الدين العالمي يتصاعد.. مخاطر وتهديدات محدقة
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
تصاعدت هالة الديون العالمية إلى مستويات غير مسبوقة، مما يلقي بظلال مخيفة على الاقتصاد العالمي. ووفقًا لأحدث تقرير من معهد التمويل الدولي، فقد بلغ حجم الديون العالمية إلى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023 نحو 307 تريليونات دولار، وهو ما يشكل ارتفاعا كبيرا بما لا يقل عن 10 تريليونات دولار عن أرقام العام الذي سبقه.
وقال التقرير إن نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ الآن نحو 336%، ارتفاعا من 334% في الربع الرابع من عام 2022. وشهدت النسبة انخفاضا لـ7 أرباع متتالية، قبل أن تستأنف مسارها التصاعدي في النصف الأول من عام 2023.
ويشمل هذا الارتفاع، وفقا للتقرير، الاقتراض من قبل الحكومات والشركات والأسر، مما يشكل تهديدا مخيفا لكل من الدول المتقدمة والنامية.
ويسلط التقرير الضوء على ارتفاع الديون الذي ينطوي بشكل رئيسي على البلدان المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وفرنسا. فقد دفع هذا الارتفاع نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات قياسية وهو ما يعد مؤشرا مقلقا على الضغوطات الاقتصادية العالمية المحتملة.
آثار صعبة على الاقتصادات
ويصوّر تقرير توقعات كبار الاقتصاديين في المنتدى الاقتصادي العالمي صورة مثيرة للقلق، إذ يتوقع 6 من كل 10 من كبار خبراء الاقتصاد انحدارا اقتصاديا عالميا، مشيرين إلى أن التضخم المتزايد شكل محفّزا لعجلة الديون، الأمر الذي دفع الديون العالمية إلى مستويات قياسية مرتفعة، مما يؤثر على المشهد المالي للدول المتقدمة.
وينقل التقرير عن معهد التمويل الدولي أن "معدلات المديونية العالية ومستويات الديون المرتفعة تزيد من أعباء الحكومات، وهو ما يؤدي بدوره إلى زيادة الضغوط على الديون المحلية".
وبعد فترة طويلة من انخفاض أسعار الفائدة، استجاب الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) وغيره من البنوك المركزية في العالم لارتفاع معدلات التضخم من خلال رفع أسعار الفائدة.
وفي السياق، يؤكد تقرير موسع عن الديون الدولية -صادر عن البنك الدولي– على محنة الدول النامية، خاصة الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط إزاء تضخم الديون. ويشير التقرير إلى أنه في الدول النامية أُعيد توجيه مبلغ قياسي بلغ 443.5 مليار دولار لخدمة الديون الخارجية العامة والمكفولة عام 2022 وحده وهو رقم قياسي، مما يحوّل الأموال الحرجة من القطاعات الأساسية، مثل الصحة والتعليم والمبادرات البيئية، في تلك البلاد لخدمة الديون.
وقال البنك الدولي إن هذا أدى إلى تكثيف نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وفي السنوات الثلاث الماضية وحدها، كانت هناك 18 حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في 10 دول نامية، وهو رقم أكبر من العدد المسجل في العقدين الماضيين، في حين أن نحو 60% من البلدان المنخفضة الدخل معرضة بشدة لخطر العجز عن سداد الديون أو أنها تعاني بالفعل من ذلك.
ويقول الخبراء في مجال الديون إن الوضع يتطلب إستراتيجية شاملة لتخفيف الأعباء المالية عن البلدان الفقيرة على نطاق المبادرات التي صدرت أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وقال البنك الدولي إن الديون تمثل مشكلة خاصة بالنسبة للبلدان المنخفضة الدخل البالغ عددها 75 دولة والمؤهلة للحصول على قروض ومنح بأسعار فائدة منخفضة من المؤسسة الدولية للتنمية. ووصلت مدفوعات خدمة الديون لهذه المجموعة من البلدان إلى مستوى قياسي بلغ 88.9 مليار دولار في عام 2022 بعد تضاعف مدفوعات الفائدة 4 مرات العقد الماضي.
وخلص التقرير إلى أنه من المتوقع أن ترتفع تكاليف خدمة الديون الإجمالية لأفقر 24 دولة في عامي 2023 و2024 بنسبة تصل إلى 39%.
ويؤكد كبير اقتصاديي البنك الدولي إنديرميت جيل خطورة الوضع، إذ يقول إن "مستويات الديون القياسية ومعدلات الفائدة المرتفعة وصلت إلى مسار أزمة حقيقية في عديد من الدول".
الاتجاهات الحالية والتحديات المستقبلية
وفي حين شهد العبء العالمي للديون انحسارا طفيفا لمدة عامين متتاليين -بعد جائحة كورونا- وفقا لمعهد التمويل الدولي، فإن هذا الانحسار لم يكن كافيا بتلك الدرجة. فقد انخفضت الديون العامة بمقدار 8% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين الماضيين، وهو ما يعوض فقط نصف الارتفاع الناجم عن عام الجائحة.
