قالت كاتبة أميركية إن حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها يشعرون بإحباط متزايد لأن واشنطن لا تستخدم ما يكفي من نفوذ لحماية الفلسطينيين.

وألقت الكاتبة كارين دي يونغ في مقالة بصحيفة "واشنطن بوست"، باللوم في ذلك على دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل الذي قد يكون على حساب السياسة الخارجية الأميركية.

وأوضحت أن بايدن عندما حذر إسرائيل مؤخرا بأنها تخسر الدعم الدولي لها بسبب الحرب التي تشنها في قطاع غزة، كان بمقدوره أن يحذر بالمثل من أن إدارته لديها أيضا الكثير لتخسره.

مجرد وعود

وأشارت إلى أن بايدن "الذي يصف نفسه بأنه الرئيس الأكثر خبرة في التاريخ بالسياسة الخارجية"، وعد باستعادة زمام قيادة العالم باعتباره "شريكا قويا وموثوقا به لإقرار السلام والتقدم والأمن".

وعلقت دي يونغ على ذلك أنه منذ ذلك الحين ظلت السياسة الخارجية الأميركية تشهد صعودا وهبوطا بدءا من "مهزلة" الانسحاب من أفغانستان، حتى استرداد الريادة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والحشد الناجح لتقديم المساعدات إلى أوكرانيا والتعايش "المضطرب" مع الصين.

ووفقا للمقال، هناك اعتراف داخل إدارة بايدن بأن دعمه المطلق "لحق إسرائيل في تدمير" حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد يكون على حساب مكانته في الداخل والخارج.

تكلفة دبلوماسية غير منظورة

ونقلت الكاتبة عن مسؤول كبير في الإدارة -تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته- القول إن الكلفة الدبلوماسية لهذا الدعم "قد تكون شيئا غير منظور"، والمراد، إجمالا، "أن تنظر الدول إلى الولايات المتحدة بشكل إيجابي، وأن تبدي استعدادا لتأييدها، ورغبة في التعاون معها".

وتستطرد مستدركة أنه إذا كان الرأي العام في العديد من الدول "عدائيا"، فإن ذلك سيجعل من العسير بمكان على الولايات المتحدة أن تستقطب الدعم منها في القضايا التي تُعد محور اهتمام الأميركيين.

ويقول المسؤول الكبير أن إدارة بايدن "تتباهى" بإصلاح العلاقات مع دول العالم وبتعاونها مع حلفائها وشركائها، فهي لا تريد أن تكون معزولة في المنطقة وفي أماكن أخرى.

وأضاف أن "هذا جزء من الرسالة إلى إسرائيل، إذ ليس من المفيد لها أن نشعر بمثل هذا الضغط، الذي نرزح تحت وطأته".

عزلة بالمحافل الدولية

وتعتقد دي يونغ -التي تعمل محررة مشاركة ومراسلة لشؤون الأمن القومي بصحيفة واشنطن بوست- أن العزلة تتجلى بشكل أوضح في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، حيث كانت الولايات المتحدة وحدها تقريبا في معارضة قرارات مجلس الأمن الدولي الداعية لوقف إطلاق النار في غزة.

وفي الأسبوع الماضي، عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم في عضويتها 193 دولة، بأغلبية ساحقة على قرار مماثل، انضمت 9 دول فقط إلى الإدارة الأميركية في التصويت بلا.

وبحسب المقال، فقد درجت الولايات المتحدة منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي على استخدام حق النقض (الفيتو) ضد عشرات القرارات التي تنتقد إسرائيل.

وليس شركاء الولايات المتحدة الأجانب وحدهم هم الذين يحثون الإدارة على بذل مزيد من الجهد لوقف إطلاق النار في غزة، فقد بدأ بعض المسؤولين الأميركيين في البيت الأبيض والخارجية ووكالات المعونة يبدون اعتراضاتهم علنا على دعم بايدن المطلق لإسرائيل اعتقادا منهم أن مثل هذا الموقف ستكون له تداعيات أكبر على القيادة الأميركية.

