مخرج تونسي يقدم قراءة نقدية لثامن العروض المسرحية بمهرجان الرياض للمسرح
تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT
استضاف مهرجان الرياض للمسرح في دورته الأولى المخرج المسرحي التونسي وليد دغسني للتعليق في قراءة نقدية على مسرحية "ذاكرة صفراء" من تأليف عباس الحايك، وإخراج حسن العلي، بمشاركة فرقة "نورس" والتي تعد المسرحية الثامنة من بين مسرحيات الفرق المتأهلة في مسابقة المهرجان، والقادمة من 8 مدن.
وأشار دغسني إلى أن قراءته النقدية تأتي من خلال 3 مستويات تتكامل فيما بينها لخلق الخطاب المسرحي، وهي: النص الدرامي، والأداء المسرحي، والسينوغرافيا، حيث تعد عناصر لهيكل العرض التي يجمع بينها المخرج المسرحي الذي يبحث عن التوليف بينها بحثًا عن الوحدة الجمالية والتناسق الفني.
وأشاد وليد دغسني بأداء المخرج في ربط الاحداث مستعملًا أدوات تقليدية تارة بحكم تجربته ومعارفه ومشاهداته السابقة، وعصرية تارةً أخرى بناءً على ابتكاره وسعة رؤيته لكيفية إنجاز المشهد المسرحي لغاية خلق الحالة المسرحية أو ما يطلق عليه "التمسرح".
ورأى دغسني أن العرض تمكن من الوصول إلى أقاصي مكنونات النص وفق رؤية جمالية مبسطة لا تطمح للإبهار وإنما إلى خلق تفاعل إيجابي بين المتفرج والمؤدي، معربًا عن أمله أن يأخذ العرض في المستقبل أبعادًا جديدة وهو ما يقع على عاتق المخرج في مرافقة الممثلين لتجويد أدائهم وضبط تدخلات الإضاءة، مع ضرورة مراجعة بعض المقاطع الموسيقية وإعادة التفكير في الملابس والاستغناء عن بعض قطع الديكور غير الوظيفية التي لم تكن مناسبة للعرض المسرحي.
وتدور قصة المسرحية في زمان ومكان غير محددين حول "أنسي" الشاب الذي عاش حربًا في بلده ونزح إلى بلد آخر بعد أن أصيب في الحرب بتشوه في وجهه ورجله، فهو رسام ولكنه بلا أي علاقة مع أحد رغم أنه يعيش في البلد الجديد لأكثر من 15 عامًا بلا علاقات، حتى أنه لم يحب ولم يتزوج بسبب وصية والده بأن يعيش حرًا من دون علاقات مع أي امرأة.
يُذكر أن مهرجان الرياض للمسرح الذي انطلق الأربعاء الماضي برعاية صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة، وبتنظيمٍ من هيئة المسرح والفنون الأدائية، يهدف إلى تنشيط وتفعيل الحراك المسرحي السعودي عبر حزمةٍ من العروض المسرحية السعودية لدعم الإنتاج المحلي للمسرح.
ويستضيف المهرجان الذي يستمر حتى 24 ديسمبر الجاري، في مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بمدينة الرياض؛ دولة تونس كضيف شرف هذا العام، لتنشر معها عبق الثقافة التونسية العربية وفنّها المسرحي الإبداعي الأصيل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: مهرجان الرياض للمسرح هيئة المسرح والفنون الادائية
إقرأ أيضاً:
الرجل الذي يريد أن يصبح ملكاً.. قراءة في التحولات السعودية تحت قيادة بن سلمان
في توقيت لا يمكن اعتباره مصادفة، نشرت الصحفية الأمريكية المخضرمة كارين إليوت هاوس كتابها الجديد "الرجل الذي يريد أن يصبح ملكاً: محمد بن سلمان وتحول السعودية"، في لحظة حرجة من تاريخ الشرق الأوسط، حيث تصاعد دور السعودية بقيادة ولي عهدها محمد بن سلمان في إعادة رسم توازنات الإقليم، على خلفية التحولات الدراماتيكية في الصراع بين إيران وإسرائيل، وتبدل التموضعات الجيوسياسية عقب الحرب على غزة، وانخراط المملكة في ملفات حاسمة تتعلق بالتطبيع ومفاوضات الأسرى والسلام.
الكتاب، الذي راجعه الكاتب الأمريكي البارز والتر راسل ميد في صحيفة "وول ستريت جورنال" بتاريخ 3 تموز/ يوليو 2025، يقدّم شهادة من الداخل الأميركي على تحول ولي العهد السعودي إلى "ملك غير متوّج فعليًا"، يباشر إعادة تشكيل الدولة والمجتمع في المملكة، ولكن ليس بالضرورة ضمن مسار ديمقراطي، بل عبر رؤية مركزية تُعلي من "التحكم الحداثي" على حساب الانفتاح السياسي.
