لماذا لم تتحرك مصر ضد إسرائيل أمام العدل الدولية؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
سرايا - طرح الطلب الذي تقدمت به دولة جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، لاتخاذ إجراءات بشأن اتهام "إسرائيل" بارتكاب إبادة جماعية في غزة، أسئلة حول عدم إقدام أي من الدول العربية على مثل هذه الخطوة، وسلوك الطرق القانونية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه في قطاع غزة، خصوصاً مصر التي تتعرض إلى تأثير مباشر وخطير لتداعيات العدوان على غزة.
وكانت أُطر وهيئات المجتمع المدني الفلسطيني قد أطلقت نداءً عاجلاً إلى السلطات المصرية، ودعتها إلى تحمّل مسؤولياتها الإنسانية والقانونية والقومية بشكل طارئ، وترجمة موقفها الرسمي الرافض للمخططات "الإسرائيلية".
وقال النداء إن مصر كونها الدولة الوحيدة التي لها حدود مباشرة مع قطاع غزة، تترتب عليها التزامات قومية وأخلاقية وقانونية ذات طابع خاص، أمام هول الإبادة "الإسرائيلية"، كما أشار البيان. ووقّع على النداء 30 إطاراً فلسطينياً بما يشمل اتحادات ونقابات وائتلافات مدنية وشعبية فلسطينية في الوطن والشتات.
أسباب عدم تحرك مصر أمام محكمة العدل
وفي السياق، قال أستاذ العلوم السياسية، عصام عبد الشافي، إن "عدم تحرك مصر أمام محكمة العدل الدولية، لا يرتبط فقط بأنها طرف في الاتفاقية الخاصة بمناهضة الإبادة الجماعية، لكنه يرتبط باعتبارات سياسية بدرجة مركزية"، لافتاً إلى أن "جنوب أفريقيا لها مواقف متقدمة كثيراً عن بعض الدول العربية في ما يخص القضية الفلسطينية والموقف من الاحتلال الإسرائيلي، لأن جنوب أفريقيا لديها تاريخ نضالي كبير في ما يتعلق بالعنصرية ومواجهة هذا الملف، سواء داخل الاتحاد الأفريقي أو في الأمم المتحدة".
وتابع عبد الشافي: "للأسف الشديد الوضع في مصر يختلف، لأن النظام المصري يرتبط بعلاقات استراتيجية مع "إسرائيل"، وعلاقات أكثر قوة مع الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فإن سعي النظام لمراعاة هذه العلاقات، يشكل العائق الأكبر في التحرك الإيجابي نحو مثل هذه القضايا الدولية".
وتعليقاً على ذلك، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن: "لا شك في أن تولي جنوب أفريقيا، مع دول أخرى، تقديم دعوى قضائية دولية بالتهم الموجهة لإسرائيل بارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي هو في الحقيقة أكثر موضوعية وأكثر إقناعاً، باعتباره يأتي من قبل دول ليست طرفاً مباشراً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن ثم لا تستطيع إسرائيل اتهام هذه الدول بالتحيز أو المجاملة للفلسطينيين".
محمد محمود مهران: موقف مصر حسّاس كونها طرفاً في معاهدة السلام مع "إسرائيل" والوسيط الوحيد لقطاع غزة.
ورداً على التساؤلات حول عدم قيام مصر باتخاذ إجراءات قانونية ضد "إسرائيل" بشأن جرائمها في غزة كما فعلت جنوب أفريقيا، قال أستاذ القانون الدولي العام، الخبير في النزاعات الدولية، محمد محمود مهران، إن "موقف مصر راسخ من القضية الفلسطينية ويؤكد دائماً ويندد بالانتهاكات "الإسرائيلية"، وفي الوقت ذاته، فإن موقف مصر حسّاس كونها طرفاً في معاهدة السلام مع إسرائيل والوسيط الوحيد لقطاع غزة".
وأضاف مهران، أن مصر "اتخذت مواقف رسمية متعددة تندد بشدة بالعدوان الإسرائيلي على غزة وتؤكد رفضها التام للممارسات غير الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن القاهرة "ترى أن السبيل الأمثل هو العمل مع كافة الأطراف لوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية لسكان غزة، خصوصاً في ظل كونها المنفذ الوحيد لدخول المساعدات الإنسانية وإغاثة أهلنا هناك".
