الذكرى المئوية لثورة 1924 «13».. برنامج جمعية اللواء الأبيض
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
الذكرى المئوية لثورة 1924 «13».. برنامج جمعية اللواء الأبيض
تاج السر عثمان بابو
1كان البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي لجمعية اللواء الأبيض كما جاء في منشوراتها ومقالات قادتها يتلخص في الآتي:
– إن السياسة البريطانية قائمة على مبدأ “فرق تسد”.
– إن حكومة السودان صادرت الأراضي من ملاكها لصالح الشركات البريطانية والأجنبية، بالتالي الغاء مصادرة الحكومة لاراضي السودانيين.
– وقف اجبار السودانيين على دراسة المسيحية، ووقف اجبار الجنوبيين على اعتناق المسيحية.
– الغاء الحكومة لاحتكار السكر.
– ادخال نظام جديد للترقية يأخذ في الاعتبار مصالح الموظفين السودانيين في الخدمة المدنية، خاصة أن الموظفين بالخدمة غير راضين عن نظام الترقيات والدرجات.
– وحدة وادي النيل هى المدخل لاستقلال السودان من الاستعمار الانجليزي، ومعارضة انفصال مصر عن السودان تحت أي ظروف، وكان شعار الجمعية العلم الأبيض وعليه خريطة النيل والعلم المصرى في زاوية منه.
– المطالبة بالحقوق والحريات الديمقراطية.
( راجع منشور وطني ناصح أمين، الحضارة 13 /11/ 1920 ، ومقال عبيد حاج الأمين في الاهرام 21 نوفمبر 1922، راجع ايضا محمد عمر بشير المرجع السابق، ص 81- 82، ومحمد سعيد القدال ، تاريخ السودان الحديث، القاهرة 1993).
2كان المعارضون للواء الأبيض يقومون بالدفاع عن الإدارة البريطانية وزعماء الطوائف الدينية، ففي مقال للشريف حسين الهندى ورد أن العدل والحرية والأمن والرفاهية نتاج الإدارة البريطانية لا يمكن مقارنتها بأي نظام آخر( الحضارة 20 / 11/ 1920)
هكذا ظهر الانقسام السياسي وسط السودانيين الذي شكل جذور السياسة السودانية الحديثة، حيث انقسم السودانيون الى معسكرين:
– اولهما ايد الحكم البريطاني في السودان ، لكى يعد السودانيين للاستقلال “السودان للسودانيين” .
– ثانيهما ايد جلاء الاستعمار والوحدة مع مصر للحصول هلى الاستقلال.
كان المعسكر الأول يتالف من الزعماء التقليديين والدينيين والقبليين ، ومن جريدة “حضارة السودان” كناطق رسمي ، كما تألف المعسكر الثاني من العناصر المتعلمة تعليما عصريا.
لعل من الخطأ أن يُقال على كل حال أن المعادين لبريطانيا والمؤيدين لمصر كانوا مجرد أدوات في ايدى الوطنيين المصريين، فقد كانت هناك مآسي حقيقية مثل: الأراضي المتعلقة بمشروع الجزيرة، احتكار الحكومة للسكر وارتفاع اسعاره، والضرائب ونظام الترقية في الخدمة المدنية (الحضارة 14 /6/ 1922، 7 يونيو 1922 ، ومحمد عمر بشير تاريخ الحركة الوطنية، ص 82).
وفي مقال بجريدة الحضارة نُشر في أول نوفمبر عام 1922 أكد الكاتب أن هناك مظلمتين محددتين ناتجتين من جراء ارتفاع سعر السكر وتكاليف نقل صادرات البلاد ، والتبرير الذي يساق باتنسبة لارتفاع سعر السكر هو الحصول على أموال تغطى تكاليف الإدارة الداخلية.
كما اشار مقال الحضارة الى عدم رضا الموظفين بالخدمة المدنية عن نظام الترقيات والدرجات (الحضارة 26 / 7/ 1922).
