«عمان»: من وحي خيال ثلاثة فنانين إيطاليين افتتح مساء أمس الاثنين بمتحف بيت الزبير المعرض الفني «حكاية البندقية الخيالية وطريق اللبان» للفنانين: لوكا موريتي، ولوسيا أوليفا، والمصور لوكا راجنا، وبصحبة أوركسترا مسقط الملكية الفيلهارمونية عرض الفيلم الذي يحكي قصة البندقية الخيالية وطريق اللبان في رحلة البحث عن العطر المثالي التي اتخذت اللبان رمزا لها وهو السبب للرحلة بين عمان وإيطاليا، كان ذلك تحت رعاية سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة.

وضم المعرض الذي يستمر لمدة 14 يومًا 24 صورة تحكي تفاصيل الحكاية الخيالية التي تم تصويرها في مدينة البندقية الإيطالية، بالإضافة إلى عدد من اللوحات الفنية على شكل مجسمات تعكس تفاصيل من وحي الحكاية. وبدأت القصة حيث كان على عالمين الذهاب إلى البندقية من أجل اللغز والكنز الذي كان مختبئا في بعد زماني آخر وينتظرهما في البندقية بالتحديد، فوصل العالمان إلى البندقية عند حلول الظلام، وقادهما رجل حكيم من أرض اللبان كان قد تحرك ذات مرة، متبعًا النجوم، على طول طريق تجارة البخور جالبًا الهدايا الثمينة، فقاد الرجل الحكيم المسافرين إلى بوابة حكاية الجن في البندقية، وهو موقع أسطوري يبدو وكأنه جدار من الطوب، ولكن بالنسبة لأولئك القادرين على عبوره، يسمح لهم بالسفر عبر الزمن والعيش في عصور وفضاء جديدين. وهكذا أرشدهم الحكيم إلى البندقية من أرض اللبان، فأرشد الرجل الحكيم العالمين إلى الطريق الصحيح. ثم اختفى.

وباتباعهما التوجيهات المدونة في الشعارات الخيميائية القديمة مضيا قدما في البعد الجديد الذي تم إنشاؤه عن طريق دخول بوابة حكاية الجن.

وفي كلمة ألقاها سعادة السفير الإيطالي المعتمد لدى سلطنة عمان أعرب فيها عن امتنانه لمدينة البندقية كواحدة من معالم إيطاليا وواحدة من الوجهات السياحية الأكثر تقديرًا في العالم. وقال: «تمزج هذه الحكاية الخيالية بين التقاليد، وتحكي قصة الصداقة بين الشعوب وتاريخها وتراثها الثقافي. وعلى هذه الخلفية، نريد أن نسلط الضوء على دور الثقافة في تعزيز العلاقات الدولية القائمة على الاحترام والحوار، باعتبارها جسرا يجمع بين مختلف المناطق والشعوب، تماما كما تجمع هذه الحكاية الخيالية بين البندقية وإيطاليا وسلطنة عمان».

وفي كلمة ألقاها عمر المعمري مدير متحف بيت الزبير حول استضافة هذا الحدث قال: «يستضيف بيت الزبير هذا الحدث في إطار المسؤولية الثقافية التي يهدف بيت الزبير إلى تحقيقها عبر تجسير العلاقة بين التجارب العالمية والمحلية، وسعيا من المؤسسة لتعزيز حيوية قطاع الفنون بكافة جوانبه عبر الفعاليات والمعارض التي تقدم قيمة مضافة للحياة الثقافية والفنية».

ويعتمد هذا المشروع على الاحترام والحوار وأهمية العلاقات السلمية. وهو يروي قصة الصداقة بين شعبي إيطاليا وسلطنة عمان، بتقاليدهما وتاريخهما، ويهدف إلى تسليط الضوء على الجسر بين الثقافات وتقديم مثال للتعاون الحكيم والمثمر.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بیت الزبیر

إقرأ أيضاً:

بعد قرن من النفط العماني

احتفلت وزارة النفط والمعادن الأسبوع الماضي بمرور قرن على بداية اكتشاف النفط في عمان. وقد سبقتها في مايو من هذا العام شركة تنمية نفط عمان محتفلة بالمناسبة نفسها، وذلك باعتبار تاريخ التوقيع على أول تصريح امتياز في ١٨ مايو ١٩٢٥م، في عهد السلطان تيمور بن فيصل، وهو التصريح الممنوح للأيرلندي جورج ليز، والذي كان يعمل لشركة دارسي. وقامت بعثة الشركة بموجبه بمسح شمال عمان إلى الساحل الجنوبي دون جدوى. 

