هل يجوز القيام  بالبيع والشراء لجسد الإنسان أو شيء من أعضائه .. سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية.

قالت دار الإفتاء إن  الله- سبحانه وتعالى- كرم الإنسان ورفع شأنه، وعظَّم حرمته؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، واعتبر جسده أمانةً: فلا يجوز التصرف فيه بما يسوءه أو يرديه، ولو كان هذا التصرف من صاحب الجسد نفسه، ولذا حَرَّم اللهُ تعالى إزهاقَ الروح، وإتلافَ البدن إلَّا بالحق؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا﴾ [البقرة: 195].

كيفية توزيع لحم النذر والعقيقة.. دار الإفتاء توضح معيار الاختيار في أنواع كفارة اليمين.. دار الإفتاء تجيب

يقول الإمام القرافي في "الفروق" (1/ 141، ط. عالم الكتب): [حرَّم.. القتل والجرح صونًا لمهجته، وأعضائه، ومنافعها عليه، ولو رضي العبد بإسقاط حقه من ذلك لم يعتبر رضاه، ولم ينفذ إسقاطه] اهـ.

وأضافت أن من مقتضيات هذا التكريم: حرمة التعرُّض لجسد الآدمي أو أجزائه بالبيع والشراء؛ إذ في إيراد العقد على شيءٍ من ذلك بالبيع والشراء امتهانٌ وإذلالٌ له.

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (5/ 58، ط. دار الفكر): [الآدمي مكرَّمٌ شرعًا ولو كافرًا، (قوله: ذكره المصنف)؛ حيث قال: والآدميُّ مكرَّمٌ شرعًا وإن كان كافرًا، فإيراد العقد عليه وابتذاله به وإلحاقه بالجمادات إذلالٌ له. اهـ. أي: وهو غير جائز، وبعضه في حكمه وصرَّح في "فتح القدير" ببطلانه] اهـ.

وقال العلامة العدوي المالكي في "حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 83، ط. دار الفكر): [(تنبيه): سُئِلَ مالكٌ عن بيع الشعر الذي يُحلَقُ من رءوس الناس؟ فكرهه] اهـ، والشَّعْر: جزء من الإنسان يُلْحَق به غيره بجامع اشتراكهما في أنهما جزء الإنسان.

وأوضحت أن الكراهة المنقولة هنا عن الإمام مالكٍ حَمَلَهَا بعضُ المالكية على التنزيه، وظاهر كلام الإمام ابن عبد البر يفيد حَمْلَهَا على التحريم. ينظر: "الكافي" لابن عبد البر (ص: 328، ط. دار الكتب العلمية-بيروت).

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه؛ لكرامته] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يجوز استعمال شَعْر الآدمي) مع الحكم بطهارته (لحرمته) أي: احترامه؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء:70]، وكذا عظمه، وسائر أجزائه] اهـ.

وأكدت أنَّ مِن شروط البيع المتَّفق عليها: كون المبيع ملكًا للبائع، أو مأذونًا له بالتَّصرُّف فيه. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام للكاساني (5/ 147)، و"المجموع" للإمام النووي (9/ 259، ط. دار الفكر)، و"المغني" للعلامة ابن قدامة (4/ 155، ط. مكتبة القاهرة)؛ فقد روى الإمامان أحمد في "المسند" وأبو داود في "السنن" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ». أي: ما لا تملك.

وبناءً على ما سبق : لا يجوز إجراء البيع والشراء على الآدميِّ الحُرِّ، أو أجزائه المتَّصلة به؛ لأنَّ ذلك هو المقصود من تكريمه وحُرْمة جسده. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء شروط البيع دار الإفتاء قال تعالى

إقرأ أيضاً:

هل يجوز الجمع بين نيتين في صلاة النافلة؟.. الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضونه: ما حكم الجمع بين نيتين في صلاة النافلة؟ وهل يجوز جمع النوافل مثل تحية المسجد مع الركعتين اللتين بين الأذان والإقامة؟


وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حث من دخل المسجد أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس تحية للمسجد؛ فقال: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ» متفق عليه.

