يمكن وصف المترجمين بأنهم الجنود المجهولون الذين كانت، وما تزال، لهم اليد الطولى في تغيير ذائقات وطبائع وحتى أفكار وحيوات الكثيرين من قرّائهم، إذ لا يُنكر أحد دور الترجمات الأدبية والثقافية من اللغات العالميّة إلى العربيّة في إحداث الفارق والتأثير ليس فقط لدى القراء، بل كذلك لدى الكُتّاب والمفكرين الناطقين بالعربيّة.

لذلك تحاول الجزيرة نت، من خلال هذه المساحة، أن تُلقي الضوء على جوانب عديدة من الترجمات وأعمال المترجمين، كإضاءة على تلك الجهود.

في هذه الحلقة نحاور المترجمة والكاتبة العُمانية زوينة آل تويه حول ترجمة الأدب المكتوب بالإنجليزيّة، اصطلاحاً، إلى اللغة العربية، ولأنه أدب ضخم وواسع وعريض، مكتوب في بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا وإيرلندا.. إلخ.

لذلك خصصنا حواراً مع المترجم والكاتب السوري أسامة إسبر للحديث عن ترجمة الأدب الأميركي إلى العربية، بينما سنخصص هذه الحلقة والحوار عن الأدب المكتوب بالإنجليزية في باقي المناطق، وسنطلق عليه هنا ترجمة الأدب الإنجليزي إلى العربية لتقصير ما نبتغيه من أدب مكتوب بالإنجليزية في باقي الأماكن خارج الولايات المتحدة.

والكاتبة العمانيّة تحمل شهادة الماجستير في دراسات الترجمة من جامعة إدنبره، المملكة المتحدة، عام 2007.  وصدرت لها العديد من الترجمات، منها رواية "هامنت" للكاتبة الأيرلندية البريطانية ماغي أوفارل (2022)، ورواية "عمدة كاستربردج" للكاتب الإنجليزي تومَس هاردي (2019)، ورواية "مائدة القط" للكاتب السريلانكي الكندي مايكل أونداتجي (2019)، ورواية "ما رأيكم في شكلي الآن؟" للكاتبة الفلسطينية الأسترالية رندة عبد الفتَّاح (2012).

وسيصدر من ترجماتها قريباً كتاب "شهرٌ في سيينَّا" للروائي الليبي البريطاني هشام مطر، الحائز على جائزة بوليتزر، للسيرة، لعام 2017، ورواية  "الهدية الأخيرة" للروائي التنزاني البريطاني عبد الرزاق غرنة، الحائز على جائزة نوبل للآداب لعام 2021. وشاركت زوينة في العديد من ورش الترجمة وتحرير الكتب المترجمة من الإنجليزية، في القاهرة وأبو ظبي والشارقة، منذ عام 2010. والإشراف على مختبر الترجمة في مؤسسة بيت الزبير بين عامي 2018 و 2020. ولزوينة آل تويه مجموعة قصصية بعنوان "المرأة الواقفة تجلس" كتاب مجلة نزوى، وصدرت عام 2005، فإلى الحوار:

واحدة من الروايات التي ترجمتها الكاتبة العمانية آل تويه (الجزيرة) صراع الهويّة والوجود كيف تلخصين أهمية الأدب الإنجليزي؟ وبالتالي أهمية ترجمته إلى العربية؟

غنيٌّ عن البيان أنَّ آداب العالم كلها جديرة بالاهتمام والبحث والترجمة، فهي تروي قصة الإنسان في كل مكان وزمان، والترجمة من أمثل الوسائل لنقل قصص الشعوب وآدابها وفنونها وثقافاتها بين اللغات المختلفة.