وانسحبت الشركة عام ١٩٢٨م بسبب الأوضاع السياسية الداخلية المضطربة حينها، ثم في عام ١٩٣٧م وقعت شركة نفط العراق امتيازًا مع السلطان سعيد بن تيمور مدته ٧٥ سنة للتنقيب عن النفط. وتنازلت شركة نفط العراق لاحقًا لشركة تابعة لها تأسست باسم شركة تنمية نفط عمان وظفار، والتي تغير اسمها عام ١٩٥٠م إلى شركة تنمية نفط عمان المعروفة اليوم؛ وهي الشركة التي مدت أول أنابيب النفط عام ١٩٦٦م بطول ٢٧٩كم من حقل فهود، باعتباره أول حقل ناجح تجاريًا. 

تلك هي باختصار فاتحة القصة التي نعيشها، أو نعيش آثارها اليوم. ولا شك أن بين ذلك التاريخ وبين عامنا هذا الذي يكاد ينصرم مر قرن من المياه والنفط، تحت الجسر، أو عبر الأنابيب. 

إن قصة إنتاج الذهب الأسود جرت عبر تحولات هائلة غيرت شكل المدن والقرى العمانية وأهلها؛ لكن تلك التحولات تأخر ظهورها من الربع الأول إلى النصف الثاني والربع الأخير من القرن العشرين، وبالتحديد في نهاية الستينيات حيث بدأ اكتشاف الحقول التجارية التي انطلقت من حقل فهود، كما أسلفنا، ومنه ابتدأ التصدير عام ١٩٦٧م. 

ولم تمض سنوات حتى بدأت تظهر آثار التحول النفطي بارزة للعيان بداية السبعينيات، وهي التحولات التي شكلتنا وعجنتنا بشكل من الأشكال، حتى تكاد لم تترك منحى أو مظهرًا من مظاهر الحياة العمانية، إلا وطالته أياديها، ونحن اليوم في نهاية هذا العام الذي شهد فيه إنتاج النفط العماني مستويات قياسية، فقد تجاوز في الربع الأول من هذا العام حاجزه التقليدي بأكثر من ١.٢ مليون برميل، ولعله إيذان بمرحلة جديدة. 

في بداية تلك التحولات النفطية، احتاجت البلاد حاجة ماسة للطاقة البشرية؛ وهكذا انطلق النداء لعودة العمانيين المهاجرين في المنافي، وهكذا عادت الطيور المهاجرة تدريجيًا بفعل النداء الذي أطلقه آنذاك السلطان قابوس ـ طيب الله ثراه ـ ، واشترك الجميع في خضم البناء والتحولات، وهي العملية التي ما تزال فصولها مستمرة. 

ومع التحولات الشاملة لا شك أتت هواجس من مثل ماذا لو نضب النفط؟ وبدأت محاولات تنويع مصادر الدخل الوطني. 

ويبدو على الأرجح أن الاحتياطات النفطية الآنية والاكتشافات الأخيرة خلال العقد المنصرم تبعث على الطمأنينة لعقد أو عقدين قادمين على الأقل، إلى ٢٠٤٠م، فيما أحسب؛ بينما أمامنا تجارب بلدان كبولندا تحولت من صدارة منتجي النفط إلى مستورديه، فيما ما تزال بلدان أخرى تعتبر من أوائل المناطق التي جرى إنتاج النفط فيها تجاريًا، كبنسلفانيا في الولايات المتحدة واذربيجان، تصدر النفط والغاز إلى يومنا هذا، فأين نحن من ذلك؟ أم تراها لعبة حظوظ؟ 

الواقع أننا بهذه التجربة النفطية المديدة، نسبيًا، مدعوون إن لم نكن مدفوعين، لإدراك كيف أن العالم كلٌ مشترك، وجسد واحد كما في الأثر، وأن الانخراط في العالم رهن بالمشاركة الفاعلة فيه وتحمل المسؤولية العالمية، وليس بالعيش عالةً عليه، وهذا أخطر ما في الأمر. 

وإذا كان اكتشاف النفط قادنا لعوالم جديدة شملتنا بالكلية فإن هذا ليس نهاية المطاف الإنساني، ولا خاتمته، بل أن هناك على الأرجح عوالم جديدة أخرى، لكن واقعنا يقول بكل لسان أن علينا الخروج بسرعة من صناديق اتكاليتنا ومناديسنا النفسية والفكرية، والتخلص من مخاوفنا وشكوكنا وريبتنا؛ فبقدر السعي والبذل والجهد والطموح يكون الحصاد، وليس بكثرة حسابات الربح والخسارة. 

