أكبر جالية في شمال أفريقيا| هكذا يعيش يهود جربه بتونس بعد الحرب الإسرائيلية على غزة
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
يعد يهود جزيرة جربة بتونس، أكبر جالية يهودية في شمال أفريقيا والوطن العربي، وبطيعة الظروف السياسية حول العالم، فقد أصبحت لتلك الجالية حالة خاصة داخل المجتمع التونسي مع تصاعد الإرهاب الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وحالة الغضب العالمي بحق إسرائيل، وكل ما يمت بصلة لها حول العالم، وبحسب تقرير نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فقد رصدت أحوال تلك الجالية مع الخطاب العدائي المتصاعد، وهو ما يثير أفكارًا جديدة حول الهجرة.
وقد تعرضت تلك الجالية إلى هجوم في مايو على كنيس الغريبة في جزيرة جربة التونسية خلال عطلة "لاج بعمر" اليهودية، ولم يشعر المجتمع البالغ عدده 1500 شخص بالأمان الكافي لاستئناف الصلاة الجماعية حتى عطلة عيد العرش الأخيرة في أكتوبر، وكان هذا الشعور بالأمان قصير الأمد، وذلك مع الاحتجاجات العنيفة في الدولة ذات الأغلبية المسلمة ضد الحرب الإسرائيلية مع حماس في أعقاب التوغل البربري الذي قام به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، والآن تجبر تلك الجالية اليهودية التي يبلغ عمرها آلاف السنين على إعادة التفكير فيما إذا كان لها مستقبل في البلاد.
نعيش حالة من التوتر
تقول ريفكا (اسم مستعار)، وهي امرأة يهودية محلية تحدثت الصحيفة العبرية، التايمز أوف إسرائيل، بشرط عدم الكشف عن هويتها، إن مجتمع جربة يعيش حالة من التوتر منذ بداية الحرب بغزة، فبعد 7 أكتوبر، كلما سمعنا ضجيجًا عاليًا، أو صراخًا، أو عاد أطفالنا إلى المنزل متأخرين، فإننا دائمًا نفترض الأسوأ، فنحن خائفون دائما، ولا نبقى بالخارج لوقت متأخر، فقبل بضعة أشهر، كان الوضع مختلفًا تمامًا، حيث كان عيد العرش وقتًا للاحتفال والتجديد لأكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا، بعد أيام قليلة من إلغاء قداس العيد المقدس لأول مرة منذ 2000 عام، وخلال المهرجان اليهودي الذي يستمر أسبوعًا، تم تدشين مخطوطة جديدة للتوراة في الحي اليهودي بجزيرة جربة التونسية.
ولم تقم الجالية بأداء صلاة في الكنيس الرئيسي بالجزيرة، والمعروف باسم الغريبة – أقدم كنيس يهودي في أفريقيا لا يزال قائما – في روش هاشاناه ويوم كيبور في أعقاب هجوم 9 مايو، خلال مهرجان لاغ بومر اليهودي، ففي ذلك اليوم، قتل أحد أفراد الحرس الوطني التونسي زائرين يهوديين وثلاثة من ضباط الأمن التونسيين في هجوم على المعبد اليهودي القديم، خلال حدث سنوي يجذب عادة آلاف الحجاج اليهود من جميع أنحاء العالم، وقد صدم الهجوم المجتمع في جوهره وأغرقه في الخوف على مستقبله.
من 3 إلى 7 أكتوبر .. فترة قصيرة للظهور العلني مرة أخرى
ومع ذلك، بعد مرور نصف عام تقريبًا، في 3 أكتوبر، في منتصف مهرجان عيد العرش الذي استمر أسبوعًا، شعر يهود جربة أن بإمكانهم إقامة احتفال عام كبير، وقد احتفل الناس بتدشين مخطوطة التوراة الجديدة في شوارع الحي اليهودي، وغنوا وعزفوا طبول الدربكة، وشاركوا الطعام مع أصدقائهم في مساكنهم المؤقتة، حسبما قال ديفيد جربي لتايمز أوف إسرائيل، ويعود عالم النفس الإيطالي جذور عائلته إلى جربة وهو زائر منتظم للجزيرة التونسية، وتابع: "انتهت أجواء الابتهاج بشكل مفاجئ في 7 أكتوبر، وفي يوم "سيمحات توراة" الذي يصادف مباشرة بعد عيد العرش، وذلك مع بداية الحرب في غزة، حيث أطلقت العنان لاحتجاجات مناهضة لإسرائيل في جميع أنحاء العالم والوطن العربي".