وإذا أردنا تخصيص الحديث عن الأدب المكتوب بالإنجليزية فإننا لا نقصره على إنجلترا وحدها، وإنما نقصد به أيضًا ما يُكتَب في أيرلندا وأسكتلندا وويلز وكندا وأميركا وأستراليا ونيوزيلندا، ويشمل ذلك حِقَبًا تاريخية مختلفة. أرى أن هذا الأدب يشكِّل مخزونًا ثريًّا للترجمة، ليس فقط لأنه عرَّفنا بكُتَّاب من أمثال شكسبير (ولد عام 1564 وتوفي عام 1616) وجون ملتن (1608- 1674) واللورد بايرن (1788- 1824) وجيمس جويس (1882- 1941) وجورج أورويل (1903- 1950) وفرجينيا وولف (1882- 1941) وأوسكار وايلد (1854- 1900) وكثيرين غيرهم، بل لأنه أيضًا يجمع أعراقًا وثقافات سخيَّة التنوع أتت بها رياح الاستعمار والمنفى والهجرة والشَّتات.

عندما نترجم هذا الأدب المتنوِّع إلى العربية فإننا نستضيف في ثقافتنا ثقافات أخرى تتيح لنا فهم ذواتنا من خلال فهم الآخر ورؤيته من زوايا مختلفة

من خلال هذا الأدب عرفنا كُتَّابًا من أصول مختلفة كتبوا بالإنجليزية مثل جوزيف كونراد (1857- 1924) وتشينوا أتشيبي (1930- 2013) وكازو إيشيغورو (1954) ومايكل أونداتجي (1943) وعبد الرزاق قرنح (1948) وهشام مطر (1970) وسواهم. وهنا أيضًا تكمن أهمية ترجمة الأدب المكتوب بالإنجليزية، إذ ينقله إلينا كُتَّاب خَبَروا صراع الهُوِيَّة والوجود بين ثقافتين ولغتين. نجد أن الأدب الإنجليزي نفسه قد اغتنى بهذه الثقافات واتسع مداه، ومن ثم أصبحت حاجة ترجمته إلى لغات أخرى مُلِحَّة.

رواية "وحده الحالم يصحو" ترجمة آل تويه (الجزيرة)

عندما نترجم هذا الأدب المتنوِّع إلى العربية، فإننا نستضيف في ثقافتنا ثقافات أخرى تتيح لنا فهم ذواتنا من خلال فهم الآخر ورؤيته من زوايا مختلفة.

حين يقرأ القارئ العربي كاتبًا يكتب بالإنجليزية، وهو من أصول أفريقية أو آسيوية أو حتى عربية، فهو لا يقرأ أدبًا مترجمًا من الإنجليزية فحسب، بل يطالع أيضًا ثقافة بعينها تحمله إلى بلاد أخرى وزمان آخر حتى ليحسب أن هذا الأدب إنما تُرجِم من لغته الأصلية وليس من اللغة الإنجليزية، وأن الكاتب كتبه بلغة أسلافه لا بالإنجليزية التي اتخذها لغة عيش وكتابة.

الرصانة والأخطاء الشائعة هل تأخرنا في ترجمة الأدب الإنجليزي؟ وماذا عن ترجمة الأدب العربي إلى قرّاء الإنجليزيّة؟

نعرف أن العصر العباسي الأول كان عصرًا ذهبيًّا شهد ازدهارًا في ترجمة الأدب والمنطق والفلسفة والطب والعلوم من طائفة من اللغات، كاليونانية والسريانية والفارسية والهندية وغيرها. لكننا في العصر الحديث تأخرنا في ترجمة الأدب من الإنجليزية واللغات الأخرى بسبب الاحتلال الذي رزحت الدول العربية تحت وطأته دهرًا.