سعودية جديدة.. لا تشبه القديمة
كارين هاوس ليست صحفية عابرة في الشأن السعودي؛ فقد بدأت تغطية المملكة منذ السبعينيات، ونالت جائزة "بوليتزر" في 1984 عن تغطياتها العميقة للشرق الأوسط. في كتابها الجديد، تنقل تحولاتها الشخصية من متابعة صحفية إلى "شاهدة على نهاية سعودية قديمة وصعود أخرى جديدة"، حيث أصبح محمد بن سلمان هو الدولة.
ترصد هاوس، من خلال مقابلاتها داخل السعودية، ملامح التغيير الذي أحدثه "MBS"، كما يُعرف دوليًا، من فتح المجال أمام النساء في الفضاء العام وسوق العمل، إلى إقصاء عدد كبير من أفراد العائلة المالكة، وإعادة ترتيب الاقتصاد والمجتمع والدين بما يتناسب مع رؤيته الصارمة لـ"رؤية 2030".
لكن الأهم من التغييرات الاجتماعية، حسبما تبرز هاوس، هو كسر بن سلمان للسلوك التقليدي لآل سعود؛ فهو لا يرى مشكلة في التزلج على الرمال في نيوم، أو الظهور بجاكيت "باربور" الإنجليزي ونظارات "توم فورد" وحذاء "Yeezy" الأمريكي، في سباقات الفورمولا E، في مشهد رمزي يُلخّص شكل الحكم الجديد: مزيج من الحداثة الغربية والهوية السعودية، تحت هيمنة الفرد الواحد.
تحديث بلا ديمقراطية
يؤكد الكاتب والتر ميد في مراجعته أن ولي العهد لا يسعى إلى ديمقراطية، بل إلى تحديث اقتصادي واجتماعي تحت سلطة مركزية صارمة. ويقول: "محمد بن سلمان لا يريد تقاسم الحكم، بل يريد النجاح فيه بمفرده". وهذا ما يجعل تجربته محل جدل؛ فبينما يتلقاها الغرب بعيون منبهرة لما فيها من "علمانية مقنّعة"، فإن الأصوات الحقوقية ترى في تلك التغييرات شكلاً من الاستبداد الجديد المغلف بالتكنولوجيا والانفتاح الاقتصادي.
وبينما يتحدث الكتاب عن إعجاب بعض السعوديين، خاصة النساء والشباب، بالانفتاح النسبي، إلا أن أسئلة كبرى تظل دون إجابة: ماذا عن الحريات السياسية؟ ماذا عن المعتقلين؟ وماذا عن المعارضة المقموعة في الداخل والخارج؟ وماذا عن ثمن التحالفات الخارجية، مثل ملف التطبيع مع إسرائيل، الذي بات يطبخ على نار هادئة بدعم أميركي واضح؟
رجل في قلب لعبة إقليمية كبرى
يتزامن صدور الكتاب مع عودة المملكة إلى قلب اللعبة السياسية في الشرق الأوسط. محمد بن سلمان لم يعد "قائدًا شابًا طموحًا" فقط، بل رقماً حاسماً في ملفات ساخنة: التفاوض على إنهاء حرب غزة، الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، بل وأيضًا "هندسة ما بعد إيران"، بعد التقهقر الإيراني الإقليمي عقب الضربات الإسرائيلية، كما يشير ميد.
وفي هذا السياق، فإن فهم شخصية بن سلمان ـ بحسب ميد ـ ليس ترفًا، بل ضرورة استراتيجية لصناع القرار في واشنطن وتل أبيب، الذين يجدون أنفسهم اليوم مضطرين للجلوس معه، بل الاعتماد عليه في مشاريع إعادة رسم خارطة المنطقة.
المعضلة: كيف نحكم على التغيير؟
يبقى السؤال الجوهري الذي يطرحه الكتاب، بذكاء غير مباشر: هل ما يحدث في السعودية ثورة تحديث فعلية، أم هندسة اجتماعية من فوق؟ وهل يمكن لعقود من المحافظة والسلطوية أن تُستبدل بتغيير سريع تحت سلطة فرد واحد؟ وأين يقف المواطن السعودي من هذه التحولات؟
الكتاب لا يجيب بشكل نهائي، لكنه يضع القارئ أمام حقيقة واحدة: محمد بن سلمان قد لا يكون ملكًا رسميًا بعد، لكنه يحكم كملك فعلي، ويعيد تشكيل السعودية على صورته.. وصورة المستقبل الذي يريده.
https://www.wsj.com/world/middle-east/the-man-who-would-be-king-review-a-very-modern-monarch-bd35aa6d