هل يجمع عام 2024 البرهان وحمديتي على طاولة المفاوضات؟
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
دخلت السودان عامها الجديد والذي تصادف مع عيد الاستقلال الوطني الثامن والستين، ولاتزال الحرب المسلحة تمزق السودانين وتعصف بمؤسسات الدولة وبنيتها التحتية، ومع ارتفاع اعداد النازحين والهاربين من ويلات الحرب للدول المجاورة، أصبح المشهد السياسي في السودان ضبابيًا، وأكثر تعقيدًا عن أي فترات مضت، إلا إنه لاحت في الأفق مؤشرات ايجابية لجلوس طرفي النزاع علي طاولة المفاوضات.
وكان من المقرر أن يتم عقد لقاء يجمع بين طرف النزاع "البرهان" و"وحمديتي" في ديسمبر الماضي، حسب مخرجات قمة الدول الأعضاء في الهيئة المعنية بالتنمية في افريقيا ولكن اللقاء تأجل لأسباب وصفتها الدول الأعضاء بالفنية.
فيما تظن كثير من الأوساط السياسية والاقليمية أن لقاء قائدي الجيش و"الدعم السريع" المقترح من "إيغاد" خلال هذا الشهر بات في حكم المجهول بسبب الاتهامات والملاسنات التي صدرت من القائدين تجاه بعضهما، فبينما شن حميدتي هجومًا على البرهان واصفًا إياه بالمتردد والمراوغ والمتماهي مع أنصار النظام السابق من الإسلاميين، قال الأخير في خطاب له أمام ضباط وجنود "لن نتصالح أو نتفق مع من يقتل ويغتصب وينهب ويخرب ويدمر، ولن يجد منا أي شرعية أو اعتراف".
ومع تأجيل اللقاء المرتقب بدأت تحركات في إقليم كردفان الاستراتيجي، وسط وجنوب غربي البلاد، حيث وقعت مجموعة من القبائل ميثاقًا بهدف قطع الطرق علي عبور قوات الدعم السريع القادمة من دارفور، حيث احتشدت قبائل وسط السودان، لقطع الطرق التي تعتبر مناطق مؤثرة من حيث خطوط الإمداد الذي يأتي للخرطوم.
في حين أن هناك تقدم مستمر للجيش في مدينة " أم درمان " احدي مدن عاصمة الخرطوم وتحالف الجيش مع العديد من الحركات المسلحة منهم ضباط الجيش المتقاعدين إلي الخدمة وضمهم الجيش إلي قوات الحركات المسلحة في دارفور.
وعلي نفس المنوال احرزت قوات التدخل السريع تقدمًا ملحوظًا علي الأرض حيث تمددت في معظم أجزاء السودان خلال الأسابيع الماضية وتسيطر علي جزء كبير من العاصمة السودانية الخرطوم وإقليم دارفور وأجزاء كبيرة من كردفان غرب البلاد.
وقام قائد قوات الدعم السريع " محمد حمدان دقلو " خلال الأسابيع القليلة الماضية بجولة خارجية في عدد من الدول الأفريقية، زار فيها أوغندا وإثيوبيا وجيبوتي وكينيا، وجنوب افريقيا وأجري معهم مباحثات، عرض فيها تطورات المشهد في السودان وأسباب اندلاع الحرب، وذلك محاولة منه لإضفاء شرعية إقليمية له لتنصيبه رئيسًا للسودان، وقام بتلك الجولات بعدما حقق انتصارات عسكرية علي أرض المعركة.
فضلًا عن الإعلان الذي وقعه مع رئيس وزراء السودان السابق " عبد الله حمدوك " رئيس تحالف القوي المدنية في السودان والذي تم الإعلان عن كونه يهدف إلي إنهاء الحرب في السودان وفتح طريق للحل السياسي.
واعتبرت وزارة الخارجية السودانية، أن توقيع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" اتفاقًا مع مجموعة سياسية مؤيدة له قد يمهد لتقسيم البلاد وشددت الخارجية السودانية على أن التزام قوات الدعم السريع بإعلان جدة وإخلاء منازل المواطنين شرط لبدء محادثات جديدة واستنكرت وزارة ما تقوم به قوات الدعم السريع المتمردة وداعموها داخل وخارج إفريقيا منذ الأيام الماضية من حملة دعائية كاذبة لمحاولة إعادة تسويق قيادة تلك القوات المسؤولة عن أسوأ انتهاكات للقانون الإنسانى الدولى وقانون حقوق الإنسان فى القارة.