وبيّن أن مصر أيضاً "تواصل جهودها الدبلوماسية على المستوى الإقليمي والدولي، للضغط من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، حيث قامت أخيراً بعقد قمّة القاهرة للسلام مع وفود عربية وأجنبية، وكذلك دعت مجلس الأمن والأمم المتحدة لعقد جلسات عاجلة لوقف إطلاق النار، إلى جانب اجتماعات مكثفة مع مسؤولين أميركيين وأوروبيين لبحث سبل إنهاء التصعيد ووقف العنف، كما تتواصل الدبلوماسية المصرية مع كافة الأطراف، بما فيها الجانب الإسرائيلي من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يُنهي معاناة أهلنا في غزة".
وشدّد أستاذ القانون الدولي على "أن موقف مصر الداعم لفلسطين لن يتغير، ولا يقبل المزايدة عليه"، مؤكداً "استمرار تواصل جهودها الحثيثة على كل الأصعدة من أجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق وتلبية تطلعاته المشروعة في العيش بحرية وكرامة على أرض وطنه".
العربي الجديد
إقرأ أيضاً : ردا على اغتيال "العاروري" مصر تبلغ كيان الاحتلال تجميد مشاركتها في الوساطة لتبادل الأسرىإقرأ أيضاً : وسم "كييف" يتصدر منصات التواصل .. ما الذي يفعله بوتين في العاصمة الأوكرانية ؟إقرأ أيضاً : سيناتور أمريكي يدعو لوقف دعم عسكري لـ "إسرائيل" بـ10 مليارات دولار
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الاحتلال مصر مصر الدولة مصر مصر الاحتلال الوضع مصر أحمد جرائم محمود مصر مصر غزة محمد محمود مصر مصر مصر غزة الشعب القاهرة العمل مصر القاهرة مجلس مصر الشعب جرائم مصر الوضع مجلس القاهرة الدولة العمل غزة الاحتلال أحمد الشعب محمود محمد بوتين كييف جنوب أفریقیا إطلاق النار موقف مصر
إقرأ أيضاً:
غزة تحت الحصار.. الاحتلال الإسرائيلي يختطف طاقم السفينة مادلين الإنسانية.. وردود فعل دولية غاضبة
انتهت رحلة السفينة "مادلين" التابعة لتحالف أسطول الحرية، التي كانت متجهة إلى قطاع غزة في مهمة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي، قبل أن تصل إلى وجهتها، وذلك بعد أن اعترضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في المياه الدولية واقتادها بالقوة إلى ميناء أسدود، في خطوة أثارت غضباً دولياً واسعاً واعتُبرت انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وحقوق الإنسان.
الاعتراض والاختطاف في عرض البحرفي الساعات الأولى من فجر الاثنين، أعلن تحالف أسطول الحرية عبر حسابه على تطبيق تليجرام أن قوات من الاحتلال الإسرائيلي صعدت على متن السفينة "مادلين"، بعد أن قطعت الاتصالات عنها، واختطفت 12 ناشطاً من المدافعين عن حقوق الإنسان كانوا على متنها، بينهم الناشطة المناخية السويدية غريتا ثونبرغ، والنائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي ريما حسن، والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام.
وأظهرت صورة نشرت عبر قنوات التحالف أن النشطاء كانوا يرتدون سترات النجاة ويرفعون أيديهم، في مشهدٍ يُذكّر بعمليات القرصنة لا بممارسات يُفترض أن يقوم بها جيش "دولة ديمقراطية"، كما تدّعي إسرائيل. ووصفت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة ما جرى بأنه "اختطاف" و"جريمة حرب"، مؤكدة أن إسرائيل باتت دولة "مجرمي حرب" حسب وصفها.
انطلقت "مادلين" من إيطاليا في الأول من يونيو 2025، حاملة كمية رمزية من المساعدات الإنسانية، من بينها الأرز وحليب الأطفال، في محاولة رمزية لكنها قوية المعنى لتسليط الضوء على الكارثة الإنسانية في غزة، التي تعيش تحت حصار خانق فرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 17 عاماً، وتفاقم منذ الحرب الأخيرة التي وصفتها منظمات حقوقية بـ"الإبادة الجماعية".
ورغم الطبيعة الإنسانية للرحلة، لم تتوانَ البحرية الإسرائيلية عن اعتراضها بالقوة في المياه الدولية، ما يطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية كبرى عن شرعية تصرفات إسرائيل خارج مياهها الإقليمية.
الاحتلال الإسرائيلي يبرر
وفي بيان رسمي، اعترفت وزارة خارجية الاحتلال الإسرائيلي بأن الجيش الإسرائيلي استولى على السفينة واقتادها إلى أسدود، مضيفة أنها ستقوم بترحيل النشطاء إلى بلدانهم. وزعمت الوزارة أن السفينة كانت تحاول "اختراق منطقة محظورة"، رغم أن السفينة كانت لا تزال في المياه الدولية وقت اعتراضها.
