يتزايد اهتمام عدد من الشركات العائلية في المغرب بموضوع اعتماد إطار حوكمة يمكّنها من تفادي إمكانية حدوث خلافات داخلها، وإعداد الأجيال المقبلة لخلافة أسلافهم بطريقة سلسة.

بهدف تقديم الخبرة الفنية والمشورة للشركات العائلية المغربية حول مختلف الإشكاليات المرتبطة بالحوكمة والخلافة والإعداد للأجيال المقبلة، وقّعت الثلاثاء مؤسسة التمويل الدولية (IFC) اتفاقية مع "معهد المقاولة العائلية" بالمغرب، وهو عبارة عن جمعية تأسست في شهر يونيو الماضي، وتضم نحو 30 شركة عائلية متوسطة وكبيرة.

لا توجد أرقام حول نسبة الشركات العائلية في من إجمالي الشركات في المملكة، لكنها تمثل حصة مهمة كما في أغلب اقتصادات العالم، وفقاً لرئيس الاستشارات البيئية والاجتماعية والحوكمة لمنطقة شمال وغرب أفريقيا في مؤسسة التمويل الدولية (IFC)، التابعة لمجموعة البنك الدولي، مُعز مياوي في حديث لـ"الشرق".

تعمل كبرى الشركات العائلية في المغرب بقطاعات اقتصادية عدة، مثل البناء والزراعة والبنوك والصناعة والسياحة، وغالباً ما تدير أعمالها بطريقة تقليدية من خلال تبني أسلوب يركز على شخص أو شخصين، وبشكل عام يكون المساهم المؤسس والابن؛ "بما يعيقها بشكلٍ عام عن اعتماد أساليب الإدارة الجديدة".

 

رئيس "معهد المقاولة العائلية" قاسم بناني سميرس أوضح لـ"الشرق" أن الهدف من تأسيس الجمعية هو "ضمان الإدارة الجيدة للشركات العائلية للتطور مستقبلاً، سواء عبر الحصول على تمويلات من مؤسسات دولية، مثل البنك الدولي، أو الإدراج في البورصة، أو استقطاب مستثمرين خارجيين، بما يساهم في تحقيق النمو واستمرارها للأجيال المقبلة".

 

يتماشى سعي الشركات العائلية لاعتماد الحوكمة مع مساعي بورصة الدار البيضاء لزيادة إدراجات هذه الفئة من الشركات، حيث تعقد بشكل مستمر لقاءات مع مؤسسي الشركات العائلية لتقوية إطار الحوكمة داخلها، بهدف جلب صناديق الاستثمار إليها، والاستعداد لتبني فكرة طرح حصة من أسهمها في السوق المالية كوسيلة لتمويل نموها على المدى الطويل، وهو ما سيدعم طموح المملكة لرفع عدد الشركات المدرجة إلى أكثر من 300 بحلول 2035 مقابل 75 حالياً.

 

تعمل مؤسسة التمويل الدولية، التي تُعتبر ذراع مجموعة البنك الدولي المعنية بدعم القطاع الخاص، في المغرب منذ عام 1962 وبلغت استثماراتها أكثر من 3.5 مليار دولار حتى اليوم، شملت مشاريع مع أكثر من 100 شركة متخصصة في الصناعة الغذائية، وتطوير البنية التحتية، والقطاع المالي.

 

الحوكمة لضمان الاستمرارية

يُقدر متوسط عمر الشركات العائلية في العالم بأقل من جيل واحد، بحسب معطيات مبنية على دراسة قدّمها مياوي، فيما لا تتجاوز حصة تلك التي تستمر تحت سيطرة العائلة المؤسسة إلى الجيل الثالث نسبة 10%، ما يؤكد صحة مقولة متداولة تعتبر أن "الجيل الأول يبني الشركة والجيل الثاني يطورها والجيل الثالث يهدمها"، على حدّ قوله.

 

توصي مؤسسة التمويل الدولية الشركات العائلية بضرورة تبنّي حوكمة جيدة تقوم على فصل الملكية عن الإدارة التنفيذية، أو تأسيس مجلس إدارة مهمته التخطيط الاستراتيجي والرقابة، إضافة إلى مجلس العائلة الذي يُناط به دور التداول في كافة الخلافات التي قد تواجهها الشركة في مراحل تطورها وخصوصاً في حالة وفاة مؤسسها.

يُشير مياوي إلى أن الحوكمة يجب أن تكون أولوية قصوى للشركات العائلية، مع ضرورة وضع هياكل لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين العائلة والمساهمين وإدارة الشركة، فضلاً عن نشر قواعد صارمة تتعلق بتوظيف أفراد العائلة.

