لك يا الخليج والكويت شوق وإبحار حتى ساحل عدن – مع الدوخي وبالفقيه ترحالي
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
د. طبيب عبدالمنعم عبدالمحمود العربي
المملكة المتحدة
الخليج الممتد من شط العرب جنوب العراق حتى باب المندب تغلي مياه بحره "سياسياً " عبر السنين وخاصة قد ارتفعت حرارتها أكثر سخونة هذه الأيام العصيبة والمؤثرة على كل دول المنطقة التي كلها كانت آمنة وفيها من الروعة والجمال والرخاء ما يثير حلم كلّ العذارى وهدف كل هائم في وادي عبقر
كل شيء يهون إلا فراقك يا عدن
"يا رسولي خذ معاك وجدي واشواقي وطير
قف على شمسان وأجذع ساحل أبين والغدير
قل لهم قلبي على الهجران ما يحمل كتير"
روعة وصف العشق والحنين في نظم وغناء أبوبكر سالم بالفقيه، رحمه الله وغفر له
https://youtu.
وشرقاً يمتد سفري وترحالي عبر المرافئ حيث تشرق الشمس تشرق معها آمال تتفتح ورودها وتنمو مع كل صبح جديد، والغد دائما أجمل عند المتفائلين:
"وغدا لا نأسى على ماض تولى
وإن يكن الماضي حلوا فاليوم أحلى"
" يا سلام… يا سلام، روعة !!!" يا رب نجعل من حاضرنا المنتظر أحلى ورحمة الله على الشاعر السوداني الرائع المعلم الهادي آدم والرحمة والغفران على أم كلثوم وعوض الدوخي . إنها كلمات من قصيدة “أغدا ألقاك" لحن وأداء أم كلثوم وكذلك أداء نفس اللحن من كروان الكويت المعجب بها عوض الدوخي (رحمة الله عليهما). كلها كلمات تحلق بروح النفس خارجة بها من الجسد إلي عالم كله جنان صفاء ومحبة، حالها المفرح يحيل دنيا العاشقين حدائقا وانهارا. ربنا يكرم كل الراحلين الذين كانوا يبثون الأمل والفرح في قلوب كل مجروح أو ذي حاجة بالفردوس الأعلى ويصلح حالنا وسوداننا الذي صار نسيا منسياً، بل مفقودا وقد ابتلعته دوامة حرب المصالح الجائرة
كلما أسمع الدوخي ينقلني إحساسي الولهان بألحانه ومظهره الطيب البسيط ووجهه السوداني السحنة إلي الكويت درة الخليج و أتذكر بالتفصيل تسوقي في سوق الشويخ وزيارات لمن أكرمونا في حي السالمية. الكويت بلد كان في مقدمة السبعينات من القرن الماضي صغيرا في تكوينه ناعما في خدره ونموئه المقدر كنماء العصافير الوليدة حديثا في أعشاشها. كان الناس فيها تغلب عليهم البداوة في أكلهم وزيهم وطيبتهم وتعاملهم الجميل وصدقهم الفطري. لا انسى أسواق المواطنين الشعبية المفتوحة وهي تترك من غير حارس أو رغيب أثناء أوقات الصلاة ، لا يعرف الناس التعدي ولا النهب والسرقة ، وكل ذلك قبل أن يحل تسونامي المدنية الغربية على تلك البلاد حيث عم تطاول في البنيان واكتظاظ الشوارع بالسيارات الفراري الفاخرة وغيرها من سلوكيات هي من علامات حضارة آخر الزمن . نفسي أزورها وأجدها كما كانت قديما "لؤلؤة بضة" في بحر نقي من الشوائب، لأسمع عذب الألحان هناك في كل شارع وساحات الساحل الرملي تختلط فيها أصوات هدير أمواج البحر والنغم القديم للدوخي "يشوقني برق من الحي لامع" https://youtu.be/Elg1KcQHlF8?si=nq41ESLVhH7sMnND يشحذ من همم البحارة ، ونفسي أشم في أسواقها رائحة العطر القديم TABAC الذي كنت أحبه وأقتنيه وأغراض أخرى من سوقها العامر. وينقلني الدوخي عابرا حدود الكويت الي العراق العريق بحضارة أرض ما بين النهرين ؛ سومر وبابل" والإسلامية من بعد، يعيد لي ذكريات أيام كانت جداً رائعة وحلوة قضيتها في بغداد مع زملاء الجد في الجد والكسب في الكتب والحرمان في الكسل ولا عجب فقد جمعتنا هناك سنوات رفقة المحبة الفطرية ورقة السلوك والأدب والتأدب الإنساني مع خيرة أبناء اليمن السعيد " جاؤا من صنعاء وتعز وإب وأبين وحضرموت والحديدة " ومن بعدها رحلة سنوات أخري جميلة قضيتها في الامارات خاصة الشمالية "راس الخيمة والشارقة وديرة وجميرة دبي".
