صادم.. أول رد لـ"الأونروا" بعد تعليق دول التمويل والمساعدات
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
وصف المفوض العام للـ"أونروا" فيليب لازاريني أن قرار عدد من الدول تعليق تمويل الوكالة بـ "الصادم"، داعيا إياها إلى إعادة النظر في قراراتها التي تهدد العمل الإنساني في المنطقة، وفق روسيا اليوم.
وقال لازاريني في بيان رسمي اليوم إن قرار هذه الدول بتعليق تمويلها للأونروا "يهدد عملنا الإنساني المستمر في جميع أنحاء المنطقة وتحديدا في قطاع غزة".
وشدد على أن "أكثر من مليوني شخص في غزة يعتمدون على الأونروا مع استمرار الحرب والنزوح".
وأضاف "أنه لأمر صادم أن نرى تعليق التمويل للوكالة كرد فعل على مزاعم ضد مجموعة صغيرة من الموظفين، خاصة في ضوء الإجراء الفوري الذي اتخذته الأونروا بإنهاء عقودهم والمطالبة بإجراء تحقيق مستقل وشفاف".
وأكد أنه تم عرض هذه المسألة على مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، وهو أعلى سلطة تحقيق في منظومة الأمم المتحدة.
واعتبر أنه "سيكون من غير المسؤول إلى حد كبير معاقبة وكالة ومجتمع بأكمله تخدمه بسبب مزاعم بارتكاب أعمال إجرامية ضد بعض الأفراد، وخاصة في وقت الحرب والنزوح والأزمات السياسية في المنطقة".
كما أكد أن "الأونروا تشارك قائمة بأسماء جميع موظفيها مع البلدان المضيفة كل عام، بما في ذلك إسرائيل، ولم تتلق الوكالة مطلقًا أي تحفظات بشأن موظفين محددين".
وعلقت الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وإيطاليا وبريطانيا وهولندا وفنلندا وألمانيا بالفعل التمويل للأونروا بعد المزاعم الإسرائيلية.
وقالت الوكالة يوم الجمعة إنها فتحت تحقيقا بشأن عدة موظفين وأنهت عقودهم.
وحث وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، المزيد من الدول على تعليق التمويل، قائلا إن الأونروا يجب استبدالها بمجرد انتهاء القتال في القطاع، واتهم الوكالة بأن لها صلات مع مسلحين في غزة.
وأضاف على منصة "إكس" "خلال إعادة إعمار غزة، يجب تغيير وكالة الأونروا بوكالات تكرس عملها للسلام والتنمية الحقيقيين".
وانتقدت وزارة الخارجية الفلسطينية ما وصفتها بأنها حملة إسرائيلية على الأونروا، ونددت حماس بإنهاء عقود الموظفين "بناء على معلومات مستمدة من تل أبيب".
وتقدم الأونروا التي تأسست لمساعدة اللاجئين منذ حرب عام 1948 التي صاحبت قيام إسرائيل، خدمات تعليمية وصحية ومساعدات للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.
وتساعد الأونروا أيضا نحو ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ولها دور محوري في تقديم المساعدات خلال الحرب الجارية.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
تداعيات ودروس
يخبرنا تاريخ المنطقة، أن الأحداث الكبرى مثل السابع من أكتوبر، له تداعياته الكبيرة أيضًا. يمكن أن نلاحظ ذلك على نحو خاص عند النظر لعام 1979 عندما هبت رياح الثورة الإيرانية، وأحداث حصار الحرم في مكة المكرمة في العام نفسه. وتأثير هذه الأحداث مع غيرها على صراع أهلي في باكستان! مع ذلك يتجاهل الكثيرون هذه العلاقات المعقدة، والتأثيرات المباشرة أو غير المباشرة إما على التركيبة السكانية إثر الهجرات أو النزوح، أو إيجاد حاضنة لأنواع من المقاومة لم تختبرها المنطقة، بالإضافة إلى تحولات أيدلوجية تمرُّ بها شعوب المنطقة، وصولًا لحالة من التطرف في بعض الحالات.