ازدواجية المعايير

وفي إطار مساعيها لإقناع الدول النامية بالابتعاد عن روسيا والصين، وصفت واشنطن الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه "عدوان استعماري"، حسب تعبير المقال.

وذكرت الكاتبة أن "أقسى" العبارات التي تضمنتها كلمات الوفود الدولية في اجتماعات الجمعية العامة، جاءت على لسان شركاء أميركا المقربين في الشرق الأوسط. فقد قال السفير المصري أسامة عبد الخالق في كلمته أمام الجمعية، إن هناك "مؤشرا بغيضا على ازدواجية المعايير"، عندما يدير من يدعون احترامهم للقانون الإنساني الدولي في حالات معينة، ظهورهم "بلا خجل" لأوضاع أخرى، خاصة عندما تتعلق بالفلسطينيين.

وقالت دي يونغ إن بايدن لم يوفِ بوعوده التي قطعها إبان حملته الانتخابية السابقة بإعادة فتح القنصلية الأميركية للفلسطينيين في القدس ومكتب التحرير الفلسطيني في واشنطن، وكلاهما مغلق من قبل الرئيس دونالد ترامب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة دی یونغ

إقرأ أيضاً:

حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا

نفت وزارة الخارجية السورية وجود اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن إقامة قاعدة عسكرية أميركية في جنوب سوريا، ويبدو النفي ظاهريا صحيحا؛ ذلك أن وزارة الخارجية لطالما سكتت في السابق عن التعليق على القضايا التي قد تكون صحيحة، كما أن الوزارة التي يقودها الوزير الشيباني تعتبر شريكا أساسيا في صنع القرار السياسي، فيما يخص العلاقات الخارجية.

بيد أن ثمة مؤشرات عديدة على وجود نوع من التنسيق مع الجانب الأميركي، في المجال العسكري، ما يعني أن نفي الوزارة صحيح من زاوية معينة، وهي عدم وجود قاعدة بشكل صريح، لكن قد يتخذ هذا الوجود تسميات أخرى أو نمطا مختلفا لظروف وأسباب معينة.

إعادة انتشار

يمكن وضع التحرك العسكري الأميركي في سوريا في إطار إعادة انتشار، أو تموضع جديد ضمن الأراضي السورية، على اعتبار أن القوات الأميركية موجودة بالأصل في قواعد بشرق سوريا وفي "التنف".

ومن ثم قد لا تضطر واشنطن إلى زيادة أصولها العسكرية في سوريا، وإنما إعادة تنظيم هذا الوجود بما يتناسب والتطورات الجديدة، المتمثلة بإعادة دمج قوات "قسد" ضمن هياكل الجيش السوري، وكذلك الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل، والمزمع توقيعه في مرحلة قريبة.

التمهيد لهذا الانتشار، جاء على لسان المبعوث الأميركي توماس براك الذي أكد على هامش زيارة الرئيس الشرع، واشنطن والتوقيع على اتفاق انضمام سوريا للتحالف الدولي لمحاربة " تنظيم الدولة (داعش)"، أن سوريا باتت شريكا أساسيا للولايات المتحدة.

وكذلك تأكيد الرئيس السوري نفسه أثناء زيارته واشنطن، أن سوريا باتت حليفا جيوسياسيا للولايات المتحدة الأميركية، مع ما يتطلبه هذا التحالف من تنسيق أمني مشترك بين الطرفين.

وشهدت الأسابيع الأخيرة تحركات أميركية في البادية السورية، ما يؤشر على وجود توجه أميركي يقضي بإعادة توزيع القوات الأميركية في سوريا ضمن نطاقات جديدة.

إعلان

وقد أكدت الزيارات التي قام بها قائد القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم" الأدميرال براد كوبر إلى دمشق في سبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين الأول، وجود تفاهمات تخص الانتشار العسكري الأميركي.

