سلطت مجلة "فورين بوليسي" الضوء على أزمة "الابتزاز الجنسي" التي تعاني منها النساء في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الوصمات الاجتماعية تمنعهن من الإبلاغ عن الاعتداء الجنسي الذي يتعرضن له عبر الإنترنت، وبالتالي يضيع حقهن في الوصول إلى العدالة.

وعرضت المجلة قصصا لحالات من اليمن ومصر وسوريا، باعتبارها الدول الثلاث ذات النسب المرتفعة من جرائم الابتزاز الجنسي.

روت المجلة قصة امرأة يمنية بعد تغيير اسمها حفاضا على سلامة المصادر، موضحة أنها كانت تتبادل مع زوجها صورا خاصة بعد سفره للعمل في السعودية، ثم تمت سرقة هاتفها المحمول وهددها اللص بنشر صورها على الإنترنت ما لم تدخل معه في علاقة.

ووفقا للمجلة، رغم أن هذه المرأة الشابة، البالغة من العمر 27 عاما، أصبحت ضحية لما تسميه السلطات في العديد من البلدان "الابتزاز الجنسي"، وهو التهديد بنشر صور خاصة مقابل الابتزاز المالي أو الأفعال الجنسية، لكنها تحولت أيضا إلى قتيلة على يد شقيقها الأصغر الذي تم الضغط عليه من والدهما لارتكاب ما يسمى بجريمة الشرف في عام 2022.

وأكد ضابط تحقيق جنائي في اليمن مقتلها، رغم عدم توجيه أي اتهامات لشقيقها، كما هو الحال في كثير من الأحيان مع مثل هذا النوع من جرائم القتل.

وذكرت "فورين بوليسي" أنه حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي ووكالة إنفاذ القانون الدولية التابعة له، العام الجاري، من أن الابتزاز الجنسي أصبح أزمة عالمية.

ويقول الناشطون للمجلة إن التقاليد الأبوية المتجذرة جعلت النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عرضة بشكل خاص لهذا الابتزاز.

ووفقا للمجلة، رغم أنه لا يتم إبلاغ السلطات إلا بعدد محدود من الحالات، فقد وجد استطلاع أجرته منظمة الشفافية الدولية عام 2019 أن واحدا من كل خمسة أشخاص شملهم الاستطلاع في الأردن ولبنان وفلسطين قد تعرضوا للابتزاز الجنسي أو عرفوا شخصا تعرض له، وهو من بين أسوأ المعدلات في العالم.

وأوضحت المجلة أن التقاليد والأعراف المجتمعية التي تضع عبء الحفاظ على شرف العائلة على كاهل المرأة كثيرا ما تمنع الضحايا من اللجوء إلى العدالة، وبالتالي، وكما هو الحال في حالة الشابة اليمنية، يمكن أن يكون للابتزاز عواقب مأساوية.

وذكرت أن هذه القواعد المجتمعية الصارمة تتجلى بشكل خاص في اليمن، التي احتلت المرتبة الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي لمدة 15 سنة متتالية (من 2006 إلى 2020) ولها تاريخ مضطرب فيما يسمى بجرائم الشرف.

وقال الناشط اليمني، مختار عبد المعز، مؤسس سند، وهي منظمة غير ربحية في اليمن تدعم ضحايا الجرائم الإلكترونية من خلال شبكة تضم حوالي 400 خبير رقمي متطوع، إنه عندما بدأ إطلاق المنظمة في مارس 2020، لم يكن يتوقع أن يجد كثيرا من حالات الابتزاز الجنسي، لكن وصله حوالي 17 ألف بلاغ عن جرائم إلكترونية حتى الآن، وتم الإبلاغ عن 6 آلاف منها في عام 2023، ويقدر عبد المعز أن حوالي واحدة من كل أربع حالات تندرج تحت الابتزاز الجنسي.