أبناء اليمن كانوا يهيمون في حب بلادهم مثلنا نحن شعب نحب وطننا السودان حتى الرمق الأخير من عمرنا وإن كنا ننعم في بلد متحضر كاليابان. الفنان الرائع الراحل أبوبكر سالم بالفقيه كان مثالاً لذلك العشق والتغني بحب الوطن . أشواقه لحضرموت مسقط رأسه لم يندب معينها بل كانت فيضانات دموع تتدفق خاصة عندما يؤدي أغنيته الشهيرة من كلماته وألحانه "كل شيء إلا فراقك يا عدن"، وقد كتب عليه فراقها إلى الأبد حتى فارق الفانية. من على البعد أهديها مع تحياتي وخالص الود والشوق لأصدقائي زملائي في السكن وردهات الجامعة "كلية طب جامعة بغداد" عبدالرحمن سالم الزبيدي، هادي صالح الزبيدي، حسن كرامة بن طالب، حسن غيلان، عبدالله الكبسي، علي محمد البار، خالدة أنور سليمان، محمد طاهر، عبداللطيف محمد مجلي،ناصر عبدالله وعبد الرؤف باخشب. زماني وزمانهم يا حليله،
كانت لنا أيام
في قلبي ذكراها
مازلت أطراها
يا ليتنا عدنا أو عادت الأيام
هذه من أغنية الفنان السوداني المشهور عثمان حسين رحمه الله ، "الوكر المهجور" كلمات الشاعر الراحل الحضرمي سوداني حسين بازرعة عليه رحمة الله . ويا حليلك يا عدن اليمن و يا حليلك يا الخرطوم "كنت عندي أحلى مكان و كنت جنة عدن ورضوان "للأسف اليوم قد تحولت إلى "وكر مهجور" ووطن للغربان
عزيزي القارئ ؛ عام جديد قد حل
كل عام يا رب يتجدد علينا جميعا بالخير والبركة والسلام والحرية لكل مواطن والوطن، "عفوا " فأنا أقدر ظروفك وظروف كل مواطن محبط بسبب مآلات هذه الحرب اللعينة وما صحبها من دمار ليس للبنية التحتية وحدها بل دمار السلوك والأخلاق وظهور تصرفات خاطئة لا تليق بمسلم ولا مخلوق يخاف يوم الحساب الأكبر، فمثل هذه الكتابات أقصد بها الخيار الصعب تفريج الهموم بالفرح "جرعة علاج نفسي" عل ذلك يفيد البعض منا. وادعو الله يارب "أفرجها علينا وعلى الوطن الحبيب ويارب تهيئ لنا حلا سودانيا حقيقيا صادقا يخرجنا بسلام من هذه المحنة" . ولا ننسى قبل وبعد كل شيئ أن "الحكمة مخافة الله".