حريق في الكنيس
وفي 17 أكتوبر، أثناء الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، أشعل مئات من مثيري الشغب النار في كنيس الحمة ، وهو بيت صلاة مهجور في وسط تونس، وقاموا بهدم جدران المبنى وزرعوا الأعلام الفلسطينية في الموقع، ففي كل حالة يُقتل فيها فلسطينيون، يتعرض يهود تونس للخطر بدورهم، ويقول الناشط اليهودي التونسي رافرام شداد في مقابلة حديثة مع المونيتور: "إنها أصبحت مثل الطقوس"، ويتساءل بعض أفراد مجتمع جربة اليوم عما إذا كان لا يزال هناك مستقبل لليهود في الجزيرة، ويقول جربي: "في جربة، كانت الديانات الثلاث اليهود والمسلمين والمسيحيين تتعايش بسلام، ولكن بسبب الجرائم الإسرائيية، تغيرت الأمور وأصبح الخطر على السكان اليهود ملموسا".
وتابع: "أخبرني السكان المحليون أنه ليس من السهل تغيير حياتك والهجرة إلى إسرائيل، حيث تكاليف المعيشة مرتفعة للغاية، وحيث تدور حرب، وسيكافح كبار السن من أجل التكيف مع الواقع الجديد، ولكن ربما يكون هذا هو الخيار الأفضل في النهاية".
معادي كبير لإسرائيل
وبحسب الصحيفة العبرية، فإن لدى الرئيس التونسي قيس سعيد تاريخ من التصريحات المناهضة لإسرائيل وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني، وهو معارض قوي للعلاقات مع الدولة اليهودية، وتقول ريفكا لتايمز أوف إسرائيل: "رئيسنا يتحدث دائما عن الصهاينة، فقبل وقت قصير من وصوله إلى السلطة في عام 2019، أشار إلى جهود التطبيع باعتبارها خيانة عظمى، وفي أغسطس الماضي، قال إن كلمة “التطبيع” غير موجودة بالنسبة له عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
وقد قدم المشرعون المؤيدون لسعيد في البرلمان التونسي مشروع قانون بعد بداية الحرب في 7 أكتوبر يجرم أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل ويعاقب عليه بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات، كما أنه سيحظر أي تفاعل بين التونسيين والإسرائيليين في أي حدث دولي، ومنحت تصريحات سعيد وسياساته المقترحة تونس سمعة بأنها دولة غير مضيافة لليهود، وقالت ريفكا: "عندما يسمعون ذلك، يتوقف اليهود من الخارج، من فرنسا والولايات المتحدة، عن القدوم للزيارة، وهذا بالطبع له تأثير على اليهود الذين يعتمد دخلهم على اليهود الآخرين - كتبة التوراة والميزوزا، وأصحاب مطاعم الكوشير، وصائغي المجوهرات، حيث يتضاءل دخلهم بشكل متزايد".
مجتمع مزدهر ذات يوم تحت تهديد متزايد
ويعود تاريخ اليهود في تونس إلى العصر الروماني، قبل الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا، ولعدة قرون، ازدهر المجتمع في ظل حكام مختلفين، مع فترات من توتر بين الحين والآخر - بما في ذلك من قبل حكم فيشي الفاشي في فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، ثم لفترة تحت الاحتلال النازي المباشر، وفي عام 1948، عندما تأسست دولة إسرائيل، بلغ عدد المجتمع 110.000 نسمة، وتضاءلت بسرعة في الخمسينيات، حيث هاجر اليهود بشكل جماعي إلى فرنسا أو إسرائيل، تاركين وراءهم 20 ألفًا فقط، وقد غادر آلاف آخرين البلاد في عام 1967 بعد اندلاع أعمال شغب مناهضة لليهود خلال حرب الأيام الستة، واليوم، تشير التقديرات إلى أن أقل من 2000 شخص ما زالوا يعيشون في تونس، ويتركزون في العاصمة تونس وفي جزيرة جربة.
وفي كلا الموقعين، لا تزال المجتمعات المحلية تدير المدارس، وتغطي الحكومة التونسية رواتب كبار الحاخامات في تونس وجربة، ويتحدث المجتمع لهجته العربية اليهودية وله تقاليد واحتفالات فريدة من نوعها، أبرزها الحج السنوي إلى جربة في لاغ بعمر، وعلى نحو غير عادي، يتم إصدار تأشيرات دخول للإسرائيليين أيضًا في لاغ بعومر، على الرغم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين تونس وإسرائيل بعد الانتفاضة الثانية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أوف إسرائیل عید العرش
إقرأ أيضاً:
المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تدعم اتفاقا شاملا في غزة وتُعارض الحلول الجزئية
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الجمعة، أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل تؤيد التوصل إلى اتفاق شامل في قطاع غزة ، يفضي إلى استعادة جميع المحتجزين الإسرائيليين، إلى جانب تشكيل حكومة بديلة لحركة حماس في القطاع.
