يحظى مجال إعادة التدوير بأهمية خاصة على المستوى العام والقطاع الخاص، وتقدم الدولة الدعم لشركات القطاع الخاص تشجيعاً للدخول إلى هذا المجال، الذي يعد احد اركان الاقتصاد الدائري لحفظ الموارد للجيل الحالي والاجيال القادمة، ولحماية البيئة البرية والبحرية من اضرار النفايات، وشملت مشاريع إعادة التدوير مجالات عديدة منها تدوير البطاريات والمعادن واطارات المركبات المستعملة والمهملة، واطلقت الدولة ممثلة بوزارة البلدية العديد من المبادرات في هذا المجال بالتعاون مع القطاع الخاص، والتي تشمل نقاطا لتجميع النفايات القابلة لإعادة التدوير بمختلف أنواعها وفي مختلف المناطق بغرض جمعها وإعادة تدويرها من خلال المصانع العاملة بالدولة.

وقدمت الدولة الدعم للقطاع الخاص للانخراط في هذا المجال. وشهدت السنوات الماضية تدشين العديد من مصانع إعادة التدوير، وكانت مجموعة شاطئ البحر احد أبرز رواد هذا المجال بتدشين واحد من مجموعة متكاملة من المصانع لإعادة تدوير مختلف أنواع النفايات، وذلك تحقيقاً لمبدأ الاستدامة وتكريس مكانة دولة قطر كإحدى الدول الاكثر تقدما بمجال اعادة التدوير، إلى جانب مشاركة المجموعة في العديد من المبادرات الحكومية والخاصة الهادفة لنشر ثقافة إعادة التدوير مثل تخصيص حاويات، بهدف تجميع النفايات وفرزها وتدويرها واعادة استخدامها وفقا لخطط مصانعها، لتحقيق الكفاءة القصوى في استخدام الموارد وتحقيق أهداف الاستدامة واسترجاعها واعادة تشكيلها وإدخالها في الاقتصاد من جديد.
ونوه تقرير لوزارة البيئة بآثار ومخاطر النفايات على البيئة، لا سيما النفايات الإلكترونية والبطاريات واطارات المركبات والتي تحتوي على مواد خطرة وسامة تؤثر على البيئة والإنسان، وذلك لأن بعض النفايات الإلكترونية وغيرها تحتوي على مواد مثل حمض الكبريت والذي يسبب مواد حمضية والتي تؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية وتضر بالإنسان، بالإضافة إلى الزئبق الذي يتواجد في بعض أنواع النفايات بنسبة تتراوح ما بين 1% إلى 50%، وهو مادة سامة خطيرة (الزئبق مادة سامة عديمة الرائحة واللون، قد تتبخر وتختلط بالهواء دون أن يدركها الإنسان، وقد تصل إلى الإنسان عن طريق الاستنشاق أو الابتلاع، وإذا وصلت إلى استنشاق الإنسان قد يتسبب ذلك في مشاكل حركية وأضرار في المخ والكلى والجهاز التنفسي وضعف الخصوبة)، بالإضافة إلى مادة الرصاص الذي يشكل ضررًا كبيرًا على المخ والعظام، والفضة التي تضر بالجلد، وغاز الفريون الذي يشكل ضررًا كبيرًا على طبقة الأوزون، والليثيوم وهو مادة تنفجر عندما تتفاعل مع المياه، والكادميوم وهي مادة في تركيبة بعض النفايات مثل البطاريات وتعد مادة سامة جدًا إذا وصلت للإنسان ستتسبب في كثير من الأضرار الصحية مثل آلام البطن، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل في الجهاز التنفسي.
وأشار التقرير إلى إجراءات للتخلص من بعض النفايات بطريقة خاصة ووفقاً لضوابط وشروط حددتها الجهات المعنية بوزارة البيئة والتغيّر المناخي، وذلك بهدف الإدارة السليمة للنفايات الخطرة، حفاظًا على البيئة وسلامة الكائنات الحية، وذلك من خلال الإدارة السليمة للنفايات الخطرة ومنها تجميع ونقل داخلي ومعالجة وتصريف النفايات الخطرة والتخلص منها ومرحلة التخلص من النفايات الخطرة بالنقل أو بالشحن خارج الدولة. وتؤكد الوزارة في كل مناسبة على أهميَّة التخلص الآمن والسليم من النُفايات الخطرة، من خلال الشركات والجهات المرخص لها، وتدعو الوزارة كافةَ الجهات المولّدة أو التي تمتلك بحوزتها النفايات الخطرة ومنها (البطاريات المستعملة) للتوجه إلى الشركات والجهات المرخص لها من الوزارة فقط وذلك لاستقبالها ومعالجتها أو إعادة تدويرها، حيث تعتبر البطاريات المستعملة وبالأخص بطاريات السيارات أو بطاريات أحماض الرصاص من النفايات الخطرة التي يجب اتباع طرق آمنة وسليمة للتخلص منها لما تحتويه من معادن ثقيلة تضر بالبيئة وصحة الإنسان، حيث إنَّ تجميع ورمي البطاريات المستهلكة وتراكمها في أماكن مختلفة في الأرض ومع تعرضها لعوامل البيئة كالماء والهواء والرياح تبدأ بالتحلل ما يؤدي إلى تغلغل المواد الخطرة في التربة وتسريبها في المياه مما يشكل ضررًا كبيرًا على البيئة وصحة الكائنات الحية. ويحظر القانون رقم (30) لسنة 2002 ولائحته التنفيذية تداول النفايات الخطرة أو إدارتها أو معالجتها أو إعادة تصديرها والتخلص منها في الداخل أو الخارج إلا بترخيص صادر من الجهة الإدارية المختصة وهي إدارة الوقاية من الإشعاع والمواد الكيميائية بالوزارة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر إعادة التدوير حماية البيئة البرية مجموعة شاطئ البحر النفایات الخطرة إعادة التدویر هذا المجال على البیئة

