تدخل سافر وإشعال للتوتر .. تحركات عربية للتصدي لانتهاكات إثيوبيا بحق الصومال
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
على مدار 3 عقود لم تهنأ الصومال حتى باتت دولة أنهكتها الإنقسامات، عاشت على مدارها ساحة للمعارك من الانفصاليين تارة، وأخرى من الجماعات المتطرفة، بجانب الحرب الأهلية التي لم تزد وضعها إلا تعقيدا، حتى أصبحت مطمعا لجارتها إثيوبيا التي لم تحترم القانون الدولي، وعمدت على تغذية روح الانفصال والانقسام في محاولة منها لتحقيق مصلحتها على حساب الجمهورية الصومالية الفيدرالية.
في الوقت الذي كانت فيه المساعي العربية تعمل على عودة المفاوضات بين أبناء الشعب الصومالي للخروج من الأزمة التي تشهدها للحفاظ على وحدة أراضي الصومال، كانت إثيوبيا - دولة الجوار للصومال- تعمل على تزكية هذا الخلاف، وإشعال الأزمة بين أبناء الشعب الصومالي، وعمدت على توقيع مذكرة تفاهم مع أرض الصومال –الانفصالية- تمهد الطريق لإثيوبيا للوصول إلة منفذ بحري لها على البحر الأحمر.
ما هي أرض الصومال؟وأرض الصومال أحد أقاليم جمهورية الصومال الفيدرالية، والتي أعلنت انفصالها من جانب واحد بعد انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام 1991، عقب الاطاحة بنظام محمد سياد بري، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية، ولم تنجح الحركة الانفصالية في الحصول على اعتراف دولي بها، ورغم أنها شكلت حكومتها ولها مجلسها النيابي، وعملتها، وتعيش حالة كبيرة من التدني والتدهور، وتعاني من العزلة والفقر.
وتقع أرض الصومال في موقع استراتيجي بالقرن الإفريقي، فهي في الشمال الشرقي للصومال على شاطئ خليج عدن، وتشترك في حدودها مع جيبوتي في الغرب وإثيوبيا في الجنوب، وتبلغ مساحتها أكثر من 176 ألف كيلومتر مربع، مع خط ساحلي يمتد حتى 800 كيلومتر على طول البحر الأحمر.
مطامع إثيوبيا في دول الجوارتقضي مذكرة التفاهم التي أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد عن توقيعها مع رئيس أرض الصومال –الغير معترف بانفصاله عن جمهورية الصومال من الحكومة المركزية أو دوليا- أن يسمح لإثيوبيا الحبيسة التي تعتمد على جارتها جيبوتي في معظم تجارتها البحرية بإتمام عمليات تجارية عبر قاعدة عسكرية مستأجرة في ميناء بربرة، مقابل أن تعترف إثيوبيا فيما بعد بأرض السودان كدولة مستقلة لا تتبع جمهورية الصومال الفيدرالية.
ويعد هذا الاتفاق بمثابة حلم كبير بالنسبة لرئيس الوزراء الإثيوبي، الذي كان قد أعلن في شهر أكتوبر الماضي في كلمة له أن "وجود إثيوبيا كأمة مرتبط بالبحر الأحمر وأن بلاده في حاجة إلى ميناء، وأن السلام في المنطقة رهن بتقاسم متبادل ومتوازن بين إثيوبيا المعزولة عن البحر وجيرانها"، وهو ما شكل حالة توتر بين إثيوبيا وجيرانها وأثار مخاوف من نشوب صراع جديد في القرن الإفريقي.
تحرك عاجل من الصومال ردا على إثيوبياوفي أول رد لها على مذكرة التفاهم الإثيوبية مع أرض الصومال أكدت الحكومة الصومالية عزمها على الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها "بشتى الوسائل القانونية الممكنة" واصفة المذكرة بأنها: غير مشروعة ، ولا أساس لها من الصحة، وهي اعتداء سافر على السيادة الداخلية لجمهورية الصومال الفيدرالية، مؤكدة أن أرض الصومال جزء من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وبالتالي تعتبر الصومال هذا الإجراء انتهاكا فاضحا لسيادتها ووحدتها.
وطلبت الحكومة الصومالية من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي العمل معا في مواجهة هذا العدوان من إثيوبيا والتدخل في السيادة الصومالية، كما استدعت سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور، كذلك أكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أمام النواب في الجلسة الطارئة التي عقدت ردا على تلك المذكرة أنه لن يقبل أن تؤخذ قطعة من أرض جمهورية الصومال، مؤكدا أن هذا الإجراء ينتهك القوانين الدولية، كذلك أكد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري أمام البرلمان إن الصومال ستدافع عن أرضها،ولن تسمح بانتهاك أي شبر من أرضهها وبحرها وسمائها.
الجامعة العربية ترفض أي انتهاك لسيادة الصومالمن جانبها أعربت جامعة الدول العربية عن رفضها وإدانتها أي مذكرات تفاهم تخل أو تنتهك سيادة الدولة الصومالية، وذلك في بيان على لسان المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية المستشار جمال رشدي، رافضا إي محاولات للاستفادة من هشاشة الأوضاع الداخلية الصومالية أو من تعثر المفاوضات الصومالية الجارية بين أبناء الشعب الصومالي بشأن علاقة أقاليم الصومال بالحكومة الفيدرالية، في استقطاع جزء من أراضي الصومال بالمخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، وبما يهدد وحدة أراضي الدولة الصومالية ككل.
