وزيرة الهجرة: الإبداع مقياس لحضارة الشعوب وانعكاس لتفردها ومرآة لثقافتها
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
شهدت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بدعوة من مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، حفل توزيع جوائز مسابقة "ساويرس الثقافية" في دورتها التاسعة عشرة، بحضور الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، والمهندس نجيب ساويرس مؤسس ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، والمهندس سميح ساويرس مؤسس وعضو مجلس أمناء المؤسسة، وذلك بقاعة إيوارت التذكارية بمركز التحرير الثقافي.
كما شارك في الاحتفالية عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية في مصر، ونخبة من الشخصيات العامة ورموز المجتمع، وعدد من الفنانين والمثقفين والإعلاميين، وأعضاء لجان التحكيم.
وأكدت السفيرة سها جندي، أن الجمهورية الجديدة تدعم الأنشطة الثقافية التي لها دور كبير في بناء الإنسان المصري، بالإضافة إلى دعم المبدعين في مختلف المجالات، مشددة على أن هناك الكثير من المحفزات التي قدمتها الدولة أيضا للمبدعين في العديد من المحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية، والمناطق الأولى بالرعاية، ومن بينها دعم الشباب في المجالات الثقافية، مؤكدة أن الإبداع مقياس لحضارة الشعوب وانعكاسًا لتفردها ومرآة لثقافتها وتميزها الخلاق.
وتابعت وزيرة الهجرة، أن الثقافة لها دور مهم في توعية الشباب وكذلك الأسر في مختلف المحافظات، مؤكدة أنها شهدت أعمالا فنية وثقافية ومشروعات تخرج لعدد من طلاب الجامعات التي تناقش ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وتنشر الكثير من رسائل تساهم في توعية مختلف الفئات بالمحافظات بمخاطر الهجرة غير الشرعية وخصوصا المحافظات المصدرة لتلك الظاهرة، خلال فعاليات المبادرة الرئاسية "مراكب النجاة".
وشددت السفيرة سها جندي على أن علينا جميعا دعم مختلف الملفات التي من شأنها أن تساعد في تحقيق رؤية مصر للتنمية المستدامة ودعم الشباب وتمكينهم، وكذلك إتاحة الفرصة للمبدعين منهم في مختلف المجالات، مؤكدة أن مؤسسات المجتمع المدني تبذل جهدا كبيرا للبحث عن هذه الكنوز الثقافية، التي ربما تصبح قادرة على صنع جيل جديد، ويبرز سمات الثقافة المصرية في مختلف المحافل.
وقد شهدت الفعاليات الإعلان عن أسماء الفائزين من شباب وكبار الأدباء والكتاب في مختلف مجالات الجائزة ومن بينها: الرواية، والمجموعة القصصية، والسيناريو السينمائي والنص المسرحي والنقد الأدبي والسرديات الأدبية وأدب الطفل، وذلك بمشاركة عدد كبير من الفنانين والمبدعين المصريين، كما تضمن برنامج الحفل أيضًا فقرة فنية لفرقة هواة خريجي الجامعة الأمريكية في مصر لفنون الفلكلور.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السفيرة سها جندي الإنسان المصري الأنشطة الثقافية مؤسسة ساويرس فی مختلف
إقرأ أيضاً:
لنا وطن نحلم به.. لا يشبه ما صنعته الأنظمة
في كل خريطة رسمتها الدول، كان هناك دوما صوتٌ غائب: صوت الشعوب. طوال عقود، احتكرَت النخب السلطوية تعريف الوطن، وحوّلت المفهوم من "عقد اجتماعي" جامع، إلى "أمن قومي" مصمَّم لحماية النظام لا الإنسان.
في هذا السياق، جرى تفريغ فكرة الوطن من مضمونها التحرري، لتُصبح أداة ضبط، لا أفقا للتحرر. لكن الشعوب -كما التاريخ- لا تخضع دائما لما يُكتب في كتب الجغرافيا السياسية.
