تسبب هجوم الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ الـ7 من أكتوبر الماضي، في تدمير مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية، واستشهاد أكثر من 20 ألفًا وتشريد الغالبية العظمى من السكان، كما جاءت الهجمات الأكثر ضراوة من الجو، مما أدى إلى تسوية مباني المدينة بأكملها بالأرض وتدمير المناظر الطبيعية.

خسائر صادمة في قطاع غزة  

وفي إطار التدمير الذي لحق بقطاع غزة، أجرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية تحقيقا موسعا قامت خلاله بتحليل صور مرتبطة بالأقمار الصناعية بجانب الاستعانة بتقييمات الأمم المتحدة للأضرار وبيانات الغارات الجوية، كما استندت إلى معلوماتها عن طريق إجراء مقابلات مع أكثر من 20 من عمال الإغاثة ومقدمي الرعاية الصحية وخبراء في الذخائر والحرب الجوية.

بحسب التحقيق الموسع، أظهرت الأدلة أن دولة الاحتلال نفذت حربها في غزة بوتيرة ومستوى من الدمار من المرجح أن يتجاوز أي صراع حديث، حيث دمرت المزيد من المباني، في وقت أقل بكثير، مما تم تدميره في حلب السورية من عام 2013 إلى عام 2016.

وتفاجأت الصحيفة أيضًا بحجم المجازر التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ شن غارات جوية متكررة وواسعة النطاق بالقرب من المستشفيات التي تعد ملجأ للمصابين والمفترض أنها ذات حماية خاصة بموجب قوانين الحرب.

كما كشفت صور الأقمار الصناعية التي استعرضها مراسلو الصحيفة الأمريكية عن عشرات الحفر الواضحة قربا من 17 مستشفى بشمال غزة، حيث كان القصف والقتال على أشده خلال الشهرين الأولين من الحرب، بما في ذلك 10 حفر تشير إلى استخدام قنابل تزن 2000 رطل.

أكبر عدد قتلى في القرن الـ21

وتعليقا على تحقيق «واشنطن بوست»، قالت ميريانا سبولجاريك إيجر، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي زارت غزة في 4 ديسمبر: «لم أمر بشارع واحد إلا ولم أر فيه تدمير البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات». 

ولتقييم الدمار في غزة، استخدمت الصحيفة الأمريكية بيانات من مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، أو UNOSAT، الذي يحلل صور الأقمار الصناعية من مناطق الصراع لتحديد عدد المباني، ومعظمها من المباني، التي تضررت ودُمرت.

وقال مايكل لينك، الذي شغل منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية خلال فترة في العام 2016: «يبدو أن حجم القتلى المدنيين الفلسطينيين في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن هو أعلى معدل للضحايا المدنيين في القرن الحادي والعشرين». 

معدلات القصف على غزة 

وفي ما يزيد قليلًا عن شهرين، أطلقت القوات الجوية الإسرائيلية أكثر من 29.000 ذخيرة جو-أرض، 40 إلى 45% منها كانت غير موجهة، وفقًا لتقييم حديث صادر عن مكتب مدير المخابرات الوطنية الأمريكي.

وكان معدل القصف أعلى بحوالي مرتين ونصف من ذروة جهود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لهزيمة «داعش»، والذي أطلق في ذروته 5075 ذخيرة جو-أرض عبر كل من العراق وسوريا في شهر واحد، وفقًا لبيانات مجموعة البحث والدعوة Airwars. 

وكشفت صور الأقمار الصناعية التي استعرضتها صحيفة «واشنطن بوست» عن أدلة أخرى حول كيفية تعرض المستشفيات للهجوم؛ إذ تم مراجعة ما يقرب من 100 صورة التقطتها الأقمار الصناعية في الفترة ما بين 8 أكتوبر و10 ديسمبر، ووجدت حوالي 30 حفرة واضحة على مسافة 180 مترًا من 17 مستشفى من أصل 28 مستشفى في شمال غزة.

وقام 5 محللين لصور الأقمار الصناعية بمراجعة صور كل حفرة كبيرة بما يكفي للإشارة إلى استخدام قنبلة تزن 2000 رطل أو أكثر، في حين أن النتائج التي توصلت إليها صحيفة واشنطن بوست تمثل عددًا أقل من العدد الفعلي للقنابل التي تم إسقاطها بالقرب من مستشفيات غزة، إلا أن الصور تظهر أنه لم يتم ترك أي مستشفى في الشمال دون أن يمس. 

