“طرق الحج”.. من دروب المشقة والخوف إلى مسارات الراحة والأمان
تاريخ النشر: 29th, May 2025 GMT
البلاد – العلا شكّلت طرق الحج عبر العصور شريانًا روحيًا وتاريخيًا، يربط قلوب المسلمين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وشهدت هذه الطرق تحولات كبرى، انتقلت فيها الرحلة من مشقّة الصحراء ومخاطر الطريق إلى راحة الوصول وأمان المسير في ظل عناية المملكة بضيوف الرحمن. ففي الماضي، كانت قوافل الحجيج القادمة من مختلف الأقطار تمر عبر مسارات شاقة، كدرب الحج الشامي والمصري والعراقي واليمني، تعبر من خلالها الجبال والصحارى، وتواجه تقلبات الطبيعة وندرة الماء، فضلًا عن احتمالات انقطاع الإمداد أو التعرض للخطر.
ورغم كل تلك التحديات، كانت هذه الرحلات تمثل تجارب إيمانية عميقة، يتجلّى فيها الصبر والتوكّل، وتُسجّل في مدونات التاريخ بروايات الرحالة والمؤرخين، الذين وصفوا تفصيلًا مشقّة الطريق وأحوال الحجيج. ومع توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- بدأ فصل جديد من التغيير الجذري في مسارات الحج، حيث أُنشئت شبكات طرق برية وخطوط سكك حديدية وموانئ ومطارات، رافقها تطوير منظومة النقل والخدمات اللوجستية، حتى أصبحت الرحلة التي كانت تستغرق شهورًا لا تتجاوز اليوم بضع ساعات، محاطة بأعلى معايير السلامة والرعاية. وفي إطار هذه النقلة النوعية، شهدت المملكة توسعًا كبيرًا في شبكات المطارات المنتشرة في جميع مناطقها، حيث أصبحت بوابات جوية متكاملة على مدار العام، تستقبل مئات الآلاف من الحجاج والمعتمرين من مختلف أنحاء العالم. وقد خضعت هذه المطارات لتحديثات شاملة، شملت التوسعة، ورفع الطاقة الاستيعابية، وتطوير مرافقها بما يواكب الزيادة المستمرة في أعداد الزوار.
كما اعتمدت منظومة الحج على أحدث الحلول الرقمية والتقنيات الذكية، التي سهّلت الإجراءات بشكل غير مسبوق، من خلال أنظمة إلكترونية متكاملة تُدار بذكاء اصطناعي، تتيح تتبع حركة الحشود، وإصدار التصاريح، وتقديم الخدمات التوعوية واللوجستية بمرونة وسرعة، عبر تطبيقات ذكية متعددة اللغات. ومن أبرز المبادرات الرائدة في هذا السياق، مبادرة “طريق مكة”، التي أطلقتها المملكة لتيسير إجراءات الحجاج من بلدانهم، إذ يتم استكمال كافة إجراءات الدخول من المطارات في الدول المستفيدة، بما في ذلك التحقق من الوثائق، إصدار تأشيرات الدخول، تسجيل الخصائص الحيوية، والتخليص الجمركي، لتصل أمتعة الحاج مباشرة إلى مقر إقامته في المملكة، في تجربة تُجسّد التكامل التقني والخدمي من نقطة الانطلاق حتى الوصول.
وعلى الصعيد الإنساني، عززت المملكة خدماتها بحضور تطوعي واسع، بمشاركة آلاف المتطوعين في الميدان، لتقديم الدعم والإرشاد والمساندة، مما يعكس روح العطاء والتكافل، ويُجسّد القيم السعودية في خدمة ضيوف الرحمن، وتوفير تجربة حج استثنائية ترتقي إلى تطلعات القيادة الرشيدة. واليوم، تواصل المملكة تقديم نموذج متقدم في إدارة شؤون الحج، من خلال رؤية المملكة 2030، التي وضعت خدمة الحجيج في صدارة أولوياتها، عبر تطوير البنى التحتية والمرافق الذكية في المشاعر المقدسة، وتيسير التنقل بين المواقع بوسائل حديثة، تشمل القطارات، والحافلات الترددية، والطرق السريعة، إلى جانب أنظمة إلكترونية تسهم في تنظيم الحشود وتيسير الإجراءات.
