صحيفة الاتحاد:
2025-05-31@10:53:38 GMT

سياسات الاستدامة.. نجاح إماراتي بلا نظير

تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT

محمد المنى (أبوظبي)

أخبار ذات صلة مبادرات الإمارات تستشرف مستقبل «الاستدامة» سيلفي «كوب 28».. وثيقة تاريخية مؤتمر الأطراف «COP28» تابع التغطية كاملة

الإمارات بلد منتج ومصدّر للبترول منذ وقت طويل، وعضو فاعل في منظمة «أوبك» وطرف مؤسس في تحالف «أوبك بلس»، وبدأت أنشطة استخراج البترول فيها منذ خمسينيات القرن الماضي، ليشكل فيها النفط منطلق نهضة اقتصادية وعمرانية وصناعية وعلمية شاملة عز نظيرها، إذ بفضل الخطط الناجحة والسياسات الحكيمة أصبحت الإمارات أكثر بلد عرف كيف يوظف عائدات النفط ويحولها إلى مخرجات اقتصادية واجتماعية وثقافية وصناعية وزراعية وخدمية وبنيوية.

. على نحو يلامس سقف الحلم وحدود الخيال في مجالات البناء والإعمار والتطوير والارتقاء. 
ونجحت الإمارات في تطبيق سياسة تنويع مصادر الدخل، مستهدفةً الانتقال من اقتصاد الريع النفطي والاعتماد على عائدات قطاع البترول نحو تنويع القاعدة الاقتصادية وتعزيز القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، أي نحو تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة. وهو انتقال انخفضت خلاله تدريجياً مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، والتي مثلت نسبة 77 في المئة عام 1975، لينقلب الوضع في عام 2022 وتصبح مساهمة القطاعات غير النفطية 73.5 في المئة من الناتج المحلي.
لقد تراجع الوزن النسبي لقطاع النفط ضمن هيكل الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وذلك لصالح القطاعات الأخرى غير النفطية، والتي تحقق نمواً وازدهاراً كبيرين، مثل الصناعة التحويلية والتجارة والمقاولات والسياحة والبيئة والخدمات والبحث العلمي.. إلخ، مما يحقق مستهدفات «رؤية الإمارات 2021» حول التحول نحو اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار والإبداع كمحركين للتطور وللنمو الاقتصادي، ويعبر في الوقت ذاته عن السياسة الناجحة التي انتهجتها الدولة لتنويع مصادرها الاقتصادية، ولخلق تنمية مستدامة تضع أسساً اقتصادية راسخةً ومتينة. 
وتعد الإمارات أول بلد بدأ التخطيط مبكراً لمرحلة ما بعد النفط، وأخذ يضع الخطط والسياسات مجهِّزاً نفسَه لليوم الذي يصدِّر فيه آخر برميل نفط. وكما وجَّهت اهتماماً مبكراً نحو الطاقات المتجددة، في الداخل والخارج، وأصبحت بلداً رئيساً في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الماء، فقد أولت البيئةَ عنايةً خاصةً منذ عهد الشيخ زايد الذي نجح في تحويل الصحراء إلى جنان ومروج خضراء، واهتم بالزراعة والتشجير، وأنشأ المحميات، وعُني بحماية الأنواع الحيوانية وبالحفاظ على عناصر البيئة وموارد الطبيعة على اختلافها.. وهي الاهتمامات التي تشكل مجتمعةً ما يطلق عليه في وقتنا الحالي «الاستدامة».
وتجسيداً لهذا التاريخ الطويل من الاهتمام بالبيئة والحفاظ على سلامتها، أجمعت دول العالم في عام 2009 على اختيار أبوظبي مقراً للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، لتصبح الإمارات أول بلد شرق أوسطي يستضيف المقر الرئيس لوكالة دولية. كما تم اختيارها في عام 2021 لاستضافة «كوب 28»، إعراباً عن ثقة العالم ومنظماته في ذلك الالتزام الراسخ لدى الإمارات بحماية المناخ وفي جهودها الدؤوبة في مجال الاستدامة.