3هذا جانب ، ولكن من جانب آخر ليس صحيحا ماورد في منشور ” وطنى ناصح مخلص أمين” الذي جاء فيه ” ادعى البريطانيون أن فتحهم السودان كان بغرض القضاء على تجارة الرقيق، لكن ذلك كان كذبا وبهتانا، لأنه لم تكن هناك تجارة للرقيق، بل كان هناك رسل للحضارة من جانب الإدارة التركية المصرية الي ابناء الجنوب، لأن المصريين والاتراك كانوا مسؤولين عن إدارة البلاد” ( انظر منشور وطني ناصح مخلص أمين، الحضارة 13 / 11/ 1920).
فمن ناحية الحقائق التاريخية، فانه كانت هناك تجارة رقيق خلال فترة الحكم التركي ، وخلال فترة المهدية ، وأن الإدارة البريطانية في بداية القرن العشرين الغت نظام الرق وتجارة الرقيق ، وهذا جيد ، لكنها استبدلت الاسنغلال القائم على الرق باستغلال آخر جديد قام على العمل المأجور واستحواذ فائض القيمة من العاملين الأحرار( للمزيد من التفاصيل، راجع تاج السر عثمان الحاج، خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية، الشركة العالمية 2006).
هذا اضافة الي أن السودانيين عانوا من مظالم العهد التركي – المصري الذي ارهق المواطنين بالضرائب، فالدفاع عن الحكم التركي بهذا الشكل كما ورد في منشور وطنى ناصح مخلص أمين غير مفيد.
وأخيرا قادت جمعية اللواء الأبيض الثورة على النحو الذي استعرضناه سابقا وحللنا نجاحاته واخفاقاته.
4 علاقة جمعية اللواء الأبيض بمصركثير من المعادين لجمعية اللواء الأبيض كانوا يصورون جمعية اللواء الأبيض بأنها كانت واجهة سياسية لمصر أو أنها قامت بوحى من المصريين ، فهل هذا صحيح؟
الاجابة على هذا السؤال مهم أن نتابع ونحلل طبيعة الصراع منذ أن قامت الحركة الوطنية الحديثة.
كما اشرنا سابقا قامت حركة وطنية على أسس ومناهج جديدة نتيجة للتطور الاقتصادي والاجتماعي الذي حدث حتى نهاية الحرب العالمية الأولي، وكان للصراع بين طرفي الحكم الثنائي ( البريطانيين والمصريين) أثر في تطور الحركة الوطنية السودانية.
لا يمكن انكار حقيقة أنه حدثت تطورات اقتصادية وعمرانية في تلك الفترة ، ومن ضمن المشاريع التي قامت مشروع الجزيرة الذي كان محل خلاف بين المصريين والبريطانيين ، المصريون يرون أنه يؤثر على حصتهم من مياه النيل، وأن الاسبقية يجب أن تكون لتطور مصر، والبريطانيون يصرون على قيام المشروع خدمة لمصالحهم فيه، هذا اضافة للخلاف حول اتجاه الإدارة البريطانية لاحلال السودانيين محل المصريين في الخدمة المدنية، والإدارة الأهلية محل المآمير ونوابهم المصريين، وأصبح الصراع يتبلور بطريقة واضحة، المصريون يطالبون باستقلال مصر والسودان، والإدارة البريطانية تتمسك بموقفها لابعاد المصريين والانفراد بحكم السودان، هذا الصراع كان له انعكاسه على السودانيين، وكل طرف حاول أن يكسب مجموعة من السودانيين لدعم موقفه ( ليس بطريقة آلية)، وكان لهذا الصراع انعكاسه على تطور الحركة الوطنية فيما بعد.
الإدارة البريطانية استطاعت أن تكسب الي جانبها زعماء الطوائف الدينية وزعماء القبائل ودعمتهم في صراعها ضد المصريين ، لكن من جانب آخر خسرت الإدارة البريطانية جزءً كبيرا من المتعلمين من خريجي المدارس الوسطى وكلية غردون والمدرسة الحربية. الخ ، وعملت على ابعادهم عن الإدارة واستبدلتهم بالإدارة الأهلية، بل حتى الوفد الذي سافر ليقدم التهنئة لملك بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولي لم يكن فيه ممثلا للمتعلمين.
