المقصود بإضافة المعراج لله عز وجل في قوله سبحانه ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" المقصود بإضافة المعراج لله عز وجل في قوله سبحانه: ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾؟"، لترد موضحة: أن الذي عليه جماهير علماء الأمة أن العروج إليه سبحانه معناه ارتفاع الرتبة وزيادة الفضل وعلو المكانة وشرف المنزلة ونحو ذلك؛ ممَّا ليس فيه صعودٌ حِسِّيٌّ أو انتقال أو قطع مسافة، ويكون المقصود من إضافة المعارج إلى الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾ هي إضافة فعلٍ وخلقٍ؛ إذ معناها: صاحبُ المعارج؛ أي: خالقُها ومُنشِئُها ومُعْطِيها ومانِحُها.
إضافةُ المعارج إلى الله تعالى في قوله سبحانه: ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾ [المعارج: 3] هي إضافة فعلٍ وخلقٍ؛ إذ معناها: صاحبُ المعارج؛ أي: خالقُها ومُنشِئُها ومُعْطِيها ومانِحُها، كما يقال: ذو العرش، ورب البيت، ومالك الملك، ونحو ذلك.
والمعارجُ: جمع مَعْرَج، وهو المَصْعَد، والصعود: إما أن يكون إليه سبحانه؛ فيكون مجازًا عن علوّ المكانة ورُقيِّ المرتبة عنده؛ لاستحالة المكان في حقه سبحانه، وإمَّا أن يكون لمواضع مخلوقاته المشرَّفة؛ فيصحّ فيه ارتفاع المكانة أو المكان؛ قال الإمام بدر الدين بن جماعة الشافعي في كتابه "إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل" (ص: 111-112، ط. دار السلام): [قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: 10]، ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه﴾ [المعارج: 4]، ﴿وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: 55] اعْلَم أَنه قد تقدم الكلامُ عليه في آيَة الاسْتوَاء، ونزيد هَهُنَا: أَنه إِذا ثَبت اسْتِحَالَةُ الْجِهَة فِي حَقه تَعَالَى وَجب تَأْوِيل هَذِه الْآيَات، وَأَنَّ المُرَاد: يصعد ويعرج إِلَى مَحلّ أمره وإرادته، أَو أَنَّ المُرَاد بالمعارج: الرتب والدرجات؛ كَمَا ورد فِي دَرَجَات الْجنَّة، وَلَيْسَ المُرَاد بِهِ: الدَّرَجَات الَّتِي هِيَ مراقي من سفل إِلَى علو الرُّتْبَة والمنازل عِنْده تَعَالَى، وَفِي إفاضات النعم فِي الْجنَّة، ومنه قولُه تعالى: ﴿وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾، وقوله: ﴿بَل رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: 158] إِلَى مَحل كرامته؛ كَمَا يُقَال: رفع السُّلْطَان فلَانًا إِلَيْهِ؛ لَيْسَ المُرَاد مَكَانًا وَلَا جِهَة علو، بل قرب رُتْبَة ومنزلة] اهـ.
والمعارج: جمعٌ يشمل كل عروج؛ فيَعُمُّ الفواضل والنعم، والدرجات والفضائل العالية، ومصاعد الأرواح والملائكة، وغير ذلك؛ قال الإمام أبو منصور الأزهري في "تهذيب اللغة" (1/ 228، ط. دار إحياء التراث العربي): [وَقَوله جلّ وعزّ: ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾، قَالَ قَتَادَةُ: ﴿ذِي الْمَعارِجِ﴾: ذِي الْفَوَاضِلِ والنِّعَم. وقِيلَ: مَعارج الْمَلَائِكَةِ وَهِيَ مَصاعِدها الَّتِي تَصْعَد فِيهَا وتعرُج فِيهَا. وَقَالَ الفراءُ: ﴿ذِي الْمَعارِجِ﴾: مِنْ نَعْتِ اللهِ؛ لأَن الْمَلَائِكَةَ تعرُج إِلى اللهِ، فَوَصَفَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ] اهـ.
وقال الإمام الثعلبي في تفسيره "الكشف والبيان" (29/ 336، ط. دار التفسير): [﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "يعني: ذي السماوات"، وقال ابن كيسان: "المعارج: الفتق الذي بين سماءين وأرضين"، وقال قتادة: "ذي الفواضل والنعم"، وقال سعيد بن جبير: "ذي الدرجات"، وقال القرظي: "ذي الفضائل العالية"، وقال مجاهد: "معارج الملائكة"] اهـ.
وقال الإمام الحليمي في "المنهاج في شعب الإيمان" (1/ 210، ط. دار الفكر): [ذو المعارج: وهو الذي إليه يُعرَجُ بالأرواح والأعمال] اهـ.
وقال أيضًا (1/ 339): [لَمّا وصف نفسه بذي المعارج بيَّن أن هذه المعارج لملائكته، فقال: ﴿تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْه﴾؛ أي: إلى حيث جعله مضافًا لهم حول العرش] اهـ.
