التطهير العرقي الهدف المركزي للعدوان
تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT
التطهير العرقي الهدف المركزي للعدوان
كم من آلاف الأطفال يجب أن يموتوا قبل أن تستيقظ ضمائر من تقاعسوا ويتقاعسون عن القيام بواجبهم الإنساني، والقومي والديني؟
أعضاء في مجلس الحرب الإسرائيلي، مثل غانتس وغالانت وايزنكوت، يعتبرون مخطّط نتنياهو لتهجير أهل غزة خيالياً وغير واقعي، وإن كانوا يتمنّون حدوثه.
لن يرحل الفلسطينيون لأنهم جرّبوا الرحيل القسري في 1948، وذاقوا مرارة اللجوء ويعرفون أنهم إن غادروا وطنهم وتركوا غزّة، فلن يُسمح لهم بالعودة أبدا.
لن يكسر الاحتلال إرادة الشعب الفلسطيني، ولا صموده، ولن ينجح في تحقيق التهجير والتطهير العرقي لكن الفلسطينيين يدفعون، بدمائهم ودماء أطفالهم، ثمن هذا الصمود.
* * *
جدّدت حكومة الاحتلال الإسرائيلية عدوانها الهمجي على قطاع غزّة، وشمل قصف طائراتها ومدفعيتها ودباباتها جميع مناطق قطاع غزّة من رفح جنوباً إلى أقصى الشمال.
ويسعى جيش الاحتلال إلى معالجة فشله بعد 50 يوماً من حربه، بمحاولة جديدة لكسر المقاومة في شمال غزّة ومدينتها، وبسط سيطرته التي فشل في تحقيقها، رغم شراسة قصفه وهجماته، والأهم محاولة تهجير سكّان تلك المناطق الصامدين إلى جنوب غزّة عبر إرهاب القصف الوحشي.
ولا يخفي الاحتلال أهدافه إذ ألقت طائراته مناشير على سكّان مناطق القرارة وخزاعة وعبسان في محافظة خانيونس، تطالبهم فيها بالرحيل إلى منطقة رفح، أي نحو الحدود المصرية، ومهدّدة بأن خانيونس أصبحت منطقة خطرة.
إذن، الهدف تهجير الشمال إلى الجنوب، ومن ثم تهجير كل سكّان الجنوب نحو منطقة رفح والحدود المصرية، على أمل إحداث ضغط بشري لكسر الصمود الفلسطيني الباسل، والموقف المصري الثابت برفض السماح بتهجير سكان قطاع غزّة إلى صحراء سيناء المصرية.
وفضحت صحيفة "إسرائيل هيوم" المقرّبة من نتنياهو مقاصده الحقيقية، عندما تحدّثت عن خطّة التهجير هذه، وكتبت إن نتنياهو يريد "تنحيف" قطاع غزّة سكّانياً بتهجير أكبر عدد من الفلسطينيين منه.
وطرحت الصحيفة سيناريوهات إضافية للتهجير عبر معبر رفح، مثل تهجير السكّان عبر سفن كما جرى للفلسطينيين من سكّان يافا وحيفا في نكبة عام 1948، وإنْ عادت لتصف مخطّط نتنياهو بالفانتازيا السياسية، لإصطدامه بصمود الشعب الفلسطيني وإصراره على البقاء في وطنه حتى لو كان الثمن هو الموت والشهادة، وبالموقف المصري، والرفض الدولي الواسع، بما في ذلك من أطراف عديدة في الإدارة الأميركية.
وكتبت الصحيفة، أيضاً، إن أعضاء في مجلس الحرب الإسرائيلي، مثل غانتس وغالانت وايزنكوت، يعتبرون مخطّط نتنياهو خيالياً وغير واقعي، وإن يتمنّون حدوثه.
تحاول بعض وسائل الإعلام الغربية المنحازة بشكل مشين ومخزٍ لإسرائيل نفي هدف التطهير العرقي، رغم أن إسرائيل نفّذته بإجبار 80% من سكان غزّة على مغادرة منازلهم، وإجبار مئات الآلاف، بالقصف المدمّر، على الانتقال إلى الجنوب، ومن ثم إطلاق الرصاص على من حاول العودة منهم إلى مدينة غزّة وشمالها في أثناء وقف إطلاق النار المؤقت.
وتتجاهل هذه الوسائل ما أعلنه نتنياهو شخصياً، في أول أيام العدوان، إن على جميع سكان القطاع مغادرة منازلهم، وما قاله الناطق العسكري الإسرائيلي، رتشارد هيكت، بكلمات أوضح، عندما قال "على جميع سكان قطاع غزّة مغادرة منازلهم والتوجّه إلى مصر"، وهي كلمات تصدّرت عناوين صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.
لن يرحل الفلسطينيون لأنهم جرّبوا الرحيل القسري في 1948، وذاقوا مرارة اللجوء ومذلّته، ولأنهم يعرفون تماما أنهم إن غادروا وطنهم فلسطين وتركوا قطاع غزّة، فلن يُسمح لهم بالعودة أبداً.
ويمثل صمودهم البطولي تحت القصف الرهيب أسطورة بطولة لن تُنسى، لكن شرفاء العالم من أقصاه إلى أقصاه مطالبون اليوم بتجنيد كل طاقتهم لإجبار إسرائيل على وقف عدوانها الهجمي ودرء مخاطر التطهير العرقي الذي يخطّط له نتنياهو.
