نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، اليوم السبت، ندوة بعنوان "اللغة العربية.. ضرورة حياتية"، حاضر فيها الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، وأدار الندوة الدكتور خالد عاشور، عضو اتحاد كتاب مصر.

قال الدكتور عبد الحميد مدكور، الأمين العام لمجمع اللغة العربية، إن اللغة العربية تحتاج إلى غِيرة عليها وتمكين واهتمام بها في المجتمعات وفي مختلف المجالات من إعلام وتعليم وثقافة وسياسة وغيرها، معربًا عن أسفه الشديد لغياب أطر سياسية تهتم بنشر العربية في بلادنا وأوطاننا، مصرحًا: "إن الذين يضعون السياسات اللغوية لا يملكون إخراج هذه اللغة الغنية من ضيق المجالات الأكاديمية إلى أفق التطبيق، ولن يتأتى ذلك إلا بتفعيل استخدام اللغة العربية السليمة داخل المؤسسات التعليمية، وبخاصة في مراحل التعليم الأساسي، وغيرها من المؤسسات الثقافية.

وأضاف الدكتور مدكور أنه لابد أن تتولى الجامعة العربية وضع سياسات لغوية وقوانين ملزمة تتبنى الدول العربية تنفيذها، تعنى بتفعيل استخدام "العربية" في المجتمع والمؤسسات العربية والحقول الدبلوماسية والعمل الثقافي والإعلامي، مشيرًا إلى أن الاهتمام باللغة العربية لابد وأن يأتي متسقًا مع اتساع رقعة عالمنا العربي من ٢٢ دولة؛ مؤكدًا أن الأزهر الشريف هو الحارس الأمين على اللغة العربية، ولولا دوره ما بقيت.

من جانبه أوضح الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن اللغة العربية هي أوسع اللغات مذهبًا من حيث المفردات والتراكيب، وأن الأزهر معني بالحفاظ عليها ونشرها وتعليمها للناس، مشيرًا إلى أن جامعة الأزهر تسعى لتطبيق "تعريب العلوم" في الطب والصيدلة والهندسة وعلوم الحاسب لتدرس باللغة العربية التي فيها الأصالة والكلمات القيمة التي تُحيي فكر الأمة، وتعقد الجامعة دورات تدريبية للخطباء والأئمة في التحدث باللغة العربية، فضلًا عن الدورات التي تعقد لرفع مهارات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة في مختلف الكليات لإتقان اللغة العربية تحدثًا وكتابةً، مبينًا أن للأسرة دور كبير في الحفاظ عليها وإتقانها، وهناك خطأ كبير تقع فيه بعض الأسر حينما ترغم الأطفال على تعلم اللغات الأجنبية، على عكس ما تربينا عليه في الأزهر من حفظ القرآن الكريم، وإتقان لغته، والاعتزاز بتعلم العربية، وإظهار التميز فيها في مختلف المحافل العلمية والأكاديمية.

من جانبها، قالت الدكتورة نهلة الصعيدي،  مستشار شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، إن الأزهر هو الحصن الحصين لعلوم الدين واللغة، وهناك استراتيجية متكاملة للأزهر الشريف يتبناها باعتباره حارسا أمينًا على اللغة العربية، يحميها ويعتز بأصالتها وبدورها في البناء والحماية وتكوين الشخصية، مبينة أن أهم ما يميز اللغة العربية عن غيرها هو الإيجاز والتفرد بعدة معاني وتعدد استخدام الحرف الواحد فيها لعدة معان، وهو ما يعلمنا التنوع في التفكير.

أوضحت الصعيدي، أن الأزهر يقوم بجهود كبيرة للحفاظ على اللغة العربية، مستعرضةً بعض المبادرات التي قدمها الأزهر للحفاظ عليها ونشرها كمبادرة: "قوِّم لسانًا.. تبني إنسانًا "، ومبادرة "التحفة الأزهرية لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها" وهي سلسلة أزهرية تجول العالم لتعلم العربية، وهناك أيضًا عدة مشروعات تستهدف تعلم "فن الإلقاء" وتعزيز القراءة بين النشء، مبينة أن فضيلة الإمام الأكبر طالب مؤخرًا بتقديم تقرير في المجلس الأعلى للأزهر عن حال اللغة العربية في بلادنا وأسند الأمر إلى جامعة الأزهر، كل ذلك إلى جانب افتتاح عدد من المراكز الأزهرية على مستوى العالم لتعليم اللغة العربية كمركز الأزهر لتعليم اللغة العربية في جامبيا، وكانت درة تاج هذه الجهود هو رواق الطفل بالجامع الأزهر الذي يعني بتعزيز اللغة العربية في نفوس الأطفال والنشء.