وأشارت المجلة إلى أن الأرقام الرسمية أقل بكثير، وقال مسؤول في وزارة الداخلية في الحكومة التي يقودها الحوثيون في صنعاء، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إنه تم الإبلاغ عن 114 جريمة إلكترونية، بما في ذلك الابتزاز الجنسي، في عام 2022.

ووفقا لـ"فورين بوليسي"، احتلت مصر المرتبة 134 من بين 146 دولة في مؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2023.

ونقلت المجلة عن الناشط المصري، محمد اليماني، مؤسس مبادرة "قاوم" لدعم ضحايا التحرش والابتزاز الجنسي، قوله إن مجموعته تلقتا تقارير عن أكثر من 100 ألف حالة ابتزاز جنسي منذ عام 2020، لكنه يعتقد أن هذا ليس سوى جزء صغير من الجرائم المرتكبة.

وأضاف اليماني أن مصر تعتبر رائدة إقليميا في معالجة مشكلة الابتزاز الجنسي، حيث  أنشأت السلطات وحدات تحقيق رقمية في جميع أنحاء البلاد للتعامل مع مثل هذه الجرائم، وأصدرت قوانين لضمان بقاء هويات الضحايا الذين يتقدمون مخفية.

ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، تُقدر الأمم المتحدة في سوريا أن "ما يصل إلى 3.7 مليون سوري حاليا، والغالبية العظمى منهم من النساء والفتيات، يحتاجون إلى خدمات تتعلق بالعنف الجنسي".

وفي عام 2020، ألغت الحكومة السورية قانون "جرائم الشرف"، ومع ذلك، لا تزال المادة 192 من قانون العقوبات تمنح القضاة سلطة تقديرية واسعة لتخفيف العقوبات بشكل كبير إذا انطبقت ظروف مخففة، بما في ذلك عندما يكون للجريمة دافع "مشرِّف"، أو إذا ارتكبت جريمة القتل بدافع الغضب، وبدافع فعل غير قانوني أثارته الضحية.

وتوجد تقارير من جميع أنحاء البلد تتحدث عن قتل النساء أو الفتيات على أيدي الأقارب "لاستعادة شرف الأسرة" في سياق مزاعم سلوك غير أخلاقي، وانخفاض معدل الملاحقات القضائية على "جرائم الشرف" رغم أنه لا توجد إحصاءات أو تقديرات رسمية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

أكسيوس: الجيش الأمريكي غير قادر على الانسحاب من الشرق الأوسط

تناول موقع "أكسيوس" وجود الولايات المتحدة فيما أسماه بـ"دوامة الشرق الأوسط" رغم تركيزها المعلن على الصين وروسيا، بشكل ساخر، قائلة: إذا كنت تعمل في قطاع الدفاع، فربما صادفت العبارات التالية بشكل أو بآخر".

وذكر الموقع أن العبارات هي: "وُلدتُ متأخراً جداً للانتشار في الشرق الأوسط، أو وُلدتُ مبكراً جداً للانتشار في الشرق الأوسط، وأخيرا وُلدتُ تماماً في الوقت المناسب للانتشار في الشرق الأوسط".

وأوضح الموقع "قد تبدو هذه الدعابة سطحية، لكنها ذات وقع قوي، إذ يعكس انتشارها الكبير على وسائل التواصل حجم التورط الأمريكي العميق في هذه المنطقة المضطربة، حتى في وقت تؤكد فيه واشنطن أنها تعتزم التمحور بشكل أكبر نحو مواجهة التهديدين الصيني والروسي".


وقال "هذه المفارقة هي صورة مصغرة لحالة شدّ الحبل الجيوسياسي، يرافقها قدر من السخرية العامة والتشكيك الشعبي".

وأضاف "جاءت الضربات المفاجئة على منشآت إيران النووية – باستخدام قاذفات بي 2 سبيريت وأكثر من 100 طائرة أخرى – لتشكل أحدث تدخل أمريكي مباشر في الشرق الأوسط، حيث أنفقت الولايات المتحدة لعقود أرواح جنودها وأموال دافعي الضرائب. ويشمل ذلك دولاً مثل أفغانستان والعراق والأردن والكويت ولبنان وسوريا واليمن.