وفي محاولة لتقليل أهمية ما حملته "مادلين"، وصفتها الوزارة بـ"يخت سيلفي للمشاهير"، وقالت إن الكمية الضئيلة من المساعدات التي كانت على متنها "لا تساوي حتى شاحنة واحدة"، في إشارة تهكمية إلى غريتا ثونبرغ والمشاهير الآخرين.
ردود أفعال دولية غاضبة
وصفت حركة حماس ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي بأنه "جريمة قرصنة" و"إرهاب دولة منظم"، مشيرة إلى أن اعتراض السفينة ومنعها من الوصول إلى غزة يُعد "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي" واعتداءً على متطوعين مدنيين كانوا في مهمة إنسانية.
أما المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، فقد طالبت بريطانيا بالتحرك العاجل للإفراج عن السفينة وطاقمها، مؤكدة أن السفينة كانت تقوم بـ"مهمة إنسانية مشروعة"، وأن اعتراضها في المياه الدولية يستوجب توضيحاً عاجلاً من السلطات الإسرائيلية.
كما أبدى مركز "عدالة" الحقوقي، ومقره إسرائيل، قلقه من مصير النشطاء، مطالباً بالكشف الفوري عن أماكن احتجازهم وتوفير التمثيل القانوني لهم، واصفاً اعتقالهم بأنه "غير قانوني" بموجب القانون الدولي.
تحالف أسطول الحرية: لن نوقف السفن
في المقابل، أعلن تحالف أسطول الحرية عزمه تجهيز مزيد من السفن، مؤكدًا في بيان عبر منصة "إكس": "إذا أوقفوا سفينة واحدة، فلا بد أن تتبعها مائة سفينة. إذا أسروا 12، فسيثور الآلاف". وأشار التحالف إلى أن ما حدث لـ"مادلين" لن يثنيهم عن الاستمرار في كسر الحصار البحري الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
وذكر محمود أبو عودة، المتحدث الإعلامي باسم التحالف، أن السفينة كانت ترفع العلم البريطاني وتحمل على متنها متطوعين من دول عدة، منها فرنسا وألمانيا والبرازيل وهولندا وتركيا والسويد، في دلالة واضحة على البعد الدولي المتزايد لدعم القضية الفلسطينية ورفض الحصار الإسرائيلي.
أهداف سياسية خلف الاعتراض
تقول مصادر أمنية إسرائيلية، وفق هيئة البث الإسرائيلية "كان"، إن الهدف من الاعتراض كان "السيطرة السلمية" على السفينة، لكن الواقع الميداني يُظهر سيناريو مختلفاً: إنزال عسكري، طائرات مسيرة، زوارق حربية، وتهديد بالسلاح في وجه نشطاء مدنيين، لا يحملون سوى جوازات سفرهم ومساعدات رمزية.
ولم تكتفِ سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالسيطرة على السفينة، بل قالت إنها ستعرض على النشطاء فيديوهات لمجزرة 7 أكتوبر، وكأنها بذلك تسعى إلى شرعنة الحصار والمعاناة الجماعية التي تفرضها على أكثر من 2.2 مليون إنسان في غزة، عبر سردية أمنية لا تنسجم مع القانون الدولي ولا مع المبادئ الإنسانية.
غزة: مأساة لا تنتهي
تشير الأمم المتحدة إلى أن الوضع في غزة يزداد سوءاً كل يوم، حيث حذّرت من خطر المجاعة وسوء التغذية ونقص الخدمات الطبية، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي. ووصفت المساعدات المحدودة التي يسمح بها الاحتلال الإسرائيلي بأنها "قطرة في بحر".
وتُوزع هذه المساعدات من خلال منظمات إنسانية مدعومة من الاحتلال نفسه، وهو ما ترفضه منظمات الإغاثة المستقلة التي تعتبر هذه القنوات غير كافية وغير موثوقة.
دعوات متصاعدة لرفع الحصار
دعت وزارة الخارجية الفلسطينية إلى توفير الحماية للنشطاء الدوليين ورفع الحصار عن قطاع غزة بشكل فوري، معتبرة ما قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وتأكيداً على سعيها المستمر لعزل غزة عن العالم الخارجي.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه حركة حماس أن الحصار "جريمة لا تسقط بالتقادم"، يشير المراقبون إلى أن تصرفات الاحتلال الأخيرة تؤكد عزمه على فرض سياسة الأمر الواقع بالقوة، رغم تزايد الضغوط الدولية والدعوات لكسر الحصار.