الجزيرة:
2025-05-09@08:40:22 GMT

التهجير الصامت.. كابوس يلاحق شباب القدس

تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT

التهجير الصامت.. كابوس يلاحق شباب القدس

القدس المحتلة- في حي الجعابيص ببلدة جبل المكبر جنوبي القدس، أنهك مشهد ركام المنزل المهدوم صاحبه ثائر جعابيص، الذي أُجبر على هدمه بيده بعدما عاش فيه 18 عاما، أسّس خلالها أسرته المكونة من 7 أطفال، فقدوا بين ليلة وضحاها مأواهم ودفيئتهم.

بنى ثائر منزله عام 2006 دون الحصول على التراخيص اللازمة من بلدية الاحتلال في القدس، لأنه لا يقوى على دفع تكاليفها الباهظة، لكنه بدأ قبل 10 سنوات بإجراءات استصدارها، ودفع مقابل ذلك نحو نصف مليون شيكل (135 ألف دولار) إلا أن منزله الذي بُني على مساحة 100 متر مربع ظلّ مهددا بالهدم، وهذا ما أُجبر عليه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري.

يقول جعابيص للجزيرة نت "هدمتُ أحلامي وذكرياتي بيدي، لأن البلدية هددتني بدفع تكاليف عمل جرافاتها وقواتها التي ستؤمن عملية الهدم إذا أقدمت هي على ذلك، ولأنني مثقل بالديون والمسؤوليات اضطررت لهدم المنزل، رغم طلبي المتكرر بإمهالي مزيدا من الوقت للحصول على التراخيص اللازمة".

"البيت مبني من 18 سنة وساكن فيه 13 نفرا".. المواطن المقدسي ثائر جعابيص يتحدث عن معاناة أهله وأطفاله في ظل البرد الشديد بعد أن أجبرته بلدية الاحتلال في #القدس على هدم منزله بشكل قسري الكائن في قرية جبل المكبر بالقدس المحتلة pic.twitter.com/PS3O8DKPk8

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 22, 2024

متطلبات تعجيزية

لا تقتصر تكاليف الترخيص على الرسوم البلدية فحسب، بل يضطر المقدسي لدفع تكاليف باهظة أيضا للمحامين والمهندسين الذين يسيرون في طريق استصدار الرخصة، ويقول جعابيص إنه عاجز عن توفير كل ذلك.

ولأن كافة الخيارات أحلاها مرّ، يرفض هذا الشاب استئجار منزل في المدينة، بسبب قلة المنازل المتاحة وارتفاع تكاليفها التي تتراوح بين 1200 و1500 دولار شهريا، كما أنه يرفض فكرة السكن في الأحياء الواقعة خلف الجدار العازل التي تعتبر قيمة العقارات فيها منخفضة مقارنة بالشقق السكنية داخل المدينة.

وعن ذلك قال "الجميع يتمنى أن يعيش لحظة داخل القدس فكيف يمكن لأبنائها مغادرتها؟ لن أترك المدينة، رغم أن أحدا لم يمد لي يد المساعدة منذ هدمتُ منزلي، ولم يقدموا لي حتى خيمة لأنصبها وأصمد في أرضي".

حال هذا الشاب كحال كافة الشبان المقدسيين الذين تعتبر أزمة السكن في المدينة أكبر معضلة تواجههم عندما يصلون إلى سن الزواج، فتكون الحلول إما بالعزوف عنه أو الهجرة طوعيا نحو الأحياء الواقعة خلف الجدار العازل، أو إلى مناطق الضفة الغربية التي قد يكون ثمن الانتقال إليها فقدان حق الإقامة بالقدس، أو يقدم هؤلاء على خطوة استئجار المنازل بأثمان باهظة أو بناء منازل دون تراخيص.

اكتظاظ سكاني في الأحياء التي أخرجها الجدار العازل عن القدس وسكانها مهمشون دون خدمات (الجزيرة) تهجير صامت

يرجع المهندس المقدسي عبد الكريم لافي، في حديثه للجزيرة نت، أزمة السكن في القدس إلى الأيام الأولى من احتلال شرقي المدينة عام 1967، عندما أقدمت الجرافات على هدم حارة المغاربة الملاصقة للمسجد الأقصى وتسوية منازلها بالأرض وإقامة ساحة البراق المخصصة لصلاة اليهود على أنقاضها.

ثم توالت، وفقا للافي، القوانين والسياسات الإسرائيلية الرامية لتعميق أزمة السكن في المدينة ودفع سكانها لهجرتها بشكل صامت وطوعي.