ويسلط التقرير الضوء على التحديات المستمرة، فقبل الجائحة، كانت نسب الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع مستمر منذ عقود، مما يشير إلى الصعوبات المزمنة والمستمرة في إدارة مستويات الديون.
ويحث تقرير معهد التمويل الدولي على اتخاذ إجراءات فورية ومنسقة لمنع أزمة كاملة. في حين يؤكد جيل ضرورة اتخاذ تدابير سريعة ومنسقة بقوله إن "الوضع يستدعي اتخاذ إجراءات سريعة ومنسقة من حكومات المدينين والدائنين الخاصين والرسميين والمؤسسات المالية الدولية".
ويشير التقرير إلى ضرورة الإجراءات الشفافة، وتحسين أدوات استدامة الديون، وتسريع إجراءات إعادة الهيكلة لتجنب كارثة اقتصادية محتملة.
وتبرز الشفافية المحسّنة للديون وممارسات الاقتراض المستدام بوصفها متطلبات أساسية لإدارة الديون الفعّالة. ويشدد البنك الدولي على ضرورة تصدير البيانات الواضحة لتوجيه جهود إعادة هيكلة الديون وضمان الاستقرار الاقتصادي والنمو. وهو ما يؤكده هيشان فو، الأمين العام للإحصاءات في البنك الدولي، حينما صرح بأن "الشفافية في الديون هي المفتاح للاقتراض العام المستدام وممارسات الإقراض القائمة على القواعد والمسؤولية الاجتماعية لإنهاء الفقر".
وتشكل أزمة الديون العالمية تهديدا وشيكا لاستقرار الاقتصاد والتنمية المستدامة. بينما تعد الإجراءات الفورية ضرورية لمنع مزيد من التصاعد، حيث يُحث صناع السياسة وخبراء المؤسسات المالية الدولية على التعاون في تدابير شفافة وإعادة هيكلة الديون وممارسات الاقتراض المستدامة.
وتتطلب خطورة الوضع القائم التزاما عالميا للحد من المخاطر الاقتصادية المحتملة، مما يضمن توجيه الموارد الحيوية نحو القطاعات الأساسية للنمو الشامل والمستدام، وفقا لهيشان فو.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی الدیون العالمیة التمویل الدولی الدین العالمی البنک الدولی وهو ما
إقرأ أيضاً:
البنك التجاري الدولي-مصر يفوز بجائزتي أفضل بنك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وأفضل برنامج تمويل سلاسل الموردين من MEED
أعلنت مؤسسة MEED عن فوز البنك التجاري الدولي – مصر (CIB) بجائزة أفضل بنك للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، تأكيدًا على ريادته وابتكاره في تقديم الخدمات المالية. ويُعد هذا التتويج دليلاً جديدًا على التزام CIB بدعم رواد الأعمال والمشروعات الناشئة من خلال توفير منتجات وحلول تمويلية واستشارية تتماشى مع متطلبات هذا القطاع الحيوي، وتسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.
يواصل البنك التجاري الدولي ريادته في السوق المصرية من خلال برنامج تمويل سلاسل الموردين، كونه أول بنك في مصر يقدم برنامجًا متكاملًا لتمويل سلاسل الموردين مدعومًا بمنصة رقمية، مما يُمثل ميزةً بارزةً للبنك ودليلًا على مكانته الرائدة في الابتكار. ويوفر تمويل سلاسل الموردين خيار دفع سريع لضخ السيولة عند الحاجة، ودعم متطلبات رأس المال، وتمويل أنشطة الأعمال.
تأتي الجائزة في إطار جوائز MEED للتميز المصرفي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2025، والتي تحتفي بالمؤسسات المصرفية التي تُحدث تأثيرًا إيجابيًا وتقدّم تجربة استثنائية للعملاء. ويؤكد هذا الإنجاز المكانة الراسخة لـ CIB كمؤسسة مصرفية مرموقة تتبنى الابتكار وتضع احتياجات عملائها في صميم استراتيجيتها.
وفي هذا السياق، صرّح هاني الديب، رئيس قطاعات ومنتجات وعلاقات ائتمان الشركات المتوسطة و الصغيرة فيCIB “بأن الحصول على هذه الجائزة المرموقة يعكس التزام CIB الراسخ بدعم نمو وتطور قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال حلول مالية مبتكرة وشراكات استراتيجية. وبصفتنا البنك الرائد في مصر لهذا القطاع، فإننا نواصل توفير خدمات مصممة خصيصًا لتمكين الشركات، وتعزيز الشمول المالي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة. هذا التقدير يعزز مسؤوليتنا في تحسين عروضنا باستمرار وتعزيز دورنا في تطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة.”
من جانبه، أضاف إد جيمس، رئيس قسم المحتوى والتحليل في MEED :"إن قطاع الخدمات المصرفية للأفراد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشهد تطورًا سريعًا، مدفوعًا بالأطر التنظيمية وتزايد توقعات العملاء. نحن نشهد حقبة جديدة من المنافسة، حيث أصبحت المرونة والتخصيص والتمويل المدمج عوامل تميّز رئيسية."