وقال مسؤولون في منظمات إنسانية ومنظمات رعاية صحية يتمتعون بخبرة طويلة في مناطق الصراع الكبرى، إن الحرب الإسرائيلية في غزة كانت الأكثر تدميرًا التي شهدوها، موضحا توم بوتوكار، كبير الجراحين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي يعمل في غزة للمرة الرابعة عشرة، إن الإصابات المتفجرة هي المسؤولة عن جميع الجروح التي كان يعالجها هو وزملاؤه في المستشفى الأوروبي بجنوب غزة.

وأصيب العديد من المرضى بجروح نخرية تتطلب البتر بسبب نقص الإمدادات والمعدات في المستشفيات المتضررة والمحاصرة في الشمال.

وتشير البيانات الأولية التي قدمتها شركة Airwars إلى الصحيفة الأمريكية إلى أن الضربات الجوية في غزة تسببت في مقتل مدنيين بمعدل ضعف معدل الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في الرقة.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: واشنطن بوست الاحتلال الإسرائيلي الاحتلال جيش الاحتلال صور الأقمار الصناعیة واشنطن بوست فی غزة

إقرأ أيضاً:

من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟

غزة- أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم السبت اغتيال رائد سعد القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، باستهداف سيارة مدنية على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة.

وزعم الاحتلال أن اغتيال سعد جاء ردا على خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، بتفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الإسرائيلي داخل غزة، لكن القناة الـ 12 العبرية قالت إنه "تم استغلال الظروف المواتية لاغتياله دون أي علاقة بأي انتهاك للتهدئة".

وأطلق الجيش الإسرائيلي على عملية اغتيال سعد اسم "وجبة سريعة"، حيث سنحت له الفرصة لاغتيال الرجل الثاني حاليا في الجناح العسكري لحركة حماس، بعد القيادي عز الدين الحداد الذي يقود كتائب القسام.

وباغتيال رائد سعد تكون إسرائيل قد نجحت في الوصول إليه بعد أكثر من 35 عاما من المطاردة، تعرض خلالها للكثير من محاولات الاغتيال.

مسيرة قيادية

ولد رائد حسين سعد في الخامس عشر من أغسطس/آب عام 1972 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتحق مبكرا بصفوف حركة حماس، وبدأ الاحتلال يطارده في بداية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987.وعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة.

حصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية أثناء وجوده في السجن عام 1993، حيث كان نشطا حينها في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، وحصل سعد على شهادة الماجستير في الشريعة من الجامعة نفسها عام 2008.

وبحسب المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الجزيرة نت، التحق سعد بالعمل العسكري مبكرا، وعمل مع قدامى المطاردين من كتائب القسام أمثال سعد العرابيد، ويعتبر من أواخر جيل المطاردين في مرحلة انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.

وتولى سعد منصب لواء غزة الشمالي في  كتائب القسام عام 2007، وكان ممن أشرفوا على تأسيس وتأهيل القوة البحرية للكتائب في غزة.

إعلان

وفي عام 2015 ترأس ركن العمليات، وكان عضوا ضمن مجلس عسكري مصغر مكون من قيادة كتائب القسام في قطاع غزة، إلى جانب القياديين محمد الضيف ومروان عيسى، وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 2012 و 2021.

كيف تناول الإعلام الإسرائيلي عملية اغتيال رائد سعد في غزة؟.. التفاصيل مع مراسلة #الجزيرة فاطمة خمايسي#الأخبار pic.twitter.com/gLL2nMKLsc

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 13, 2025

تقول إسرائيل إن سعد كان مسؤولًا عن الخطط العملياتية للحرب، حيث أشرف على خطوتين استراتيجيتين شكّلتا أساس الاستعداد التنفيذي لعملية طوفان الأقصى: الأولى إنشاء كتائب النخبة، والثانية إعداد خطة "سور أريحا"، الهادفة إلى حسم المعركة ضد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.

وزعم الاحتلال -خلال الحرب الأخيرة على غزة- اعتقاله أثناء اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار 2024، ونشر صورته حينها ضمن مجموعة ممن تم اعتقالهم، قبل أن يعترف بأنها وردت بالخطأ مما يشير إلى ضعف المعلومات الاستخبارية المتوفرة عنه لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وتعرض سعد أيضا خلال الحرب لعدة محاولات اغتيال، كان أبرزها في شهر مايو/ أيار عام 2024، بقصف منطقة سكنية بمخيم الشاطئ، وعرض الجيش الإسرائيلي مكافأة مالية قيمتها 800 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه بعد فشل اغتياله.