وذكر البرهان في كلمة مصورة، بثها مجلس السيادة على تليغرام، أن قوات الدعم السريع ارتكبت جرائم حرب، وأن تعامل الجيش معها سيكون في الميدان.
في حين سعي " البرهان" خلال الأسابيع الماضية إلي التحشيد الشعبي من خلال الاعتماد علي الضباط السابقين في الجيش السوداني، والذين تجمعهم علاقات واسعة مع القبائل السودانية، وذلك لقطع طرق الإمداد والتموين والسلاح لعناصر الدعم السريع علي طول المحاور والطرق الرئيسية في البلاد وذلك لتضييق الخناق علي قوات حمديتي وتكبيدها أكبر الخسائر العسكرية في المعارك التي تخوضها ضذ القوات المسلحة السودانية في العديد من المدن الهامة والاستراتيجية.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مباحثات الحركات المسلحة جرائم حرب المشهد السياسي التنمية في افريقيا عبد الله حمدوك محمد حمدان دقلو الدعم السريع قوات الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل يقود تراجع قوات الدعم السريع عسكريا إلى تفككها؟
الخرطوم- بعد أكثر من 25 شهرا من اندلاع الحرب في السودان، برزت مخاوف من أن تراجع قوات الدعم السريع من الخرطوم ووسط البلاد وانتقال القتال إلى غربها يمكن أن يؤدي إلى تحول القوات إلى مجموعات قبلية متناحرة، وظهور أمراء حرب وتهديد الأمن الإقليمي ونشر الفوضى، في حال لم يتحقق السلام.
وتُعد هذه القوات، التي نشأت عام 2013، امتدادا لمليشيات في دارفور منذ ثمانينات القرن الماضي، أساسها مجموعات قبلية يتم تشكيلها لمساعدة القوات النظامية لمجابهة تحديات تتطلب طبيعتها قتالا أقرب إلى حرب العصابات، كما نشأت "قوات المراحيل" في عهد رئيس الوزراء الراحل الصادق المهدي.
وكانت قوات الدعم السريع تابعة لجهاز الأمن والمخابرات يقودها ضابط من الجيش، ثم أصبحت تابعة لرئيس الجمهورية، قبل أن يصدر قانون من البرلمان في 2017 وتصبح قوة مستقلة تحت إشراف الجيش ويُنصّب محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائدا لها.
صبغة قبليةويغلب على تركيبتها الصبغة القبلية، حيث ينحدر معظم مقاتليها من قبائل الرزيقات والمسيرية والحوازمة، الذين يجمعهم رباط إثني واحد وهو "العطاوة"، بجانب مجموعات قبلية أخرى.
كما تسيطر عائلة دقلو على المواقع القيادية النافذة فيها حيث ينوب عن "حميدتي" في قيادتها أخوه عبد الرحيم دقلو، ومسؤول المال شقيقه القوني دقلو، ومسؤول الإمداد ابن أخيه عادل دقلو.
إعلانبدأت الدعم السريع بنحو 6 آلاف مقاتل قبل أكثر من 12 عاما، وشهدت توسعا عقب قرار الرئيس السابق عمر البشير مشاركة القوات المسلحة السودانية في حرب اليمن ضمن ما يُعرف بـ"تحالف عاصفة الحزم" في العام 2015.
وشاركت مع الجيش السوداني في حرب اليمن، ودربت عشرات الآلاف من المقاتلين غالبيتهم من إقليمي دارفور وكردفان، كما استقطبت مقاتلين من ولايات أخرى، حسب ضابط في الجيش كان منتدبا للعمل مع الدعم العسكري تحدث للجزيرة نت.
وحسب الضابط، الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، فإن قيادات قبلية كانت تطلب من قيادة الدعم السريع تدريب أبنائها وضمهم للقوات في حرب اليمن لأن ذلك يعود عليهم بمبالغ مالية كبيرة تحدث تغييرا في حياتهم وحياة أسرهم.
تراجع الدعموبعد أسابيع من اندلاع الحرب، أعلنت الإثنيات العربية في ولاية جنوب دارفور دعمها وتأييدها لهذه القوات في حربها ضد الجيش السوداني. ودعت قيادات تلك القبائل -في بيان- أبناءها في الجيش إلى الانضمام للدعم السريع والوقوف معها، وقادت بعد ذلك حملات للاستنفار والتدريب للمشاركة في الحرب.
