من عام إلى آخر يكتشف العالم أن أمريكا تصنِّف (ومن ورائها حلفاؤها الغربيون يصنِّفون معها) حركات المقاومة وحتى بعض بلدان العالم (خاصة في منطقة الشرق الأوسط وآسيا) بأنها منظمات إرهابية، وفقًا لقاموسها للإرهاب والإرهابيين.. ولكنها في الحقيقة اتهامات وتصنيفات أمريكية من أجل مصالح أمريكا، واتهام الآخرين بالباطل لمجرد أن بعضًا من تلك الحركات تعادي أمريكا، بسبب مواقفها غير العادلة تجاه الكثير من الأزمات والقضايا الدولية، أو بسبب تصدي بعض من تلك الحركات والدول لأمريكا بسبب تدخلاتها غير المشروعة في الكثير من الدول وتأجيجها للصراعات والحروب بين الدول وبعضها البعض في الكثير من المناطق حول العالم.
فروسيا برئاسة فلاديمير بوتين إرهابية، لأنها تحارب أوكرانيا للحفاظ على أمنها القومي الذي تزعزعه أمريكا من خلال محاولاتها ضمَّ أوكرانيا لحلف الناتو، وإنشاء قواعد عسكرية ونووية في أوكرانيا ودول الجوار، لمحاصرة روسيا وكسر نفوذها.. والصين دولة خارجة على القواعد والأعراف الدولية لأنها تنشط اقتصاديًّا وتسعى لضمِّ تايوان لأراضيها باعتبارها جزءًا من أراضيها سابقًا، وهو الأمر الذي لا يروق لأمريكا ويجعلها تؤجج النزاعات وتساعد تايوان على الانفصال عن الصين من خلال مدِّها بالأسلحة والتضامن السياسي معها وإقامة المناورات العسكرية مع تايوان في بحر الصين الجنوبي.. وإيران دولة مارقة وفقًا لقاموس أمريكا، لأنها تسعى لامتلاك الأسلحة النووية التي تقف لها أمريكا بالمرصاد من أجل منعها، خوفاً على أمن إسرائيل، وليس خوفًا على استقرار المنطقة والعالم كما تروِّج.. والرئيس الكوري الشمالي مارق وخارج على الأعراف الدولية في نظر أمريكا بسبب تجاربه النووية والبالستية التي تدَّعي أمريكا بأنها محاولات لاستعراض القوة وتهديد لكوريا الجنوبية واليابان.. وحركة طالبان بالأمس القريب كانت منظمة إرهابية، واليوم وبعد عشرين عامًا من تدخُّل أمريكا في أفغانستان، لكسر شوكة تنظيم القاعدة وحركة طالبان، تخرج أمريكا من أفغانستان تاركةً الحكم لحركة طالبان مرة أخرى (وفقًا لمصالحها وتوجهاتها).. واعتبار السودان إبان فترة حكم عمر البشير دولة راعية للإرهاب.. والآن اعتبار حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية حركات إرهابية لمجرد أنها حركات مقاومة تدافع عن حقها المغتصَب من جانب قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي تدعمه أمريكا وحلفاؤها وبخاصة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الآن.. ومعاداة حزب الله بسبب وقوفه في وجه إسرائيل من أجل استرداد الأراضي اللبنانية المحتلة من قِبل إسرائيل في الجنوب.. واعتبار أمريكا -وفقًا لقاموسها- فصائل المقاومة في سوريا والعراق حركات إرهابية، بسبب الهجمات العسكرية التي تقوم بها تلك الفصائل على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، من أجل إجبار أمريكا وتحالفها على الخروج من هذين البلدين.. ومؤخرًا اعتبار الحوثيين كيانًا إرهابيًّا، بسبب مهاجمة الحوثيين للسفن الإسرائيلية وغيرها من
السفن الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة، وعلى رأسها الآن استهداف السفن الأمريكية والبريطانية وغيرها من السفن التي تشارك أمريكا في تحالفها في البحر الأحمر لاستهداف الحوثيين، ما جعل أمريكا تدرج الحوثيين على قائمة الإرهاب بحجة تهديدهم للملاحة والتجارة الدولية في البحر الأحمر، وجعل أمريكا قادة ومصالح الحوثيين أهدافًا مشروعة لأمريكا وحلفائها، للضغط على الحوثيين للتوقف عن استهداف السفن بالبحر الأحمر. وفي هذا الصدد يرى بعض الخبراء والمحللين أن أمريكا لا تهدف من وراء هذا الإجراء إلى الدفاع عن أمن الملاحة في البحر الأحمر، بل من أجل ضمان سلامة السفن الإسرائيلية، وعدم رضوخ أمريكا لمطالب الحوثيين لها ولحلفائها بإجبار إسرائيل على وقف العدوان على غزة، بل يرون أيضًا أن إدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب يكشف