عبدالمنعم
[email protected]
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
ياسر أبو الشباب ومرتزقة اليمن بين التطوع والتطويع
كان لانتشار وسائل الإعلام والاتصال والمعلومات أثرٌ واضح في تغيّر سياق القوة وأساليب الحروب، فقد تراجعت هيبة الجيوش التقليدية، كجيش العدو الإسرائيلي والجيش الأمريكي، وتقلّصت جدوى الأسلحة النووية، إضافة إلى الكلفة المادية والبشرية الهائلة التي يتحمّلها أي طرف يريد الحسم العسكري، فضلًا عن أن العوامل النفسية والمعنوية، كالبخل والجبن والخوف من الخسائر الموجودة فيهم، دفعتهم إلى التفكير في حروب الجيلين الرابع والخامس، لمواجهة خصومهم بأساليب ناعمة وأدوات متطورة.
ولديهم في ذلك تجارب ناجحة عديدة، ويكفي أن تفكك الاتحاد السوفييتي وهزيمته في الحرب الباردة مثالٌ على نجاح تلك السياسات، وهم يقولون اليوم إن دولارًا واحدًا يُصرف في هذه الحروب أجدى من مئة دولار تُصرف على الحرب الصلبة والعسكرية.
الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي_ رضوان الله عليه_ من جهته، انتقد النظرة الخاطئة لدى العرب والمسلمين تجاه الصراع، إذ يربط كثيرون القدرة على الفعل بامتلاك القاذفات والغواصات والمفاعلات النووية وتحقيق توازن عسكري شامل.
وهذه نظرة خاطئة؛ فالسلاح الأمريكي نفسه أصبح في معظمه يُستخدم للحرب النفسية، كما هو الحال في فنزويلا وفي مختلف بقاع العالم. لذلك يتجه الأعداء اليوم إلى حرب شاملة ضدنا، يوظفون فيها كل الوسائل والخيارات المتاحة، وهي أدوات يمكن للعرب والمسلمين أن يعملوا بها ويستفيدوا منها في مواجهة حروبهم.
ومن أخطر ما يتجهون إليه ما أشار إليه الله جل شأنه: ﴿إن تطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب يردّوكم بعد إيمانكم كافرين﴾.
فهم يرون أن من السهل عندهم أن يردّوك كافرًا ليبلغوا أهدافهم؛ فالكفر ليس هدفًا لذاته، بل وسيلة للسيطرة عليك واستعبادك بالكامل.
وفي هذا السياق تأتي حالة التطويع لعشرات الآلاف ممن يجنّدونهم من العرب والمسلمين ليكونوا أدوات في معركتهم، سواء في الميدان الفكري والثقافي، أو الإعلامي والسياسي، أو أي ميدان الأمني والعسكري.
بعضهم يعمل بشكل مباشر، وبعضهم بشكل غير مباشر، لكن النتيجة تصب كلها في خدمة العدو، فيما المدعو “ياسر أبو الشباب” ومجاميعه، ومرتزقة اليمن وغيرهم ليسوا سوى ضحايا لهذه السياسات، حيث أصبحوا من أدوات حروب الجيلين الرابع والخامس، التي تنتهي ثمار تضحياتهم ونتائج أفعالهم في خدمة الأعداء.
وما أريد التأكيد عليه هنا هو ضرورة الحذر من هذه الحروب ومن السقوط في مستنقع التطويع للأعداء حتى لا يسفك دمك فداء للدم اليهودي، وفي الوقت نفسه إدراك قدرتنا على مواجهتها، والاستفادة من الوسائل والإمكانات المتاحة، وخوض الصراع بما نملك، ويكون ذلك جهادًا في سبيل الله.
فإن لم تستطع أن تقاتل فأنت تستطيع أن تقاطع وإن لم تستطيع أن ترابط فأنت تستطيع أن تخطب، وتستطيع أن تكتب، وإن لم تستطع أن تكتب في وسائل التواصل، فعلى الأقل احمِ أسرتك من الفساد والتضليل الغربي، فهذا بحد ذاته دور مهم، لأنك بذلك تحمي ثغرة من ثغرات ساحتنا الداخلية وتحصّنها من الاختراق.