بقلم دندراوى الهوارى

الصورة القاتمة، واليأس والإحباط المسيطر على النخب السودانية، سياسيون ومثقفون وكتاب، وشخصيات عامة مشهود لهم بالوطنية، دفعهم الاستماع لطرح أفكار صعبة ومزعجة للبعض منهم، للخروج من المصير المجهول للسودان فى ظل حرب مستعرة، تقضى على الأخضر واليابس، وتدفع بالبلاد إلى خانة الدول الفاشلة، ومن بين الحلول المطروحة وتناقلتها وسائل الإعلام، وناقشها كتاب كبار فى وسائل إعلام داخلية وإقليمية، مقترح «الوصاية الدولية» لمدة عشر سنوات يكون السودان خلالها تحت رعاية مجلس الأمن الدولى مباشرة!

المقترح كان بمثابة الحجر الضخم الذى أُلقى على مياه النهر السياسى فأحدث أمواجا عاتية أغرقت المشهد العام فى نقاشات وجدليات شائكة، شبيهة بصخب الاقتتال الدائر على كل بقعة من الأراضى السودانية، بجانب أطروحات أخرى شبيهة.

طرح «الوصاية الدولية» فى السودان لمدة 10 سنوات أطلقه الدكتور مهدى أمين التوم، رئيس جامعة الخرطوم الأسبق، نهاية شهر يونيو الماضى، وعاد صخبه الآن بقوة. الاقتراح يوضح أن السنوات العشر من الوصاية يتم فيها إعادة تأسيس وتنظيم كل مؤسسات الدولة فى ظل حكم مركزى، ووضع البلاد على خطى التنمية، وأن تضع لجنة دولية دستورا يخضع بعد ذلك لاستفتاء شعبى، ويتضمن أيضا الاستفتاء على هل يُفضل أن يكون السودان تحت الحكم المركزى أم الحكم الفيدرالى، مرجحا الحكم الفيدرالى ويعتبره هو الأفضل للسودان، على أن يكون تحت مسمى «الولايات المتحدة السودانية» وعلى غرار تجارب الآخرين الناجحة، والمطبقة بدرجات متفاوتة فى العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وسويسرا وغيرها من الدول الشبيهة.

يعزى صاحب الاقتراح – وهو شخصية قريبة من المؤثرين فى المجتمع السودنى – طرحه بأنه عبارة عن استراحة مقترحة من ويلات الحرب الأهلية، والفشل الذى طال واستطال، وإيجاد بارقة أمل فى الاستقرار السياسى لكى تُعاد صياغة الحياة فى السودان بعد التيه الذى خلقه أبناؤه بأيديهم.

صاحب الاقتراح مؤمن بأن اقتراحه خارج الصندوق أو خارج الأُطر التقليدية، فالوضع السودانى – كما يرى – الآن وما يحيط به من بؤس وتنازع وانهيار مجتمعى، هو أسوأ مما كان عليه الحال أيام الاستعمار، وما يزيد الأمر حرجا أن كل ذلك حدث بأيدٍ سودانية.

الدكتور محمد مهدى، صاحب الاقتراح، والملقب بالبروفيسور، تناسى وسط إيمانه بطرحه، أن تجربة التدخل الدولى فى بعض الدول، مع اختلاف مسمى السبب، جميعها سطرت فشلا مدهشا، وكانت وبالا على الشعوب، ولم تحقق ولو جزء من الحل، بدءا من العراق وأفغانستان، ومرورا بسوريا وليبيا والكونغو والصومال، وغيرها من الدول.

المقترح أحدث ردود أفعال غاضبة من الأغلبية، واعتبروها خيانة وطنية، وأن الأمم المتحدة ذاتها منظمة فاشلة ولن يؤدى تدخلها إلا لمزيد من التعقيد وإشعال الفتن، وربما يخلق وجود قوات دولية، فى السودان جماعات وتنظيمات متطرفة، الأمر الذى يعيد للأذهان خلق تجربتى «تنظيم القاعدة» و«تنظيم داعش» تحت شعار الجهاد ضد المستعمر المحتل، وطرده من البلاد، ومن ثم فإن دولة يغيب عنها الأمن والاستقرار، تصير مرتعا وأرضا خصبة لنمو مثل هذه التنظيمات الإرهابية الخطيرة!

السعى وراء استدعاء الخارج فى شأن الدول الداخلية، خاصة الدول ذات الأطماع الاستعمارية، قديما وحديثا، ليس حلا بل تعقيدا، شبيه بمن يطفئ النار بسكب البنزين، فالحلول لا بد أن تكون بدافع وطنى داخلى، ورعاية شقيقة من الدول العربية المهمومة بأمن واستقرار السودان، وعلى رأسها مصر.

المصدر: نبض السودان

كلمات دلالية: إلى اسم السودان تغيير خطة من الدول

إقرأ أيضاً:

محور الشر

في المعتاد ألا تقوم الحكومات أو الدول بدعم ورعاية الإرهاب بشكل مباشر و واضح ، لكن بعضها يقوم بتزويد الجماعات الإرهابية بالمال أو السلاح لتنفيذ عمليات إرهابية داخل دولة أخرى.

دعا هذا التحايل دول العالم للانتباه إلى مداخل الإرهاب ومسبباته، عبر إرسال عناصر إرهابية مدربة أو محترفة تعمل كمرتزقة أو تقوم دولة برعاية جماعة إرهابية أو مليشيا بدعمها بالسلاح والأموال والمرتزقة أو تدريب العناصر او السعي لتحقيق أهداف إرهابية بغرض إجبار الدول لتنفيذ أجندة معينة.

