المسرح الليبي يعود من جديد بعد سنوات من الاضطرابات
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
رجل يرتدي ملابس بيضاء بالكامل، يتظاهر بأنه يوجه مقلاعًا نحو شخص آخر يحاول، وهو يهرب، تفادي الصخرة الوهمية التي اندفعت نحوه.
"حسيتها" هي مسرحية صامتة في معظمها من شرق ليبيا، وترمز إلى انقسامات البلاد بين الغرب والشرق، وإعادة إحياء مهرجان المسرح الوطني الليبي، الذي عاد هذا الأسبوع في طرابلس بعد توقف دام 15 عاما.
عندما أقيم المهرجان آخر مرة في عام 2008، كان من المقرر أن يقام مرة أخرى بعد أربع سنوات.
وقبل أن يحدث ذلك، أدت الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي إلى الإطاحة بالديكتاتور معمر القذافي وقتله في عام 2011.
ومع تنافس عدد لا يحصى من الميليشيات على السلطة في وقت لاحق، أعقب ذلك أكثر من عقد من الصراع المتوقف قبل فترة من الاستقرار النسبي. .
ونظم العازفون عروضا في العاصمة طرابلس ومصراتة على بعد نحو 190 كيلومترا إلى الشرق، وجاءوا من 11 مدينة في جميع أنحاء ليبيا ، وهي دولة مقسمة بين حكومة تدعمها الأمم المتحدة في الغرب وإدارة منافسة يدعمها الجيش. الرجل القوي خليفة حفتر في الشرق.
وقد لاقت أغنية "حسيتوها" التي قدمتها مجموعة جاءت من المرج في شرق ليبيا على مسرح كشافة طرابلس استحسان جمهور تجاوز 1000 شخص.
وقال محمد الخيتوني، أحد المشاهدين، بعد مشاهدة المسرحية، إن "بعضهم انفجر بالبكاء" بسبب أداء الممثلين. وقال إن الممثلين "استخدموا في الغالب الإيماءات والتعبيرات غير اللفظية الأخرى، لكنهم سرعان ما نقلوا المعنى إلينا".
وقال خالد المضاف، 14 عاماً، الذي كان يرافق والده وشقيقيه، إن الممثلين أظهروا المعاناة الناجمة عن الفوضى والفقر والفساد السياسي الذي اجتاحت الدولة الواقعة في شمال إفريقيا على الرغم من ثروتها النفطية.
وقال علي القادري، الذي أخرج المسرحية، إنه يعتقد أن العرض كان ناجحا لأنه لامس ظروف الليبيين العاديين، بما في ذلك "قلة الفرص، والركود الاقتصادي الذي تعاني منه معظم المدن في ليبيا".
"توحيد الليبيين"
وقال أنور الطير مدير المهرجان هذا العام لوكالة فرانس برس "نريد أن نشعل الشعلة من جديد ونحتفي بشخصيات فنية عظيمة لا يجوز حرمان الجمهور منها".
ويشارك في المهرجان أكثر من 60 كاتباً ومسرحياً، إلى جانب العشرات من المخرجين والمؤلفين.
ومثل "حسيتوها"، تطرقت العروض الأخرى إلى الآثار المؤلمة التي خلفها سقوط القذافي والفوضى التي تلت ذلك.
وقالت سلوى المقصبي، وهي ممثلة ليبية جاءت من مدينة بنغازي الشرقية لتقديم عروض في طرابلس، إن الفنون والمسرح وسيلة للتغلب على الانقسامات بين الليبيين.
وقالت: "أنا سعيدة لوجودي في هذا التجمع الجميل، المسرح يوحد ولا يفرق، وسينجح حيث فشل السياسيون."
وأعربت فرقة "أجيال" المسرحية من درنة عن تفاؤلها بشأن إحياء المسرح في البلاد رغم التحديات العديدة التي يواجهها الليبيون.
وفي يومي 10 و11 سبتمبر، اجتاح فيضان مفاجئ في درنة أحياء بأكملها وسقط في البحر، مما خلف آلاف القتلى والمفقودين ونزوح أكثر من 40 ألف شخص.
وبالإضافة إلى التحديات الأخرى التي تواجهها البلاد، لا تزال درنة تواجه مهمة إعادة البناء بعد الكارثة. لكن ميلاد الحصادي، رئيس مسرح درنة الوطني، أعرب عن أمله في مستقبل ليبيا.
وقال حصادي: "نحن هنا اليوم، صحيح، مثقلون بالجراح والألم والخسارة، لكننا متفائلون ببلدنا وفنانيه الذين نجحوا في إحياء المسرح الوطني".
وأضاف حصادي أن "الصراع في ليبيا عزل المسرح عن الفنانين، ونحن اليوم بحاجة إلى تشجيع ودعم كل مسرح ليبي، لأن دورهم كبير في نبذ الفرقة وتوحيد الليبيين وزرع البسمة والأمل في حياتنا".