وقال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (30/ 638، ط. دار إحياء التراث العربي): [والمفسرون ذكروا فيه وجوهًا: أحدها: قال ابن عباس في رواية الكلبي: ذي المعارج، أي ذي السماوات؛ وسماها معارج لأنَّ الملائكة يعرجون فيها.
وثانيها: قال قتادة: ذي الفواضل والنعم؛ وذلك لأن لأياديه ووجوهِ إنعامِه مراتبَ، وهي تصل إلى الناس على مراتب مختلفة.
وثالثها: أنَّ المعارج هي الدرجات التي يعطيها أولياءه في الجنة.
وعندي فيه وجه رابع: وهو أن هذه السماوات كما أنها متفاوتة في الارتفاع والانخفاض والكبر والصغر، فكذا الأرواح الملكية مختلفة في القوة والضعف والكمال والنقص وكثرة المعارف الإلهية وقوتها وشدة القوة على تدبير هذا العالم وضعف تلك القوة، ولعلَّ نور إنعام الله وأثر فيض رحمته لا يصل إلى هذا العالم إلا بواسطة تلك الأرواح، إما على سبيل العادة أو لا كذلك على ما قال: ﴿فَالمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾ [الذاريات: 4]، ﴿فَالمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا﴾ [النازعات: 5]. فالمراد بقوله: ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعَارِجِ﴾ الإشارة إلى تلك الأرواح المختلفة التي هي كالمصاعد لارتفاع مراتب الحاجات من هذا العالم إليها، وكالمنازل لنزول أثر الرحمة من ذلك العالم إلى ما ها هنا] اهـ.
وقال العلَّامة ابن المُنيِّر في "المتواري على تراجم أبواب البخاري" (ص: 424، ط. مكتبة المعلا): [وفُهِمَ من قوله: ﴿ذِي الْمَعَارِجِ﴾ أنَّ العلو الفوقي مضاف إلى الحق على ظاهره، فبيَّن البخاري أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء، والحيز الذي يصدق عليه أنه عرش، كلُّ ذلك مخلوقٌ مربوبٌ محدَث، وقد كان الله ولا مكان ضرورة، وحدثت هذه الأمكنة، وحدوثُها وقِدَمُه جلَّ جلاله يُحِيلُ وصفَه بالتحيز فيها؛ لأنَّه لو تحيز لاستحال وجوده قبل الحيز، مثل كل متحيز، تعالى الله عن ذلك] اهـ.
وعلى ذلك: فالذي عليه الأمة الإسلامية كلها بفقهائها ومُحدثيها ومتكلميها أن العروج إليه سبحانه معناه ارتفاعُ الرتب وزيادة الفضائل وعلو المكانة وشرف المنزلة، ونحو ذلك؛ ممَّا ليس فيه صعودٌ حِسِّيٌّ ولا نقلةٌ أو قطع مسافة، ولم يشذّ عن ذلك إلَّا الجهمية المُجسِّمة والمُشبِّهة ومَنْ ضلَّ بضلالهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: قال الإمام ذ ی ال م ع اهـ وقال الم ر اد ه تعالى وقال ا
إقرأ أيضاً:
روسيا تعلّق على محادثات أوكرانيا في برلين
علق الكرملين، اليوم الأحد، على المباحثات المقررة بين الأوروبيين والأميركيين في العاصمة الألمانية برلين بشأن مقترحات السلام حول كيفية إنهاء الأزمة في أوكرانيا.
وقال يوري أوشاكوف مستشار الرئيس الروسي إن روسيا لا تتوقع نتائج إيجابية تذكر من تلك المحادثات. وأضاف أوشاكوف، في تصريحات للتلفزيون الروسي الرسمي سجلت أمس الأول الجمعة وبثت اليوم الأحد، أن مساهمات أوكرانيا والقوى الأوروبية في خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب "لن تكون بناءة على الأرجح".
وقال أوشاكوف "هنا تكمن المشكلة"، مشيرا في الوقت نفسه إلى ثقة روسيا بأن الجانب الأميركي يتفهم الموقف الروسي.
وأوضح أوشاكوف أن روسيا لن تتراجع عن مطالبها المتعلقة بالأراضي.
وقال أوشاكوف إن "قضية الأراضي قد تم بحثها بشكل شامل في موسكو"، في إشارة إلى المحادثات التي استمرت خمس ساعات في العاصمة الروسية موسكو بين المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مطلع الشهر.
وأضاف أوشاكوف "الأميركيون لا يعرفون موقفنا فحسب، بل يتفهمونه أيضا".
ويترأس ويتكوف الوفد الأميركي في محادثات برلين.
وقال مستشار الرئيس الروسي إن موسكو لا تعلم ما الذي يخطط له الأوكرانيون وحلفاؤهم الأوروبيون، مضيفا "لن يكون ذلك شيئا جيدا على الأرجح".
وأكد أنه لا أمل في تحقيق انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).