الاستدامة والطاقة النظيفة
واضطلعت دولة الإمارات على مدى العقدين الماضيين بأدوار بارزة في مجال الطاقة المتجددة من خلال تطوير مشاريعها في الداخل والخارج، حيث أنشأت في عام 2006 شركة مصدر لطاقة المستقبل (مصدر)، وأسندت إليها العمل على تطوير مشاريع الطاقة النظيفة، والتطوير العمراني المُستدام، وتعزيز الأنشطة الصديقة للبيئة كأسلوب للعيش والحفاظ على البيئة ضماناً لمستقبل بيئي آمن. وبالإضافة إلى الأبحاث والتطوير من خلال «معهد مصدر»، تُعنى شركة مصدر بتطوير «مدينة مصدر» في أبوظبي، كمدينة بيئية هي الأكثر استدامةً في العالم، وتعمل على نشر الطاقة النظيفة من خلال «مصدر للطاقة النظيفة»، وتقوم بتقديم الخدمات الاستشارية من خلال «وحدة المشاريع الخاصة»، وتستضيف المبادرات وتنظم الفعاليات ذات الصلة بمجال اهتمامها مثل «أسبوع أبوظبي للاستدامة». 
وتنفذ شركة «مصدر» عدداً كبيراً من مشاريع الطاقة النظيفة داخل الدولة وخارجها، بما في ذلك محطة «شمس 1» للطاقة الشمسية المركّزة، ومحطة الطاقة الكهروضوئية في مدينة «مصدر» نفسها، فضلاً عن مشاريع التقاط وتخزين الكربون في الإمارات للحد من الانبعاثات الكربونية الناجمة عن الأنشطة الصناعية. وعلى الصعيد الخارجي تقوم شركة «مصدر» بتنفيذ وتطوير عدد كبير من مشاريع الطاقة النظيفة، وتشارك في تطوير وتنفيذ عدد كبير أيضاً من هذه المشاريع في مختلف أنحاء العالم، سعياً إلى التعجيل بتطبيق حلول الطاقة المتجددة، بما يساعد البلدان النامية على تحقيق التنمية ومكافحة الفقر، وعلى الحد من التلوث الذي يسبب ظاهرةَ الاحتباس الحراري كعامل مباشر وراء التغير المناخي الذي يهدد الحياة على الكرة الأرضية بآثاره العنيفة وتداعياته الخطرة.

نجاحات «كوب 28»
وإدراكاً من الإمارات لهذه الآثار والتداعيات، وحرصاً على حماية الكوكب من المخاطر والتهديدات، جاءت استضافتها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28)، الذي شهد أول تقييم عالميّ للتقدم المُحرَز في تحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ عام 2015، والذي ختم أعمالَه أمس «الثلاثاء» في مدنية إكسبو دبي بنجاحات كبيرة، إذ حقّق إنجازات غير مسبوقة في تاريخ مؤتمرات «كوب» منذ انطلاق دورته الأولى في برلين عام 1995. ومن ذلك نجاحه في التصديق على قرارات مهمة تهدف إلى خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، استهلها بالاتفاق على الصندوق العالمي للمناخ، أو صندوق الخسائر والأضرار سابقاً، لمساعدة الدول النامية على مواجهة آثار التغير المناخي. ويعد إنشاء هذا الصندوق خطوةً مهمةً نحو تعزيز العدالة المناخية ومساعدة الدول الأكثر هشاشة على التكيف مع الأخطار المناخية.
ومن النجاحات المهمة الأخرى للمؤتمر «إعلان الإمارات بشأن المناخ والصحة»، الذي يضع الصحةَ في قلب العمل المناخي ويرمي لتسريع تطوير مجتمعات مستدامة قادرة على التكيف مع الأخطار المناخية. وهو أول إعلان حكومي دولي يعترف بالآثار الوخيمة للتغير المناخي على صحة المجتمعات البشرية، ويؤكد على الفوائد الصحية الكبيرة لحماية المناخ، بما في ذلك الحد من تلوث الهواء ودوره في خفض تكاليف الرعاية الصحية. 
وجاء ترؤس دولة الإمارات «كوب 28» بمثابة تأكيد من مختلف الأطراف الدولية، دولاً ومنظماتٍ، على الثقة الكبيرة في سياسات الدولة وفي الجهود التي تبذلها والمبادرات التي تطرحها في مجال الاستدامة، فخلال المؤتمر أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، صندوقاً عالمياً بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية، وأعلن عن «مبادرة الائتمان الأخضر»، وكرّم الفائزين بجائزة «زايد للاستدامة». 

