يعيش العالم اليوم في حالة تطور دائم وفرص عديدة، ومع ذلك فإن بيئات العمل على مستوى العالم أضحت تنافسية للغاية، فالبقاء في صدارة المنافسة بالنسبة للدول أو حتى للشركات، يحتاج إلى التركيز على تطوير مهارات الأصول من الأفراد، وتنمية قدراتهم، وهي عملية يمكن للمنظمات عبرها زيادة إمكانات موظفيها إلى الحد الأقصى، ومساعدتهم على الوصول إلى أعلى مستوى من الأداء، من خلال التشجيع على الإبداع والابتكار وفقًا لمهارات القرن الواحد والعشرين.

وفي ظل متغيرات المهارات المستقبلية، تبرز الحاجة الماسة إلى وجود منصة تشاركية لتحفيز التعاون الدولي وإيجاد حلول للتحديات المستقبلية في تنمية القدرات البشرية، خاصة أن دول العالم قاطبة تشهد مرحلة تحوّل غير مسبوقة مع اجتماع العديد من العوامل التي أدت إلى تعظيم التحديات لا سيما على مستوى التنمية البشرية.
تسارع الأحداث وتزامنها أحدث جملة متغيرات في الاقتصادات ككل وعلى مستوى أسواق العمل بشكلٍ خاص. فالثورة الصناعية الرابعة، والاستثمار المتزايد في حلول وخدمات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى استبعاد 83 مليون وظيفة بحلول العام 2027 بحسب تقرير منتدى الاقتصاد العالمي لعام 2023م، لكنه أيضاً سوف يستحدث 69 مليون وظيفة جديدة، لكن السؤال المطروح: هل لدى الدول الكفاءات والمهارات المؤهلة لشغل هذه الملايين من الوظائف الجديدة؟ فبحسب الدراسات، فإنَّ 6 من كل 10 موظفين بحاجة للتدريب قبل حلول العام 2027، و44 % من المهارات تحتاج إلى تطوير وإعادة تأهيل، مع زيادة الطلب على المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة خلال السنوات الخمس المقبلة.
إنَّ تحقيق تنمية بشرية فعّالة وذات أثر يتطلب تخطيط متعدد الأبعاد يأخذ بالحسبان الرؤية التنموية لبلدٍ ما بالتوازي مع الواقع المحلي والعالمي المرتبط بالقدرات البشرية المتاحة وسبل تطويرها، وبالطبع يضاف إلى ذلك المتغيرات المتسارعة في سوق العمل في عصر الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي. وفي وقتٍ أصبح فيه العالم أقرب إلى بعضه البعض أكثر من أي وقتٍ مضى، فإنَّ التحديات أيضاً أصبحت واحدة؛ اقتصادية كانت أو اجتماعية وحتى صحية على النحو الذي شهدناه مع جائحة -كوفيد19-. لذا فإنَّ التعاون الدولي أصبح مطلباً ملحاً وبشدّة، لتطوير سياسات مشتركة تنتج حلولاً مبتكرة.
ومن هذا المنطلق، تستضيف المملكة العربية السعودية مؤتمر مبادرة القدرات البشرية، الذي ينظمه برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج رؤية السعودية 2030، لإطلاق مبادرة دولية لمناقشة التحديات العالمية التي تواجه مستقبل تنمية القدرات البشرية.
المواجهة المشتركة بالطبع فإنَّ تجربة المملكة في تنمية القدرات البشرية هي بحد ذاتها فصل من بين العديد من فصول أفضل قصة نجاح وطن في القرن الـ21. فالمملكة، وضمن رؤية السعودية 2030، أولت هذا الموضوع أهمية كبرى، من خلال برنامج تنمية القدرات البشرية، أحد برامج الرؤية، والهادف إلى تعزيز تنافسية المواطن عالمياً بناء على تنمية قدراته وضمان جاهزيته في جميع مراحل حياته المهنية من خلال الاستثمار في المواهب والكفاءات الوطنية، وضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وتعزيز ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، وتطوير وإعادة تأهيل المهارات، إضافةً إلى ترسيخ القيم وتعزيزها، للوصول إلى اقتصادٍ مزدهر تقوده قدرات وطنية ذات كفاءة عالية.
