قال وزراء وأعضاء بالبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) في مؤتمر "عائدون إلى غزة"، الداعي إلى استئناف الاستيطان في القطاع الفلسطيني المحاصر، الأحد، إنهم سيعودون إلى أرض "أبيهم إبراهيم"، في إشارة إلى أن الاستيطان يجري وفق وازع ديني.

وانتشرت الطاولات في القاعة الرئيسية بمباني الأمة في القدس، وعليها لافتات تدعو آلاف المشاركين في المؤتمر إلى التسجيل في البؤر الاستيطانية الجديدة المزمع إنشاؤها، وفقا لما أوردته صحيفة "هآرتس" العبرية.

وناقش المؤتمرون خيارين لتسمية بؤرتين استيطانيتين في غزة، الأولى هي: "حيسد لالفيم"، التي يخططون لإقامتها قرب رفح، و"كيلات عزة هحداشه"، التي يخططون لإقامتها داخل قطاع غزة.

وجاء في إعلان المؤتمرين: "أمامك فرصة مرة واحدة في الحياة للمشاركة في إعادة المدينة العبرية-غزة، كمدينة تكنولوجيا خضراء مفتوحة أمام الجميع وتوحد كل أجزاء المجتمع الإسرائيلي".

 وقال أحد منظمي المؤتمر إن عشرات العائلات سجلت في البؤر الاستيطانية المزعومة، وعلقت على الحائط خارطة كبيرة لقطاع غزة وعليها أسماء مستوطنات "غوش قطيف"، التي تم إخلاؤها في عملية الانفصال عن القطاع، التي أشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، آريل شارون.

وفي السياق، أراد رئيس مجلس شومرون الإقليمي، يوسي دغان، إثارة انفعال الجمهور عندما قال: "كرروا ورائي: اتفاق أوسلو مات وشعب إسرائيل حي"، وهو ما كرره الجمهور وراءه 3 مرات. وكان بين المشاركين وزراء كبار وأعضاء كنيست من الائتلاف الحكومي، من بينهم وزير المالية: بتسلئيل سموتريتش، وأوريت ستروك، من حزب الصهيونية الدينية، وإيتمار بن غفير، وعميحاي إلياهو، وإسحق فاسرلاوف، من حزب القوة اليهودية، وحاييم كاتس وعميحاي شكلي وشلومو قرعي، من حزب الليكود.

ومن جانبه، قال سموتريتش: "هناك شيء ما في الصحة الطبيعية هنا، في هذه القوة، في هذه الفرحة، وفي التمسك بأرض إسرائيل، ذات الإمكانية الكامنة كي تعطي قوة عظيمة".

اقرأ أيضاً

مؤتمر الاستيطان في القدس يثير خلافات داخل حكومة نتنياهو.. كيف علقت المعارضة؟

وأثار عرض أفلام لجنود من غزة يدعون للعودة إليها، ويصرخون بأنه لا أبرياء فيها، انفعال الآلاف من جمهور المؤتمر الذين علت صرخاتهم وصفيرهم، وهتفوا بشعارات منها: "الموت للمخربين".

وقال بن غفير: "إذا أردنا ألا يتكرر 7 أكتوبر، فيجب العودة والسيطرة على المنطقة، وكذلك طرح منطق أخلاقي توراتي: تشجيع الهجرة ووضع قانون لإعدام المخربين، وإعدام نخبة تلو نخبة، ومخرب تلو مخرب".

وبعد ذلك، توجه بن غفير لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قائلا: "من المؤسف انتظار 19 سنة أخرى لنفهم بأن علينا إعادة غوش قطيف وشمال "السامرة. لقد حان الوقت للعودة إلى البيت، العودة إلى أرض إسرائيل، وتشجيع الهجرة وفرض قانون الموت للمخربين"، في إشارة إلى إعادة كافة المستوطنات التي جرى تفكيكها في غزة والضفة الغربية.

نكبة ثانية

 وفي إجابات كراسة وزعها منظمو المؤتمر للإجابة عن أسئلة المصير لمستقبل أكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة، كتب المحامي، أفيعاد فيسيلو، أن "نكبة ثانية"، أي الطرد الجماعي للفلسطينيين من غزة، مبرر بشكل كامل،.

كما كتب الحاخام، عوزي شارباف، الأب الروحي لحركة الاستيطان في غزة، شرح في الكراسة، مفاده أن وصية وراثة أرض إسرائيل تعني "احتلال أرض إسرائيل حسب الحدود التي قيلت لأبينا إبراهيم، وأيضاً تدمير وطرد كل من يعارض حكم شعب إسرائيل في أرض إسرائيل".

أما إلياهو ليبمان، وهو والد "إليكيم" الأسير في غزة، قدم شرحا استناداً لمصادر يهودية مفادها أن "الذين لا يمكن قتلهم يجب طردهم ووراثتهم، ولا أبرياء منهم".