وذكر أنه "في الوقت نفسه، ينشغل البنتاغون بالقلق من طموحات بكين وموسكو العالمية. غير أن الموارد اللازمة لخوض هذا التنافس – بما في ذلك العتاد العسكري التقليدي الثقيل مثل حاملات الطائرات – باتت مطلوبة بإلحاح في جبهات أخرى".

ونقل عن برايان كارتر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد "أمريكان إنتربرايز"، قوله: "هناك فجوة واضحة بين ما نقوله في استراتيجيات الدفاع الوطني وهذه التصريحات الطموحة، وبين ما يحدث فعلياً على الأرض".

وتابع: "المشكلة أننا نمنح الشرق الأوسط أولوية على حساب الصين بشكل متقطع. لم ننجح يوماً في تخصيص جهد كافٍ لضمان ألا تنزلق الأوضاع هناك إلى الفوضى".

وأضاف: "عندما نضطر فجأة لحشد كل هذه الإمكانات، نجد أنفسنا دوماً في وضع رد الفعل".

كان مسؤولو البنتاغون وقادة الجيش يلمحون إلى هذا التناقض منذ أشهر.

ولطالما ضغط إلبرج كولبي، وكيل وزارة الدفاع للسياسات، لطالما ضغط باتجاه إعطاء الأولوية للصين على حساب أوروبا والشرق الأوسط، وخلال جلسة تثبيته في آذار/ مارس، أمام أعضاء مجلس الشيوخ قال إن الولايات المتحدة لا تملك "جيشاً قادراً على خوض حربين في آن واحد".


وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، صرّح قائد القيادة الهندية-الهادئة الأميرال صامويل بابارو أن الدعم الأمريكي المقدم لـ"إسرائيل" وأوكرانيا بدأ "يستنزف" بعضاً من أندر مخزونات الأسلحة الأمريكية. 

ثم كشف في نيسان/ إبريل أن نقل كتيبة صواريخ باتريوت واحدة من منطقة قريبة من الصين إلى القيادة المركزية تطلّب ما لا يقل عن 73 رحلة جوية.

أما أحدث التصريحات – قبل أيام فقط – فجاءت على لسان الأدميرال جيمس كيلبي، القائم بأعمال قائد العمليات البحرية، الذي أبلغ المشرعين أن البحرية الأمريكية تستهلك صواريخ ستاندرد-3 "بمعدل مقلق للغاية". 

وأشار إلى أن القوات البحرية أنفقت أكثر من مليار دولار على الذخائر لمحاربة الحوثيين قرب البحر الأحمر وخليج عدن، فيما فقدت حاملة الطائرات هاري إس. ترومان ثلاث مقاتلات سوبر هورنت، بينها واحدة بنيران صديقة.

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: الجيش الأمريكي غير قادر على الانسحاب من الشرق الأوسط
  • اليونيسف: طفل يُقتل أو يُشوه كل 15 دقيقة في الشرق الأوسط
  • الخارجية الأميركية: الشرق الأوسط تغيّر جذريًا .. وترامب يضغط لوقف إطلاق النار في غزة
  • الخارجية الأمريكية: الشرق الأوسط تغير جذريا إلى الأبد قبل أسبوعين
  • وَهْم "الشرق الأوسط الجديد" بدون مقاومة
  • بيان جديد لطيران الشرق الأوسط... ما هو مضمونه؟
  • مجلس الأمن الدولي يعقد جلسته الشهرية بشأن الوضع في الشرق الأوسط
  • انطلاق فعاليات الملتقى الدولي حول جرائم الاستعمار في التاريخ الإنساني بالعاصمة
  • هولندا تقدم 1.8 مليون دولار لدعم الوصول إلى العدالة في اليمن
  • عالم جديد… عالم متوحش جدا