السلطة".

التعويل على ترامب

بعيدا عن الحوار الذي أجراه مع الشخصية التي تنتمي لحزب الليكود، فقد أضاف الصحفي نير كيبنيس تحليله على ما يجري من أحداث، وقام بإسقاط المعطيات التي استمدها من الحوار مع الشخصية الليكودية على تصرفات نتنياهو في أزمة قانون الحريديم وقانون الحاخامات الذي أجّل بحثه بسبب المعارضة له داخل الليكود.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) يعول على فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة (رويترز)

الأمر الذي دفع الصحفي كيبنيس لتأكيد أن نتنياهو يعمل على تكريس كل مهاراته واهتماماته لضمان استمرارية ولايته، معتبرا أن "الهدف الأقرب الآن هو نوفمبر/تشرين الثاني (الانتخابات الأميركية) وتأجيل أي تهديد داخلي إلى ذلك الحين، سواء كان ذلك: منع تقديم موعد الانتخابات، أو تشكيل لجنة تحقيق حكومية، بالإضافة للحفاظ على القوانين التي تهدف إلى خدمة حلفائه في التحالف".

ويوضح الصحفي -في مقاله بمعاريف- أنه "إذا نجح الرهان، فكل ما عليه أن يفعله الآن هو إنهاء الدورة الصيفية للكنيست بسلام".

وهنا يتحدث الصحفي عن سيناريو يراه مروعا، وقد يؤدي لنهاية العالم (يقصد إسرائيل) حسب قوله، ويضيف أن "هذه الحرب مريرة وطويلة الأمد، حتى ندرك جميعا أنه من المستحيل إجراء انتخابات أو إجراء لجنة تحقيق تحت النار، ومن لا يفهم سيجد أمامه قوة من الشرطة، التي ستتحول من محاربة الجريمة إلى وحدة لقمع التظاهرات".

ويختم الصحفي نير كيبنيس مقاله بالقول "الوحيدون الذين يمكنهم على ما يبدو منع مثل هذا السيناريو هم أعضاء الكنيست من حزب الليكود وأحزاب الائتلاف".

مقالات مشابهة

  • الكشف عن خطة النتن ياهو السرية للبقاء في السلطة
  • أزمة ثقة تعصف بالائتلاف الحكومي الإسرائيلي
  • أزمة ثقة تعصف بالإئتلاف الحكومي الاسرائيلي
  • صحيفة إسرائيلية تكشف خطة نتنياهو السرية للبقاء في السلطة
  • مطالبات بإخضاع الوزراء لاختبارات كشف الكذب.. بيانات لاذعة بين حزبي نتانياهو وبن غفير
  • نتنياهو لبن غفير: أثبتوا أنكم لا تقومون بتسريب أسرار الدولة
  • كواشنيفسكي يكشف للمخادعين فوفان وليكسوس ما الذي سيحسم الصراع في أوكرانيا
  • حزب الله ينشر لقطات مراقبة جوية يقول إنها لمواقع حيوية في حيفا تزامنًا مع زيارة هوكشتاين إلى لبنان
  • محللون: نتنياهو انفرد بالقرار الإستراتيجي لكن خلافه مع الجيش يتسع
  • هل يؤثر قرار «نتنياهو» بحل مجلس الحرب على الصراع في غزة؟