إقرأ أيضاً:

ريادة الأعمال من وجهة نظر سلوكية

تتسابق الدول لإنشاء منظومات متكاملة لرعاية ريادة الأعمال، يضمن سلاسة دخول الأفراد والمؤسسات داخل السوق، وحركة الانتاج، ويوفر لهم فرص النمو والتوسع، ويأتي ذلك لثلاثة أسباب رئيسية: أولها أنه بقدر ما تنمو الأعمال الريادية في اقتصاد ما بقدر ما يتوسع ذلك الاقتصاد في حركته ومنتجاته ومؤشراته وخدماته، وثانيها أن هذا التوسع في هذا القطاع يعني تخفيف ضغوطات البطالة وإتاحة فرص أكبر لاتجاه الخريجين الجدد لإنشاء أعمالهم الريادية، أو الالتحاق بأعمال ريادية ناشئة، وثالثها أن قطاع ريادة الأعمال يعمل في الاقتصاد بمثابة مغذي الابتكار بالنسبة للاقتصادات في شكلها الأكبر.

فنماذج المشروعات القائمة على المعرفة أو التكنولوجيا المتقدمة، أو الأنماط الابتكارية، تجرب غالبًا عبر هذه المشروعات الريادية لتتحول لاحقًا إلى التبني والتوسع عبر الوحدات الأكبر في الاقتصاد.

وبقدر ما تعمل الدول على تصميم النظم المتكاملة لرعاية ريادة الأعمال واحتضانها من خلال التشريعات، وتسهيل الإجراءات، وتطوير البنى المؤسسية الراعية، وتعديد مصادر التمويل، وحشد أشكال مختلفة من الدعم الحكومي والمؤسسي لنجاح رحلة رائد العمل، بقدر ما تبرز الحاجة للانتباه في كل دولة إلى سياق متكامل من التهيئة المجتمعية لنجاح ريادة الأعمال؛ بما في ذلك تهيئة قابلية الأفكار للاتجاه نحو هذه الفكرة، وتهيئة قبول المجتمع لطبيعة الأشخاص المنخرطين فيها، ونتاجات النجاح والفشل التي تفرزها، وتهيئة الأفراد المنخرطين فيها للتعامل الدقيق بعقلية رائد عمل (Entrepreneur mindset).