5لا يمكن تبسيط الصراع واختزاله في أبيض أوأسود، لكنه كان معقدا، فمن جانب كانت الإدارة البريطانية تعبر عن مصالحها وانفرادها بحكم السودان، وتصور تلك المصالح وكأنها مصالح السودانيين، وتهدف الي تطوير السودان اقتصاديا واجتماعيا، وتعمل على جذب زعماء الطوائف والقبائل اليهاعلى هذا الأساس.
كما كانت تستغل فظاعة الحكم التركي ودور المصريين فيه، لكن من جانب آخر كانت هناك اشياء لايمكن انكارها، وهى اصرارالإدارة البريطانية على التطورات الاقتصادية مهما كان وضعها في هذا الصراع: مثل احلال السودانيين محل المصريين في الإدارة ، وعملت على تدريب سودانيين منذ عام 1915 على أعمال البريد والخدمات الطبية ( انشاء المدرسة الطبية 1924) لتأهيل سودانيين في المجال الطبي، وكذلك التنمية الاقتصادية والدفاع عن قيام مشروع الجزيرة في صراع مع المصريين، وكان لمصلحة السودان، رغم أن هدف الإدارة البريطانية كان واضحا من ذلك ( خدمة لمصالحها الاستعمارية).
لكن ايا كانت تلك المصالح فلا يمكن انكار أن مشروع الجزيرة شكل فيما بعد ( بعد ضمه لحكومة السودان) عماد الاقتصاد السوداني واسهم في تطوره الاقتصادي والاجتماعي، ومن هذه الزاوية كان المصريون يتجاهلون تطور السودان في سبيل الدفاع عن حقهم في مياه النيل، وعدم المساس به، وكانوا لا ينظرون للجانب الاخر أهمية تنمية السودان اقتصاديا واجتماعيا، مما يعكس فهم الطبقات الاقطاعية والراسمالية في مصر حول تبعية السودان لمصر وان الاسبقية بالتالي يجب أن تكون لتنمية مصر.
نواصل
الذكرى المئوية لثورة 1924 «12».. ما هي سمات جمعيتي الاتحاد السوداني واللواء الأبيض؟
الوسومالاستعمار الاستقلال الحكم البريطاني السودان تاج السر عثمان بابو ثورة 1924 جمعية اللواء الأبيض مشروع الجزيرة مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاستعمار الاستقلال الحكم البريطاني السودان ثورة 1924 جمعية اللواء الأبيض مشروع الجزيرة مصر الإدارة البریطانیة الحرکة الوطنیة مشروع الجزیرة من جانب لا یمکن
إقرأ أيضاً:
في الذكرى الـ69 لتأميم قناة السويس من المنشية أعلنها ناصر: «هذه أموالنا ردت إلينا»
«اليوم أيها المواطنون أممت قناة السويس، ونشر هذا القرار بالجريدة الرسمية فعلاً، وأصبح القرار أمراً واقعاً.. اليوم أيها المواطنون نقول: هذه أموالنا ردت إلينا.. هذه حقوقنا التي كنا نسكت عليها عادت إلينا»، بهذه الكلمات أعلن الرئيس جمال عبد الناصر فى 26 يوليو عام 1956 أى قبل 69عاما قرار تأميم قناة السويس.
وأضاف قائلا فى خطابه الشهير من ميدان المنشية بالإسكندرية: «والآن وأنا أتكلم إليكم، يتجه إخوة لكم من أبناء مصر ليديروا شركة القنال، ويقوموا بعمل شركة القنال، الآن.. دلوقت.. بيستلموا شركة القنال.. شركة القنال المصرية.. مش شركة القنال الأجنبية.. قاموا دلوقت ليستلموا شركة القنال، ومرافق شركة القنال، ويديروا الملاحة فى القنال.. القنال اللى بتقع فى أرض مصر، واللى بتخترق أرض مصر، واللى هى جزء من مصر، واللى هى ملك لمصر، يقوموا الآن بهذا العمل، لنستعوض ما فات، ولنستعوض الماضى، ولنبنى صروحاً جديدة فى العزة والكرامة».
