من الممثل الوحيد إلى المرشح الوحيد!!
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
كنت أستغرب في بيانات القمم العربية بعد حرب 1973م وبدء مسار التطبيع عبر كامب ديفيد الأمريكي، كنت أستغرب الإصرار على حشو وحشر أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني..
وأول مؤشر إجابة على علامة الاستفهام كان اتفاق توقيع ” أوسلو “، فالذي بات يعمل للوصول إلى هذا الاتفاق ” أمريكا ” هي التي فرضت هذه العبارة في بيانات القمم.
ولذلك فلا غرابة أن تصيغ أمريكا لاحقاً بياناً لقمة عربية في مصر ” شرم الشيخ “، وأصبحت مهمة تلك القمة هي كلمة ” نعم ” أو ” لا ” لبيان أمريكي باسم وفي ظل حشد أغلبية تساوي النسبة العربية المتعارف عليها 99% ليقولوا ” نعم “، ويصبح من يحتمل أن يقول ” لا ” أقل من الأقلية..
لقد رحل ” عرفات ” لأنه قال ” لا ” لقمة كامب ديفيد مع الرئيس الأمريكي ” كلينتون “، وبالتالي فقد أعد البديل سلفاً ” محمود عباس ” وكأن عبارة ” الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني ” في القمم العربية إنما صيغت لمرحلته ومن أجله، باعتباره اليد الأمينة لأمريكا وإسرائيل، ولو أنه كان مكان سلفه عرفات في كامب ديفيد لكان وافق على كل ما طلبه ” كلينتون”..
بالمقابل فكل تنظيمات الأخوان أعدت لهم محطة أمريكية هي ” الربيع العربي ” كما سُمي، وأصبح الأخوان هم الثورات وهم الثوار حتى من أدرج منهم في قائمة الإرهاب الأمريكية في اليمن وغير اليمن، أما إن حدث تثوير أو ثورة في “إسرائيل”، فذلك إرهاب في السياق والسيناريو الأمريكي المسبق للمنطقة..
ولهذا فإن الثنائية أو المتلازمة من السيناريو الأمريكي المسبق والقمم العربية ” الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني ” و” الإرهاب “، هي من يدفع بها في وجه ” حماس ” في ظل أي تطورات محتملة لما بعد العدوان والإجرام الإسرائيلي الأمريكي على غزة..
فأمريكيا تريد أدوات طيّعة ومطيعة ومتطوعة من أنظمة، أو من الأخوان لأداء وجهي اللعبة الأمريكية كإرهاب حين تحارب به من إفغانستان والشيشان حتى سوريا وليبيا، ومن ثم دور الإرهاب لتحاربه، ولذلك فنحن نرى في الأفعال هو أن أمريكا تدعم الإرهاب في سوريا وليبيا مثلاً، فيما تزعم أنها تحارب هذا الإرهاب كون لديها وصفات وقدرات ترويض لأطراف وأطياف لأداء هذه الأدوار، بغض النظر عن قطعان غنم يسهل تضليلها لتظل تؤدي هذه الأدوار بدون وعي..
إنني كذلك لم أكن أفهم أو أستوعب تلك العبارة الشهيرة في بيانات قمم عربية، ولكنني أرى أن قيادة عرفات لمنظمة التحرير تفرق كثيراً عن قيادة ” عباس ” والمشروعة اختلفت وتغيّرت وليست موروثة ” رمم ” ولا مستحقاً كمواريث..
يُحسب لـ ” حماس ” وبقية الفصائل الفلسطينية المقاومة أنها حققت ماعجزت عنه جيوش عربية، وأعطت للقضية الفلسطينية زخماً على مستوى شعوب بما لم يحدث من قبل سبعة عقود..
ما يحدث في غزة يقدم بوضوح وبكل الثبوتيات والوقائع أن الكيان الصهيوني وأمريكا هما الإرهاب، ومع ذلك فأني لا يهمني استعمالهما -الكيان الصهيوني وأمريكا- لـ ” سيناريو ” نعرفه حق المعرفة في استعمال وجهي ” الإرهاب والحرب ضد الإرهاب ” في منطقتنا ومن أجل مصالح أمريكيا وإسرائيل، ولكن المؤسف والمقرف بات في أي طرف فلسطيني يتحدث عن ما بعد العدوان على غزة في تناغم مع المنطق الأمريكي والإسرائيلي، أو يتحدث عن انتخابات فلسطينية باجترار ماضوي من قمم و ” رمم ” عربية..
في ظل المتغيرات عالمياً وإقليمياً وفلسطينياً، لم يعد الممثل الوحيد لأمريكيا وإسرائيل هو الممثل للشعب الفلسطيني..
