ما حصلَ على أرض جنوب لبنان من معارك استمرّت لنحو شهرين بين "حزب الله" وإسرائيل اعتباراً من 8 تشرين الأول الماضي إثر عملية "طوفان الأقصى" الفلسطينيّة، بات يستدعي مراجعة ذاتية من قبل الحزب لعلاقته مع حركة "حماس" وتقييمها بشكلٍ فعلي.    صحيحٌ أن الحزب أعلن صراحة مُساندته للحركة في معركتها ضد إسرائيل في قطاع غزة، لكنّ ذلك لا يعني الهروب من تقييم المسؤوليات والمواقف التي صدرت طيلة فترة الحرب التي بدأت يوم 7 تشرين الأول وتستمر عسكرياً حتى الآن وسط إنهيار الهُدنة الإنسانية صباح اليوم الجمعة بعد استمرارها لأسبوع اعتباراً من يوم 24 تشرين الثاني الماضي.

  اليوم، بات مطلوباً من الحزب أكثر من أي وقتٍ مضى الإلتفات إلى مضمون ما قدمته "حماس" بشأنه خصوصاً الإنتقادات التي طالته، والمسألة هذه ساهمت في طرح تساؤلاتٍ في أوساط البيئة الشيعية عن مدى تأثير الحركة على قرار الحزب ومطالبته بالإندماج في حربٍ ليس على علمٍ بها مثلما حصل يوم 7 تشرين الأول الماضي.    4 نقاط أساسية    فعلياً، في حال وافق الحزب على خيار "حماس" بفتح حربٍ شاملة ضد إسرائيل عقب معركة "طوفان الأقصى"، لكانت خارطة محور المقاومة قد تبدّلت تماماً وباتت "حماس" هي الآمر الناهي فيها، وبالتالي ستتبوأ قيادة الجبهات. المسألة هذه ستقلب الموازين بالنسبة للحزب.. فهل كانت ستتحقق فعلاً؟    بشكلٍ أو بآخر، قد تكون الإجابة على التساؤل الأخير هي "لا"، والأسباب وراء ذلك عديدة وهي:    أولاً: الحزبُ يعتبر قوة إقليمية أكثر من "حماس"، وبالتالي إنجراره لأي مُخطط تضعه الأخيرة سيجعلهُ "ملحقاً" بها، وقد يرتدّ هذا الأمر سلباً عليه.    ثانياً: يُعتبر "حزب الله" القوة الأكبر على صعيد محور المقاومة، وبالتالي فإن تأثيره يطغى على "حماس" سواء في لبنان أو على الداخل الإسرائيلي وحتى في سوريا.    ثالثاً: لا يمكن لإيران أن تُمهد الطريق أمام "حماس" لسيادة محور المقاومة طالما أن الحزب موجود، فموازين القوى تختلف، كما أن واقع الميدان يفرض نفسهُ على المعادلة، سواء في غزة أو في جنوب لبنان.    رابعاً: القوّة العسكريّة التي يتميز بها "حزب الله" تفوق "حماس" بأضعافٍ وأضعاف. الأمرُ هذا يعترفُ به المحللون الإسرائيليون، وبالتالي سيكون من غير المنطقي أن يكون الحزبُ تابعاً لـ"حماس" من ناحية القرار.    إذاً.. ماذا عن مستقبل العلاقة بين الطرفين؟    ما فعله الحزب خلال عملية طوفان الأقصى هي أنه فصلَ نفسه عمّا يجري في الداخل الفلسطيني، بمعنى أنه لم يتبنّ ما قامت به "حماس"، لكنه في الوقت نفسه أعلنَ مُساندتها. ما حصل كان بديهياً ومطلوباً كون الطرفين ينتميان إلى ذات المحور ولديهما القضية نفسها، لكن آليات التحرك ستختلف حُكماً.     أمام ما حصل، يمكن أن تكون الحرب الأخيرة مُقدمة لإعادة رسم علاقة "حماس" مع الحزب وتحديد حيثيات الإرتباط التي تجمعهما، والنقطة الأكثر بروزاً والتي تستوجب معالجة هي التالي: هل ستكون أي حرب مقبلة جامعة للطرفين في خندق واحد أم أن مبدأ المساندة سيتحقق مُجدداً؟     السؤال المطروح يحتمل إجابتين: أولاً، في حال كانت أي حربٍ متفق عليها بين أطراف محور المقاومة، عندها ستتبدل التوازنات وستكون هناك حسابات أخرى. المسألة عندها لم تعد محصورة بطرفٍ محدد بل ستكون شاملة لأطراف عديدة ستشارك في القتال ضد إسرائيل. ثانياً، في حال كانت الحربُ موازية لما حصل مع عملية "طوفان الأقصى"، أي أنها كانت فُجائية ومحصورة بطرفٍ واحد، فعندها ستكون الجهة التي باشرت بها هي المسؤولة عنها، وبالتالي سيكون الإرتباط بين أي جبهتين غير مُلزم، لكن المساندة أساسية.     المسائل هذه تُعتبر مهمّة لمقاربة مستقبل علاقة "الحزب" مع "حماس" والتي تحتاجُ إلى تدقيق كبير. ورغم ذلك، فإنّ التنسيق قائم وثابت، لكن بعض الإختلافات الجوهرية تستحقّ المعالجة من أجل إبراز مسؤولية كل طرفٍ تجاه الآخر. الأمر الأكثر أهمية هو أن "حزب الله"، ورغم متانة علاقته مع "حماس" وبمعزلٍ عن الإنتقادات التي طالته منها، لن يكون بمقدوره التضحية بقوته في سبيلها، كما أنه لن ينخرط في حربٍ تُملى عليه. النقطة هنا لا تعني أن الحزب مُنسلخ عن "حماس"، لكن الأول يعمل وفقاً لأجندته الخاصة ومراعاته لمسألة الداخل اللبناني وتجنبيه الحرب هو العامل الأكثر أهمية بالنسبة له.    في محصلة القول، ما يجب انتظارهُ هو ما قد يحصل لاحقاً بين الطرفين وعمّا إذا كان الحزب سينفذ وعوده السابقة بالرد على إسرائيل في حال استهدافها أي مسؤول في "حماس" داخل لبنان.. فهل سيُطبق ما قاله حرفياً؟ وهل سيتخذ مثل هذا القرار بعد عملية "طوفان الأقصى"  التي غيرت الكثير من المعادلات العسكرية؟  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: محور المقاومة طوفان الأقصى حزب الله ما حصل فی حال