هذه العقلية في سياق العلوم السلوكية غالبًا تكون محاطة بمجموعة مما يُعرف بالتحيزات المعرفية (Cognitive biases)؛ وهي أنماط معينة توجه تفكير الأفراد بطريقة غالبًا غير موضوعية، ويكون أساسها السياق الاجتماعي والثقافي الذي يعيشه الفرد.

ولعل أهمها شيوعًا فيما يتعلق بريادة الأعمال تحيز النفور من المخاطرة (Risk aversion bias).

في الغالب فإن هذا التحدي يظهر في صورة تفضيل الوظيفة الثابتة ذات الضمانات المالية الواضحة، وغالبًا ما تكون في القطاع الحكومي؛ حيث يكون الفرد مدفوعًا بالاعتقاد أن أي اتجاه آخر بما في ذلك ريادة الأعمال، وإنشاء المشروع الذاتي، أو العمل الحر يعتبر مخاطرة تدخله إلى منطقة شبه مبهمة، الدخل فيها غير ثابت أو مضمون، وقد أتعرض فيها لمخاطر وخسارات غير متوقعة؛ وبالتالي، فإنني لا قد لا أستطيع تحقيق التوقعات الاجتماعية التي تلقى عليها ككائن في سياق مجتمعي من ناحية، كما أنه ليس لدي ضمانات بتحقيق صورة ذاتي (ما أطمح له على المستوى المادي والعملي).

هذا أحد أبرز التحيزات شيوعًا خصوصًا في تركيب مجتمعاتنا، وينطلق في الأساس من اعتقاد مجتمعي يميل لترجيح كفة الدخل الثابت، وتفضيل مكانة الوظيفة المستقرة، لتقليل مستويات النفور من المخاطرة والخسارة.

ومن التحيزات المعرفية المرتبطة بممارسة ريادة الأعمال كذلك ثلاثة تحديات تأتي متضافرة فيما بينها، وهي: تعظيم الكفاءة الذاتية، الإيجابية المفرطة، ونقص النماذج المفاهيمية.

وفي هذه التحيزات يميل الفرد إلى المبالغة في تعظيم معرفته ومهاراته وقدراته الفردية في مجال ما؛ قد يكون بناء على تجربة محدودة، أو اطلاع محدود، فيراهن على تلك التجربة في تصور القدرة الفائقة على نجاح عمله أو مشروعه.

وفي المقابل يفشل النظام المتكامل لريادة الأعمال في تقديم المفاهيم الصحيحة المتكاملة الخاصة بذلك المشروع قد يكون نتيجة لحداثته وعدم وجود ممارسات أو خبرات سابقة في ذات المجال.

هنا قد يندفع الفرد نحو الشروع في مجال تكتنفه العديد من المصاعب الحقيقية؛ ليست المرتبطة بوضعه في السوق وتنافسيته؛ ولكن بمدى فهم وقدرة الفرد على إدارته وتحريكه.

مثل هذه التحيزات وغيرها تظهر في سياقات اجتماعية عديدة وتواجه بشكل مستمر رحلة رواد الأعمال، وقد يكون ـ دون وعي عام ـ لكنها تقوض الجهود المؤسسية والبنيوية لنجاح هذا الاتجاه اقتصاديًا بشكل عام.

ما يمكن قوله: إن الجيل القادم في العالم هو جيل ريادي بامتياز؛ فقضية الاتجاه نحو الأعمال الريادية من القضايا التي تجمع عليها مختلف الدراسات والاستطلاعات العالمية التي تناقش خصائص الجيل الجديد؛ في تحقيق لفوربس على سبيل المثال بعنوان: «Why Gen Z Is Thriving In The Entrepreneur Life» يناقش نتائج مجموعة من هذه الاستطلاعات؛ حيث يشير إلى أن استطلاعًا أجرته شركة WP Engine عام 2020 وجد أن 62% من أفراد جيل Z لديهم خططٌ لبدء أو ربما بدء أعمالهم التجارية الخاصة يومًا ما.