كانت كلمة السر في خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، هي كلمة ديليسبس والتي كررها الرئيس 16 مرة وتحرك المهندس محمود يونس ومن معه بعد سماعها وكان قد أخذ قليلا من الرجال تأكيدا على السرية ولم يكن يعلم من معاونيه بطبيعة المهمة سوى ثلاثة أفراد.
جاءت الترتيبات السابقة لقرار التأميم بدقائق محكمة للغاية وكان الرئيس عبد الناصر قد كلف محمود يونس مهندس عملية التأميم بمرافقة زميليه عبد الحميد أبو بكر ومحمد عزت عادل بإجراء الترتيبات اللازمة لدخول شركة قناة السويس وكان عليه إعداد كل شىء انتظارا لخطاب الرئيس في ليلة 26 يوليو.
وما أن انتهى عبد الناصر من خطابه حتى كانت شركة قناة السويس تحت السيطرة المصرية.
على الجانب الآخر صدرت الأوامر من باريس إلى الموظفين الأجانب من مرشدين وفنيين وكتبة بالانسحاب دفعة واحدة بغرض إظهار عجز القيادة المصرية عن إدارة القناة بعد تأميمها، وهذه الانسحابات كانت كافية لشل الملاحة وغيرها من أعمال القناة، لو لم تتخذ مصر منذ البداية الاحتياطات اللازمة وفق خطة محكمة ودقيقة، نالت اندهاش كل الأوساط الدولية، حيث تم إحلال المرشدين للقناة فى الحال إما عن طريق تعيين غيرهم من الخارج وإما من البحرية المصرية، وأخذت أول قافلة بقيادة المرشدين الجدد تشق طريقها عبر القناة وعبرت السفن ولم يعق سيرها عائق وتوالت الأيام والعمل في القناة على ما يرام، ولم تتوقف الملاحة ولم يتعطل المرور.
ومع هذا النجاح تحول حذر الأوساط الملاحية إلى ثقة ويقين وتحولت مخاوف السفن وقلق مديري شركات النقل البحري والتأمين إلى الاطمئنان والإعجاب بما تم من إجراءات حافظت على سير حركة المجرى الملاحي بنشاطه المعتاد.
قرار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، التاريخي بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، خلال خطابه الشهير الذي ألقاه إلى الشعب المصري من ميدان المنشية بالإسكندرية في 26 يوليو عام 1956، والذي جاءت فيه كلمته الشهيرة: «بأن تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس شركة مساهمة مصرية»، جاء ردا على قيام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبنك الدولي بسحب عروضهم لتمويل السد العالي والذى اعتبرها ناصر بمثابة إهانة متعمدة، ومحاولة لإخضاع مصر لإملاءات القوى الكبرى.
ففى أواخر عام 1955 وأوائل عام 1956 جرت مباحثات بين مصر والبنك الدولي وتم الاتفاق المبدئي على عقد قرض لمصر بمبلغ لتسحب منه عند الحاجة لإنشاء السد العالي.
ولكن حدث أن أعلنت حكومة الولايات المتحدة سحب عرضها السابق لتمويل السد العالي فجاء رد الرئيس جمال عبد الناصر على قرار التراجع عن تمويل السد بإعلانه تأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية ونقل جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات إلى الدولة المصرية.
وكان عقد الامتياز قد صدر بتاريخ 30 نوفمبر 1854 ونص على تأسيس فرديناند ديليسبس "الشركة العالمية لقناة السويس البحرية" بشق برزخ السويس، واستغلال طريق صالح للملاحة الكبرى وإنشائه بإعداد مدخلين كافيين، أحدهما على البحر الأبيض المتوسط، والآخر على البحر الأحمر وبناء مرفأ أو مرفأين، ويحق للشركة إدارة القناة وفق مدة امتياز 99 سنة من تاريخ انتهاء الشركة من إنشاء قناة جديدة.