ويشارك الأزهر الشريف -للعام الثامن على التوالي- بجناحٍ خاصٍّ في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 55، في الفترة من 24 يناير الجاري حتى 6 فبراير 2024؛ وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.

ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

3f4d44a7-caf2-4f07-accf-fac6e14ee7c4 8d9a5011-0060-4759-b175-a580ad613c88 9e985b73-6e36-443c-b48e-cc2f191c5c87 8172e553-559c-497b-8bfa-c4520154adda b307ba89-3137-46ef-9595-bab17ed47b5a d4aff792-bdcc-4bb4-a0f3-cbe0ae4f8b34

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: جناح الأزهر الازهر الشريف معرض القاهرة الدولي للكتاب اللغة العربية رئيس جامعة الازهر على اللغة العربیة جامعة الأزهر العربیة فی

إقرأ أيضاً:

بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر الشريف

نشر موقع صدى البلد، بث مباشر لشعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر الشريف بمحافظة القاهرة.

نائبًا عن الإمام الأكبر.. رئيس جامعة الأزهر يشارك في مؤتمر مكافحة كراهية الإسلام بجامعة الدول العربيةبإجمالي 1239محفظًا.. اعتماد نتيجة اختبارات معلمي القرآن الكريم بالجامع الأزهر

وحددت وزارة الأوقاف، موضوع خطبة الجمعة اليوم، لتكون تحت عنوان "لله درٌّك يا ابن عباس" معلنة أن الهدف من خطبة الجمعة اليوم هو تسليط الضوء على خطورة الانجراف خلف التيارات الفكرية المنحرفة.

موضوع خطبة الجمعة اليوم

وأوضحت وزارة الأوقاف، أنه سيتم خلال خطبة الجمعة اليوم، استحضار الموقف التاريخي البارز للصحابي الجليل عبد الله بن عباس، المُلقب بحبر الأمة وترجمان القرآن، في تصديه للفكر الخارجي بالحكمة والعلم والبصيرة.

كما تهدف خطبة الجمعة اليوم، إلى إبراز قيمة الفهم العميق للنصوص الشرعية، وأهمية الحوار الهادئ المدعوم بالحجج والبراهين، كوسيلة فعالة لمواجهة الغلو والتطرف، دون اللجوء إلى الشدة أو التعصب.

ومن المقرر أن تناول خطبة الجمعة اليوم، التأكيد على ضرورة فهم النصوص في سياقها الصحيح، ومعرفة أسباب نزولها، والرجوع إلى الكليات والمقاصد الشرعية الكبرى، بما يسهم في تحصين المسلم من الوقوع فريسة لأصحاب الفكر المنحرف.

وفي الخطبة الثانية، سيتم التركيز على قضية "يقظة الضمير" كعنصر أساسي في إصلاح الأفراد والمجتمعات، والتنبيه إلى أن ضمير الإنسان هو بوصلته الأخلاقية التي توجهه نحو الصواب وتجنبه الانحراف.

نص خطبة الجمعة اليوم

الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، هدى أهل طاعته إلى صراطه المستقيم، وعلم عدد أنفاس مخلوقاته بعلمه القديم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وتاج رؤوسنا وقرة أعيننا وبهجة قلوبنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإننا نقف اليوم وقفة تأمل عند حادثة عظيمة، ومناظرة فريدة، سطرها التاريخ الإسلامي بمداد من نور؛ إنها مناظرة الصحابي الجليل حبر الأمة، وترجمان القرآن، عبد الله بن عباس  للخوارج، تلك الحادثة التي لم تكن مجرد سجال عقلي، بل كانت رحمة من الله، ونموذجا يحتذى به في التعامل مع الفكر الضال، وسبيلا لانتشال الأمة من هوة الشقاق والخلاف، لقد خرج الخوارج عن جماعة المسلمين، شقوا عصا الطاعة، وكفروا بالمآل، واستحلوا الدماء؛ ظنا منهم أنهم يحسنون صنعا، وأنهم على الحق المبين، عميت أبصارهم عن فهم مقاصد الشرع، وتحجرت قلوبهم عن سماع صوت الحكمة، يفهمون الظواهر ويغفلون عن الجواهر، يركزون على الحرف ويتركون الروح، وقد نتج عن ذلك أن قامت التيارات الفكرية في زمان سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بتكفير المجتمع وحمل السلاح في وجهه.  

