قوافل الأزهر الطبية في 2023.. يد تطبب والأخرى ترسم الأمل| صور
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
حفل عام 2023 بنشاط كبير في تسيير الأزهر لقوافله الطبية والإغاثية داخل مصر وخاصة خارجها، وذلك في إطار دوره الاجتماعي والإنساني والوطني، للوقوف بجانب الفئات الأكثر احتياجًا؛ من خلال توفير الأدوات الطبية والأدوية والمستلزمات الإغاثية والمواد الغذائية، وتقديم الكشوفات الطبية للمرضى وإجراء عمليات طبية، تخفيفا على الناس آلامهم وجراحهم.
أولًا: القوافل الداخلية
خلال عام 2023 أطلق الأزهر العديد من القوافل الطبية والإغاثية التي ضمت نخبة متميزة من أساتذة طب جامعة الأزهر في مختلف التخصصات، حيث انطلقت قافلة الأزهر الطبية في 12 يناير 2023 إلى سوهاج بـ22 طبيبًا في 14 تخصصًا، وذلك لمدة أسبوع، لتوقيع الكشف الطبي على المواطنين في مستشفيات قرية بلصفورة التابعة لمركز ومدينة سوهاج وقرية شطورة التابعة لمركز طهطا، مع عمل الفحوصات اللازمة، وإجراء العمليات الجراحية الكبرى والمتوسطة بالمجان في المستشفى العام بسوهاج، ووقعت القافلة الكشف الطبي على قرابة 8 آلاف شخص، و60 «إيكو» بعيادة القلب، و50 سونار، و350 عملية جراحية في مجالات جراحة الأطفال والجراحة العامة والأورام والعظام والأنف والأذن والأسنان، و 2000 تحليل واختبار.
وفي الأول من شهر فبراير انطلقت قافلة الأزهر الطبية الثانية إلى محافظة قنا في قرى سمهود بمركز أبو تشت، وحجازة بمركز قوص، والبراهمة بمركز قفط، وأولاد عمرو بمركز قنا، لخدمة هذه القرى والقرى المجاورة لها، لتقدم لهم أكثر من 10 آلاف خدمة طبية مجانية للمواطنين، حيث أجرت (6700) كشف، وأجرى معمل التحاليل (2000) تحليل، وعمل (170) أشعة «إيكو» على القلب، ورسم القلب (130)، وإجراء (1350) اختبار سكر وقياس ضغط، و(420) نظارة نظر، وعدد (150) عملية في عدد من تخصصات القافلة.
*ثانيا: القوافل الخارجية*
شهد عام 2023 الكثير من الأحداث المؤلمة لبعض أشقائنا فكانت قوافل الأزهر حاضرة تؤدي دورها الإغاثي على أكمل وجه، عونا وغوثا لهم، واستكمالا لدور الأزهر الإنساني، فبعد ضرب سوريا بزلزال مدمر، وجه فضيلة الإمام الأكبر في 13 فبراير بيت الزكاة والصدقات المصري، بإرسال مساعدات عاجلة لمتضرري الزلزال بسوريا من أغذية وملابس وأغطية لدعم الأسر المتضررة، لمواجهة آثار الزلزال المدمر الذي أدى إلى آثار تدميرية وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا والمصابين، وشدد فضيلة الإمام الأكبر على توفير كافة المساعدات الإغاثية التي يحتاجها الأشقاء السوريين في المناطق التي تضررت من الزلزال، للتخفيف عنهم في تلك المحنة التي ألمت بالشعب السوري الشقيق، في إطار مد يد العون للأشقاء في مختلف الظروف.
وفي 6 مارس وجه شيخ الأزهر بيت الزكاة والصدقات المصري بإرسال إعانات إغاثية عاجلة لمسلمي الروهينجا المتضررين من الحريق الهائل الذي نشب في مخيم للاجئين في منطقة كوكس بازار في بنجلاديش، معربا عن تضامن الأزهر الكامل؛ أساتذة وعلماء وطلابا، مع مسلمي الروهينجا الذي تضرروا من الحريق، وأسفر عن حرق ما يزيد عن ٢٠٠٠ خيمة، وتدمير المراكز الصحية والتعليمية والمساجد، وتضرر الآلاف من مسلمي الروهينجا ونزوحهم من المخيمات بحثًا عن الأمن، موجها بإرسال إعانات إغاثية عاجلة من خيم وكساء وغطاء ومواد طبية وغذائيية.