كما زار وفد عسكري من التحالف الدولي للحرب على الإرهاب، مواقع عسكرية على أطراف البادية، مثل مطار "الضمير"، ومطار "السين"، وهي مناطق مفتوحة على البادية السورية، وتمتاز بقربها من العاصمة دمشق وجنوب سوريا. وبالتزامن وصلت طائرات ومدرعات أميركية إلى قاعدة "التنف"، ما يعكس توجها أميركيا لتعزيز الوجود الأميركي في المنطقة.

ويبدو أن منطقة ريف دمشق من جهاتها الأربع: البادية، وشرق لبنان، وجنوب سوريا، والغرب، هي الوجهة المقصودة للقوات الأميركية والتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وقد أجرت قوات التحالف عمليات إنزال في مناطق الضمير والقلمون مؤخرا، استهدفت خلايا نائمة لتنظيمات متشددة.

على ذلك، يبدو أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا قد يتخذ نمطا جديدا على شكل غرفة عمليات لإدارة الأمن ومكافحة الإرهاب، في إطار إعادة هيكلة الوجود الأميركي، تراعي التطورات الجديدة في الملف السوري، وتطوير واشنطن أهدافها على ضوء ذلك.

الأهداف الأميركية

إعادة الانتشار الأميركي في سوريا تفرضه جملة من الاعتبارات الجيوسياسية والأمنية، تشكل دافعا قويا للحراك الأميركي الحالي:

أولا: إعادة تعريف الوجود الأميركي في المنطقة، فالحرب على "تنظيم الدولة" لم تعد كافية بحد ذاتها لتغطية هذا الوجود، نظرا لضعف هذا التنظيم، وبروز قوة محلية قادرة على ردعه.

فلا بد تاليا من إحداث تغيير في شكل هذا الوجود ومهمته، عبر بناء منظومة سياسية وأمنية جديدة على شكل مشروع إستراتيجي يتقاطع فيه الأمن بالسياسة والاقتصاد، وتحويل دور هذا الوجود من مجرد الحرب على تنظيم في طور الانهيار، إلى فاعل رئيسي في ضبط الديناميات التي تشهدها بلاد الشام، على وقع التغيرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة.

ثانيا: ضبط التفاعلات في منطقة بلاد الشام: يؤكد السياق العام للتحرك الأميركي وجود توجه إستراتيجي لدى القيادة العسكرية الأميركية يهدف إلى وضع خريطة بلاد الشام تحت القبضة الأميركية:

الهدف الأول: التصدي للنفوذ الإيراني وسد المناطق الرخوة التي من الممكن العبور منها، فضلا عن إغلاق المنطقة في مواجهة مشاريع الصين المستقبلية، وإضعاف الوجود الروسي في سوريا. الهدف الثاني: مراقبة خطوط التماس بما يضمن توفر إنذار مبكر قبل حصول تطورات على نمط عملية طوفان الأقصى عام 2023، وذلك في إطار ترتيبات أميركية تهدف إلى الانتقال لمرحلة صنع السلام التي يسعى الرئيس ترامب إلى أن يصبح أحد أهم فاعليها. ثالثا: إدارة التوازنات وإعادة تشكيل المشهد الإقليمي، تدرك واشنطن أنها إزاء مشهد متحرك وقابل للتفجر في ظل صراعات ناشئة بين أطراف إقليمية تسعى إلى توسيع نطاق نفوذها، مثل إسرائيل، وتركيا، مع وجود نسبة عالية من إمكانية حصول احتكاكات عنيفة بينهما في سوريا، وكذلك أطراف محلية على خلاف مع دمشق، مثل الكرد والدروز، وتسعى إلى تحقيق أهداف انفصالية، ومن ثم فإن الوجود الأميركي في سوريا من شأنه ضبط التفاعلات الجارية، وإعادة توجيهها ضمن أطر جديدة محلية وإقليمية. إعلان

وفي السياق ذاته، فإن التحرك الأميركي في سوريا يهدف إلى رسم قواعد تشكيل المشهد الإقليمي، بما يسمح لها بالتحكم في قواعد الاشتباك وإدارة التصعيد، وتوجيه أدوار الفاعلين في المرحلة المقبلة؛ بهدف إخراج المنطقة من دائرة الصراعات وتحويلها إلى قطب اقتصادي يَصب جزءا من عائداته في رصيد أميركا، من خلال انخراط شركاتها في البنى الاقتصادية والاستثمارية في المنطقة، عبر مشاركتها في تشكيل طرق التجارة، وخطوط نقل الغاز، ومشاريع الإعمار.