ونقلت إذاعة الجيش أن إسرائيل بحثت عن رائد سعد لفترة طويلة جدا، وسعت إلى اغتياله مرتان في الأسبوعين الماضيين، لكن الفرصة لم تكتمل، وبمجرد أن تم التعرف عليه مساء السبت وهو يستقل مركبة برفقة حراسه الشخصيين، نفذت الغارة على الفور.

واقع أمني جديد

وأمام اغتيال إسرائيل الشخصية العسكرية الأبرز في المقاومة الفلسطينية منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعتقد الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن "الاحتلال لا يتعامل مع التهدئة في قطاع غزة بوصفها حالة توقف عن الحرب، بل كمرحلة عملياتية مختلفة تُدار فيها المعركة بأدوات أقل ضجيجا وأكثر دقة".

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الاغتيالات والاستهدافات الانتقائية التي نُفذت مؤخرا تكشف بوضوح أن الحرب لم تنتهِ، بل أُعيد تدويرها ضمن نمط جديد يقوم على الضرب المتقطع، وإدارة الصراع بدل حسمه.

ولفت إلى أن الاحتلال يحرص على اختلاق مبررات ميدانية لتسويق عدوانه باعتباره ردا دفاعيا، "غير أن هذا الخطاب لا يخرج عن كونه محاولة مكشوفة لإعادة تعريف مفهوم الخرق نفسه، بحيث يصبح أي حادث أمني أو اشتباك محدود أو اختلاق أحداث غير موجودة -في عمق سيطرته داخل الخط الأصفر- ذريعة كافية لتنفيذ عملية اغتيال".

ويرى أبو زبيدة أن الاحتلال يسعى لفرض معادلة جديدة قوامها "أن التهدئة لا تعني الأمان"، وأنه يحتفظ بحق الضرب متى شاء، ويسعى من خلال هذا السلوك إلى فرض قواعد اشتباك أحادية الجانب، تمنحه حرية العمل الجوي والاستخباراتي داخل القطاع دون التزامات سياسية أو قانونية.

وأشار إلى أن الضربات المحدودة لا تهدف فقط إلى إيقاع خسائر مباشرة، بل إلى الحفاظ على زمام المبادرة، ومنع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي وإعادة التنظيم، وإبقاء البنية التنظيمية للمقاومة في حالة استنزاف دائم.

إعلان

وفي البعد الأمني لفت أبو زبيدة إلى أن كثافة العمل الاستخباراتي تشير إلى أن الاحتلال يستغل فترة الهدوء لتحديث بنك أهدافه استعدادًا لجولات قادمة، وهو ما يفسر عدم تسريح وحدات سلاح الجو والطيران المسيّر، واستمرار عمل شعبة الاستخبارات العسكرية بكامل طاقتها.

ويعتقد الباحث في الشأن الأمني أن "السيناريو الأخطر يكمن في تطبيع هذا النمط من الاستباحة، بحيث تتحول الضربات الخاطفة إلى حالة دائمة، تُنفّذ على مدار الوقت، وإن كانت أقل كثافة من الحرب الشاملة، وهذا يعني عمليًا تكريس واقع أمني جديد في قطاع غزة، تُنتهك فيه التهدئة بشكل مستمر، ويُفتح الباب أمام نزيف دم متواصل بلا سقف زمني أو ضمانات حقيقية".

مقالات مشابهة

  • من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
  • الحرب القانونية للاحتلال.. تحقيق أوروبي يكشف ذراعا لتعطيل ملاحقة الجنود
  • الخارجية الأمريكية: قرار الأمم المتحدة بشأن غزة “غير جاد ومنحاز ضد إسرائيل”
  • شخصان يقيدان مسنا بعامود إنارة بالشرقية.. تحقيق عاجل يكشف الأسرار
  • إصابة 3 فلسطينيين في قصف للاحتلال على جباليا و خان يونس بقطاع غزة
  • واشنطن تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض والنفايات بقطاع غزة وتحمل التكلفة
  • الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية
  • تحديث جوي.. الأقمار الصناعية ترصد سحب منخفضة تغطي هذه المحافظات
  • ترامب يكشف عن الدول التي يفضل استقبال المهاجرين منها
  • سيناتور أمريكي: ابن سلمان لن يطبع مع إسرائيل دون ثمن للفلسطينيين