كما دعا فضيلته الجميع للتضامن ومدِّ يد العون لمسلمي الروهينجا خاصة مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، وتذكير العالم بمأساة هؤلاء المهجرين من ديارهم بحثا عن الأمن ولقمة العيش، وما يتعرضون له من ظلم وتعذيب وإبادات جماعية، وتمييز عنصري، داعيًا المولى عز وجل أن يبدلهم من بعد خوفهم أمنًا، وأنْ ينزل عليهم سكينته، وأنْ يرزقهم الأمن والأمان والسلامة والاستقرار.
وفي 24 أكتوبر وجه شيخ الأزهر بيت الزكاة والصدقات المصري بإرسال قافلة الأزهر الإغاثية الأولى إلى غزة من 18 شاحنة محملة بالأدوية والمواد الغذائية والإغاثية، مثل المياه والطعام والملابس في إطار حملة «أغيثوا غزة»، من أجل دعم إخواننا في قطاع غزة، وجاءت القافلة في ظل ما يعانيه أشقاؤنا في غزة من وضع إنساني كارثي، جراء الحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال على القطاع، واستشهاد آلاف من الأطفال والنساء والكبار من الأبرياء.
وفي 21 أكتوبر انطلقت قافلة الأزهر الإغاثية الثانية مكونة من 40 شاحنة من بيت الزكاة والصدقات المصري دعمًا لأهلنا في غزة، محملة بالأدوية والمواد الغذائية والإغاثية ومستلزمات الإيواء والمعيشة، وفي 28 نوفمبر انطلقت قافلة الأزهر الإغاثية الثالثة من بيت الزكاة والصدقات المصري، مكونة من 17 شاحنة كبرى تحتوي على مواد غذائية وإغاثية ومستلزمات الإيواء وخصوصًا احتياجات الشتاء.
وفي ٢٨ ديسمبر وبتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس أمناء بيت الزكاة والصدقات المصري، وصلت القافلة الرابعة لبيت الزكاة والصدقات المصري، إلى مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، تمهيدا لدخولها قطاع غزة عبر معبر رفح، مكونة من 50 شاحنة تحمل على متنها ما يقارب 1000 طن مستلزمات طبية ومواد غذائية ومياه نقية ومستلزمات معيشية، وكميات كبيرة من البطاطين والألحفة والمراتب.
وبلغت بذلك إجمالي المساعدات التي قدمها بيت الزكاة لإغاثة أهلنا في غزة حتى الآن 125 شاحنة، بإجمالي نحو 3000 طن مساعدات إغاثية، محملة بالأدوية والمواد الغذائية والإغاثية ومستلزمات الإيواء والمعيشة، وخصوصا احتياجات الأطفال والنساء وكبار السن، في إطار الدور المعهود الذي يقدمه الأزهر الشريف دائمًا في دعم القضية الفلسطينية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر الزكاة والصدقات العمليات الجراحية بيت الزكاة والصدقات المصري بیت الزکاة والصدقات المصری والمواد الغذائیة IMG 20231230
إقرأ أيضاً:
مطار صنعاء والمطارات اليمنية.. حين يصبح ألحق في الحياة رحلة مؤجلة
اليمن.. شعب في عزلة جوية
منذ عام 2015، تعرض قطاع الطيران المدني في اليمن لدمار واسع، حيث تدمرت معظم المطارات، والطائرات المدنية وانخفضت حركة النقل الجوي بنسبة تصل إلى 85%. ووفقًا للتقديرات، تكبّد هذا القطاع خسائر فادحة تجاوزت 5.8 مليار دولار، فيما فقد آلاف العاملين مصدر رزقهم، وتوقفت سلاسل الإمداد الحيوية، خاصة الطبية منها. أما السفر، فقد أصبح عبئًا يفوق قدرة الغالبية، بعدما ارتفعت تكاليف تذاكر الطيران بنسبة تصل إلى 500%، ليتحول السفر من وسيلة إنقاذ إلى حلم مستحيل، حتى في أحلك الظروف.لكن ما يفوق كل هذه الأرقام ألمًا، هو الأثر الإنساني العميق.