ولذلك سعى المجتمع الدولي إلى الحد من الإرهاب منذ العام 1963م حيث تم وضع 19 بروتوكولاً دولياً لمنع الأعمال الإرهابية ثم وضعت الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب 1999م ، وقرار مجلس الأمن رقم 1373 للعام 2001 وكذلك القرار 2462 للعام 2019 م ، والأخير يدعو الدول إلى منع وقمع تمويل الإرهاب بطرق عديدة منها تجريم توفير الأموال أو جمعها عمدا لأغراض إرهابية، ويحثها على إنشاء آليات فعالة لتجميد أموال الأشخاص الضالعين في الإرهاب أو المرتبطين به أو أصولهم المالية.

وجاء في القرار 2178 للعام 2014: (يدعو مجلس الأمن الدول الأعضاء إلى تعطيل أنشطة تمويل الإرهاب المرتبطة بالارهابيين الأجانب (المرتزقة) من حيث تجنيدهم وتدريبهم وتمويلهم).

نرجع أيضاً إلى المعايير الدولية بشأن غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والانتشار التي وضعتها فرق العمل المعنية بالإجراءات المالية للعام 2020 م .
حيث أصدر مجلس الأمن القرارات الآتية :
1617 للعام 2005م ،
2253 للعام 2015 م ،
2368 للعام 2017 م ،
2462 للعام 2019 م ،
وجميعها تدعو إلى تنفيذ التوصيات الأممية بشأن مكافحة الإرهاب ومنع تمويله
كما تم تكوين لجنة مكافحة الإرهاب في العام 2001م.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب في سبتمبر 2006 م ، وهي استراتيجية عالمية جاءت بتوافق الآراء ويتم استعراضها كل عامين مما يجعلها وثيقة متجددة وفق مستجدات الأعمال الإرهابية سواء من جماعات أو دول .

رغم أن هذه الدول قد تكون موقعة أو مصادقة على اتفاقيات منع الإرهاب، إلا انها قد تمارسه عبر (جهات فاعلة غير حكومية أو جماعات متطرفة أو مليشيات) غالباً لتحقيق أهدافها سواء عسكرية أو اقتصادية في أغلب الأحوال.

حينما نقترب من الوضع في السودان وما تمارسه تلك المليشيا الإرهابية ونطبق ما سبق على ما يجري في السودان حيث تشير الدلائل القاطعة إلى تورط أبوظبي في دعم وتمويل المليشيا الإرهابية عبر شحنات الأسلحة والعتاد والتشوين والذخائر واستجلاب المرتزقة وتجنيدهم ودفع الأموال لهم ، في ظل حرب ماكان لها أن تستمر لولا دعم الإمارات لتأجيج نيرانها وزيادة رقعتها .
هذه الحرب جعلت دول المنطقة تراجع أولوياتها الأمنية والاقتصادية، ووضعت منطقة حوض البحر الأحمر تحت المجهر وتفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة بشأن أهداف الإمارات تجاه استمرار الحرب في السودان ودعمها للمليشيا الإرهابية وأعمال الإرهاب في السودان لماذا؟؟

في 18يونيو 2024م – منذ قرابة العام تقريباُ – اتهم مندوب السودان في الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، خلال اجتماع لمجلس الأمن في نيويورك خصص لبحث الوضع في السودان، اتهم الحارث الإمارات بأنها تدعم الإرهاب عبر دعمها للمليشيا الإرهابية وأن السودان يملك أدلة دامغة على ذلك ، ثم نشرت مقاطع مصورة من ميدان الحرب صورها جنود القوات المسلحة لشحنات الذخائر والاسلحة وارد الإمارات التي كانت بحوزة المليشيا واستولى عليها الجيش بعد فرارهم منهزمين.

بالمناسبة ليس السودان وحده من يتهم الإمارات بدعم الإرهاب ، بل تردد اسم الإمارات في دعم جماعات توصف بالانفصالية في جنوب اليمن وشرق ليبيا !!!
ويثور تساؤل آخر حول علاقة الإمارات بالمرتزقة القادمين من دول مثل كولمبيا و دولة جنوب السودان وليبيا واثيوبيا وتشاد وأفريقيا الوسطي وغيرها ؟؟
ويثور تساؤل آخر أكبر وأعمق حول عدم إدانة المجتمع الدولي لها حتى الآن ؟؟
(حقا من أمن العقاب أساء الأدب) !!!
ترى مَن يقف خلفها ويدعم ذلك كله ؟؟

د. إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الإمارات تؤكد رفضها القاطع لادعاءات سلطة بورتسودان حول دورها في الأزمة السودانية
  • جامعة كامبريدج تستضيف المنتدى السنوي لجمعية البحوث الأثرية السودانية
  • وسط مساعٍ دولية متواصلة لتحقيق السلام.. تنسيق بريطاني – أمريكي لضمان وقف النار بين الهند وباكستان
  • المدير العام للشركة السودانية للاسواق الحرة: سيتم نقل الرئاسة الى منطقة قري الحرة عقب عطلة عيد الاضحى
  • الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية يجددون التزامهم بوحدة السودان وإنهاء الحرب
  • السيسي: يجب تأمين وصول المساعدات الإنسانية والحفاظ على وحدة الأراضى السودانية
  • رئيس الوزراء العراقي: نثمن قرار الولايات المتحدة برفع العقوبات عن سوريا
  • كوريا الجنوبية تدعو الولايات المتحدة لإلغاء الرسوم على سلعها
  • في عامها الثالث للحرب.. الشبكة الشبابية السودانية تتحرك بحملة «رؤية جيل» من المشاورات إلى الفعل السياسي 
  • محور الشر