"التراث والسياحة" تنظم "ملتقى فنون الطهي العُماني"
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
مسقط- العُمانية
نظمت وزارة التراث والسياحة "ملتقى فنون الطهي العُماني"؛ بهدف الاستفادة من فنون الطهي العُماني والتعريف بالمطبخ العُماني كإحدى الوسائل لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وإيجاد تمركز لفنون الطهي العُماني على خريطة السياحة الثقافية، مع تفعيل دور السياحة في إفادة المجتمعات المحلية وتوفير فرص أعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مرتبطة بفنون الطهي.
وتضمن الملتقى الذي أقيم تحت رعاية صاحبة السّمو السّيدة ميان بنت شهاب آل سعيد، تدشين كتاب "توثيق المطبخ العُماني"، الذي يعد نتاج عمل بحثي بين الوزارة وجامعة السُّلطان قابوس، ويوثق المأكولات العُمانية المختلفة، كما يضم 6 فصول، تتناول التراث الثقافي في سلطنة عُمان، والإطار البحثي للدراسة، وتوثيق 110 أكلات عُمانية تقليدية، والمؤثرات الداخلية والخارجية في الأكلات، والأطعمة التقليدية والمجتمع، والمأكولات التقليدية كمكون في المنتج السياحي العُماني. كما تم تقديم عددٍ من أوراق العمل حول مسار هواة الطهي، والمطاعم العُمانية.
وقالت أميرة بنت إقبال اللواتية رئيسة برنامج سياحة المأكولات وفنون الطهي: "إن وزارة التراث والسياحة تولي اهتمامًا بتنمية أنماط السياحة المبنية على المزايا النسبية والتنافسية لسلطنة عُمان من خلال العمل على وضع الرؤى لكل نوع وتحديد البرامج الاستراتيجية والترويجية للحصول على أفضل النتائج وتحقيق الأهداف المرجوة والمستدامة".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإنسان العُماني.. سلوكٌ مُتّزن يعكس حكمة التاريخ
سلطان بن خلفان اليحيائي
في عالمٍ يعلو فيه الضجيج، يقدِّم الإنسانُ العُماني نموذجًا فريدًا لقوة السكينة واتّزان السلوك. لا يبحث عن الصدارة بالصوت المُرتفع، بل يترك أثره بالفعل الهادئ والموقف المتوازن. هذا النمط من الحضور ليس حالة طارئة أو استجابة ظرفية؛ بل سمة أصيلة تشكّلت على مدى قرون، تفاعلت فيها القيم مع الدين، والتاريخ مع البيئة.
وفي السياسة الخارجية، أثبت العُماني أن التوازن ليس حيادًا سلبيًا، بل فعلٌ نابع من وعيٍ ناضج. حين يُدعَى للوساطة، يحضر بخطابٍ رصين، يعالج التعقيد دون أن يقطع الخيوط، ويبني الجسور بدل أن يهدمها. من هذا السلوك الهادئ، اكتسبت عُمان مكانتها كصوت موثوق في محيطٍ يموج بالتقلبات.
الإنسان العُماني لا ينجرف خلف الشعارات، ولا تُغريه الاصطفافات المؤقتة. يتحرك بثقة نابعة من احترامه لذاته ومبادئه، ما أكسبه احترام الداخل والخارج. يتجنّب التدخّل في شؤون الآخرين، مؤمنًا بأن الاستقرار لا يُبنى بالضغط؛ بل بالحوار، وبأن القوة الحقيقية تكمن في حفظ التوازن لا في فرض السيطرة.
داخليًا.. يجسّد العُماني تجربة نادرة في التعايش المذهبي والوحدة الاجتماعية. يعيش الإباضي والسنّي والشيعي في بيئة تحتفي بالتنوّع وتُقدّر الاحترام، بعيدًا عن الاستقطاب. وتبقى القبائل متماسكة بفضل وعي مشترك، لا تُحرّكها العصبيات؛ بل يجمعها الضمير الوطني وروح المسؤولية.
هذا الانسجام ليس مظهرًا اجتماعيًا عابرًا؛ بل ركيزة أساسية في بناء السِلم الأهلي؛ فالعُماني لا يرى في الاختلاف تهديدًا، وإنما فرصة للإثراء. يجنح إلى العقل عند الانفعال، ويحتكم للحكمة في زمن المزايدات، ما كوّن شخصية مدنية قادرة على حماية هويتها الجامعة دون إقصاء أو انغلاق.
في حضن الطبيعة الصارمة، تشكّلت ملامح الإنسان العُماني؛ فمن الجبال اكتسب الثبات، ومن شجرتَيِ السُّمُر والغاف تمرّس على الصبر والصمود، ومن اللُّبان فهم أن العطاء لا يصدر إلا بعد الخدش. وكانت الأرض والمناخ، بصمتهما العميق، يشكّلان وعيه، ويزرعان فيه القيم، ويُهذّبان سلوكه بعيدًا عن ضوضاء التلقين.
دينيًا.. دخل العُمانيون في الإسلام طوعًا، دون قتال أو إكراه، وساهموا في نشره في شرق إفريقيا وجنوب شرق آسيا بالأخلاق لا بالسيف. لم يكونوا غزاة، بل دُعاة بالحكمة والسلوك، يقدّمون النموذج بالفعل قبل القول، ما رسّخ صورتهم كرسل سلام واحترام.
ومع سرعة التحوّلات في العالم، ظل الإنسان العُماني وفيًّا لتاريخه، متفاعلًا مع الحداثة دون أن يفقد جوهره. لم يكن ردّ فعله حياديًا؛ بل فاعلًا، يبحث عن الاتزان ويعيده حين يختل. هذا الحضور المتوازن ليس موجّهًا أو مصطنعًا، بل خُلقٌ متجذّر يظهر في الأزمات كما في الحياة اليومية.
إنه سلوك لا يُصنع؛ بل يُولد مع الإنسان العُماني، وينمو معه، ويتجلّى في تفاصيله اليومية قبل مواقفه الكبرى. هو يعلم أن الحكمة لا تحتاج إلى صوتٍ عالٍ؛ بل إلى وعيٍ عميق وإرادة راسخة، وهذا ما يجعل أثره باقٍ وإن لم يكن صاخبًا.