البديهية عالمياً باتت تؤكد أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها ” حماس ” هي صاحبة الأغلبية الكاسحة من الشعب الفلسطيني، ولكن المقاومة أولويتها تحرير فلسطين وتربط أي ترتيبات في غزة أو في عموم فلسطين بهذا الهدف..
التحرير هو ما تريده وما تعيشه المقاومة، ولذلك بالتأكيد سترفض أي عمل وأي ترتيبات تعيق أو تسعى لتعطيل مسار وخيار التحرير..
ربما ما لايعيه البعض هو أن المشروعية تستمد فقط من الشعب الفلسطيني، وأن أمريكا وإسرائيل لم يعد لهما التأثير في مسألة المشروعية بعد 7 أكتوبر 2023م، ومع ذلك فالمرتهنون لما هو غير فلسطيني سيظلون في تفكير ووعي الارتهان المنحط والمهين..!!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
"الناجي الوحيد".. لقب "بتول" الذي جردها الفقد معانيه
غزة - خاص صفا
"ناجية وحيدة"، لكن صدمة فقد عائلتها قبل نحو شهر، في وقت وضعت فيه حرب غزة أوزارها، جردتها من معاني الكلمة، وتعيش أوضاعًا صعبة، تتمنى فيها "اللحاق بهم.
الفتاة بتول أبو شاويش "20 عاما"، واحدة من آلاف الناجين الوحيدين لأسرة كاملة ارتقت بحرب غزة، لكنها تُسقى أضعافًا من كأس الفقد، لكونها استبعدته يومًا.
"أنا لستُ ناجية، أنا وحيدة وتمنيتُ لو أني ذهبتُ معهم"، تقول بتول لوكالة "صفا".
وتضيف "استشهدت أمي وأبي وإخوتي في قصف بجانب بيتنا في أبراج عين جالوت قبل شهر، وكنت معهم في نفس البيت".
ولكن دقيقة بين مغادرة "بتول" غرفة إخوتها نحو غرفتها، كانت فاصلًا بينها وبينهم، بين حياتها ومماتهم، رغم أن أنقاض البيت وقعت عليها هي أيضًا.
وتصف تلك اللحظات "كنت بجانب محمد وجميعنا بغرفة واحدة، ذهبت لأبدل ملابسي، وفي لحظة وجدت نفسي تحت الأنقاض".
ما بعد الصدمة
وانتشلت طواقم الدفاع المدني "بتول" من تحت جدارين، مصابة بذراعيها، وحينما استفاقت داخل المستشفى، وجدت عمها بجانبها.
سألت بتول عمها عن والديها وإخوتها، وعند كل اسم كان جوابه "إنا لله وإنا إليه راجعون".
لم تتمالك نفسها وهي تروي اللحظة "لم أستوعب ما كان يقوله عمي، لقد فقدتُ أهلي، راحت أمي رغم أنني كنت أدعوا دومًا أمامها أن يكون يومي قبل يومها".
"بتول" تعيش أوضاعًا نفسية صعبة منذ فقدت أسرتها، ويحاول عمها "رفعت"، أن يخفف عنها وطأة الفقد والصدمة.
"لحظات لم تكتمل"
يقول رفعت "40 عاما"، لوكالة "صفا"، إنها "ليست بخير، لا تعيش كأنها نجت، ولا تتوقف عن التساؤل لماذا لم تذهب معهم".
ويضيف "هي تؤمن بالأقدار، لكن أن يفقد الإنسان أهله وفي وقت هدنة، يعني مفروض أنه لا حرب، والقلوب اطمأنّت، فهذا صعب خاصة على فتاة بعمرها".
وسرق الاحتلال لحظات جميلة كثيرة من حياة "بتول"، لم تكتمل، كحفلة نجاح شقيقها "محمد" في الثانوية العامة.
يقول عمها "بتول بكر أهلها، وهي تدرس في جامعة الأزهر، رغم كل الظروف، وقبل استشهاد أخي وعائلته، احتفلوا بنجاح محمد، وكانوا ينوون تسجيله معها في الجامعة".
ومستدركًا بألم "لكن كل شيء راح، وبقيت بتول وحيدة تحاول أن تنهض من جديد، لكن ليس بعد".
ولم تقدر "بتول" على وداع أهلها من شدة صدمتها، وحينما وضعوها بين خمسة جثامين، تحدثت إليهم، سألتهم لما "رحلتم وتركتموني"، وما قبلت إلا جبين شقيقتها الصغيرة، أما أمها "فعجزت عن الاقتراب منها"، تردد بتول وهي تهتز من استحضار المشهد.
ويوجد في غزة 12,917 ناجيًا وحيدًا، تبقوا من أصل 6,020 أسرة أبيدت، خلال حرب الاحتلال على غزة على مدار عامين، فيما مسح الاحتلال 2700 أسرة من السجل المدني بكامل أفرادها، البالغ عددهم 8,574 شهيداً.