في اليمن، حيث تثقل المعاناة بسبب الحرب كاهل الناس، لم يكن استهداف مطار صنعاء الدولي وحصاره مجرد قرار لوجستي، بل ضربة موجعة لقلب البلاد النابض. هذا المطار، الذي كان المتنفس الجوي لأكثر من 75% من سكان الجمهورية، خفت صوته بعد أن طالت أيدي الدمار معظم المطارات الأخرى، بما فيها مطارا تعز والحديدة. لقد أُغلق باب السماء في وجه شعب بأكمله،، تحوّل السفر من حق أساسي إلى أمنية صعبة، وأصبح المطار المغلق رمزًا لمعاناة لا تزال تبحث عن نافذة للفرج.
ورغم أن بعض المطارات لا تزال تعمل، كمطارات عدن وسيئون والمكلا، إلا أن قدرتها التشغيلية لا تفي بحجم الحركة المطلوبة، ويواجه المواطنون صعوبات كبيرة في الانتقال اليها لبعد المسافات ومخاطر الطريق و لمحدودية الرحلات وندرة الحجوزات. هذا الوضع لا يقل مأساوية عن الإغلاق الكامل، حيث تتحول الحاجة إلى السفر إلى معاناة إضافية، خاصة للمرضى والطلاب والمغتربين.
تقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن أكثر من 32 ألف مريض حُرموا من السفر للعلاج، ومثلهم آلاف الطلاب انقطعوا عن دراستهم في الخارج، وتشتتت عائلات تقطعت بها السبل. غير أن هذه الأرقام، رغم قسوتها، لا تروي القصة كاملة. فبحسب إحصائيات وزارة الصحة اليمنية، فإن أكثر من 480 ألف مريض لم تُتح لهم فرصة الوصول إلى العلاج المنقذ للحياة خارج البلاد، ليظلوا أسرى الألم والمعاناة في انتظار نافذة لا تُفتح.
هذه ليست أرقامًا فحسب، بل وجوه، وأسماء، وأحلام أُطفئت على بوابات مطارات مغلقة، في بلد تتضاعف فيه الحاجة ويقل فيه الأمل.
وفي مشهد يفوق حدود المأساة، فقد الآلاف حياتهم؛ إما لعجزهم عن السفر لتلقي العلاج، أو أثناء محاولاتهم المضنية للوصول برًّا إلى مطارات بعيدة مئات الكيلومترات. وتشير تقارير وزارة الصحة اليمنية إلى وفاة ما بين 25 إلى 30 مريضًا يوميًا، فيما يظل آلاف آخرون أسرى الألم، ينتظرون مصيرًا غامضًا في ظل استمرار الحصار المفروض على المطارات لاسيما مطار صنعاء الدولي الشريان الرئيسي لمواطني الجمهورية اليمنية .
ولم يقف هذا الحصار عند الأحياء فحسب، بل طالت آثاره الموتى أيضًا؛ حُرم كثير من اليمنيين من حقهم الأخير في أن يُدفنوا في مسقط رؤوسهم" وكأن الوطن أُغلق في وجوههم حتى عند الوداع الأخير. أمام هذا المشهد الإنساني المفجع، ارتفعت أصوات 12 منظمة دولية لتُدين استمرار إغلاق مطار صنعاء وتصفه بجريمة لا تُغتفر، في محاولة يائسة لفتح نافذة أمل، لكن تلك الصرخات اصطدمت بجدار من الصمت والتجاهل، لتبقى المعاناة معلّقة بلا أفق.
استئناف مطار صنعاء الدولي بارقة امل لم تكتمل
بعد سنوات طويلة من الإغلاق الكامل، حمل منتصف عام 2022 بارقة أمل خافتة؛ إذ فُتح مطار صنعاء الدولي جزئيًا، لتُستأنف منه رحلة وحيدة لشركة وحيدة وإلى وجهة واحدة فقط. كانت تلك الخطوة ثمرة مفاوضات شاقة، لكنها بدت كقطرة في بحر الاحتياج، وعاجزة عن مواكبة آمال ملايين اليمنيين الذين أنهكتهم الحاجة إلى السفر للعلاج، أو لمّ شمل عائلاتهم، أو حتى وداع أحبتهم الراحلين. لقد كان فتحًا رمزيًا بالكاد لامس جدار الأمل، دون أن يفتح نوافذه على مصراعيها، فبقيت القلوب معلّقة بين رجاء لا يكتمل وواقع لا يرحم.
