اقتحام برقة.. هكذا يستغل الاحتلال حرب غزة لتصفية المقاومة وفرض واقع جديد بالضفة
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
نابلس- حتى ساعة متأخرة من مساء الاثنين، واجه أهالي قرية برقة، شمال غربي مدينة نابلس، صعوبة في حصر عدد المنازل التي طالتها الاقتحامات أو عدد المعتقلين الذين اقتيدوا إلى مركز التحقيق الميداني، حيث تعرضت القرية لعملية عسكرية واسعة استمرت أكثر من 20 ساعة، وكانت الأطول منذ بداية العام ضد قرية فلسطينية بالضفة الغربية.
وإلى العاشرة قبيل منتصف الليلة الماضية، تواصل اقتحام القرية في عملية عسكرية إسرائيلية شارك فيها حوالي 300 جندي قدموا من عدة محاور وشرعوا بإغلاق المداخل الرئيسية والفرعية للقرية، وتلك التي توصلها بالقرى المجاورة قبل أن يباشروا باقتحام عشرات المنازل وتفتيشها والعبث بمحتوياتها وتخريبها بشكل كامل.
كما اعتلى جنود الاحتلال منازل المواطنين، واتخذوها نقاطا عسكرية، فيما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بإصابة 3 مواطنين على الأقل بينهم امرأة جراء اعتداء جيش الاحتلال عليهم بالضرب المبرح.
ورافق عملية الاقتحام للمنازل، التي وصفت بالعنيفة والمباغتة، اعتقال عشرات المواطنين، لا سيما الشباب واقتيادهم إلى منازل حولت لثكنات عسكرية وأخضعوا فيها لتحقيقات ميدانية، حيث أفرجت عن معظمهم فيما أبقت على عدد منهم رهن الاعتقال.
وفيما لم يعرف هدف محدد للعملية العسكرية، إلا أن جيش الاحتلال ألقى منشورات في شوارع القرية وبين أزقتها تحذر المواطنين من استمرار إلقاء "العبوات المتفجرة" محلية الصنع أو ما تعرف بـ"الأكواع"، ويقول أحدها "سيكون مصير برقة وغزة متشابها إذا واصلتم رمي العبوات" وفي أخرى "سوف نبقى هنا كي يزول الإرهاب".
اقتحام عنيف
وفي الساعات الأولى من العملية اقتحم جنود الاحتلال منزل المواطن إياد أبو عمر، وأخرجوه وعائلته إلى الشارع العام، واحتجزوهم 4 ساعات متواصلة في العراء والبرد الشديد، وشرعوا بتفتيش المنزل بشكل كامل والعبث بمحتوياته.
وقال أبو عمر للجزيرة نت إن "الجنود اتخذوا منازل كنقاط عسكرية لهم، بعد أن احتجزوا أصحابها بداخلها"، ومنها منزل شقيقه الذي تحول لثكنة عسكرية ومركز تحقيق ميداني طوال عملية الاقتحام، مما تسبب بحالة من الهلع والرعب بين أفراد العائلة.
ومن جهته، قال المواطن خير الله حسني ياسين إن عددا كبيرا من جنود الاحتلال اقتحموا منزله عبر حديقة مجاورة، وليس من المدخل الرئيسي، وحاولوا تحطيم البوابة قبل أن يقطع عليهم الطريق ويفتحها لهم.
ولفت ياسين إلى أن بعض الجنود احتجزوه بعيدا عن منزله 3 ساعات، بينما قام جنود آخرون باقتحام المنزل وتفتيشه وتخريب أثاثه بالكامل، وسط حالة من الترهيب لزوجته وأطفاله.
وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمه جنود الاحتلال مع المواطن بشار فرعونية، حيث اقتحموا منزله، وعبثوا بجميع محتوياته وسط "ترهيب" غير مسبوق، كما قال للجزيرة نت.
وتأتي هذه العملية الإسرائيلية في ظل استمرار فرض الاحتلال طوقا عسكريا على المداخل الرئيسية للقرية منذ عدة أشهر وإغلاقها بالسواتر الترابية والحجرية، وهو ما تسبب بعزل الحي الغربي منها بالكامل.
ويدّعي جيش الاحتلال أن قواته والمستوطنين يتعرضون للرشق بالحجارة وإطلاق النار وإلقاء العبوات المتفجرة تجاههم خلال اقتحامات القرية أو أثناء تنقلاتهم إلى مستوطنة "حومش" التي أعادوا احتلالها منذ مطلع العام الجاري.
عملية انتقامية تمهد للأخطر
وهذه العملية العسكرية يصفها الناشط في القرية سامي دغلس، بأنها تصب في ترهيب المواطنين لمنعهم من أي عمليات مقاومة لجيش الاحتلال.