ويساهم موقع سوريا الجغرافي في تشكيل الموقف الأميركي الجديد، إذ تغادر سوريا منطقة الإهمال الإستراتيجي في تفكير إدارة ترامب التي سبق أن وصف رئيسها سوريا بأرض الرمال والموت، لتصبح عقدة جغرافية تمتد من المتوسط إلى العراق، وتركيا، والأردن، وإسرائيل، وترتبط بمشاريع واشنطن الجيوسياسية والجيوقتصادية في المنطقة بشكل عضوي.

ومن ثم فإن استقرارها يمثل استثمارا مهما ضمن بنية المصالح الأميركية، ولذلك، نلحظ إلقاء أميركا بكامل ثقلها؛ للحفاظ على الأمن فيها، وتثبيت منظومتها الإستراتيجية الجديدة.

يتقاطع الاهتمام الأميركي مع توجه إقليمي يسعى إلى تثبيت الاستقرار في سوريا، والحفاظ على وحدة التراب، ولجم الاندفاعة الإسرائيلية التي تهدف إلى تفتيت سوريا بما يرتد سلبا على أمن دول المنطقة.

وتدرك الأطراف الإقليمية أن انخراط أميركا في الملف السوري، هو أفضل الحلول المتاحة لإخراج سوريا من دائرة الاحتمالات السيئة.

يتزامن ذلك مع رهان سوري بأن التشبيك الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة الأميركية سيمنح دمشق فرصة لبناء قدراتها الأمنية والعسكرية، والحصول على الموارد اللازمة لبناء مؤسسات أمنية فاعلة.

كما أن تحولها إلى لاعب فاعل وقادر على ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار على الأرض السورية، يستلزم دعما دوليا لا يمكن استجلابه إلا من خلال التفاهم مع الطرف الأميركي، الذي بدون شك يُعتبر الفاعل الأساسي الذي يتحكم بكامل خيوط اللعبة في المنطقة، بعد تراجع أدوار روسيا، والصين، وانخراط معظم اللاعبين الإقليميين ضمن المشروع الجيوسياسي لواشنطن.

قد يأخذ الوجود الأميركي في سوريا شكلا مختلفا عن النمط القائم على وجود قواعد عسكرية على الأرض، وثمة توقعات بأن يجري دمج خبراء أميركيين ضمن هياكل الجيش السوري، تحت مسمى تدريب القوات، والمساعدة على نجاح عمليات دمج الفصائل من خارج الجيش الحالي؛ "قسَد وفصائل السويداء".

لكن المرجح أن تشهد المرحلة القادمة تكثيفا للإجراءات الأميركية الهادفة إلى إعادة هيكلة الوجود الأميركي في سوريا للتعامل مع المستجدات الطارئة، وترسيخ الترتيبات الأميركية في المنطقة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تبلغ الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله في لبنان
  • إعلام عبري: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بالتحرك لنزع سلاح حزب الله
  • الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض من غزة
  • رويترز: الولايات المتحدة تستعد لاعتراض السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • طهران تندد بالقيود الأميركية على دبلوماسييها وتدعو الأمم المتحدة للتدخل
  • الخارجية الفنزويلية: السياسة الأمريكية العدوانية تستهدف ثروات الطاقة لبلادنا
  • حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا
  • إسرائيل تعتمد على الأسلحة الأميركية: قائمة المشتريات وتحديات التجديد
  • هند الضاوي: واشنطن دعمت تدمير غزة وتبحث إعادة إعمارها الآن .. إسرائيل صناعة أمريكية
  • هتلر رائع حقا.. هآرتس تناقش تداعيات استضافة مورغان لفوينتس المناهض لإسرائيل