الخليج الجديد:
2025-07-05@14:02:17 GMT

حفيدة التاريخ الأندلسي

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

حفيدة التاريخ الأندلسي

حفيدة التاريخ الأندلسي

أديبة روميرو تعيد رسم ملامح المشهد الأندلسي أمام عشّاق قراءة التاريخ وتأمُّل تحوّلاته الدرامية العجيبة، وأمام الباحثين الذي تغريهم القوالب الجاهزة.

قررت أديبة أن تستثمر حكايتها وحكاية عائلتها الشخصية مع الإسلام ومع اللغة العربية على نحو أفضل، في ما يشبه العودة إلى الوراء بالممحاة والقلم.

تقول أديبة للعالم إن بلادها اسبانيا ارتكبت جريمة عندما تخلّت عن هويتها الحقيقية وتاريخها المفعم بالروح الإسلامية العارمة على سبيل تزوير الهوية والوجود كله.

تزوير الهوية أنتج هذا المسخ لبلادٍ غير منتميةٍ واقعيا، لا لأوروبا وثقافتها المسيحية، ولا للإسلام بثقافته العربية هوية ووجودا وتاريخا وعلمًا وفنّا، وإن عملت إسبانيا قرونا على محوه.

* * *

عندما انتهيتُ من متابعة مقابلة الباحثة الإسبانية أديبة روميرو في "بودكاست مغارب"، كنتُ قد تأكّدت مرّة أخرى أن التاريخ يكتُبه المنتصرون فعلا، ولكنه يبقى تاريخا مزيّفا ما لم يعِد المهزومون قراءته. لا يموت المهزوم، حتى وإن اختفى من المشهد سنوات أو ربما قرونا طويلة كما فعل مسلمو الأندلس بعد سقوط غرناطة.

أربع ساعات مقسّمة على حلقتين من "بودكاست مغارب"، الذي يقدمه الشاب محمد الرماش، كانت غير كافية لسرد التاريخ الأندلسي من وجهة نظر المسلمين المهزومين. ...

ولكن حفيدتهم أديبة روميرو استطاعت أن تعيد رسم ملامح المشهد، ليس أمام عشّاق قراءة التاريخ وتأمل تحوّلاته الدرامية العجيبة وحسب، ولكن أيضا أمام الباحثين الذي تغريهم القوالب الجاهزة للتفكير وللكتابة والبحث أيضا، فيبنون عليها تصوّراتهم الجديدة من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البدء من الصفر.

فعلت أديبة عبد الصمد، أو أدا روميرو كما هو اسمها الإسباني الرسمي، ذلك، وقرّرت أن تستثمر حكايتها وحكاية عائلتها الشخصية مع الإسلام ومع اللغة العربية على نحو أفضل، في ما يشبه العودة إلى الوراء بالممحاة والقلم، لتقول لللعالم كله إن اسبانيا، بلادها، ارتكبت جريمة عندما تخلّت عن هويتها الحقيقية وتاريخها المفعم بالروح الإسلامية العارمة على سبيل تزوير الهوية والوجود كله.

وكانت النتيجة هذا المسخ الواقعي لبلادٍ غير منتميةٍ واقعيا، لا لأوروبا وثقافتها المسيحية الخالصة، ولا للإسلام بثقافته العربية التي كانت هوية ووجودا وتاريخا وتعليما وفنّا لا يمكن تجاهله، وإن عملت إسبانيا جهدها قرونا على محوه.

عندما أرسلت إلي ابنة أخي، نشوى، رابط المقابلة على "يوتيوب"، كعادتها وهي تقتنص لي ما تظن أنه يعجبني، أجّلت المشاهدة لولا أنها ألحت علي. ذكرت لي عباراتٍ وردت على لسان أديبة وهي تحكي قصّة عودتها ووالدها ووالدتها إلى الإسلام، كل على حدة، في ما يشبه قصص الأفلام العجائبية.

تأثّر نشوى ودمعتها التي بقيت معلقة في الجفن الأسفلى لعينها اليمنى على عادتها عندما تحدّثني عما يمسح شغاف روحها الشفيفة، جعلني أترك كل شيء بيدي لحظتها، لأبدأ بمتابعة الحلقتين. لم تكد تمضي من الحلقة الأولى سوى ربع ساعة، عندما قرّرت أن هذه المقابلة قد تكون أفضل مقابلة أراها على الشاشة، أي شاشة، منذ سنوات طويلة.

تتحدّث أديبة بتدفق عجيب وسرعة من تخاف أن تفرّ الحكايات والمعلومات من ذاكرتها، ولأنها مبتسمة دائمة، حتى وهي تكاد تبكي على مصائر التاريخ في تحوّلاته الحزينة، أضافت إلى المقابلة ذلك الرونق السحري الذي يجعلنا ننشدُه بأساطير الأولين. لكن بضاعة الغرناطية الذكية لم تكن أساطير أولين، بل كانت تاريخا مسكوتا عنه طوال قرون.

عندما قالت إن اسبانيا لم تكن تعترف بحرية الأديان حتى نهاية سبعينيات القرن الماضي على سبيل المثال، وإن الإسباني ينبغي أن يكون مسيحيا بالضرورة، وأن يحمل اسما مسيحيا بالضرورة حتى ذلك التاريخ، اكتشفتُ كم نحن متواطئون على التزوير التاريخي الذي تعرّضت له حضارتنا العربية وديننا الإسلامي، ليس في إسبانيا وحسب، وليس في العقدين الأخيرين وحسب، ولكن أيضا في العالم كله تقريبا.