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟

رغم مرور 22 شهرا على الحرب، فإن إسرائيل صعّدت على المستويين السياسي والعسكري من نبرة تهديدها لقطاع غزة، بعد تمسك المقاومة بمطالبها لإبرام صفقة تفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وفي وقت كثفت فيه المقاومة عملياتها وكمائنها المركبة على الأرض، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي دفرين إن المؤسسة العسكرية ستقدم خططا للمستوى السياسي لاستمرار القتال في غزة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن العملية العسكرية في غزة ستنتقل إلى مرحلة "أكثر تصعيدا إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الجيش سيعمل على إيجاد "تهديد عسكري حقيقي في مناطق معينة، أملا أن يدفع ذلك نحو التوصل إلى صفقة جزئية".

وأشارت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن التنسيق يجري حاليا وراء الكواليس بين إسرائيل والولايات المتحدة بهدف زيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

مأزق مزدوج

ويخفي هذا التوجه الجديد مأزقا سياسيا وعسكريا إسرائيليا في قطاع غزة يترجم بتعميق التجويع وزيادة وتيرة القتل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى.

وحسب حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"، فإنه لا يوجد في جعبة جيش الاحتلال من الناحية الإستراتيجية ما يمكن استخدامه لإجبار حركة حماس على القبول بالشروط الإسرائيلية في المفاوضات.