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن أحوج إلى نقل علومنا وآدابنا إلى اللغات الأخرى، وذلك لتبديد سوء الفهم المهيمن في عالمٍ تحكمه وتحدِّد ملامحه وثقافته وما ينبغي أن يُعرَف وما ينبغي أن يُجهَل فيه قوى استعماريةٌ عظمى

ولعل أوضح بداية شهدتها الترجمة الحديثة عمومًا كانت في القرن الـ19 بمصر في عهد محمد علي باشا، مؤسِّس مصر الحديثة، الذي اهتم كثيرًا بالتعليم والعمران والزراعة والصناعة، وازدهرت الترجمة الأدبية إلى العربية في عصره. إلَّا أن التأخر الأفدح في الترجمة حتى يومنا هذا يتضح أكثر في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية وغيرها من اللغات، في الأدب والمجالات الأخرى سواءٌ.

كتاب "ما رأيكم في شكلي الآن" لرندة عبد الفتاح (الجزيرة)

اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن أحوج إلى نقل علومنا وآدابنا إلى اللغات الأخرى، وذلك لتبديد سوء الفهم المهيمن في عالمٍ تحكمه وتحدِّد ملامحه وثقافته وما ينبغي أن يُعرَف وما ينبغي أن يُجهَل فيه قوى استعماريةٌ عظمى.

الصحافة العربية وأغلب الكتب المنشورة والمترجمة بالعربية اليوم تعاني آفة الأخطاء الشائعة. المترجمون العرب الأوائل كانوا مثالًا على الرصانة والتمكن والعمل الدؤوب

كيف تنظرين إلى عمل المترجمين الذين سبقوك في هذا المجال؟

عندما نستحضر روائع الأدب الإنجليزي المترجمة إلى العربية تبرز أسماء كبار المترجمين الذين أفنوا حياتهم في الترجمة مثل منير البعلبكي وجبرا إبراهيم جبرا وإحسان عباس ومحمد عناني وغيرهم. هؤلاء مدرسة نادرة في العربية الفصيحة وبلاغة اللسان وتمكُّنه من لغته الأم وليس من اللغة الأخرى فقط، ونأيه عما غدا اليوم أخطاء شائعة طالت أساليب العربية واستعمالاتها وأضعفتها وأخضعتها لتأثير الإنجليزية وغيرها.

إن الصحافة العربية وأغلب الكتب المنشورة والمترجمة بالعربية اليوم تعاني آفة الأخطاء الشائعة. المترجمون العرب الأوائل كانوا مثالًا على الرصانة والتمكن والعمل الدؤوب، بيد أن جُلَّ ما ترجموه اقتصر على أشهر الأعمال، وهناك أعمال كلاسيكية كثيرة لم تُترجم بعد.

غياب النهج الواضح  هناك تركيز على فن الرواية بينما نادرا ما يترجم المسرح أو الشعر. هل يعود ذلك لدور النشر العربية أم اختيارات المترجم؟

لعل غلبة ترجمة الرواية تعود في مجملها إلى سيادة هذا النوع الأدبي أكثر من غيره في مختلف اللغات، وقد تشير إلى تراجع أهمية أنواع أجناس الأدب الأخرى أو تراجع جودتها. إلا أن اختيارات دور النشر والمترجمين لها تأثير في ذلك أيضًا.

ترجمة الرواية مهيمنة أكثر من ترجمة الشعر والمسرح وحتى القصة القصيرة، وذلك مردُّه إلى غياب نهج واضح وتأسيس ثابت لرصد وتحديد ما يجدر اختياره وترجمته من أي نوع أدبي، إذ إن أغلب ما يُترجَم إلى العربية إمَّا أنه يُترجَم بجهود فردية وإمَّا باختيار دور النشر

في سياق الترجمة في العالم العربي، فإن ترجمة الرواية مهيمنة أكثر من ترجمة الشعر والمسرح وحتى القصة القصيرة، وذلك مردُّه إلى غياب نهج واضح وتأسيس ثابت لرصد وتحديد ما يجدر اختياره وترجمته من أي نوع أدبي، إذ إن أغلب ما يُترجَم إلى العربية إمَّا أنه يُترجَم بجهود فردية وإمَّا باختيار دور النشر، فلا عجب أن نشهد تخبُّطًا في اختيار الأعمال للترجمة. ويحدث كثيرًا أن يُترجَم عمل أدبي أكثر من مرة دون تنسيق أو دراسة لمدى أهمية إعادة ترجمة العمل نفسه، في حين تُغفَل ترجمة أعمال أخرى مهمة.