وحذر دغلس في حديث للجزيرة نت، من كون العملية "تدريبية وانتقامية" بنفس الوقت، لتهيئة الظروف وتحضيرها لمرحلة أصعب تكون أكثر ترهيبا للمواطنين العزل، "وإيصال رسائل تحذيرية بأن التصعيد والعقاب سيكون أكبر إذا استمر المواطنون بالمقاومة".
وفي 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اقتحم جيش الاحتلال قرية برقة في عملية مشابهة وواسعة، استمرت بضع ساعات، وتخللها اغتيال الاحتلال للأسير المحرر منتصر سيف (34 عاما) واعتقال 3 شبان آخرين بعد أن اقتحم الجيش منزل مواطن وسط القرية، وهو الشهيد الثاني في برقة خلال أقل من 3 أعوام.
وفي قراءته للمشهد في قرية برقة اتفق الكاتب والباحث السياسي سليمان بشارات مع الناشط دغلس فيما ذهب إليه من أن الاحتلال يهدف لتهيئة الظروف لمرحلة قادمة أكثر سخونة وخطورة.
وقال للجزيرة نت إن "للحملة العسكرية على برقة هدفين أساسيين الأول يتمثل في موقعها الجغرافي المحاذي للمستوطنات "حومش وشافي شمرون"، وبالتالي محاولة لتوفير حماية مسبقة لهذه المستوطنات في المرحلة المقبلة خشية من أن تتطور عمليات المقاومة بالضفة".
والهدف الثاني هو امتداد للأول وفق بشارات، وهو نابع من خشية الاحتلال الإسرائيلي توسع عمليات المقاومة بالضفة الغربية بعد أن كانت محصورة في المدن والمخيمات، وبالتالي قد يمتد للقرى والأرياف.
ويضيف بشارات "هذا يذكرنا بالانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية التي شكلت القرى والبلدات امتدادا كاملا لعمليات المقاومة ومخزونا من شبابها المنخرطين بالمقاومة".
وتوقع المحلل السياسي أن يمتد النشاط الاحتلالي ومثل هذه العمليات العسكرية إلى قرى وبلدات أخرى، ولا سيما تلك المحاذية للمستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، وقال إن "الأمر يرتبط بعامل الموقع الجغرافي بالنسبة للاحتلال وأن تكون محتضنة لمقاومين".
واستبعد بشارات أن يكون ما يجري من اقتحام للمناطق الفلسطينية بالضفة الغربية وما يرافقها من ترهيب للمواطنين يرتبط بما يجري بغزة بشكل مباشر، "بقدر ما أنه استغلال للظرف في تعزيز واقع جديد للضفة، وقد يكون تمهيدا لمرحلة سياسية مقبلة لطريقة إدارة الضفة من قبل الاحتلال".
وتزامنت العملية العسكرية مع إخطار سلطات الاحتلال للمواطنين بقرية برقة بمصادرة نحو 34 دونما (الدونم=ألف متر مربع) من أراضيهم لصالح توسعة جديدة في مستوطنة "حومش".
وأعادت إسرائيل احتلال "حومش" وتكثيف الاستيطان بها منذ مطلع العام الجاري بتشجيع من الحكومة الإسرائيلية لعودة المستوطنين لـ5 مستوطنات ومعسكرات بشمال الضفة الغربية كانت قد أخليت عام 2005 مع مستوطنات غزة بقرار إسرائيلي أحادي الجانب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: جنود الاحتلال جیش الاحتلال للجزیرة نت قریة برقة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يشن حملة أمنية على محال الصرافة بالضفة والسلطة تندد (شاهد)
شن الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء، عملية أمنية واسعة النطاق استهدفت محالّ صرافة في الضفة الغربية، بزعم تفكيك شبكات مالية تستخدمها إيران لتمويل فصائل فلسطينية تصفها تل أبيب بـ"الإرهابية".
وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال نفذت مداهمات استهدفت ثلاثة مراكز صرافة تعود لشركتي "الخليج" و"فخر الدين"، في منطقتي شارع نابلس وشارع الكراجات القديم وسط مدينة طولكرم، حيث اعتقلت شاباً وفتاتين خلال الحملة.
وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة مداهمات عسكرية متزامنة شهدتها عدة مدن بالضفة، وشملت اقتحام محالّ تجارية ومصوغات ذهبية، بالإضافة إلى صرّافات مالية مرتبطة بشركة الخليج، وفق ما أكدته تقارير صحفية عبرية.
الاحتلال يداهم محالّ صرافة في الضفة ويعتقل موظفين ويصادر الأموال
شنت قوات الاحتلال، فجر اليوم، حملة مداهمات واسعة استهدفت عدداً من محالّ وشركات الصرافة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، طالت مدن رام الله، نابلس، الخليل، وجنين.
