علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

الكيان الصهيوني بُني على هيكلية غربية صرفة منذ نشأته، ليس لأنه استثمار غربي طويل الأجل لزعزعة استقرار العرب وضمان ديمومة شتاتهم وفرقتهم وضعفهم فحسب؛ بل لضمان تضليل المجتمع الصهيوني المحتل لفلسطين من قبل قادته، وسكب أساطير وخرافات تضليلية في عقولهم لتسهيل قيادتهم ودفعهم خلف ساستهم دون نقد أو اعتراض.

وهذا النسق هو ديدن الغرب في قيادة شعوبهم المُضلَّلَة والمُستغفَلة لعقود طويلة بفعل تسليط آلات إعلامية ضخمة، ومناهج تعليم بروايات مُختلَقة وكاذبة لتمرير سياسات اللوبيات الحاكمة دون أي اعتراض، وبفعل سياسات الاستغفال المنظم في الغرب خرجت أجيال في الغرب مصابة بالنرجسية الموغلة في تضخيم الذات الغربية وتعظيمها، واعتبار الغرب ومدنيَّته محور الكون، وثقافته الملاذ الأخير للعالم، لهذا سمعنا عن نهاية التاريخ، ونهاية الديمقراطية وأخواتها من النهايات النرجسية الغربية التي سعت لسكبها في عقول الأغرار والناشئة من الشعوب.

سياسات الاستغفال مررت احتلالات ونكبان وجرائم للغرب عبر التاريخ الأوسط والحديث، بفعل السرديات المُضلِّلَة في المناهج ووسائل الإعلام ومن على منابر صياغة الوعي.

ومع ثورة الاتصالات، تلاقحت الأفكار وذابت المسافات وطُويَت الجغرافيا، وأصبح الإعلام الاجتماعي ليس إعلامًا موازيًا فحسب؛ بل إعلام بديل هزَّ عروش بارونات المال والإعلام والسياسة معًا، وتسيّدت لغة الصورة المشهد، فانهارت سرديات وزالت أساطير وخُرافات علقت في الأذهان لعقود خلت، فترمم الوعي واستعاد الفرد إنسانيته وسويته وفطرته تدريجيًا، فتسيّد عقله وعاد إلى رشده دون تدخل مؤثر خارجي أو حصار عقل، فأصبح الإنسان رهين ما اكتسب بنفسه ولنفسه من قناعات وعقائد دينية ودنيوية.

الكيان الصهيوني مارس على شعبه ذات السياسات الغربية في التضليل وسكب الروايات المعُلبة المصُنعة في قباب وأروقة الزيف، فاعتقد وصدَّقَ لعقود طويلة بأن فلسطين أرض ميعاد لليهود، وأرض وهبها الله لهم واحاطها برعايته وعنايته، وأن العرب مجرد أقوام طارئة ومُتطفلة على فلسطين، واقوام عالة على البشرية وتاريخها وحضارتها. وهكذا سهَّل تمكين السردية المُضلِّلَة في عقول اجيال الصهاينة المتعاقبة على فلسطين، والذين حملوا الحقد والكراهية والتعالي على العرب جميعهم بدء من فلسطين والفلسطينيين.

طوفان الأقصى اليوم زلزل قناعات وعقائد فكرية ودينية وسياسية، وأحيا الضمير العالمي المخطوف من قبل الصهيونية العالمية وادواتها المسمومة، فالتف العالم حول غزة بالتحديد وفلسطين من خلالها، واسقط السرديات الصهيونية تباعًا، ولم تستثني هذه الصحوة الكيان الصهيوني؛ حيث غزت مجتمعه لغة الصورة، وعاش تفاصيل الطوفان لحظة بلحظة ليتساءل بعد كل ذلك عن حقيقة كيانه ومستقبله، وليكتشف أنه في الزمن الخطأ وعلى الجغرافيا الخطأ كذلك.

إطالة عمر الطوفان اليوم من قبل قادة الكيان الصهيوني ليس لتحقيق أي نصر للكيان، أو لارتزاق سياسي لنتن ياهو وحزبه وحكومته فحسب؛ بل لحرف أنظار وعقول المجتمع الصهيوني بداخل فلسطين عن التفكير في المصير والمستقبل الى حين، على اعتبار أن البلد في حالة حرب توجب الالتفاف حوله وعدم الانشغال بغيره.