منذ انطلقت قافلة الصمود إلى غزة، ذلك الحراك الشعبي العابر للحدود، والمبني على مبادرة مدنية خالصة، تكشّف ما هو أعمق من التضامن الإنساني: نحن إزاء تحوّل في المزاج السياسي الجمعي، ليس فقط إدانة للاحتلال، بل أيضا إدانة للصمت العربي، وللركود الذي فرضته علينا أنظمة ما بعد الاستعمار، بأن فلسطين مجرد "رمز" لا "قضية"، وبأن الحلم المشترك رفاهية غير واقعية.
لكن ماذا لو أن الخيال السياسي الذي تهابه الأنظمة، هو بالضبط ما تحتاجه الشعوب لتنجو من انسداد الأفق؟
الدولة ضد الخيال
الدولة العربية، كما تشكّلت بعد سايكس-بيكو، لم تُبنَ على الإرادة الشعبية، بل على تقاطع المصالح الاستعمارية مع نخب محلية طامحة للاستقرار أكثر من العدالة.
من هنا، تحوّل مفهوم "الاستقرار" إلى عقيدة أمنية، لا إلى ضمان اجتماعي. وحين رفعت الشعوب شعار "الحرية"، رُدّ عليها بـ"الفوضى"، وكأن الحلم ذاته تهديد.
إن قافلة الصمود، بهذا المعنى، تُعيد تعريف "السياسة" لا كحقل احترافي مغلق، بل كفعل جماعي مُحرِّك. هي تطرح سؤالا لم يعد يُمكن للأنظمة تفاديه:
هل يمكن أن يُبنى وطن دون أن يحلم شعبه؟
وهل يُمكن أن يُدار الحاضر دون أن تُستعاد فلسطين كمحرّك أخلاقي وتاريخي لتجديد المشترك العربي؟
اللحظة الغزّاوية: ما بعد التسييس
إن ما رأيناه من مرافئ المغرب، وميادين تونس، وطرقات اليمن، ليس فقط عودة إلى فلسطين، بل عودة إلى الذات الجماعية. لقد خرجت الشعوب عن الدور الذي رسمته لها الأنظمة: المتفرّج، أو "الضامن الصامت". وها هي تعود -على نحو غير مركزي- لتقول: نحن هنا.. ولسنا جزءا من خطاب "الواقعية" الذي يبرر كل خذلان.
هذه اللحظة الغزّاوية، التي فجّرتها قافلة مدنية كسرت الحصار بالفعل قبل أن تصل إليه، تفتح بابا على ما أسماه المفكر طارق البشري "الخيال السياسي النظيف"؛ ذلك الخيال الذي لا تُشوّهه السلطة، ولا تُجهِضه حسابات موازين القوى المؤقتة.
تحرير المفهوم: ما الوطن إذا؟
الوطن، كما تطرحه الشعوب اليوم، ليس "الدولة" فقط، بل هو المجال الرمزي الذي نعيد فيه التفاوض على معنى الكرامة، السيادة، والانتماء. فإذا كانت الأنظمة قد شيّدت وطنياتها على وهْم "التطبيع"، فإن الشعوب تُشيّد وطنيتها من جديد على واقع "الانحياز".
نحن لا نرفض الدولة كفكرة، بل نرفضها حين تتحوّل إلى سلطة أمنية شمولية، وحين تَستخدم أدواتها التشريعية والإعلامية لتقييد الخيال السياسي، ولتجريم الحلم باسم "الاستقرار".
لهذا، فقافلة الصمود إلى غزة لم تكن فقط جسرا إلى فلسطين، بل كانت جسرا إلى وطن جديد: وطن لا يشبه ما صنعته الأنظمة، ولا يكتبه الحاكم بخطاب رسمي، بل تكتبه الشعوب في الشوارع، وعلى لافتات الأمل، وفي عيون الذين لم ينتظروا إذنا كي يقولوا: نريد وطنا يُشبهنا.