وخلال الاقتحامات، صادرت قوات الاحتلال مبالغ مالية pic.twitter.com/kFX9HTD1DL — ق.ض ???? (@qadeyah_) May 27, 2025
وشهدت هذه الحملات اعتقال عدد من الموظفين ومصادرة مبالغ مالية كبيرة، في إطار جهود إسرائيلية متواصلة لوقف ما تسميه بـ"تمويل الإرهاب"، منذ اندلاع الحرب ضد قطاع غزة، بحسب ما نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم".
ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية أن الحملة شارك فيها عناصر من فرقة الضفة الغربية، إلى جانب قوات من الشرطة، وحرس الحدود، والإدارة المدنية، بإشراف مباشر من جهاز الأمن العام "الشاباك".
وطالت المداهمات مدناً من جنوب الضفة حتى شمالها، من الخليل إلى جنين، حيث تم اعتقال عدد من الفلسطينيين ومصادرة ملايين الشواكل من محالّ الصرافة داخل مراكز تجارية.
الاحتلال يعلن الاستيلاء على نحو 7 ملايين شيكل (1.9 مليون دولار) نقدًا ومصادرة ذهب بقيمة 6.2 مليون شيكل (1.7 مليون دولار) واعتقال 30 مواطنا خلال حملته على محلات الصرافة والذهب اليوم في الضفة الغربية.
سارق الأرض هو سارق التاريخ هو سارق المال والذهب! pic.twitter.com/T2zrtrH99f — نوال ???????????? (@nawal66) May 27, 2025
ووفقاً للصحيفة، فإن حصيلة الأموال المصادرة خلال العملية تجاوزت 7 ملايين شيكل بينما يُقدّر إجمالي المبالغ المضبوطة منذ بدء الحرب على غزة بأكثر من 28 مليون شيكل (نحو 7.5 ملايين دولار).
وأضافت الصحيفة أن إيران كثّفت خلال الفترة الأخيرة عملياتها لتحويل الأموال إلى الفصائل الفلسطينية، في مسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة، فيما زعمت أن الحملات الأمنية الإسرائيلية أضعفت هذه الشبكات بشكل ملحوظ.
ليست المرة الأولى
تجدر الإشارة إلى أن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، في كانون الأول/ديسمبر 2023، حملة مشابهة استهدفت محالّ صرافة في مختلف مدن الضفة الغربية، أسفرت عن مصادرة نحو 10 ملايين شيكل (2.82 مليون دولار)، واعتقال عدد من أصحاب المحالّ والعاملين فيها.
وزعمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حينها أن تلك المحالّ ضالعة في تحويل أموال إلى فصائل فلسطينية في قطاع غزة، وهو ما نفاه أصحابها، مؤكدين التزامهم التام بالقوانين المعمول بها، وتحت إشراف ورقابة سلطة النقد الفلسطينية.
وفي بيان لها آنذاك، اعتبرت سلطة النقد الفلسطينية أن الاقتحامات الإسرائيلية تمثل "اعتداءً سافراً" على القوانين الدولية والأنظمة المصرفية، وتستهدف زعزعة الثقة في القطاع المصرفي الفلسطيني، عبر ممارسات خارجة عن كافة المواثيق والاتفاقيات المعترف بها دولياً.
الخارجية الفلسطينية تطالب بتدخل دولي
من جهتها، دعت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الثلاثاء، إلى تدخل أمريكي ودولي فوري لوقف ما وصفته بـ"الانتهاكات الجسيمة وأعمال العنف الواسعة" التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس.
وشددت الوزارة في بيان رسمي على ضرورة ترجمة الإجماع الدولي الداعي إلى وقف التصعيد إلى خطوات عملية تلزم الحكومة الإسرائيلية باحترام إرادة المجتمع الدولي، والعمل على تحقيق السلام.
وأكد البيان أن الوزارة تواصل تحركاتها الدبلوماسية مع مختلف الدول والمنظمات الدولية، في ظل استمرار التصعيد العسكري وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، مشيراً إلى ما جرى مؤخراً في مدرسة الجرجاوي في غزة، والتي كانت تؤوي نازحين، وما وصفه بـ"الاستباحة الإسرائيلية" للضفة الغربية عبر جيش الاحتلال والمستوطنين.
واعتبرت الوزارة أن هذه السياسات تمثل شكلاً متقدماً من "الضم الفعلي وغير المعلن" لأراضي الضفة، وتأتي ضمن مساعٍ للاحتلال الإسرائيلي لتبرير العدوان المتصاعد على المدنيين، وتوسيع الاستيطان وتسريع وتيرة الضم التدريجي، محذرة من تداعيات ذلك على أمن المنطقة وفرص تحقيق حل الدولتين.
وفي السياق ذاته، أعلنت حركة "فتح" في مدينة أريحا بالضفة الغربية المحتلة الإضراب الشامل، حداداً على روح شاب فلسطيني استشهد صباح الثلاثاء برصاص قوات الاحتلال.