مبادرات مناخية
وخلال الفترة القريبة الماضية طرحت الإمارات مجموعةً من المبادرات المتتالية الهادفة لحماية البيئة وللتقليل من مخاطر التغير المناخي، حيث أعلنت عن تدشين «خريطة طريق لخفض الكربون في القطاع الصناعي»، لاسيما في صناعات مثل الحديد والصلب والألومنيوم والإسمنت. وبوصفها رئيسةً لـ «كوب 28» أطلقت الإمارات «ميثاق الانتقال إلى الحياد المناخي» بهدف تشجيع شركات القطاع الخاص على اتخاذ إجراءات فعالة لمواجهة تداعيات التغير المناخي، بالإضافة إلى مبادرة «ميثاق حكومات الحياد المناخي 2050»، ومبادرة «تحالف القرم من أجل المناخ - زراعة 700 ألف شجرة قرم»، ومبادرة «صفر نفايات» التي جاءت بالتعاون بين وزارة التغير المناخي والبيئة وشركة أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير».. وغير ذلك من المبادرات والمشاريع الرامية إلى تحقيق المستهدفات المناخية ومرئيات «كوب 28» الذي يشارك فيه على مدى 13 يوماً أكثر من 100 ألف شخص يمثلون الدول الأطراف والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، والحكومات الإقليمية، والشركات الخاصة، والهيئات الأكاديمية، ومنظمات المجتمع المدني، والتنظيمات الدينية، ووسائل الإعلام.. مما يجعله أكبر مؤتمر دولي حول المناخ في تاريخ العالم على الإطلاق. أما قراراته وإنجازاته فلا نظير لنجاحها في تاريخ العمل الدولي المشترك بشأن المناخ وتحدياته.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: كوب 28 الاستدامة الطاقة المتجددة الطاقة النظيفة الإمارات مؤتمر الأطراف الطاقة النظیفة التغیر المناخی فی مجال من خلال فی عام

إقرأ أيضاً:

مدينة مصدر أول منطقة حرة في الإمارات توفر منصة رقمية لخدمة مجتمع الأعمال

 