ومن خلال مؤتمر مبادرة القدرات البشرية، وهو الأول من نوعه عالمياً، سوف تجمع المملكة صنّاع السياسات وقادة الفكر والمستثمرين وروّاد الأعمال لتوحيد الجهود بهدف إيجاد حلول فعَّالة للتحديات العالمية على مستوى الموارد البشرية، واستعراض قصص نجاح ملهمة، وتعظيم الأثر من خلال مناقشة أفضل الممارسات العالمية في تنمية القدرات البشرية.
الاستعداد للمستقبل ينطلق مؤتمر مبادرة القدرات البشرية بشعاره «الاستعداد للمستقبل» من تحديات الألفية وكذلك من أهداف التنمية المستدامة، مستهدفاً تعزيز الجاهزية للمستقبل وفرصة العمل مع الشركاء الدوليين، لمواجهة التحديات وتبادل الخبرات والممارسات الإقليمية العالمية الناجحة في هذا المسار، لتتوحد فيه الرؤى والتصورات. وسيجمع المؤتمر، الذي تستضيفه مدينة الرياض خلال الفترة ما بين 29 – 28 فبراير المقبل، أكثر من 150 متحدثاً عالمياً من صنّاع السياسات، وروّاد الأعمال، والمؤسسات الأكاديمية ومراكز البحث والابتكار، والقطاع غير الربحي والمؤسسات الاجتماعية، بالإضافة إلى نخبةٍ من القادة المؤثرين من أكثر من 50 دولة حول العالم، لمناقشة أوجه التعاون في تنمية القدرات البشرية على الصعيدين المحلي والدولي، ولتبادل الخبرات ومناقشة الأفكار الطموحة التي تعزز من جاهزية القدرات البشرية لمواكبة التغيرات المتسارعة في العالم.
سيناقش المؤتمر ثلاثة محاور رئيسة هي: التحديات التي تواجه منظومة القدرات البشرية في ظل المتغيرات العالمية، والتباحث حول صياغة السياسات وعقد الشراكات والاستثمارات بين مختلف القطاعات محلياً وعالمياً، وأهم المهارات التي يتطلبها مستقبل سوق العمل العالمي. وإضافةً إلى ذلك، سيعمل المؤتمر على مد جسور التعاون والتركيز على التوجهات العالمية المؤثرة في مجال تنمية القدرات البشرية، كالاقتصاد القائم على المعرفة والمهارات، والتقنية والابتكار، وتنمية القوى العاملة، وصياغة السياسات التحويلية.
ومن المتوقع أن يخرج المؤتمر بإطارٍ عام يتم تطويره لاحقاً لتشكيل أجندة عالمية مستدامة تبتكر حلولاً للقدرات البشرية من كافة الفئات العمرية، ولإحداث تحوّلات جذرية تستشرف المستقبل وتسهم في بناء مستقبلٍ واعد. كما سيقدم عدداً من التوصيات ورؤية تشاركية جديدة لمستقبل تنمية القدرات البشرية، ويطرح حلولاً مباشرة حول كيفية تشكيل الاتجاهات الديموغرافية والتكنولوجية لمستقبل العمل والمهارات والتعليم.
لا شك في أن العنصر البشري هو في طليعة أولويات المؤتمرـ الذي سيشكل خطوةً إضافية ضمن مسيرة المملكة لترسيخ القيم وتطوير المهارات وتنمية المعارف التي يتطلّبها سوق العمل الحالي والمستقبلي محلياً وعالمياً، في مواءمةٍ مع رؤية السعودية 2030 التي تلتزم بتمكين القدرات البشرية، لتطلق العنان لإمكانياتهم وتحقق طموحاتهم.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا فی تنمیة القدرات البشریة على مستوى سوق العمل من خلال