قامت حكومة طرابلس بتمويل عودة المهرجان، وحضر الأعضاء حفل الافتتاح.
وقال وكيل وزارة الثقافة الليبية عبد الباسط بوغندا لوكالة فرانس برس إن المسرح الليبي اكتسب زخما مستمرا.
وقال بوغندا إن "الفنان الليبي سعى دائما إلى التواصل مع الجمهور، لكن الانقطاع كان بسبب الإهمال والفتنة السياسية التي أضرت بالفنون وخاصة المسرح".
وأضاف "اليوم نحن متحدون مع كافة الفنانين الليبيين للتغلب على هذه الفتنة".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ليبيا
إقرأ أيضاً:
بيان جماهيري حول تداعيات مشاركة الهلال والمريخ بالدوري الليبي
أصدرت رابطتا جماهير ناديي الهلال والمريخ السودانيين المقيمتين في ليبيا بياناً مشتركاً، دعتا فيه إلى تهدئة الأجواء بعد الجدل الذي رافق أنباء طلب الناديين المشاركة في الدوري الليبي.
التغيير ــ ليبيا
وأكد البيان أن ما يُنشر من آراء فردية على وسائل التواصل لا يمثل الجماهير كلها، وأن القضية في جوهرها ترتبط بخصوصية تنظيم البطولات المحلية.
حيث بدأت الأزمة في نهاية سبتمبر 2025 عندما قدّم نادي المريخ خطاباً رسمياً بتاريخ 30 سبتمبر إلى جهات مختصة في ليبيا، طالب فيه بالسماح له بالمشاركة في الدوري الليبي للموسم المقبل. جاء ذلك بعد خروجه من بطولة قارية، وسعيه إلى إيجاد بدائل تبقي على نشاطه الكروي.
كما تداولت تقارير أن نادي الهلال بدوره تقدّم بمخاطبات رسمية أو غير رسمية في الاتجاه نفسه، سواء لجهات ليبية أو للاتحاد السوداني، في محاولة لفتح قنوات تفاوض.
و أثار انتشار هذه الأخبار جدلاً سريعاً على منصات التواصل الاجتماعي. فقد ظهرت أصوات رافضة لفكرة مشاركة فرق أجنبية في البطولة المحلية الليبية، واعتبرت ذلك مساساً بخصوصية الدوري الوطني.
و رداً على ذلك، أصدرت روابط جماهير الهلال والمريخ في ليبيا بياناً مشتركاً في السادس من أكتوبر 2025. جاء البيان لتوضيح موقف الجماهير الحقيقي، وتهدئة الأجواء، والاعتذار عن أي إساءات فردية صدرت خلال النقاشات.
و تشير تحليلات وتقارير رياضية سودانية إلى أن دوافع الأندية السودانية كانت متعددة. أبرزها الحفاظ على استمرارية النشاط التنافسي بعد الخروج المبكر من البطولات القارية، إضافة إلى تأخر انطلاق الدوري المحلي في السودان.
كما سعت الأندية إلى حماية عقود المحترفين الأجانب وتجنب تكاليف فسخها، إلى جانب استثمار وجود بعثاتها في ليبيا وإقامة مباريات قارية هناك، ما يجعل الفكرة منطقية من الناحية اللوجستية.
في المقابل، برز رفض شعبي واضح في ليبيا، حيث رأت جماهير أن مشاركة أندية أجنبية تمثل انتقاصاً من هوية البطولة. وظهرت مطالبات عديدة صدرت لحماية المسابقة المحلية ومنع إدخال عناصر خارجية إليها.
أما على المستوى الرسمي، فلم يصدر حتى الآن قرار نهائي من الاتحاد الليبي لكرة القدم. ورغم ذلك، أوضحت بعض الجهات الليبية أن أي اعتذارات أو بيانات متداولة بشأن التنظيم هي إجراءات إدارية بحتة، وليست مواقف عدائية تجاه الأندية السودانية.
و أوضحت روابط جماهير الهلال والمريخ أن ما ظهر من تصعيد إعلامي وعبارات حادة لا يعكس موقف الجماهير العريض، بل هو مجرد أصوات فردية. وأكدت أن العلاقات بين الشعبين السوداني والليبي تاريخية ومتينة، وأن أي اعتذارات أو توضيحات ليبية يجب أن تُفهم في سياق المسؤوليات التنظيمية.
و عبّرت الروابط عن أسفها لأي إساءات صدرت، وقدّمت اعتذارها للشعب الليبي والمجتمع الرياضي، مؤكدة التزامها بالحفاظ على الروابط الأخوية والرياضية. وختمت بالدعوة إلى التمهّل وترك المجال للجهات الرسمية لمعالجة الأمر، مشددة على أن الرياضة ستبقى جسراً للمحبة والسلام.