كشفت المنطقة الحرة في مدينة مصدر عن إنجاز جديد في مساعيها المستمرة لخدمة الشركات، بعدما أصبحت أول منطقة حرة في دولة الإمارات تُقدّم منصة رقمية متكاملة لمجتمع الأعمال (MasdarCom)، إلى جانب مركز دعم عملاء يعمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
وتدعم مثل هذه المبادرات أجندة التحول الرقمي الأوسع لدولة الإمارات، وتتماشى مع رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030.
وتعدُّ MasdarCom منظومة رقمية مركزية مصممة لربط الشركات العاملة ضمن مدينة مصدر ويمكن للشركات استخدامها للترويج لخدماتها والتعاون مع الآخرين وإدارة معاملاتها من خلال واجهة موحدة قائمة على الابتكار. وستكون المنصة متاحة كذلك للمستخدمين العالميين، مما يساعد على الترويج العالمي للشركات التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها.
وبالتوازي مع إطلاق منصة MasdarCom، أطلقت مدينة مصدر مركزاً مخصصاً لدعم العملاء على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع يعدُّ الأول من نوعه على مستوى المناطق الحرة في دولة الإمارات ويعنى بمساعدة المستأجرين على مدار الساعة عن طريق الهاتف، والبريد الإلكتروني، وتطبيق مايكروسوفت تيمز، وأكشاك الخدمة الذاتية؛ ويغطي نشاطه الخدمات الأساسية مثل الترخيص ومعالجة التأشيرات والمدفوعات.
وبهذه المناسبة، قال أحمد باقحوم، الرئيس التنفيذي لمدينة مصدر: “MasdarCom ليست مجرد منصة تقليدية أخرى، وإنما تشكل قفزة نوعية في آلية دعم المناطق الحرة لمجتمعات الأعمال الخاصة بها وباعتبارها أول منظومة رقمية من نوعها في أبوظبي، تعكس MasdarCom رؤيتنا لتحقيق الريادة عن طريق الابتكار، وتبسيط العمليات التجارية، وتمكين الشركات من النمو بشكل أسرع وأكثر ذكاءً ومع إطلاقنا مركز دعم العملاء المتاح على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، فإننا نضمن كذلك حصول جميع الشركات العاملة في المنطقة الحرة على الأدوات اللازمة لمواصلة نموها مع توفير فرص الوصول والمساعدة المطلوبة في جميع الأوقات”.
وأضاف أن هذه الإنجازات تأتي في إطار جهودنا المستمرة لإنشاء مجتمع أعمال مترابط يركز على المستقبل ويعزز مكانة أبوظبي مركزا عالميا للمشاريع المستدامة.
وفي السياق نفسه وقعت المنطقة الحرة في مدينة مصدر مذكرتي تفاهم جديدتين الأولى مع بنك الإمارات دبي الوطني، وتهدف إلى تبسيط التجربة المصرفية للشركات العاملة ضمن المنطقة الحرة والتمهيد لإطلاق المبادرات المشتركة وبرامج تطوير الأعمال والثانية مع شركة توري هاريس لحلول الأعمال (THBS)، وتضع إطار عمل لاستكشاف مبادرات التسويق المشترك والاستفادة من الأدوات الرقمية لدعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة الحرة.
شارك في الاجتماع العام للمنطقة الحرة في مدينة مصدر عدد من المسؤولين الحكوميين وقادة القطاع والشركاء الاستراتيجيين.
وركزت المناقشات على المكانة الاقتصادية العالمية لإمارة أبوظبي ودور المنطقة الحرة في تمكين النمو المستدام القائم على الابتكار.
ضمت قائمة المتحدثين ممثلين عن مكتب أبوظبي للاستثمار، وسلطة أبوظبي للتسجيل، وبنك الإمارات دبي الوطني، و Cell Lab 7، و”ذا كاتاليست”.
تعكس هذه التطورات المتميزة الجهود المستمرة التي تبذلها المنطقة الحرة في مدينة مصدر لدعم الابتكار، وتسهيل مزاولة الأعمال، والإسهام في تحقيق أهداف التنويع الاقتصادي في دولة الإمارات.وام


مقالات مشابهة

  • دراسة: نصف البشرية تحت نيران التغير المناخي
  • من التشريع إلى التنفيذ.. الإمارات تسبق المنطقة في معركة التغير المناخي
  • تعاون إماراتي ماليزي لتسهيل الاستثمارات في مجال الأمن الغذائي
  • استقبال طلبات التسجيل في «شباب الطاقة النظيفة»
  • جامعة الإمارات تستعرض مشاريعها البحثية في «المؤتمر والمعرض الزراعي الإماراتي»
  • مدينة مصدر أول منطقة حرة في الإمارات توفر منصة رقمية لخدمة مجتمع الأعمال
  • مذكرة تعاون بين «طاقة أبوظبي» و«العالمي لتمويل المناخ»
  • وداعا للوقود الأحفوري؟!.. آلة ثورية جديدة تنتج البنزين من الهواء مباشرة
  • "عمانتل" تواصل تحقيق الإنجازات البيئية لتحقيق "الحياد الصفري" بحلول 2050
  • قصة نجاح شيدة سولار أول مصنع عماني لإنتاج الألواح الشمسية