رواية "هامنت" (الجزيرة) حصل الكثير من الكتاب الذين يكتبون بالإنجليزية على جوائز عالمية، ومنها نوبل للأدب، وهو أدب واسع وضخم، ومع ذلك هناك بطء في الترجمة للعربية. إذ إن هناك الكثير من الكلاسيكيات لم تترجم رغم التركيز عليها في كل ترجمة إلى لغة أخرى، وهل تتم ترجمة الجديد منه بسبب حصوله على جوائز أم لأسباب أخرى؟

هذا السؤال يؤكِّد إجابة السؤال السابق، فمع غياب مؤسسات ثقافية تتبنى مشروعات كبرى تنهض بالترجمة وتُعنى ليس فقط بسد الفجوة وتلاشي أوجه التقصير بل بمواكبة العالم، يبدو تخلُّفنا جليًّا في هذا الشأن.

تُهمَل ترجمة أعمال كثيرة مهمة قديمة وحديثة، ويُصَبّ التركيز على الأعمال الفائزة بالجوائز دونًا عن غيرها

لهذا السبب تُهمَل ترجمة أعمال كثيرة مهمة قديمة وحديثة، ويُصَبّ التركيز على الأعمال الفائزة بالجوائز دونًا عن غيرها. هناك جهود تبذلها بعض دور النشر العربية في الالتفات إلى أعمال قديمة لم تُترجم من قبل وأعمال مهمة لم تنل جوائز، لكن هذه الجهود تبقى في نطاق محدود.

"الجسد في الغزل العذري" لجوخة الحارثي (الجزيرة) ما اقتراحاتك لكي تكون الترجمة من الإنجليزية إلى العربية تثلج قلوب القراء؟

أن يكون هناك بيتٌ عربي يُعنى بالترجمة على غرار بيت الحكمة العباسي (قال ذلك المترجم أسامة إسبر، رغم أنهما لم يشاهدا إجابات بعضهما البعض – المُحاور) له مكتبته وأقسامه المختلفة ومشرفوه ومترجموه ومؤلِّفوه ومحرِّروه ونقَّاده. بيتٌ نعرف فيه ما نترجمه من قديم ومن حديث وما ينبغي أن نعيد ترجمته، ونحرص فيه أشد الحرص على ترجمة فكرنا وثقافتنا وعلومنا وفنوننا إلى لغات العالم.

كثيرًا مما يُترجم اليوم يُكتب بلغة عربية ركيكة هجينة أقصى همّها موافقة النص الأصلي في بنيته اللغوية. الترجمة تتيح للمترجم العربي فرصة تعلُّم لغته من جديد والعودة إلى أصولها ومنابعها لأن ذلك من شأنه أيضًا أن يرقى بلسان القارئ العربي وذوقه اللغوي

أمَّا ما سيُثلج قلوب القُرَّاء في الترجمة من الإنجليزية وغيرها إلى العربية، فهو أن يعيد المترجم العربي النظر في لغته العربية. إن كثيرًا مما يُترجم اليوم يُكتب بلغة عربية ركيكة هجينة أقصى همّها موافقة النص الأصلي في بنيته اللغوية. الترجمة تتيح للمترجم العربي فرصة تعلُّم لغته من جديد والعودة إلى أصولها ومنابعها لأن ذلك من شأنه أيضًا أن يرقى بلسان القارئ العربي وذوقه اللغوي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الأدب الإنجلیزی من الإنجلیزیة ة إلى العربی ترجمة الأدب إلى العربیة الترجمة من فی الترجمة دور النشر هذا الأدب أکثر من من خلال ل ترجمة ی ترج م ی ترجم کثیر ا

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة يدعون لإجراءات فوريَّة للحَدِّ من عمل الأطفال

 

دعت جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة إلى اتخاذ إجراءات فوريَّة وفعَّالة للحَدِّ من عمل الأطفال والقضاء عليه بالمنطقة العربية.