ووقّع على البيان نظار قبائل البني والترجم والهبانية والفلاتة، والمسيرية والتعايشة والرزيقات بجنوب دارفور.
وكشف قيادي قبلي في دارفور للجزيرة نت أن عبد الرحيم دقلو نائب قائد الدعم السريع كان يطوف على مناطق بدارفور ويستدعي قيادات قبلية إلى لقاءات، ويطلب من زعمائها أعدادا محددة من الشباب للتدريب والقتال لأنهم مستهدفون من الجيش السوداني وقيادات النظام السابق.
ويوضح القيادي القبلي -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- أن الاستنفار القبلي تراجع بعد تزايد خسائر القوات ومقتل آلاف الشباب خاصة في معارك ولاية الخرطوم، إلى جانب عدم وفائها بالتزاماتها المالية تجاه أُسر المقاتلين ورعاية الجرحى والذين فقدوا أطرافهم في الحرب.
إعلانمن جانبه، يقول الباحث في الشؤون الأمنية إسماعيل عمران إن عمليات الحشد القبلي والتحالفات العشائرية وفرت للدعم السريع رصيدا بشريا من المقاتلين، لكن تركيبة القوات يجعلها قابلة للانهيار السريع في حال غياب قادة الأفواج العسكرية (المجموعات) والحافز المالي، مما يهدد بفقدان المكاسب الميدانية.
وفي حديث للجزيرة نت، يوضح الباحث أن الولاءات القبلية والجغرافية أضعفت روح الالتزام والانضباط العسكري لقوات الدعم السريع، وفي حال خسرت الحرب فستتفكك إلى كيانات صغيرة وعصابات على أساس عرقي ومناطقي وظهور أمراء حرب، وأفضل صيغة -برأيه- هي التوصل إلى اتفاق سلام وترتيبات أمنية تدمج كافة الفصائل والمليشيات في القوات الحكومية.
وذكرت تقارير لجنة خبراء الأمم المتحدة أن هذه القوات استعانت بمرتزقة من دول أفريقية مجاورة للسودان، غير أن صحيفة "لا سيلا فاسيا" الكولومبية تحدثت عن سرّيتين تضمان أكثر من 300 من الجنود الكولومبيين المتقاعدين شاركوا في الحرب السودانية مع الدعم السريع "بحثا عن المال والثراء".
وقالت القوة المشتركة في دارفور إن بعض المرتزقة الكولمبيين قُتلوا في صحراء دارفور عندما كانوا في طريقهم من ليبيا إلى الفاشر.
مقاتلون أجانبكما كشف عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا، في وقت سابق، أن قوات الدعم السريع تتألف من مرتزقة أجانب، غالبيتهم من أبناء جنوب السودان إضافة إلى مقاتلين من ليبيا وتشاد والنيجر وإثيوبيا وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، وبقايا مجموعة فاغنر الروسية ومن سوريا.
أما الكاتب المتخصص في شؤون دارفور علي منصور حسب الله فيقول إن قوات الدعم السريع استوعبت منتسبين إلى مجموعات عسكرية سابقة، منها حرس الحدود ومسلحو القبائل وقيادات عصابات مسلحة تم تسميتهم "التائبون" وصار بعضهم قيادات بارزة في القوات.
إعلانووفقا لتصريح حسب الله للجزيرة نت، فإن الدعم السريع استعانت بمقاتلين من حركات معارضة في بلدانهم أبرزهم من حركة "سيلكا" في أفريقيا الوسطى و"تحرير أزواد" في مالي و"فاكت" في تشاد وغيرها، وقُتلت قيادات كبيرة منهم بمعارك في الخرطوم ودارفور آخرهم الجنرال صالح الزبدي التشادي الذي لقي مصرعه في معركة الخوي غرب كردفان قبل أيام.
ويرجح الكاتب تشظي الدعم السريع لوجود تناقضات في تركيبتها القبلية وتنامي نزاعات قديمة بين المكونات الاجتماعية التي تستند عليها، مما يدفع المجموعات المختلفة للعودة إلى مناطقها لحماية مجتمعاتها، و"سيعود الأجانب إلى دولهم بأسلحتهم مما يؤدي لتفشي العنف والفوضى".
غير أن قوات الدعم السريع تنفي اتهامها بجلب مرتزقة من خارج البلاد، وتصفها بأنها "دعاية سوداء"، ويقول مسؤول في إعلام القوات للجزيرة نت إن قائدهم "حميدتي" أكد أن قواته قومية وتضم طيفا من 102 مكون اجتماعي في السودان.