وقال جمال رشدي إن الجامعة العربية تتضامن بشكل كامل مع قرار مجلس الوزراء الصومالي الذي اعتبر مذكرة التفاهم للشراكة والتعاون الموقعة في 1 يناير 2024 بين جمهورية اثيوبيا الفيدرالية و"أرض الصومال" باطلة ولاغية وغير مقبولة، وإنها تمثل انتهاكا واضحاً لسيادة ووحدة أراضي جمهورية الصومال الفيدرالية وكذلك للقانون الدولي، محذرا من خطورة تأثير تلك الخطوة على نشر الأفكار المتطرفة في وقت تقوم الدولة الصومالية بجهود ضخمة لمواجهتها.
البرلمان العربي يطالب إثيوبيا بقواعد حسن الجواركذلك أكد البرلمان العربي على رفضه التام لأية محاولات لانتهاك سيادة واستقلال ووحدة جمهورية الصومال الفيدرالية، مطالباً إثيوبيا بالالتزام بقواعد ومبادئ حسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وشدد البرلمان العربي أن أمن واستقرار الصومال واحترام سيادتها جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مشدداً على دعم البرلمان العربي لجمهورية الصومال الفيدرالية فيما تتخذه من إجراءات قانونية للحفاظ على استقرارها وسيادتها الوطنية على كامل أراضيها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامعة العربية الجماعات المتطرفة الحكومة الصومالية الشعب الصومالي القرن الأفريقي جمهورية الصومال الفيدرالية جمهورية الصومال جمهوریة الصومال الفیدرالیة البرلمان العربی أرض الصومال
إقرأ أيضاً:
مباحثات أمريكية متواصلة مع أرض الصومال لاستقبال مهجّرين من غزة
سلطت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية الضوء على المباحثات بين الإدارة الأمريكية، وما يسمى بـ"جمهورية أرض الصومال"، لاستيعاب أعداد من الفلسطينيين المهجرين من قطاع غزة.
وقالت الصحيفة، إن "أرض الصومال"، التي أعلنت استقلالها عن الصومال عام ١٩٩١، عرضت على الولايات المتحدة قاعدة عسكرية عند مدخل البحر الأحمر، وتوقيع اتفاقيات لبيع معادن استراتيجية، في إطار جهودها لنيل الاعتراف الدولي كدولة مستقلة.
وفي إطار خطة ترامب تهجير سكان قطاع غزة ونقلهم في دول أخرى، تواصل ممثلون أمريكيون مع إدارة أرض الصومال لطلب قبول فلسطينيين من القطاع.
وأفاد مصدر أمريكي مطلع على المحادثات مع رئاسة أرض الصومال أن المناقشات تناولت أيضا اتفاقًا محتملًا للاعتراف بالدولة القائمة مقابل إنشاء قاعدة عسكرية قرب ميناء بربرة على ساحل البحر الأحمر.
ويُجري رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله ، الذي تولى منصبه عام ٢٠٢٤، مفاوضات مع مسؤولين أمريكيين بشأن التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد ومكافحة الإرهاب.
وصرح في مقابلة صحفية بأنه أجرى محادثات مع السفارة الأمريكية في الصومال ووزارة الدفاع الأمريكية، حيث زار السفير الأمريكي المنطقة عدة مرات في الأشهر الأخيرة، وزارها مسؤولون دفاعيون في كانون الأول/ ديسمبر.
وموقع أرض الصومال الاستراتيجي يجعلها مهمة للولايات المتحدة، لا سيما في ظل الهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن مرتبطة بـ"إسرائيل" والولايات المتحدة ودول تدعم الحرب في غزة.
وتدير الإمارات العربية المتحدة، حليفة الولايات المتحدة، ميناءً في مدينة بربرة في أرض الصومال، وتسيطر على قاعدة جوية عسكرية قريبة.
ورغم أن المنطقة لا تُنتج الليثيوم حاليًا، إلا أنها منحت سابقًا ترخيصًا لشركةٍ سعوديةٍ لاستكشاف خام هذا المعدن. إضافةً إلى ذلك، تحتوي المنطقة على رواسب من القصدير والأحجار الكريمة والجبس ومواد الأسمنت والذهب.
كما أعرب عن استعداده لاستضافة قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، مع أنه أشار إلى أن الأمر لا يزال قيد النقاش. وأكد أن سبيل الاعتراف الدولي يكمن في التعاون مع المجتمع الدولي في مجالات الأمن والتجارة ومكافحة الإرهاب والقرصنة ومنع الهجرة غير الشرعية.
في المقابل، أوضحت وزارة الخارجية الأمريكية أنها لا تتفاوض بشكل جدي مع ممثلي أرض الصومال للاعتراف بالدولة، وأن السياسة الأمريكية الرسمية تعترف بسيادة الصومال وسلامة أراضيه، بما في ذلك أرض الصومال.
كما أكدت الحكومة الصومالية على سياستها القائمة على مبدأ "الصومال الواحد" ومعارضتها لأي اعتراف باستقلال الإقليم.
رغم ذلك، يُقدّم رئيس أرض الصومال فرصًا تجاريةً جاذبةً للولايات المتحدة. وقد أعلن استعداده لعرض صفقةٍ لبيع معادنَ أساسية، بما فيها الليثيوم، حتى دون الاعتراف الرسمي بالمنطقة كدولةٍ مستقلة.