جامعة الدول العربية تشارك في حفل التنصيب الرسمي لرئيس جمهورية القمر المتحدة جامعة الدول العربية: نثمن اعتراف 3 دول أوروبية بفلسطين دولة مستقلة (فيديو)

جاء ذلك في بيان مشترك صدر اليوم الثلاثاء عن الأمانة العامَّة لجامعة الدول العربية، ومنظمة العمل العربية، والمجلس العربي للطفولة بمناسبة اليوم العالميّ لمكافحة عمل الأطفال الذي اعتمدته الأمم المتحدة عام 2002، ويصادف الثاني عشر من شهر يونيو من كل عام.

وذكر البيان المشترك أن اليوم العالميّ لمكافحة عمل الأطفال في 12 يونيو من كل عام أُطلق كمناسبة أُمَميَّة لتسليط الضوء على هذه القضية، والدعوة لبذل المزيد من الجهد واتخاذ إجراءات فورية وفعَّالة للحدِّ من عمل الأطفال تمهيدًا للقضاء عليه.

وأضاف البيان الصادر عن جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة: "ونحن نحتفي بهذه المناسبة في عام 2024، نؤكد - نحن الشركاء - على التزامنا الكامل ورسالتنا التنمويَّة لحماية وتعزيز حقوق الأطفال في المنطقة العربية، وبصفة خاصة فئة الأطفال العاملين؛ لتسليط الضوء على قضية عمل الأطفال أمام مُتَّخذي القرار والجهات الفاعلة لبذلهم المزيد من الجهد، وحثِّهم على اتخاذ الإجراءات الفوريَّة والفعَّالة للحَدِّ من عمل الأطفال والقضاء عليه".

واستذكر البيان - بهذه المناسبة - التقديرات العالمية التي تشير إلى تفاقم أعداد الأطفال العاملين بشكل كبير وخطير، وهو ما يُعدُّ أول ارتفاع منذ عقدين، إذ يُقدَّر عدد الأطفال العاملين بـ 160 مليون طفل على مستوى العالم، أغلبهم في الفئة العمرية بين 5 - 11 عامًا، مع ارتفاع ملحوظ في أعداد الأطفال الذين يزاولون أعمالًا خطرة، تضرُّ بصحتهم، أو نُموِّهم، أو سلامتهم، أو أخلاقهم.

ولفت إلى خطورة الانعكاسات السلبية لتفاقم أعداد الأطفال العاملين على منطقتنا العربية، التي أكَّدت عليها التقارير الدولية، خاصةً في ضوء ما تواجهه من تحديات جسيمة، بدءًا من تداعيات جائحة كورونا (كوفيد - 19)، والتغيُّرات المناخية التي صارت تمثل أزمة في حقوق الطفل، واتساع الصراعات والنزاعات المسلَّحة في عددٍ من الدول العربية، فضلًا عن التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، التي أثرت جميعها سلبًا على مسار التنمية وجهود مواجهة الفقر.

وأوضح البيان أن التقرير العربي الثاني حول الفقر متعدد الأبعاد للعام 2023، يشير إلى أن فقر الأطفال ما زال منتشرًا، إذ طالَ ربع الأطفال في ستة بلدان عربية متوسطة الدخل في أواخر العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، ويعاني أكثر من 20 مليون طفل في تلك البلدان الحرمانَ من أبعاد الرفاه؛ خاصةً في مجالات الصحة والتغذية والتعليم.