طوفان الأقصى تكفَّل بإعادة صياغة مقولة الصهيونية جولدا مائير في وصف حال الفلسطينيين: "كبارهم سيموتون وصغارهم سينسون"، إلى وصف مغاير ودقيق لحال الصهاينة اليوم: "كبارهم سيموتون، وصغارهم سيهزمون ويهربون".

قبل اللقاء.. الكيان الصهيوني اليوم يخوض حربًا طاحنة على أكثر من جبهة، لكن أخطر الجبهات هي الجبهة الداخلية وتصفية الحسابات المرتقبة بعد الطوفان.

وبالشكر تدوم النعم.

 

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أكثر من ألفي خريج من دورات “طوفان الأقصى” في مستبأ بحجة يعلنون الجاهزية العسكرية

يمانيون |
شهدت مديرية مستبأ بمحافظة حجة، عرضاً شعبياً مهيباً نظّمته شعبة التعبئة العامة، شارك فيه أكثر من 2000 خريج من دورات “طوفان الأقصى”، في رسالة واضحة أن المعركة مع العدو الصهيوني لم تعد مجرد تضامن، بل باتت جزءاً من الاستعداد العملي والميداني لخوض “الفتح الموعود” إلى جانب المجاهدين في غزة.

العرض – الذي تقدمه وكيل المحافظة الدكتور طه الحمزي، إلى جانب قيادات محلية وتعبوية – عكس التحول الاستراتيجي في الوعي الشعبي تجاه القضية الفلسطينية، حيث لم يعد النظر إليها كقضية خارجية بل معركة تخص كل الأحرار، كما يعكس تطورًا في مستوى التعبئة العسكرية والاستعداد الشعبي لخوض معارك تتجاوز الدفاع إلى الهجوم ضمن محور المقاومة.

وخلال الفعالية، أعلن الخريجون استعدادهم الكامل للالتحام بالقوات المسلحة اليمنية في معركة التحرير الشاملة، مجددين تفويضهم الكامل لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والقوات المسلحة اليمنية، في اتخاذ ما يرونه مناسبًا من خيارات في مواجهة الكيان الصهيوني ومناصريه من قوى العدوان.

وفي كلمته خلال العرض، دعا وكيل المحافظة الدكتور طه الحمزي الشباب اليمني ممن لم يلتحقوا بعد بالدورات العسكرية إلى المسارعة للالتحاق بها، مؤكداً أن المعركة المقبلة تتطلب جبهة داخلية مشبعة بالإيمان، متدربة على القتال، مهيأة لخوض صراع وجود مع عدو يمتلك إمكانات ضخمة ولكن يفتقد للإرادة والمعنويات.

الحمزي أشار إلى أن هذه الدورات تشكّل رافداً بشرياً نوعياً للقوات المسلحة، مع التركيز على البعد الإيماني والتعبوي، مؤكداً أن ما يجري في اليمن هو إعداد جيل قرآني مقاتل يحمل القضية الفلسطينية في عقيدته القتالية.

وتأتي هذه الفعالية كغيرها من الفعاليات التعبوية في ذروة العدوان الصهيوني على غزة، كرسالة مزدوجة: الأولى للعدو الصهيوني بأن زمن التفرّد قد انتهى، والثانية لقوى العدوان على اليمن بأن الشعب الذي صمد لعشر سنوات وأفشل مخططاتهم، بات أكثر جهوزية واستعدادًا للانتقال إلى مرحلة المبادرة الاستراتيجية على المستوى الإقليمي.

مقالات مشابهة

  • أكثر من ألفي خريج من دورات “طوفان الأقصى” في مستبأ بحجة يعلنون الجاهزية العسكرية
  • خريجو “طوفان الأقصى” في الزهرة بالحديدة ينفذون مناورة قتالية تحاكي ميادين المواجهة
  • مناورة وتطبيق قتالي في الزهرة بالحديدة لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • باستثناء إسرائيل صدى طوفان الأقصى يتردد في ثورة بنغلاديش
  • مناورة وتطبيق قتالي في المحابشة بحجة لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • مناورة وتطبيق قتالي في المحابشة بحجة لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • مسيران ووقفة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في ذي السفال والسبرة بإب
  • مناورة ومسير في المغلاف بالحديدة لخريجي دورات” طوفان الأقصى”
  • طوفان الأقصى: 10 تحولات جيوسياسية تعيد رسم خرائط القوى العالمية
  • مناورتان وتطبيق قتالي لخريجي دورات طوفان الأقصى في المنيرة والقناوص بالحديدة