إلا أن الحروب والمزيد من العنف هو أكثر ما يطغى على سردية هذه التداعيات، ما يحدث في إيران اليوم في صراعها مع أمريكا وإسرائيل إنما هو امتداد للسابع من أكتوبر، كما أن للسابع من أكتوبر امتدادًا لأحداث أخرى سابقة ومنها الانتفاضات العربية 2010. ولعل ردود الفعل العربية على ما يعيشه قطاع غزة يشكل التمثيل الأبرز على الشخصية التي تتمتع بها هذه الدول خصوصا تلك التي شهدت انتفاضات أنتجت أنظمة ستتعامل بالطريقة التي شهدناها وعشناها لمدة سنتين الآن منذ بدء الإبادة الجماعية في غزة.
ورغم أن التاريخ لا يتقدم في خط مستقيم، إلا أنه يعيد إنتاج تنويعات على ظواهر بعينها، يتم تجاهلها، بدعوى أنها ستمر دون أن تترك أثرًا واضحًا خصوصًا مع الأدوات السلطوية التي تمتلكها الدول اليوم تلك التي تتعلق بالتكنولوجيا أكثر من أي أداة أخرى، إذ إن الدولة اليوم تستطيع متابعة كل حركة صغيرة عبر الرقابة التي تفرضها على الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها جميعًا.
لكن تاريخ المقاومة أيضًا يقول لنا إن الثغور دائما ما تكون هناك بانتظار من سيتمكن من إيجادها، وربما تكون تحديات الأمن السيبراني وشعور الدول بالأهمية الملحة لاحتوائها وتكوين جيش مجازي آخر هذه المرة يصطف في الغرف المغلقة.
إن تعاملنا مع التغييرات الكبيرة، يأخذ طابعًا يحاول التكيف مع الحالة، فيندر أن نتعامل مع الحادثة من خارجها؛ إذ إننا نعيشها وهذا يستدعي انتباهًا ويقظة داخل التجربة نفسها يصبح من الصعب صرفهما إلى موقع بعيد لقراءة التجربة وموضعتها حسب أهميتها. حصل هذا معنا عندما اجتاح العالم وباء كورونا، والآن يحدث هذا بالضبط عندما لا ندرك أننا نعيش لحظات تاريخية فارقة، ومنعطفًا سيغير الكثير في المنطقة والعالم.
لكن أي مسار سيأخذه هذا التغيير، هذا ما ينبغي أن نفكر فيه، وأن ندعو الدول العربية إلى إشراك شعوبها في التعامل مع هذه المرحلة وتداعياتها المستقبلية.
ربما علينا أن نفكر ببساطة أيضًا في «الدروس» المستفادة من مراحل تاريخية معينة. رغم أنني شخصيًا أرفض اختصار تلك الأحداث الكبيرة في دروس موجزة، خصوصًا فيما يتعلق بالأحداث التي لم تنته بعد، مثل الإبادة التي هي امتداد لنكبة 1948 لكن يمكن أن أضرب مثالًا آخر أكثر تمثيلًا لهذه الفكرة، استخدام الحكومة الأمريكية لمسألة تحرير النساء في أفغانستان لإقناع الرأي العام الشعبي بأهمية الحرب ضد أفغانستان، بالإضافة لاجترار مسوغات أخرى من قبيل أن أفغانستان دولة ثيوقراطية، وحكومتها دكتاتورية، وأن ما سيفعله الأمريكان بهذا التدخل، إنما يحرر المرأة والشعب أيضا.
ورغم أن المفكرين في الغرب أعادوا قراءة هذا الخطاب بعد ذلك في دراسات ما بعد الاستعمار، والتنويه لفظاعة هذه المسوغات، إلا أننا في الأيام الماضية، رأينا من يطلبون من أمريكا تحرير إيران من حكمها الثيوقراطي، واستبدادها، وهو الأمر الذي وصفه المفكر الإيراني الشهير حميد دباشي بالخيانة والتواطؤ مع العدو، حتى وهو ينطلق من موقف أيدلوجي يناهض النظام، إلا أنه يميز بين هذا والموقف من قوة إمبريالية قادمة لتحررنا من واقعنا التي تراه مشؤوما، بينما ينطوي على عملياتها تلك أهداف أخرى تخدم مصالحها فحسب.