وأشار بيان المنظمات الثلاث إلى الجرائم التي تُرتكَب في حق الطفولة والإنسانية في قطاع غزَّة، والتي تتنافى مع حقوق الأطفال وحقوق الإنسان، مؤكدين أنها وصمة على جبين المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان؛ ففي قطاع غزة أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عن "مقتل" قرابة 13.500 طفل حتى تاريخه، وما يقرب من 1.9 مليون شخص نصفُهم من الأطفال لا يحصلون على ما يكفي من الماء والغذاء والوقود والدواء، كما دُمرَت منازل الأطفال وتشتَّتت أُسَرهُم، مما ينبئ بواقع مرير وبتدهور أوضاع أطفال غزة لعقودٍ قادمة؛ الأمر الذي سيدفعهم حتمًا إلى الانخراط في سوق العمل بكل مخاطره سعيًا للعيش وكسبً قُوتِهم و قُوتِ أسرهم.

وأكدت المنظمات الثلاث على إدراكها لخطورة هذه القضية على حقوق ومستقبل أطفال المنطقة، مشيرة لجهودهم المشتركة في هذا المجال منذ إصدارهم في عام 2019 دراسة "عمل الأطفال في الدول العربية"، وتناولهم عددًا من القضايا المرتبطة بتلك القضية تمثَّلت في الندوة العربية حول "عمل الأطفال وجائحة كوفيد - 19" في العام 2021، والورشة الإقليمية بعنوان: "عمل الأطفال في المنطقة العربية والتغيرات المناخية" في عام 2022، واللقاء الإقليمي "أثر التغيرُّات المناخية على عمل الأطفال في المنطقة العربية" الذي أُقيم في إطار قمَّة المناخ (COP 28) بدبي في العام 2023. 

وأعربت المنظمات الثلاث عن التزامها بمواصلة العمل معًا من أجل مواجهة هذه القضية، بتنظيم ورشة عمل حول "تأثير الأوضاع الاقتصادية الراهنة على عمل الأطفال في البلدان العربية" خلال هذا العام 2024؛ وذلك تعزيزًا للعمل المشترك، وسعيًا للتناقُش والتباحُث والرصد والتحليل لمختلف الجوانب المتعلقة بقضية عمل الأطفال، ومنها الجانب الاقتصادي الذي يشكِّل حائلًا دون القضاء على هذه المشكلة المتفاقمة.

وأضافت في البيان المشترك: "مع ما نقوم به - كشركاء - من جهد في هذا المجال، نناشد الدول العربية للعمل من أجل توفير سُبُل الحماية والعدالة الاجتماعية للجميع بمَنْ في ذلك الأطفال، وتوفير التعليم الجيِّد وإعادة جميع الأطفال إلى المدرسة، وتعزيز العمل اللائق للبالغين حتى لا تضطر الأسر إلى تشغيل أطفالها للمساعدة في تحسين دخل الأسرة، مع إلغاء المعايير الضارَّة والتمييز بين الجنسين الذي يؤثر في عمل الأطفال، بما يضمن حماية حقوق أطفالنا وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويهيِّئ لهم مستقبلًا أفضل أكثر أمنًا وسلامًا واستدامة".

واختتمت المنظمات الثلاث البيان بشعار "نحمي طفولتهم اليوم لنضمن مستقبلًا مشرقًا لشباب الغد".

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة يدعون لإجراءات فوريَّة للحَدِّ من عمل الأطفال
  • حماس ليست داعش
  • رئيس البرلمان العربي يهنئ الصومال لانتخابها عضوًا غير دائم بمجلس الأمن
  • المحميات الصهيونية
  • أبرز طقوس استقبال الحجاج في الوطن العربي
  • أبوديب تطالب الدول العربية بوضع خطط عمل واضحة لدعم الشعب الليبي
  • تكريم 53 مشاركاً في برنامج القيادات الإعلامية الشابة
  • «السيرة الهلالية».. حكايات تثري الموروث الشعبي
  • ثيمات غائبة فى الأدب العربى الحديث
  • لماذا تخذل الأنظمة العربية الاستبدادية غزة؟