لدول الخليج العربي -وعلى رأسها المملكة العربية السعودية- الزيفَ الأمريكي، والتخلي عن مساندة دول التحالف العربي خلال حربهم مع الحوثيين الذين تمردوا على الحكومة الشرعية في اليمن، واستولوا على الكثير من المدن اليمنية وأهم الموانئ على البحر الأحمر التي تنطلق منها عمليات إطلاق الصواريخ على السفن الآن، فبالأمس كان الحوثيون في نظر أمريكا من المقربين لها، لزعزعتهم استقرار دول الخليج والمنطقة وبما يخدم مصالحها، ما استوجب شطب إدارة بايدن للحوثيين من قائمة الإرهاب.. أما اليوم وبسبب تعارض توجهات الحوثيين مع مصالح أمريكا التي تساند إسرائيل -بشكل لا محدود- تم إدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب من قِبل إدارة بايدن، ما يكشف للعالم أن قاموس أمريكا في تصنيف الإرهاب والإرهابيين وفقًا لتوجهاتهم ومصالحهم ومصالح إسرائيل حق يراد به باطل، والدليل على ذلك أن ما ترتكبه إسرائيل طوال قرن من الزمان ضد شعب فلسطين وضد الإنسانية بأيدي قادتها ومستوطنيها ومجرميها لا تعتبره أمريكا بكل جرائمه ومآسيه إرهابًا، بل تعتبره حقًّا مشروعًا لإسرائيل في الدفاع عن نفسها.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية:
قائمة الإرهاب
البحر الأحمر
الکثیر من
من أجل
إقرأ أيضاً:
مشاهير بريطانيون يطالبون بإقالة مسؤول في “بي بي سي” لدعمه “إسرائيل”
الثورة نت /..
طالبت رسالة تحمل توقيعات أكثر من 400 شخصية شهيرة في مجالات الثقافة والفنون والإعلام في بريطانيا بإقالة عضو مجلس إدارة هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” روبي جيب، بتهمة الانحياز لـ”إسرائيل”.
وأشار الموقعون على الرسالة التي نشرت يوم الأربعاء الماضي، إلى عدم شفافية القرارات التحريرية في تغطية “بي بي سي” لأخبارها المتعلقة بـ”إسرائيل” وفلسطين، معربين عن قلقهم من أن تضر صلات جيب في السابق مع صحيفة “جويش كرونيكل” الصادرة في لندن، بمصداقية المؤسسة الإعلامية،حسب وكالة صفا الفلسطينية.
ووقّعت على الرسالة شخصيات بارزة، من بينها الممثلة ميريام مارغوليس، والكاتب أليكسي سايل، والمخرج مايك لي، بالإضافة إلى 111 موظفاً في “بي بي سي”.
وأكد هؤلاء أن وجود جيب في مجلس إدارة “بي بي سي” ولجنة المعايير التحريرية “يُضعف مبدأ الحياد” في التغطيات المتعلقة بـ”إسرائيل”.
وذكرت الرسالة أن جيب أدار اتحاداً استحوذ على “جويش كرونيكل” عام 2020 وظل في مجلس إدارتها حتى أغسطس2024، وأن هذه الصلات قد تؤثر على صنع القرار داخل “بي بي سي”.
كما انتقدت ازدواجية المعايير في طريقة تعامل “بي بي سي”، على خلفية توبيخها صحفيين انتقدوا حكومة الاحتلال على وسائل التواصل الاجتماعي، وسماحها في المقابل لشخص مثل جيب، المعروف بانحيازه، بالبقاء في منصب مؤثر.
وشدد الموقعون على ضرورة عدم استمرار جيب في منصبه تحت هذه الظروف، مشيرين إلى أن قرار “بي بي سي” عدم بث فيلم وثائقي بعنوان “غزة: أطباء تحت الهجوم” دليل إضافي على عدم حياد المؤسسة الإعلامية.
كما لفتت الرسالة إلى أن “بي بي سي” لم تغط الجوانب القانونية لمبيعات الأسلحة إلى “إسرائيل”.
وفضّل 111 موظفاً في “بي بي سي” عدم الكشف عن هوياتهم خشية التعرض لعقوبات محتملة من المؤسسة.
وتواجه “بي بي سي” انتقادات حادة بسبب سياساتها التحريرية في تغطية الحرب على غزة، بما في ذلك قرارات حذف المحتوى من منصاتها الرقمية أو عدم بث أفلام وثائقية متعلقة بالحرب.
وأعلنت المؤسسة في يونيو المنصرم إلغاء بث الفيلم الوثائقي “غزة: أطباء تحت الهجوم” بسبب “مخاوف تتعلق بمبدأ الحياد”، ما دفع قناة “تشانيل 4” إلى عرضه بدلاً عنها، الأربعاء.
كما قدمت “بي بي سي” اعتذارا في فبراير الماضي بسبب بثها لفيلم وثائقي آخر بعنوان “غزة: كيف تنجو في منطقة حرب”، الذي يتناول تأثير الحرب على الأطفال الفلسطينيين.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، يرتكب العدو الصهيوني بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.