ونص المرسوم على أن الحكومة لها 15% من صافي ربح الشركة عدا الفوائد والحصص الخاصة، ويوزع الباقي من صافي الأرباح بحيث تحصل الشركة على 75% و10% من الأعضاء المؤسسين.
وتكون رسوم العبور ما بين الشركة وخديو مصر والتعريفة متساوية دائما لجميع الدول، ولا يجوز مطلقا اشتراط امتياز لإحدى الدول دون غيرها.
كانت مصر تحصل على نسبة ضئيلة من أرباح قناة السويس، أهم شريان تجاري في العالم، لا تزيد على 5%، ومعظم الأرباح يحصل عليها الأجانب، وقد قامت مصر قبل التأميم بعمل تنمية حقيقية شاملة في مدينة السويس، تلك المدينة التي كانت نهبًا للأجانب، فعقد الامتياز كان يمنح الحكومات الأجنبية وبالأخص الفرنسية حق إداراتها حتى عام 1968.
قالها ناصر فى خطاب التأميم: «لقد كانت قناة السويس دولة فى داخل الدولة، شركة مساهمة مصرية ولكنها تعتمد على المؤامرات الأجنبية، وتعتمد على الاستعمار وأعوان الاستعمار، بنيت قنال السويس من أجل مصر ومن أجل منفعة مصر، ولكن كانت قنال السويس منبعاً للاستغلال واستنزاف المال»، من أجل ذلك كله كان قرار تأميم قناة السويس وعودتها إلى السيادة المصرية، وقتها القى ناصر نص القرار والذى تضمن فى مادته الأولى بأن تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية، وينتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات، وتحل جميع الهيئات واللجان القائمة حاليًا على إداراتها، ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكونه من أسهم وحصص بقيمتها، مقدرة بحسب سعر الإقفال السابق على تاريخ العمل بهذا القانون فى بورصةالأوراق المالية بباريس، ويتم دفع هذا التعويض بعد إتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة.
وفى مادته الثانية أن يتولى إدارة مرفق المرور بقناة السويس مرفق عام ملك للدولة.. يتولى إدارة مرفق المرور بقناة السويس هيئة مستقلة تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتلحق بوزارة التجارة، ويصدر بتشكيل هذه الهيئة قرار من رئيس الجمهورية، ويكون لها - فى سبيل إدارة المرفق - جميع السلطات اللازمة لهذا الغرض، دون التقيُّد بالنظم والأوضاع الحكومية.
وفى المادة الثالثة أن تجمد أموال الشركة المؤممة وحقوقها فى جمهورية مصر وفى الخارج، ويحظر على البنوك والهيئات والأفراد التصرف فى تلك الأموال بأى وجه من الوجوه، أو صرف أى مبالغ أو أداء أية مطالبات أو مستحقات عليها إلا بقرار من الهيئة المنصوص عليها فى المادة الثانية.
وفى المادة الرابعة تحتفظ الهيئة بجميع موظفى الشركة المؤممة ومستخدميها وعمالها الحاليين، وعليهم الاستمرار فى أداء أعمالهم، ولا يجوز لأى منهم ترك عمله أو التخلى عنه بأى وجه من الوجوه، أو لأى سبب من الأسباب، إلا بإذن من الهيئة المنصوص عليها فى المادة الثانية.
وفى المادة الخامسة اعتبرت كل مخالفة لأحكام المادة الثالثة يعاقب مرتكبها بالسجن والغرامة توازى ثلاثة أمثال قيمة المال موضوع المخالفة. وكل
مخالفة لأحكام المادة الرابعة يعاقب مرتكبها بالسجن، فضلاً عن حرمانه من أى حق فى المكافأة أو المعاش أو التعويض.