وكان يفترض أن لا يُلاحق ويُحاكم المقدسيون بعد مرور 7 أعوام على إنشاء منازلهم، حتى وإن شُيدت دون ترخيص بشرط المضي بالإجراءات، لكن القوانين الجديدة باتت تُلاحق الحجر وتعاقبه فإن لم تتمكن البلدية من ملاحقة الشخص بسبب مرور المدة المحددة، فإنها تُعاقب الحجر لأنه بني دون ترخيص فتهدمه، وفقا للمهندس المقدسي.

النموذج رقم "4" وإثبات تسجيل الأرض في "الطابو" تُضاف إلى قائمة المتطلبات التعجيزية التي تُنهك المقدسيين وتجعل فكرة امتلاكهم لمنزل دون خطر الهدم أمرا معقدا وأحيانا مستحيلا.

ويرى لافي أن الهدم الذاتي بات هو الظاهرة الأخطر في المدينة التي تجلت بشكل واضح في السنوات الست الأخيرة بعدما أحدث الهدم المتكرر بجرافات بلدية الاحتلال ضجة إعلامية، فلجأت الأخيرة للضغط على المقدسيين لهدم منازلهم بأيديهم تجنبا لتكاليف الهدم الباهظة التي يدفعونها مقابل قيام طواقم البلدية بذلك.

تقديرات فلسطينية بوجود 22 ألف مسكن بالقدس صادر بحقها إخطارات هدم (الجزيرة) تراخيص مكلفة

وأكد المهندس المقدسي للجزيرة نت أن الحصول على تراخيص للبناء في القدس زادت تعقيدا بعد الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، وتعثّرت الكثير من الملفات المودعة لدى البلدية قبل هذا التاريخ.

وعن تكلفة استصدار رخصة بناء لشقة سكنية واحدة في القدس، أشار لافي إلى أنها تتراوح بين 50 إلى 70 ألف دولار، وهو المبلغ الذي يستطيع الفلسطيني بناء منزل متكامل فيه بمناطق الضفة الغربية، خارج مدينة القدس.

أما تكلفة شراء شقة سكنية غير مجهزة في القدس بمساحة 110 أمتار مربعة، فتتراوح بين 350 و450 ألف دولار للشقة.

ويصب هذا كله ضمن سياسة التهجير، لأن الشاب المقدسي لا يملك هذه المبالغ في مقتبل العمر، وبالتالي "يضطر للسكن خلف الجدار العازل وهذا هو التهجير الصامت بأن يطرد الإنسان نفسه بنفسه" أضاف لافي.

وختم حديثه للجزيرة نت بالتطرق إلى أن النقص في عدد الشقق السكنية بالقدس قُدّر قبل 3 أعوام بـ30 ألف شقة يتمنى الشبان لو أنهم تمكنوا من شرائها أو بنائها، إلا أن ذلك بات حلما يراودهم، ولا يملكون سوى استمرار العيش في كابوس الهدم أو الإيجار أو الانتقال إلى خلف الجدار العازل، حيث الاكتظاظ والبناء العشوائي والحواجز العسكرية التي تفصلهم عن مركز المدينة وتُعكر سير حياتهم اليومية.

ووفق تقديرات رسمية فلسطينية، بلغ عدد عمليات الهدم في محافظة القدس 337 خلال 2023، إضافة إلى أكثر من 263 إخطار هدم في العام نفسه، فيما قدر إجمالي البيوت المخطرة بالهدم بنحو 22 ألفا حتى منتصف 2023.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت فی المدینة السکن فی فی القدس التی ت

إقرأ أيضاً:

الموت يلاحق الفلسطينيين.. وغزة تصبح "منطقة مجاعة" وسط "سقوط أخلاقي" دولي

إعلان قطاع غزة "منطقة مجاعة"

أكثر من 100 شهيد و193 مصابا في أقل من 24 ساعة

استهداف تجمعات للمدنيين قرب مطعم بغزة

المنظمات الأهلية: غدًا يوم صعب بسبب توقف مطابخ مجتمعية

الأونروا: الجوع واليأس ينتشران بغزة

مدير مجمع الشفاء: المرضى يموتون أمام أعيننا

خبراء أمميون: على العالم تجنب "الهاوية الأخلاقية" بغزة

الرؤية- غرفة الأخبار

في كل يوم، تزيد إسرائيل من جرائمها في قطاع غزة من خلال استهداف تجمعات المدنيين ومراكز الإيواء وبسطات توزيع الطعام وأماكن التجمعات، لتضمن بذلك قتل أكبر عدد من الفلسطينيين، والذين يكون معظمهم من الأطفال والنساء.

ولقد لخّص المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، الوضع في القطاع المحاصر قائلا: "الموت يلاحق العائلات في غزة أينما توجهت، ولا مكان آمن في القطاع". وبالإضافة لذلك فإنه إذا نجا الفلسطينيون من القصف فإنهم لن ينجو من الموت البطيء بسبب الجوع وقلة الغذاء، إذ تمنع إسرائيل دخول أي أدوية أو مواد غذائية منذ الثاني من مارس الماضي.