لكنّ المشهد لم يلبث أن عاد إلى نقطة البداية؛ فقد تم استهداف المطار والطائرات من جديد، وتوقفت الحركة فيه كليًا، لتُغلق السماء مرة أخرى في وجه من لا يملكون سوى الأمل. وكأن سنوات الانتظار السابقة لم تكن كافية، عادت المعاناة لتطرق الأبواب ذاتها، وتجدد الألم ذاته. حُرم المرضى من حقهم في السفر لتلقي العلاج، وتعذّر على الطلاب والمغتربين العودة إلى أهلهم، وأصبح السفر – وهو أبسط حقوق الإنسان – حكاية من الخيال، تُروى ولا تُصدّق، لما فيها من قسوة لا تحتمل، ووجع لا يُنسى.
أن تُمنع من السفر للعلاج، أو من العودة إلى وطنك، هو أن تُسجن تحت سماء مفتوحة؛ ترى فيها الأمل بعينيك، دون أن تلمسه بيدك.
عندما يتحول الطيران إلى ورقة سياسية
إن أخطر ما يمكن أن يُصيب النقل الجوي هو تسييسه. حين يُمنع المواطن من السفر بسبب صراعات او نزاعات سياسية أو تجاذبات إقليمية، يتحوّل الإنسان إلى رهينة. ويُجمع الخبراء على أن استخدام خدمات النقل كوسيلة ضغط أو أداة عقاب جماعي، يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، ، لما يترتب عليه من آثار مدمرة على حياة الأفراد، خاصة المرضى والأطفال وكبار السن. إن حرمان الناس من حرية الحركة لا يوقف الرحلات فحسب، بل يوقف الحياة ذاتها في كثير من الحالات.
المطار ليس بوابة سفر.. بل شريان حياة
في عالم يزداد ترابطًا وتسارعًا، لم يعد السفر ترفًا، بل حاجة إنسانية أساسية. من لا يستطيع السفر، قد يُحرم من فرصة العلاج، من التعليم، من العمل، ومن احتضان أحبائه في لحظاتهم الأخيرة. المطار، في جوهره، ليس مبنى زجاجيًا في أطراف المدينة، بل هو نقطة وصل بين الأمل والواقع، بين الحياة والمصير.
هل آن أوان الاعتراف بحق الطيران كحق إنساني؟
العدالة ليست مجرد شعارات ولا تطير وحدها، لكنها تحتاج إلى مدرج للهبوط، وإلى رحلة تقلع من ضمير العالم نحو إنصاف الشعوب المنكوبة.
لقد آن الأوان لإعادة تعريف الطيران كمرفق عام إنساني، لا كامتياز سياسي أو أداة هيمنة، بل كحق أصيل يجب أن يُصان، تمامًا كحق الإنسان في الحياة، والتعليم، والكرامة.
فلنعمل معًا لضمان ألا تتحول المطارات إلى أدوات عقاب، بل تبقى بواباتٍ للأمل والإنصاف. فالمطار ليس مجرد مبنى؛ بل هو جسر إنساني يصل بين الألم والرجاء، وبين من ينتظر العلاج، ومن يودّع الحياة.
إن استمرار صمت العالم وتجاهل معاناة ملايين اليمنيين لا يمكن اعتباره مجرد غياب للاهتمام، بل هو تقصير مؤلم في أداء الواجب الإنساني. فحين تُغلق أبواب السفر في وجه المرضى والطلاب والمحتاجين، ويُحرم الناس من حقهم في التنقل والعلاج ولمّ الشمل، فإن الألم يتجاوز حدود الوطن ليصبح جرحًا في ضمير الإنسانية.
دعونا نوحد الجهود لرفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي وبقية المطارات اليمنية ، وأن يُصان الحق في الطيران كحق إنساني لا يقبل التأجيل.
*مدير عام النقل الجوي- اليمن