 أما وزير الاتصالات، شلومو قرعي، فأوضح أن تهجير الفلسطينيين "هو الطريقة الوحيدة الحقيقية لجباية ثمن باهظ من نازيي حماس وضمان الأمن، والهجرة الطوعية"، على حد تعبيره.

اقرأ أيضاً

صحف إسرائيلية: الاستيطان في غزة لم يعد مجرد حلم بل بدأ التجهيز له

 وفي الإطار ذاته، قال دانييلا فايس، وهي من منظمي المؤتمر: "هناك احتمالان يقفان على الأجندة، إما أن تصبح غزة يهودية ومزدهرة، أو تعود لتكون عربية وقاتلة".

وأضاف: "الملايين من لاجئي الحرب يتنقلون من دولة إلى أخرى في العالم كله. هل يجب أن يكون هؤلاء الوحوش مرتبطين بأرضهم؟ هل يجب أن يبقوا هم بالذات في نفس المنطقة التي جعلوها جهنم؟ 7 أكتوبر غير التاريخ، وغزة، وستفتح البوابة الجنوبية على مصراعيها، وسينتقل الغزيون إلى كل أرجاء العالم، وسيستوطن شعب إسرائيل في غزة".

وكان "آفي فرحان" من بين المشاركين في المؤتمر، وهو من المستوطنين السابقين في شبه جزيرة سيناء المصرية، وبعدما أخلاها الجيش الإسرائيلي انتقل إلى العيش في مستوطنة "إيلي شيناي" في شمال قطاع غزة.

وقبل مؤتمر "عائدون إلى غزة"، أعاد فرحان طباعة ورقة وزعها في 2005 قبل إخلاء شارون للمستوطنات في غزة، طلب فيها من الحكومة عدم الانسحاب من المستوطنات الثلاث التي كانت في شمال القطاع.

لكن الحاخام شارباف أدان ما اعتبره "تساهلا" في طرح فرحان وغيره ممن يدعون إلى البدء في الاستيطان في "جزء من قطاع غزة"، قائلا: "عندما نتحدث عن القطاع فنحن لانتحدث عن شماله أو وسطه أو جنوبه، بل نتحدث عن الكل".

 وقبل انتهاء المؤتمر، صعد ممثلو البؤر الاستيطانية المستقبلية في غزة، ورقص عشرات الأطفال والبالغين حاملين الأعلام واللافتات فوق المنصة، ومنهم المغني: أهارون رزئيل، الذي أثار انفعال الجمهور قائلا: "عائدون إلى غوش قطيف. بعون الله سنغني بعد قليل في غزة".

اقرأ أيضاً

بمشاركة وزراء ونواب.. مؤتمر لإعادة الاستيطان في غزة يثير جدلا داخل إسرائيل (فيديو)

المصدر | الخليج الجديد + هآرتس

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: القدس الاستيطان سموتريتش بن غفير غوش قطيف السامرة الاستیطان فی غزة أرض إسرائیل قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

إبراهيم عثمان يكتب: التناقض

*لا يُقاس الخطاب السياسي بما يصرّح به فحسب، بل أيضاً بما يسكت عنه، أو بما ينقضه في بنيته العميقة. وحين نقرأ خطاب “تقدم”، فإننا لا نواجه فقط ازدواجاً في المواقف، بل تناقضاً بنيوياً يكشف عن انشطار بين ظاهر الدعوى وباطن الممارسة. والمفارقة الكبرى هي أن ما تدعيه “تقدم” بالقول، هو ما ينقضه سلوكها العملي، بل ويثبت بطلانه دون حاجة إلى تفنيد خارجي!*

* *في خطاب “تقدم”، لا يُقرأ تصاعد جرائم الميليشيا بوصفه سبباً لرفضها، بل كذريعة لتعزيز شرعيتها التفاوضية. فكلما ازداد عنفها، كلما تعززت ضرورة الحوار معها. وهذا يقلب المنطق الأخلاقي رأساً على عقب: يصبح الإجرام شرطاً موضوعياً للتفاوض، لا سبباً لنفيه.. المفارقة أن هذا المنطق يحمل إقراراً ضمنياً بأن الإجرام ليس عرضاً طارئاً، بل بنية داخلية في وجود الميليشيا، وأنها لا تستطيع أن تحارب بدونه. ومع ذلك يُستخدم لشرعنة بقائها عبر تفاوض يُفرغ السياسة من مضمونها الأخلاقي!*

* *الخطاب ذاته يعيد تعريف دلالة استباحة الميليشيا لبعض المناطق، فما هو في الواقع كارثة إنسانية للمواطنين، يُعاد تأويله لدى “تقدم” بوصفه إثباتاً لقوة الميليشيا، ولاستحالة هزيمتها. وبهذا يُنتزَع الفعل من سياقه الأخلاقي ويُدمج في سردية سياسية تبريرية. لا حاجة هنا للتنقيب عن النوايا، فالتصريحات نفسها تنقلنا من منطق “الردع بالعقوبة” إلى منطق “الخضوع بالقوة”، حيث تُقاس شرعية المجرم بقدرته على فرض شروطه. أي سيطرة الغلبة على الحجة، حين تتحول الاستباحة من جريمة إلى مسوِّغ تفاوضي!*