بالطبع دفعت مصر ثمن هذا القرار الذى أعاد سيادتها على قناة السويس، و توالت الأحداث وانتهت بشن العدوان الثلاثي على مصر والذي استمر من 31 أكتوبر حتى 22 ديسمبر 1956 من كل من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل، غير أن ذلك وإن كبدها كثيرا من الخسائر، إلا أنها أكدت قرارها الذى لم يستطع أحد فرض أى فرصة للتراجع عنه.
بعد مرور 69 عاما على التأميم يؤكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، فى تصريحات تليفزيونية أن مرور 69 عامًا على تأميم القناة يعكس نجاح الإدارة المصرية في الحفاظ على سيادة هذا الممر العالمي، مشيرًا إلى أن القناة منذ عام 1956 وحتى اليوم شهدت تطورًا لم يحدث منذ افتتاحها في 1869.
وأوضح أن أكثر من مليون و100 ألف سفينة مرت من القناة منذ التأميم، بعائدات تتجاوز 153 مليار دولار، وهو ما يعكس مدى الاستفادة الاقتصادية المباشرة التي عادت لمصر.
على الجانب الآخر لم يكن الفن بعيدا فى تلك اللحظات التاريخية الهامة من عمر الوطن بل كان يلعب دورا كبيرا فى شحذ الهمم ورفع الروح المعنوية، والوقوف بقوة خلف القيادة وما تتخذه من قرارات تصب فى صالح عودة السيادة المصرية على كل أراضيها، وكانت الكلمات التى كتبها الشاعر الغنائي أحمد شفيق كامل ضمن أوبريت حكاية شعب، وتغني بها الفنان التى ارتبطت أغانيه بروح يوليو عبد الحليم حافظ ومن ورائه كل المصريين فقال:
كانت الصرخة القوية في الميدان في إسكندرية
صرخة أطلقها جمال، وإحنا أممنا القنال
ضربة كانت من معلم خلى الاستعمار يسلم
ضربة كانت من معلم خلى الاستعمار يسلم
والحصار الاقتصادي برضو ما ذلش بلادي.
ويعتبر فيلم ناصر 65 معبرا عن ملحمة التأميم بكل تفاصيلها، ليظل عملا فنيا يذكِّر كل الأجيال بهذه المواقف الفارقة من عمر الوطن، يقول الكاتب المبدع محفوظ عبد الرحمن اخترت معركة الكفاح لتأميم القناة ثم التصدى للعدوان الثلاثي ورأيت فيها ذروة الدراما فى عصر جمال عبد الناصر، وهذه الفترة قرأت عنها الكثير جدا فضلا عن تجربتي الشخصية معها، لم يكن مخططا أن يتم عرض هذا الفيلم تجاريا فى دور العرض، لأن سابقة عرض فيلم تليفزيونى لم تنجح وهو فيلم ايوب فى منتصف الثمانينيات، ولكن ظللت أنا ومحمد فاضل مخرج ناصر 56 نقنع ممدوح الليثي ونزين له أمر عرض الفيلم إلى أن اقتنع وزاد حماسه لكون الفيلم يعرض مواكبا للذكرى الأربعين لتأميم القناة فى صيف 1996، ولم يكن الليثي يتوقع ما حدث، لقد حقق الفيلم أعلى ايرادات على الاطلاق فى تلك السنة، وبلغت 12 مليون جنيه، وهو رقم لم يكن مألوفا فى السينما المصرية آنذاك، بل إن هذه السينما كانت فى أوج أزمتها الانتاجية الشهيرة، التى كادت توقف عجلاتها الانتاجية عن الدوران، وجاء ناصر 56 بإيراداته ليحرك مياهها الراكدة ولتنطلق انتاجيًا فى السنوات التالية.
اقرأ أيضاًالفريق أسامة ربيع: مرور 69 عامًا على تأميم قناة السويس يعكس نجاح مصر في الحفاظ على سيادة الممر الملاحي
ذكرى تأميم قناة السويس.. 69 عامًا من الحرية والعزة والكرامة
ذكرى تأميم قناة السويس.. كيف كسر جمال عبد الناصر «شوكة الغرب»؟