ووفق الصحيفة، ترى المؤسسة الأمنية أن هذا السيناريو سيمنح إسرائيل حرية أكبر في التعامل مع أي محاولات مستقبلية من حماس لتعزيز قوتها العسكرية، بما يحقق مكاسب استراتيجية على المدى الطويل.
وتُحذر المؤسسة من أن المضي في اتفاق جزئي قد يطيل أمد المفاوضات، ويزيد احتمالية تعثرها في مراحل مختلفة، ما قد يؤدي إلى بقاء جزء من المحتجزين في قبضة حماس، واحتمال مقتلهم، إضافة إلى استمرار سقوط قتلى من الجنود الإسرائيليين خلال العمليات القتالية داخل غزة.
وأشارت المصادر الأمنية، بحسب الصحيفة، إلى أن هذا التعثر سيؤثر أيضًا على "الزخم" الذي تقول إسرائيل إنها حققته في مواجهتها الإقليمية مع إيران.
اقرأ أيضا/ صحيفة: غالبية التفاصيل الجوهرية لاتفاق غـزة قد حُسمت
ويجري التداول في هذه الأثناء في مقترح جديد لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين إسرائيل وحماس، ويقضي بوقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، وتبادل الأسرى يمتد على خمس دفعات خلال وقف إطلاق النار.
يشار إلى أن إسرائيل لا تزال ترفض وقف الحرب على غزة، وحماس اشترطت، حتى الآن، موافقتها على مقترح كهذا بإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة. ونقلت صحيفة "هآرتس"، أمس، عن مصدر إسرائيلي قوله إن المقترح الأخير لا ينصّ بوضوح على أن إسرائيل تعتزم إنهاء الحرب، وادّعى أنه "توجد فيه ضمانات قوية للغاية بهذا الخصوص".
الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تحدّث في الفترة الأخيرة عن إنهاء الحرب على غزة. ويحاول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، أن يلمّح إلى أنه معني باتفاق تبادل أسرى، ربما لأنه سيلتقي ترامب، الأسبوع المقبل، أو أنه يوحي بذلك للجمهور الإسرائيلي في ظل الحديث عن تبكير محتمل لانتخابات عامة للكنيست.
لكن نتنياهو صرّح، أمس، أنه "أعلن أمامكم أنه لن تكون هناك حماس. لن تكون هناك حماستان. لن نعود إلى هذا. انتهى. سنحرر جميع مخطوفينا". وتطرّق إلى هدفي إسرائيل المعلنين للحرب، وهما القضاء على حماس واستعادة الأسرى، معتبرًا أنه "كيف يمكن القول إن ’هذين هدفين متناقضين’؟ هذا هراء. هذا (الهدفان) سينجحان معًا، وسنكمل هذا معًا. وخلافًا لما يقولون، سنقضي عليهم بالكامل".
ربما يوجّه نتنياهو كلامه إلى الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، اللذين يعارضان وقف الحرب.
تشير التقديرات في إسرائيل إلى أن حكومة نتنياهو لن تكون مهدّدة بالسقوط، وإنما قد يتكرر سيناريو وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، في كانون الثاني/يناير الماضي، عندما انسحب بن غفير من الحكومة، ثم عاد إليها بعد استئناف الحرب، في 18 آذار/مارس. وبالنسبة لسموتريتش، فإنه إذا اقتنع بأن وقف إطلاق النار سيكون لشهرين، ويتم الإفراج عن أسرى إسرائيليين خلالهما، لن ينسحب من الحكومة. لكن إذا تبين له أن الحرب انتهت، فإنه لن يبقى في الحكومة، وبذلك ستسقط، لأنه لن تكون هناك أغلبية داعمة لها في الكنيست .
المصدر : وكالة سوا - عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية تفاصيل مقتل جندي إسرائيلي في "حادث عملياتي" شمال قطاع غزة كاتس بتقييم للوضع: هذه مهمة الجيش الإسرائيلي الآن جنود إسرائيليون يروون شهادات صادمة من غزة الأكثر قراءة استطلاع للرأي العام الإسرائيلي: 61 مقعدا للمعارضة مقابل 48 للائتلاف الخارجية الأميركية توافق على تمويل لـ"مؤسسة غزة الإنسانية" بـ30 مليون دولار رئيس الهلال الأحمر يبحث مع وزير الصحة البريطاني التحديات الصحية في فلسطين الرئاسة الفلسطينية: استمرار الجرائم الإسرائيلية لن تجلب السلام والأمن لأحد عاجل
جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025