* *حين تتمسك “تقدم” بالتفاوض مع الميليشيا، فإنها تسقِط ــ ضمناً ــ ما تدعيه من سيطرة الإسلاميين على الدولة. لأن قبولها بالمفاوض الحكومي، يعني افتراضها أن لا مشكلة في تمثيله، وأنه ليس إسلامياً. وهذا نفي عمليّ لجوهر دعواها. فالخطاب هنا يهدم نفسه من داخله، لا من خارجه! أما إصرارها على أن مخرجات التفاوض يجب أن تتضمن محاربة الإسلاميين، فهو يحمل افتراضاً مضاعفاً: أن من سيوقع على تلك المخرجات إما أنه يشاركها العداء لخصومها، أو لا مانع لديه في جعلهم كبش فداء، وهذا يزيد في نسف دعواها!*
* *تبرير التفاوض مع الميليشيا بذرائع واقعية (تفادي دمار الدولة)، يتطلب “تعميماً” لهذا المنطق. أما حين تصرّ “تقدم” على أن يتضمن الحل المتفاوَض عليه محاربة الإسلاميين، فهي إما تنكر خطورة محاربتهم، أو تعترف بأنهم ليسوا خطراً موضوعياً، بل خصماً أيديولوجياً. وهنا ينهار خطابها بسبب تعارضه مع ذاته!*

* *تصريحات جعفر حسن حول تصنيف الميليشيا كجماعة إرهابية تكشف تناقضاً إضافياً. فهو يرى أن هذا التصنيف سيزيد الحرب اشتعالاً، وهذا يتضمن في داخله فكرة أن الميليشيا همجية وغير مسؤولة، فإن صُنِّفت فسيتضاعف إرهابها. لكنه في ذات الوقت يطالب بتصنيف خصومه الإسلاميين، دون أن يقلق من مآلات هذا التصنيف. فإما أن الإسلاميين في قناعته لا يمارسون إرهاباً، أو أنهم “إرهابيون مسؤولون” لن يضاعف التصنيف إرهابهم! وهذه مفارقة تقوّض خطابه، وتضعه في مأزق أخلاقي ومنطقي مزدوج!*

* ‏*ينزع بعض أتباع “تقدم” للاستفادة من حالة التشيطن لدى الميليشيا في شيطنة خصومهم السياسيين، بحديثهم عن دورهم في صناعتها، لكن المفارقة أن قادتهم لا يفعلون هذا أبداً، لأنه يحمل طعناً في العلاقة بالميليشيا الآن، ويعاكس سعيهم لتطبيع وجودها، بل إن حديث هؤلاء القادة عن ماضي الميليشيا يحمل طابع الحديث عن شرعيتها كقوات نظامية يحكمها قانون، وقد ذهب محمد الفكي إلى أكثر من ذلك حين تحدث عن كفاءتها ودورها التكاملي ــ الذي لا غنىً عنه ــ مع بقية الأجهزة النظامية، وعن أن غيابها سينتح منه خلل كبير في المنظومة الأمنية، وعن أنهم “كقادة لللبلد لن يسمحوا بتدميرها”!*

* *خطاب “تقدم” لا يستطيع التوفيق بين روايتين متناقضتين: الأولى تبرر الحرب بالحديث عن وجود جذور لها متمثلة في “التهميش”، والثانية مناقضة تنفي وجود الدافع الحربي عند الميليشيا، وتؤكد أنها لم تشعل الحرب، لكنه مع ذلك يضعهما معاً في خدمة غاية واحدة: تبرئة الميليشيا وتحويل المسؤولية إلى خصومها. لكن الجمع بين التناقضين لا ينتج توازناً بل إلغاءً. فكل منهما يفرغ الآخر من مضمونه!*

إبراهيم عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رويترز : طائرات اليمنية التي استهدفتها إسرائيل لم يكن مؤمناً عليها 
  • «صندوق خليفة» يستعرض مشاريع ابتكارية بمؤتمر «سوشي تيك طوكيو»
  • النرويج وأيسلندا: خطة إسرائيل لإخلاء غزة تهجير قسري غير قانوني
  • من الفاو إلى إبراهيم الخليل .. العراق يوحّد حركة الاتصالات بالاتفاق مع كوردستان
  • إبراهيم النجار يكتب: الشرق الأوسط إلى أين؟!
  • 300 ورقة بحثية بمؤتمر”الابتكار في الذكاء الاصطناعي”
  • تفاصيل المؤتمر الصحفي للرئيس السيسي ورئيس وزراء اليونان
  • إبراهيم عثمان يكتب: التناقض
  • فليك بين الحزن والفخر بعد وداع دوري الأبطال: “سنعود أقوى”
  • بنيحيى تبرز التجربة المغربية في مناهضة العنف السيبراني ضد النساء بمؤتمر القاهرة