وشكلت عملية "عربات جدعون" -التي أطلقها جيش الاحتلال في مايو/أيار الماضي- أقصى تهديد عسكري حقيقي لحماس، إذ كانت ذروة عمليات جيش الاحتلال خلال الحرب، التي ينظر إليها المجتمع الإسرائيلي بأنها أصبحت عبثية.

واستبعد الباحث في الشؤون السياسية سعيد زياد نجاح إسرائيل في إخضاع المقاومة عبر أي تهديد عسكري جديد، مستدلا بالكمائن ضد جيش الاحتلال في بيت حانون شمالا ورفح جنوبا.

وحسب زياد، فإن استمرار سقوط القتلى والجرحى الإسرائيليين في رفح وبيت حانون "دلالة راسخة على استعصاء العمل العسكري في هزيمة قطاع غزة".

إعلان

وبناء على ذلك، فإن انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الكبرى قاب قوسين أو أدنى، في حين يبقى الهدف الإسرائيلي الأسمى تصفية القضية الفلسطينية عبر رفع شعار القضاء على المقاومة ونزع سلاحها وفرض حكم عسكري على القطاع ثم تهجير سكانه.

ضوء أخضر أميركي

لكن المقاومة بدأت قراءة المتغيرات الميدانية، بعدما بات جيش الاحتلال يميل للاندفاع أكثر بما يحقق له احتلالا مباشرا للأرض وفرض حصار مطبق، كما يقول الخبير العسكري أحمد الشريفي.

وتحاول إسرائيل فرض واقعين على المقاومة الأول: "تفاوض تحت النار"، والآخر: "تفاوض تحت الحصار" عبر عمليات استطلاع متقدم -حسب الشريفي- ضمن هدف لم يعد تكتيكيا، وإنما في إطار إستراتيجية إدارة الأزمة.

وبناء على هذا الوضع الميداني، بات واضحا ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة إثر تغير في الأهداف تبناه جيش الاحتلال، الذي يريد السيطرة على محاور متعددة لإسكات قدرة حماس على المشاغلة والمواجهة.

لكن استهداف المقاومة وحدات الاستطلاع يعني أنها "لم تؤمّن قاعدة بيانات وبنك أهداف جديدا"، مرجحا إطاحة عمليات المقاومة بإستراتيجية إسرائيل القائمة على الاحتلال والحصار.

وأعرب الشريفي عن قناعته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لإنعاش جيش الاحتلال -الذي يعاني ضعفا وانهيار معنويا- من قبل الولايات المتحدة لإدامة زخم المعركة حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية والأميركية في غزة.

في المقابل، رأى المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو في الهجمات الفلسطينية على القوات الإسرائيلية أنها بمنزلة "تقوية لحكومة بنيامين نتنياهو"، إذ تظهر أن هناك حربا لم تنتهِ، وضرورة القضاء على حماس وطرد قياداتها إلى الخارج.

وحسب فرانكو، فإن حماس تريد تجميع عناصرها وترتيب صفوفها والعودة إلى الحرب، مرجحا في نهاية المطاف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع ضمانات أمنية إسرائيلية.

وكان ترامب قال -في أحدث تصريحاته- إنه "لا يعلم ما الذي سيحدث في غزة"، مطالبا إسرائيل باتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، في حين قال نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة- إنه سيواصل التفاوض ويتقدم في القتال من أجل القضاء على حماس وتحرير الأسرى.

مقالات مشابهة

  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 30 يوليو
  • مسير ومناورة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” للمكاتب التنفيذية في تعز
  • حزب الله يقترب من كارثة كبيرة!
  • الفظائع التي لن ينساها التاريخ
  • الذكاء الاصطناعي 2025: ملامح حياة يعاد تشكيل مستقبلها
  • تطورات "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة 29 يوليو
  • ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
  • تدّشين المرحلة الثالثة من دورات التعبئة في وزارة الكهرباء والمياه
  • ماذا حدث في سعر الذهب والدولار اليوم؟
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