وتشير دراسة حديثة أجرتها شركة Square إلى أن النسبة تصل إلى 84% من أفراد جيل Z الذين يرغبون في امتلاك شركاتهم الخاصة في المستقبل.

وتشير التقارير إلى أن الفئة العمرية التي هيمنت في السنوات الأخيرة على الأعمال الريادية هي بين (18-34) عامًا، هذه الفئة مدفوعة بهوس الجيل الجديد في الريادة والابتكار والإنشاء؛ حيث تشير دراسات لشركة ZenBusiness أن 84% من جيل Z يرون أن مهنة «المُـنشئ/الـ Creator (صانع محتوى، يوتيوبر، ستريمر...) هي أكثر مهنة ممكنة الوصول لهم.

في مقابل ذلك، فإن ضمان معالجة بعض التحديات السلوكية التي قد تواجه هذه الرحلة يتطلب في تقديرنا خسمة تدخلات أساسية: التوسع في تقديم تجربة التعليم القائم على تفكيك الفشل ومعالجة أسبابه ونقده، أكثر من نمط التعليم الذي يجعل النجاح هو الوضع الافتراضي لأي فرد في سياقه الاقتصادي والعملي.

كذلك التوسع في دور القطاع الخاص في إنشاء حاضنات ريادة الأعمال؛ حيث إنها تشكل مساحات للتجربة وتعلم النجاح والفشل وبناء الجهاز المفاهيمي المتكامل لرحلة رائد العمل، دون الانغماس المباشر في تجربة السوق.

كذلك من المهم العناية بنوعية النماذج الريادية التي يتم تصديرها، وعدم التمحور بين ثنائيات (بدأت من الصفر/ حققت ما لم يُكن متوقعًا).

فريادة الأعمال رحلة دروسها تكمن في التفاصيل البسيطة غير المرئية للآخر، وغير المحسوسة لغير صاحب التجربة. كما أن من الضروري تقديم فكرة ريادة الأعمال بطريقة متوازنة وخاصة للأجيال الشابة، وليس بطريقة احتفائية تصورها أنها ملاذ الثراء والنجاح المطلق وتحقيق الذات المنشودة.

ونعتقد كذلك بضرورة توسيع المنصات، الملتقيات، والمساحات التي تجمع بين رواد الأعمال الفعليين والمقبلين على ريادة الأعمال؛ فالتوجيه والإرشاد الذي يعطى ثقة أكبر وأهمية أقصى هو النابع من التجربة ذاتها ومن شخص المجرب.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع، والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان

مقالات مشابهة

  • أهل مصر.. إعادة التدوير وتسويق المنتجات في ملتقى فتيات المحافظات الحدودية بشرم الشيخ
  • شاهد: روبوت يعيد تجميع اللوحات الجدارية الأثرية من بومبي
  • "القومي للإعاقة" و"البيئة" يختتمان المرحلة الأولى من مشروع "ريادة الأعمال الخضراء"
  • انفجار قوي في مصنع لمعالجة النفايات يهز مدينة سيدني
  • برتڤيل للتطوير العقاري: تطور متسارع بمشروع «باب القصر قنال ڤيو رزيدنس 22» في شاطئ الراحة
  • ريادة الأعمال من وجهة نظر سلوكية
  • زاخاروفا: ننتظر خطوات عملية من الغرب لإعادة النظر بالعلاقات
  • «تجميع» و«إيكوتوين» تُطلقان مشروعاً تجريبياً يُعيد تعريف مراقبة النفايات بأبوظبي
  • الخارجية الروسية: ننتظر خطوات عملية من الغرب لإعادة النظر بالعلاقات
  • «رمال العقير».. ساحة أولمبية مصغرة للعائلات على شاطئ الأحساء