ويؤكّد هذا التحول الشامل التزام المملكة الراسخ بخدمة الإسلام والمسلمين، ويجسّد رسالتها في توفير أجواء آمنة ومريحة لحجاج بيت الله الحرام، ليؤدوا مناسكهم بطمأنينة، مستشعرين عمق الرسالة ومهابة المقصد. وتبقى طرق الحج، من الماضي إلى الحاضر، شاهدًا حيًا على تطور هذه البلاد المباركة، وسعيها المستمر لجعل الرحلة الإيمانية أكثر رحابة وسلامًا.
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
لأول مرة.. قرعة إلكترونية لاختيار أعضاء البعثة الطبية المصرية للحج
شهد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اليوم الأحد، بمقر أكاديمية الأميرة فاطمة للتعليم الطبي المهني، فعاليات القرعة الإلكترونية العلنية لاختيار أعضاء البعثة الطبية المصرية لموسم حج 1447هـ/2026م.
وأكد الدكتور خالد عبد الغفار، في كلمته، أن البعثة تقدم خدماتها الطبية لحجاج بيت الله الحرام من المصريين وغير المصريين، ويتم تشكيلها وفق معايير موضوعية ودقيقة تضمن التنوع التخصصي والكفاءة العالية. وأوضح أن الوزارة عممت منشوراً موحداً لتنظيم التقديم هذا العام، حيث تقدم 21653 متقدماً، استوفى الشروط منهم 17382 تم اختيارهم إلكترونياً بشفافية تامة وفق الاحتياجات الفعلية لـ23 تخصصاً طبياً ومسانداً.
وأشار الوزير إلى أن مهام البعثة تشمل مكافحة العدوى، الترصد الوبائي، الكشف الطبي، صرف الأدوية، ومتابعة الحالات على مدار الساعة بالتنسيق الكامل مع السلطات الصحية السعودية، لافتاً إلى تحليل جميع البيانات سنوياً عبر منظومة ميكنة متطورة لرفع كفاءة الخدمة باستمرار.
وكشف الدكتور خالد عبد الغفار عن إطلاق «القرعة الإلكترونية» لأول مرة هذا الموسم كما سيتم عقد تدريب مكثف لأعضاء البعثة، لضمان تقديم رعاية صحية فورية ومتكاملة لنحو 87 ألف حاج مصري، موجهاً الشكر لفريق التحول الرقمي على جهودهم المتميزة.
من جانبه، أوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي للوزارة، أن البعثة تُعد ركيزة أساسية لحماية الحجاج المصريين، ويتم تجهيزها مبكراً بأحدث الإمكانيات الوقائية والعلاجية، مع توفير التطعيمات والفحوصات اللازمة وتطبيق إجراءات صارمة لمنع انتقال الأمراض.
وأكد أن أعضاء البعثة الـ 102 سيخضعون لتدريب مكثف، مع إطلاق حملات توعية إعلامية لتثقيف الحجاج بالإرشادات الصحية، موضحا أن البعثة تضم تخصصات الحميات، الصدر، الباطنة، الكلى، العظام، الجراحة، النساء والتوليد، القلب، الأفواج، الطب الوقائي، الممارس العام، الأسنان، الصيدلة، التمريض، والمسعفين، ويرأسها الدكتور أحمد مصطفى، رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي.
شهد مراسم القرعة الإلكترونية عدد من نواب ومساعدي الوزير وقيادات الوزارة والمتقدمين، في جو عكس أعلى معايير الشفافية والعدالة.
اقرأ أيضاًمدير الصحة بالقليوبية يتابع نسب التنفيذ والالتزام بالمعايير الإنشائية بمستشفى شبين القناطر الجديدة
تجهيز قسم العلاج الطبيعي بوحدة "ميانة" بأحدث الأجهزة بالتعاون مع المجتمع المدني ببني سويف
حملات مكثفة للكشف عن متعاطي المخدرات في المدارس الخاصة بالمنيا