لماذا يجب صيام تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرم؟.. 3 أسرار يغفلها الكثيرونهل تأخير الصلاة بغير عذر ذنب؟.. الإفتاء تجيبهل ينقطع بر الوالدَيْنِ بوفاتهما؟.. الأزهر يجيبفضل يوم عاشوراء.. وهذا سر تسميته

وأشارت الى أنه يجوز للمصلي أن يصلي تحية المسجد مع الركعتين اللتين بين الأذان والإقامة؛ نص على ذلك الشافعية وغيرهم.


وأضاف: قال الحافظ السيوطي في كتابه "الأشباه والنظائر" (ص: 21، ط. دار الكتب العلمية): [أحرم بصلاة ونوى بها الفرض والتحية: صحت، وحصلا معا، قال في "شرح المهذب": اتفق عليه أصحابنا، ولم أرَ فيه خلافًا بعد البحث الشديد سنين] اهـ، وقال في موضع آخر عن التحية مع صلاة أخرى (ص: 22): [تحصل ضمنًا ولو لم ينوِها] اهـ، فالمقصود من تحية المسجد عدم الجلوس قبل الصلاة أيًّا كان نوع الصلاة: مؤدَّاةً أو فائتةً أو راتبةً أو نفلًا مطلقًا أو مقيدًا، لا أنها صلاة مستقلة بذاتها.

هل يجوز الجمع بين نيتين في صلاة السنة 

قال الشيخ محمود شلبي أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء (هل يجوز الجمع بين نيتين في صلاة السنة ؟).

وأوضح "شلبي"، أن الضابط فى أداء الصلاة هو أن كل صلاة تؤدى لذاتها لا تشترك ولا يدخل معها صلاة أخرى، فإشراك النية بين الصلوات لا يصح فمثلًا لا يصح إشراك النية بين صلوات الفريضة لأن كل صلاة مقصودة بذاتها.

وتابع: فمثلًا إذا أراد الإنسان أن يصلى فلا يصح أن يصلى بنتين صلاة الضحى وصلاة الفجر، فكل صلاة تصلى كما هى، كذلك كسنة الظهر والعصر فكلاهما سنن مقصودة لذاتها، فلا يصح أن يصلي صلاة واحدة ويجمع بينهما.

وأشار الى أن هناك صلاة ليست مقصودة بذاتها كتحية المسجد وسنة الوضوء، فمن الممكن أن يصلى صلاة واحدة بنيتين نية تحية المسجد بنية سُنة الوضوء، فالغرض من صلاة سُنة الوضوء للصلاة بعد أن يتوضأ، والغرض من تحية المسجد إلى صلاة بعد أن أدخل المسجد، كذلك يصح إشراك النيتين مع صلاة الإستخارة وسنة الإحرام.

طباعة شارك الجمع بين نيتين في صلاة النافلة الصلاة حكم الجمع بين نيتين في صلاة النافلة صلاة النافلة

مقالات مشابهة

  • هل نحن محاسبون على حديث النفس.. أمين الإفتاء يجيب
  • هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردًا؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز قصر الصلاة أو جمعها بدون عذر؟ الإفتاء تجيب
  • هل الصدقة تكفي للتوبة وتكفير الذنوب.. أمين الفتوى يجيب
  • صيام يوم عاشورا ء.. دار الإفتاء توضح هل يجوز بنية التمتع والتطوع معا
  • الإفتاء الأردنية: الاستهزاء بالأحكام الشرعية من كبائر المحرمات
  • حكم الاحتفال بذكرى الميلاد بالصيام شكرا لله؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز قضاء صلاة الضحى لمن فاتته؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز صيام يوم عاشوراء منفردا دون تاسوعاء؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز الجمع بين نيتين في صلاة النافلة؟.. الإفتاء تجيب