هذا عالم جديد نحن في خضمه، ونحن بفعل هذه الطاقة الجبارة فعلًا نقف على تخوم آفاق جديدة يمكننا الخروج بها من أسر عوائقنا الضيقة والصغيرة، والتافهة ربما، بالمقاييس العالمية؛ وذلك يتطلب منا تهيؤًا وقابلية. وبعد كل ما لمسناه ولمسته أجيالنا على مستوى الأفراد من تجارب ومن احتكاك متعدد الأوجه والمستويات بالعالم، فإن لدينا قدرة على التعاطي مع هذا العالم، الذي لا يدفعنا نحن فحسب، بل يدفع محيطنا بأسره، إلى الارتماء والانخراط فيه، شاء أم أبى، وشئنا أم أبينا؛ فأين نحن؟ 

نحن في التيار، تدفعنا التغيرات المختلفة، كما دفعت الأجيال التي سبقتنا، وبعضها ما يزال بين ظهرانينا؛ لكن الدوافع أصبحت اليوم مختلفة، بين دوافع السبعينيات والثمانينيات ودوافع الألفية لا شك هناك بون وفرق شاسع، وما الذي أحدث هذا الفرق؟ لسنا نحن، بل هي الأحداث والتغيرات العالمية، منذ سقوط الشاه في إيران النفطية هي الأخرى، إلى سقوط نظام البعث السوري النفطي هو الآخر؛ هكذا يبدو أننا في الواقع مشتتون بين تحديات العصر وتغيراته المتلاحقة، من الميكنة إلى العصور الإلكترونية وخوارزمياتها والذكاء الاصطناعي الشره لمزيد من الاستثمارات، وبين ملفاتنا الخاصة التي لم نقفلها ولم ندرسها، ويبدو أننا نحاول، كما يشي بذلك كثير من كتابنا، أن نحرس صناديق نسميها هوياتنا وقيمنا، وأن نسلمها لأجيالنا القادمة دون أن يهملوها أو يعبثوا بنا، فيما يعبث بنا الشك وتلعب بنا الظنون لعبتها، فما الحل؟ 

قلنا: إن شركة تنمية نفط عمان كانت شركة تابعة لشركة نفط العراق، فأين شركة نفط العراق اليوم؟ وهي الشركة التي كان اسمها من قبل شركة البترول التركية قبل ١٩٢٩م؟ وحين أمم النظام العراقي تلك الشركة وصادر ٩٥٪ منها تمكن عام ١٩٨٠م من مضاعفة الإنتاج من ١.٤ مليون برميل إلى ٣ ملايين برميل يوميًا، لكن الحرب العراقية الإيرانية اندلعت في ذلك العام نفسه، وتلتها الفصول المعروفة للجميع إلى سقوط بغداد تحت الاحتلال الأمريكي، وما تلاه من كوارث على البلاد والعباد شتتت بالعراقيين كل تشتيت في الداخل والخارج، وذلك درس ليس لنا وحدنا بل للمنطقة بأسرها. 

نحن اليوم بحاجة إلى نظم مستقرة غير قلقة، تضع رهانها على بنى صلبة غير قابلة للزعزعة، وعلى قواعد متعددة متينة، لا قاعدة واحدة ينهار بانهيارها البناء، فإنما يقوم رسوخ التجربة عبر تمكينها، والتوسع فيها، وتخصيبها، والاستثمار داخلها، وعبر تجنب التهور في المسارات الخطرة، وعبر استشعار المخاطر قبل حدوثها، بنظرة تستشرف المدى، ولا يحتاج الأمر قدرات خارقة لإدراك أن إهمال وتسويف حل المشاكل الصغيرة الواضحة يخلق مشاكل أكبر وأعقد، وأن الأساسي ليس الشكل الخارجي المبهر بل الديناميكية والحيوية الداخلية في المجتمع نفسه، وأن استثمار إيراد الثروات المضمون يكون في الطاقات والأجيال والكوادر البشرية، فالإنسان هو صمّام أمان التجربة، وهو المعقودة عليه كل الآمال، أما الثروات فإنها سواء أكانت ناضبة أم متجددة، فهي رهن تلاعب القوى والأسواق، أما الثروة الباقية التي هي عماد كل ثروة إنما هي الإنسان. 

إبراهيم سعيد شاعر وكاتب عُماني 

مقالات مشابهة

  • بحثا مجالات التعاون.. وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل الأمين العام للأونكتاد
  • الإمارات تصطدم بالمغرب في عامه المثالي والأردن يتحدى السعودية بكأس العرب
  • يدني سويني تكشف تفاصيل عن موجات الكراهية التي طالتها على السوشيال ميديا
  • بعد قرن من النفط العماني
  • البريكان وكنو يتصدران التشكيل المثالي لربع نهائي كأس العرب
  • تسجيلات صوتية تكشف الجديد.. تفاصيل مفاجئة في وفاة الفنانة التركية الشهيرة “غلّو” (صورة)
  • إليكم 23 صورة من ملف إبستين وترامب وبيل كلينتون وبيل غيتس التي كُشف عنها الجمعة
  • فوائد الزنجبيل في التخسيس.. كنز طبيعي لحرق الدهون وتعزيز القوام المثالي
  • الاتحاد الاوربي يكشف عن التشكيل المثالي للجولة السادسة لدوري أبطال أوربا
  • وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)