فاقت حصيلة اليوم الأول من تجدّد العدوان والحرب على غزة مئتي شهيد وحوالي 600 جريح، وأوقفت إسرائيل إدخال أي نوع من المساعدات إلى غزّة عبر معبر رفح، في ما يمثل عقوبات جماعية ضد 2.3 مليون إنسان في القطاع، وبطش لا يحتمل بالمستشفيات والمرافق الصحية المحرومة من الأدوية وأدوات العلاج.
ولذلك يتجدد مطلبنا لحكّام الدول العربية والإسلامية السبعة والخمسين الذين اجتمعوا في الرياض، بتشكيل قافلة مساعدات إنسانية تمثلهم جميعاً، وتدعو إلى جانبها كل المنظمّات الإنسانية الدولية، كي تخترق الحصار المفروض على معبر رفح من إسرائيل بشكل غير قانوني، فهل ستجرُؤ إسرائيل إن جرى ذلك على قصف قافلة تضم ممثلي 57 دولة سكانها يزيدون عن ملياري نسمة أو ربع سكان المعمورة؟
وبتجدّد العدوان يتجدّد المطلب المشروع من جميع الدول المطبّعة مع إسرائيل إلغاء إتفاقيات التطبيع وقطع العلاقات معها، وطرد سفرائها، وكذلك المطلب للدول العربية والإسلامية كافة بأن توجّه رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وكل دولة تؤيد استمرار العدوان وترفض تأييد الوقف الكامل والدائم لإطلاق النار، بأن مصالحها في الدول العربية والإسلامية ستتعرّض للضرر إذا استمرّت في مواقفها.
لن يكسر الاحتلال إرادة الشعب الفلسطيني، ولا صموده، ولن ينجح في تحقيق هدفه في التهجير والتطهير العرقي، ولكن الفلسطينيين يدفعون، بدمائهم ودماء أطفالهم، ثمن هذا الصمود، فكم من آلاف الأطفال يجب أن يموتوا قبل أن تستيقظ ضمائر من تقاعسوا ويتقاعسون عن القيام بواجبهم الإنساني، والقومي والديني؟
*د. مصطفى البرغوثي كاتب وناشط فلسطيني
المصدر | العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين العدوان غزة التهجير التطهير العرقي الإعلام الغربي الإبادة الجماعية المنظمات الإنسانية التطهیر العرقی قطاع غز ة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تصنّف المركزي الإيراني منظمة إرهابية.. ما التأثير والمآلات؟
أعلنت إسرائيل اليوم الأربعاء، تصنيف البنك المركزي الإيراني "منظمة إرهابية" في خطوة تقول إنها تهدف إلى وقف تمويل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المنطقة، غداة إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار بين العدوين اللدودين.
وذكر مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في بيان: "وقع كاتس أمرا خاصا يصنف البنك المركزي الإيراني، وبنكين إيرانيين إضافيين، وشركة تابعة للقوات المسلحة الإيرانية، و3 من كبار مسؤوليها منظمات وعناصر إرهابية، وذلك ضمن الحملة الأوسع التي تشنها إسرائيل على إيران".
وحسب البيان فإن "الهدف هو ضرب نظام التمويل الإرهابي التابع للنظام الإيراني الذي يموّل ويسلّح ويوجه الإرهاب في كل أنحاء الشرق الأوسط".
وتتهم إسرائيل إيران منذ أعوام بتدبير وتمويل هجمات على أهداف إسرائيلية ويهودية في أنحاء العالم، إما مباشرة وإما بمجموعات تدعمها، مثل حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن وحركة حماس الفلسطينية.
حصارويطلق الحوثيون صواريخهم على إسرائيل مستهدفين مباشرة مطار اللد (بن غوريون) وميناء حيفا، ردا على تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة، وفق قولهم.
وقال الناطق باسم القوات المسلحة التابعة للحوثيين الشهر الماضي: "ننوه إلى كافة الشركات التي لديها سفن في الميناء أو متجهة إليه، أن الميناء المذكور صار منذ ساعة إعلان هذا البيان ضمن بنك الأهداف، وعليها أخذ ما ورد في هذا البيان وما سيرد لاحقا بعين الاعتبار".
وأشار الناطق العسكري إلى أن هذا القرار يأتي بعد نجاحهم في "فرض الحصار على ميناء أم الرشراش (إيلات) وتوقفه عن العمل".
وقد أعلن الحوثيون قبلها فرض حصار جوي شامل على إسرائيل بالقصف المتكرر لمطار بن غوريون، ردا على حرب الإبادة المستمرة بحق الفلسطينيين في غزة، ومنع وصول الغذاء والدواء إليهم.
وتوصلت إيران وإسرائيل بإشراف أميركي الثلاثاء إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد 12 يوما من تبادل الضربات.
إعلان لفت الأنظاروقلل المتخصص في الشأن الإسرائيلي الدكتور أشرف البدوي من الفعالية المتوقعة للقرار، قائلا "إن هذه الخطوة تهدف إلى لفت الأنظار إلى أن هناك تمويلا من هذا البنك لجماعات في المنطقة تستهدف إسرائيل.
لكنه أشار في تعليق لـ (الجزيرة نت) إلى أن توقيت القرار بعد وقف إطلاق النار مع إيران يدل على أنها ستستمر في زعزعة استهداف إيران بطرق أخرى وهو ما أكّده رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، إن الجيش وصل إلى "نهاية فصل مهم لكن الحملة على إيران لم تنته بعد".