 

حسب معطيات مؤسسة التمويل، فإن 90% من الشركات في أميركا الشمالية عائلية، وتمثل في الولايات المتحدة نحو 64% من الناتج المحلي الإجمالي. بينما تتراوح نسبة الشركات العائلية من إجمالي عدد الشركات في دول أوروبا بين 55 إلى 90%.

 

"استمرار الشركات العائلية في النمو أمر بالغ الأهمية للاقتصاد المغربي"، كما يؤكد سميرس، الذي يرأس أيضاً شركة عائلية متخصصة في زراعة وتصدير الخضراوات منذ أربعة عقود، منوّهاً بأن هذا الهدف "يتحقق من خلال اعتماد إطار حوكمة متقدم يعالج مختلف التحديات المتمثلة في التواصل والخلافة وانتقال المسؤولية بين الأجيال، لأن تجاهل كل ذلك يخلق خلافات داخل الشركات وبالتالي يهدد استمرارها".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المغرب الشركات العائلية مؤسسة التمویل الدولیة الشرکات العائلیة فی عائلیة فی فی المغرب

إقرأ أيضاً:

لإنجاز المعاملات والمساعدة الإدارية.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي

أطلقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "إيلسا"، الذكاء الاصطناعي التوليدي، لتسريع مراجعة الأدوية وتحليل البيانات بفعالية وداخل بيئة آمنة، في خطوة تُعزز الكفاءة وتُعيد تشكيل أسلوب العمل التنظيمي. اعلان

في خطوة غير مسبوقة، بدأت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في عملياتها اليومية، تحت اسم "إيلسا"، وذلك قبل الموعد المحدد وبتكاليف أقل مما كان متوقعاً.

اللافت أن هذه التقنية الجديدة لم تُختبر فقط، بل دخلت حيز التنفيذ العملي خلال أسابيع قليلة، لتبدأ فوراً في تسريع مراجعة البروتوكولات السريرية وتقييم بيانات الأدوية.

وقال مفوض الإدارة، الدكتور مارتي ماكاري: "إيلسا الآن جزء من الفريق. ليست مجرد أداة، بل شريك فعال يساعدنا على اختصار الوقت دون التفريط في الدقة".

Relatedفالنسيا: ترميم آلاف الصور المتضررة من الفيضانات بمساعدة الذكاء الاصطناعيالذكاء الاصطناعي والروبوتات الطبية في خدمة الحجاج غوغل تطلق "وضع الذكاء الاصطناعي" لتحويل البحث إلى حوار ذكي

حتى اللحظة، استخدمت الإدارة "إيلسا" في مهمات تتطلب سرعة ودقة؛ مثل تلخيص التقارير الطبية، مراجعة الأحداث السلبية للأدوية، ومطابقة نصوص تعليمات الاستخدام بين المستندات المختلفة.

ما يميز النظام الجديد هو أنه يعمل داخل بيئة آمنة، لا يتصل بالإنترنت، ولا يتم تدريبه على بيانات خارجية، مما يحمي سرية المعلومات التي تتعامل معها الإدارة.

الهدف الأساسي من المشروع ليس الإبهار التكنولوجي، بل تحسين الكفاءة الداخلية، خاصة في ملفات الموافقة على الأدوية، حيث تستغرق العملية ما بين 6 إلى 10 أشهر.

والآن، ومع وجود "إيلسا" في دائرة العمل، يبدو أن عقارب الساعة بدأت تدور أسرع داخل مكاتب إدارة الغذاء والدواء.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • شركة عائلية تسهم بـ 40 مليون درهم لحملة «وقف الحياة»
  • شركة عائلية تساهم بـ 40 مليون درهم دعماً لحملة وقف الحياة
  • شركة عائلية تدعم «وقف الحياة» بـ 40 مليون درهم
  • عيد الأضحى... شركة الطرق السيارة تدعو السائقين إلى استخدام تطبيقها الهاتفي لتجنب الاختناق المروري
  • وزير الإنتاج الحربي: نعمل على تطبيق مبادئ الحوكمة ودعم القيادة السياسية وراء تقدم الشركات
  • تعيين قسّ يميني رئيسًا لمؤسسة غزة الإنسانية
  • دعم دور المرأة في تنمية المنشآت العائلية
  • لإنجاز المعاملات والمساعدة الإدارية.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تلجأ إلى الذكاء الاصطناعي
  • رحلة صراع عائلة نوال الدجوي.. بدأت بدعاوى قضائية ثم انتحار وتنتهي بالصلح.. تفاصيل
  • السكن.. التمويل التشاركي يصل إلى 26.2 مليار درهم في نهاية شهر أبريل (بنك المغرب)