إقرأ أيضاً:

محافظ المنوفية يلتقي وفد جهاز تنمية المشروعات لمناقشة واستعراض آليات ونتائج التنفيذ

 
التقى اليوم اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية وفد المكتب الإقليمي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومؤسسة منه الله للتنمية  ،  وذلك في إطار التعاون المثمر والوثيق بين المحافظة والجهاز لتعزيز ثقافة العمل الحر، والحد من الهجرة الغير نظامية ضمن اتفاقية " الحد من الأسباب الجذرية للهجرة الغير نظامية  " الموقعة مع الاتحاد الأوروبي وعقد مشروع تحسين فرص التشغيل الذاتي للشباب بقري مركز تلا، بحضور الأستاذ إيهاب حجازي مدير المكتب الإقليمي بجهاز تنمية المشروعات بالمنوفية  ، الاستاذ أحمد علام نائب مدير الجهاز، الأستاذة هناء شعراوي ممثل مؤسسة منة الله للتنمية المجتمعية. 
وأشار مدير المكتب الإقليمي بجهاز تنمية المشروعات بالمنوفية  إلى أنه تم الانتهاء من أعمال تنفيذ  عدد من  المشروعات التنموية والخدمية بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي،  تنوعت ما بين  (3)مشروعات تنمية مجتمعية،وعدد (2) مشروعات  تشغيل فتيات ضمن مبادرات العناية بالصحة الانجابية ومشروع تدريب من أجل التشغيل لعدد (102 )من المشروعات الذاتية في عدة مجالات حرفية  .
وأكد محافظ المنوفية علي دعمه الكامل للمبادرات التي تهدف إلى خلق فرص عمل للشباب والقضاء علي ظاهرة الهجرة غير النظامية مؤكدا علي التنسيق الدائم والفعال وتعزيز كافة الجهود لمواجهة تلك الظاهرة، مثمنًا الدور الرائد والفعال لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر فى المشاركة المجتمعية التي تمثل أحد المحاور الرئيسية في تحقيق التنمية المستدامة.
وفي نهاية اللقاء، قدم وفد المكتب الإقليمي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومؤسسة منه الله للتنمية  درعًا تذكاريًا لمحافظ المنوفية تقديرا لدوره الرائد ودعمه في تنفيذ خطط مشروعات الجهاز وجهوده الميدانية المستمرة لكافة المشروعات التنموية المستهدفة للارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

مقالات مشابهة

  • ورشة عمل حول "تحسين بيئة الأعمال ودور التعليم العالي في تنمية المهارات" بمسندم
  • بـ681 مليون ريال.. "تنمية الموارد البشرية" يعقد شراكات استراتيجية لدعم سوق العمل
  • صندوق تنمية الموارد البشرية: شراكات إستراتيجية في سوق العمل بـ 681 مليون ريال
  • الإعلان عن مبادرة مصرية – أمريكية.. الاستثمار في تعزيز القدرات الرقمية وتبني الذكاء الاصطناعي لبناء مصر الرقمية
  • وزير الزراعة يبحث مع أعضاء جمعية مربي النحل التحديات التي تواجه مهنة تربية النحل
  • الأتربي: الاقتصاد المصري في تحسن رغم التحديات العالمية
  • أمانة العاصمة.. اجتماع لمناقشة مشاريع تنمية الثروة الحيوانية بالأمانة
  • مستقبل وطن: إجراء الانتخابات في ظل التحديات بالمنطقة يؤكد استقرار الدولة المصرية
  • محافظ المنوفية يلتقي وفد جهاز تنمية المشروعات لمناقشة واستعراض آليات ونتائج التنفيذ
  • تدريب تقني برؤية طموحة.. حملة إعلامية جديدة لدعم المسارات المهنية المستقبلية