وبالأمس، استشهد أكثر من 33 فلسطينيا وأصيب 86 آخرون في غارة إسرائيلية جديدة على مدينة غزة بوسط القطاع. وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن "حصيلة ما وصل للمستشفيات نتيجة ارتكاب الاحتلال لمجزرة بحق المواطنين عصر الأربعاء بجوار مطعم التايلاندي بشارع الوحدة في مدينة غزة 33 شهيداً وأكثر من 86 إصابة حتى اللحظة".

كما أعلن الدفاع المدني، أمس، أن 16 فلسطينيا على الأقل، بينهم عدد من الأطفال، استشهدوا إثر غارة جوية إسرائيلية بعد ظهر أمس، استهدفت مطعماً مكتظاً في حي الرمال غرب مدينة غزة.

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن أكثر من 100 شهيد و193 مصابا سقطوا بنيران الاحتلال خلال الـ24 ساعة الماضية.

وفي سياق سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال، قال مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إن الخميس سيكون يوما صعبا في قطاع غزة مع توقف مطابخ مجتمعية بسبب نفاد الأغذية الذي سيجعل من حالة المجاعة تشتد.

كما قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن الجوع واليأس ينتشران في قطاع غزة مع استخدام الغذاء والمساعدات سلاحا.

وفي ظل هذا الوضع الكارثي، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، المجتمع الدولي إلى وقف "الجريمة الإنسانية المتعمَّدة" المتمثلة في "المجاعة"، والتي أكد أنها ترسخت في قطاع غزة.؟

وأعلن مصطفى، في مؤتمر صحافي عقده بمكتبه في رام الله، أن قطاع غزة "منطقة مجاعة"، متابعا: "نناشد ضمير الإنسانية. لا تدَعوا أطفال غزة ليموتوا جوعاً، لا تسمحوا باستخدام الغذاء والماء أسلحة حربٍ وسيطرة، هذه المجاعة ليست كارثةً طبيعية، بل هي جريمةٌ إنسانيةٌ متعمَّدة، والصمتُ تواطؤ".

ويتعرض القطاع الصحي في قطاع غزة لحالة من الانهيار التام، إذ قال مدير مجمع الشفاء الطبي إن "مستشفيات القطاع ستغلق أبوابها خلال أيام دون إدخال الوقود، والمنظومة الصحية في القطاع شبه منهارة، والرعاية الصحية منهارة تماما في القطاع".

وأضاف: "أشخاص يستشهدون أمام أعيننا بسبب عدم قدرتنا على تقديم الرعاية، ونحن نفاضل بين المرضى ونرى الجرحى والمرضى يموتون أمام أعيننا، وإمكاناتنا تكاد تكون معدومة تماما، كما أن المنظومة الصحية في القطاع في حالة انهيار تام، والوضع في القطاع مأساوي جدا".

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن خبراء في الأمم المتحدة مطالبتهم الدول بالتحرك لتجنب القضاء على فلسطينيي غزة.

وقال أكثر من 20 خبيرا مستقلا في بيان إن "القرار واضح: إما الوقوف موقف المتفرج ومشاهدة مذبحة الأبرياء أو المشاركة في صياغة حل عادل". وحث الخبراء العالم على تجنّب "الهاوية الأخلاقية التي ننزلق إليها".

من جهتها، أبدت اللجنة الأممية لحقوق الفلسطينيين مخاوف من فرض إسرائيل ظروفا تتعارض مع استمرار وجود الفلسطينيين بغزة كمجموعة.

 

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يدعو إلى رفع الحصار عن غزة ويرفض التهجير القسري
  • كابوس الأصابعة إلى متى؟
  • رجل يلاحق مطلقته بدعوى إسقاط حضانة ويؤكد: تزوجت ومنحت شقيقتها حضانة أولادى
  • الموت يلاحق الفلسطينيين.. وغزة تصبح "منطقة مجاعة" وسط "سقوط أخلاقي" دولي
  • عام على رفح.. المدينة التي محاها القصف وبقيت تنتظر العالم
  • منتخبون بالدار البيضاء يشبهون مخلفات الهدم في أحياء المدينة بـ"حرب غزة"
  • تصعيد جديد.. السودان يصد هجومًا في كابوس ويقطع العلاقات مع الإمارات
  • غضب شعبي في الفلوجة.. البطاقة وطنية تتحول إلى كابوس يومي
  • ما القضايا التي ستحسم التصويت في الانتخابات البلدية بسريلانكا؟
  • محافظة القدس: تصعيد (إسرائيلي) لتفريغ المدينة ودفعها نحو الإفلاس الاقتصادي