أي منذ خرج أبو عبد الله الصغير من غرناطة منهزما ومنكسرا. حتى أبو عبد الله الصغير قالت أديبة إنه لم يكن صغيرا أبدا، ولم يبك كالنساء مُلكا لم يحافظ عليه كالرجال؟ إنها عبارة كتبها المنتصر الذي أراد محو كل فضيلة سبقته، واعتساف كل عبارة شاردة من دفاتر التزوير.

تقول حفيدة الموريسكيين إن إسبانيا بُنيت على فكرة إبادة شعبها، وهي الآن لا تريد أن تتعرّف إلى هويتها، ولا أن تتصالح مع تاريخها الحقيقي، لأنها لا تفهم كيف أن روح الإسلام ظلت سارية في عروق إسبانيا، رغم كل محاكم التفتيش وقسوتها التي بلغت حد أنها أجبرت الناس على خلع أبواب منازلهم حتى يتسنّى مراقبتهم في كل اللحظات، في محاولة طويلة جدا للقضاء على الإسلام في نفوسهم. فهل انتهى هذا الدين حقا؟

في تفاصيل اللقاء الممتع الذي لم يشعُر من يتابعه على مدى ساعاته الأربع بالملل أبدا، مفاتيح كثيرة لأبواب غير موجودة في منازل الأندلسيين، حتى وقت قريب من التاريخ، تفضي إلى حضارة عربية إسلامية توارت شمسها تحت طبقاتٍ من الزيف والقوة والنفوذ والكذب، لكنها لم تمُت ولن تموت.

*سعدية مفرح كاتبة صحفية وشاعرة كويتية

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: أسبانيا الأندلس جرائم الإبادة اللغة العربية

إقرأ أيضاً:

الوداع الأخير.. جوتا يسقط ضحية طريق الموت في إسبانيا

في حادث مروّع وقع في الساعات الأولى من صباح الخميس، لقي نجم ليفربول ومنتخب البرتغال ديوغو جوتا مصرعه إلى جانب شقيقه الأصغر أندريه سيلفا، لاعب نادي بينافيل، بعد اصطدام سيارتهما على أحد أخطر الطرق في إسبانيا.

جوتا، البالغ من العمر 28 عامًا ومن مواليد مدينة جوندومار البرتغالية، كان يقضي عطلته الصيفية في شمال إسبانيا عقب موسم توّج فيه مع ليفربول بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز. وكان الحادث قد وقع بعد أسبوعين فقط من زفافه على حبيبة طفولته روت كاردوسو، في مدينة بورتو مسقط رأسه.

وبحسب بيان الحرس المدني، انحرفت سيارة جوتا من طراز لامبورغيني عن الطريق بعد انفجار أحد الإطارات أثناء عملية تجاوز على الطريق السريع A-52، في بلدة سيرناديلا التابعة لمقاطعة زامورا والقريبة من الحدود البرتغالية.

تم إرسال وحدة الطوارئ الطبية وطاقم رعاية أولية من مركز مومبوي الصحي، إلا أن جهودهما لم تُثمر، حيث تم إعلان وفاة الشقيقين في موقع الحادث.

طريق قاتل ذو سجل سيئ

الطريق الذي شهد الحادث معروف محليًا بخطورته، وسبق أن وُصف بأنه "من بين الأسوأ في إسبانيا". في عام 2020 وحده، تم تسجيل نحو 15 ألف غرامة سرعة على هذا الطريق، وفقًا لما أوردته صحيفة La Opinion de Zamora الإسبانية، التي أضافت أن الطريق يُعرف بكونه "منطقة قيادة غير مسؤولة". وكانت السلطات قد أطلقت قبل أربع سنوات حملة للحد من السرعة الزائدة والتوعية بمخاطرها.

مشاعر الحزن تجتاح العالم الرياضي

وفاة جوتا، الذي مثّل منتخب بلاده في مناسبات دولية عديدة وكان أحد العناصر المهمة في ليفربول، أثارت موجة من الحزن في الوسط الكروي العالمي. ونشر كريستيانو رونالدو رسالة مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي، عبّر فيها عن صدمته وحزنه الشديد لرحيل زميله في المنتخب بهذه الطريقة المأساوية.

برحيل ديوغو جوتا، يفقد عالم كرة القدم نجمًا لم يكن فقط موهوبًا في الملعب، بل أيضًا محبوبًا خارج الخطوط، حيث عرف بدماثة خلقه وتواضعه وروحه التنافسية العالية.

مقالات مشابهة

  • إسبانيا: 18 مصابًا في حريق طائرة بمطار مايوركا والتحقيقات مستمرة
  • فضيحة تحرش تهز الحزب الحاكم في إسبانيا وتربك سانشيز
  • من تشورو إلى العجة الإسبانية.. 10 أطباق لا تفوّت عند زيارة إسبانيا
  • ميرنا جميل تتألق في أحدث ظهور لها بـ إسبانيا
  • المدفع العثماني الذي غير التاريخ.. هدم سور القسطنطينية وهزم الأسطول الإنجليزي
  • "بول PAUL” يفتتح أول فرع في إسبانيا بقلب برشلونة
  • أسهم بلا ميراث.. حفيدة نوال الدجوى تخسر معركة دار التربية أمام القضاء
  • وفاة نجم ليفربول ديوجو جوتا بحادث سير في إسبانيا
  • الوداع الأخير.. جوتا يسقط ضحية طريق الموت في إسبانيا
  • حادث سير مأساوي يُودي بحياة نجم ليفربول وشقيقه في إسبانيا