أيها الكرام، يشاء الله أن يقيم سيدنا عبد الله بن عباس، رضي الله عنهما، في زمانه نموذجا ملهما في الجرأة والوضوح في مواجهة هذا الفكر المنحرف، فقام رضي الله عنه يناقشهم ويفند باطلهم، ويرد عليهم في كل النقاط التي يتطرفون فيها، من مسائل الحاكمية، والولاء والبراء، والتكفير، واستحلال الدماء، والغلظة في الفهم، وقد ضرب رضي الله عنه مثلا للعالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، والذي لا يترك الساحة للفكر المتشدد حتى يعيث فيها فسادا، لقد بين لهم، قولا وفعلا، أن فكر التطرف في حقيقته قبح شديد، قبح يعتدي على كل ما في الشريعة من نور ورحمة وسعة وجمال، وأن ما يحمله هذا الفكر من عنف في المظهر، وغلظة في الفهم، وضيق في الأفق، لا يمت إلى هدي الإسلام بصلة، وإنما هو غلو مردود، تحصن المجتمعات من شره بالعلم والحوار والبيان.

أيها الناس، هذه رسالة إلى أصحاب الفكر المنحرف، هل أنتم حقا تفهمون حكم الله؟ سؤال إلى خوارج العصر، هل سألتم أنفسكم حقا: هل الرحمة تتجسد في قتل الأبرياء، وتدمير الأوطان، وإشاعة الخوف والرعب بين الناس؟ ألم يقل رب العزة في كتابه الكريم: }وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.

أيتها الأمة المرحومة، لقد امتد هذا الإشكال إلى واقعنا المعاصر، فقامت سائر التيارات المتطرفة في زماننا نتيجة هذا الفهم بتكفير المسلمين؛ مما يوصلنا إلى أن نصبح أمام منهجين؛ منهج فكري مستقيم ومستنير يقابله منهج فكري سقيم ومضطرب، مفعم بالتشنج، غاضب ومندفع وعدواني، عنده حماس الفهم للإسلام دون فقه ولا بصيرة ولا أدوات للفهم إلى غير ذلك من سماته وخصائصه الثابتة، وهو يظهر عبر الزمان على هيئة موجات متتالية، وكلما مضت عدة أجيال برزت منه موجة جديدة، بهيئة مغايرة، وتحت شعار واسم جديدين، لكنها تستصحب طريقة التفكير بعينها، وتعيد نفس المقولات والنظريات بعينها، وترتكب الأخطاء الفادحة في فهم الوحي بعينها.  

أيها الكرام، قد أثمرت هذه المناظرة المباركة ثمارا عظيمة؛ حيث رجع منهم ما يقارب ألفين أو ألفين وخمسمائة رجل، وهو عدد هائل في ذلك الوقت، وهذا يدل على قوة الحجة، وصفاء المنهج، وتوفيق الله لمن قام بواجب البيان، فكيف واجه ابن عباس التطرف في زمانه؟ واجهه بالعلم الراسخ، والفهم العميق، والحوار الهادئ، والبيان الشافي، بعيدا عن الغلظة والشدة في بداية الأمر، وإنما بالحجة التي تقيم الدليل وتوضح السبيل، ليعلمنا ابن عباس رضي الله عنهما دروسا بليغة في مواجهة التطرف في أي زمان ومكان، وأنه لا يواجه بالشدة والعنف إلا بعد استنفاد كل وسائل الحوار والبيان، فلله درك يا ابن عباس. 

طباعة شارك صلاة الجمعة الجامع الأزهر الأزهر الشريف القاهرة الأوقاف وزارة الأوقاف

مقالات مشابهة

  • لتحقيق الانضباط في العمل.. أمين عام مساعد جامعة الأزهر بأسيوط يعقد اجتماعا مع مديري الإدارات
  • شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية
  • شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو البحوث الإسلامية
  • تعرف على ركن الأزهر الشريف بمعرض الكتاب الدولي بمكتبة الإسكندرية
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر الشريف
  • الحالات التي يباح فيها للمصلي قطع الصلاة .. الإفتاء توضح
  • رحلة ثرية يقودها مركز أبوظبي للغة العربية حتى نهاية 2025
  • مركز أبوظبي للغة العربية يقود رحلة ثقافية ثرية إلى مهرجان أيام العربية حتى نهاية 2025
  • عاجل تحديث في "منصة قبول" يتيح للطلاب الإطلاع على الرغبات التي لم يحققوا فيها شروط الأهلية الخاصة بالجامعات والتخصصات
  • الدكتور شريف فاروق وزير التموين والتجارة الداخلية يلتقي نائب الأمين العام للأونكتاد لبحث سبل التعاون في الأمن الغذائي وسلاسل الإمداد