فصل وإغلاق وتقييد للحركة.. هكذا تخنق إسرائيل الضفة الغربية
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
لا تقتصر الأزمة المستمرة التي يعيشها الفلسطينيون على أولئك الذين يعيشون في قطاع غزة الذي تحاصره وتقصفه إسرائيل، بل إنها تؤثر أيضا على مَن يعيشون في الضفة الغربية المحتلة، التي تم إغلاقها بالكامل منذ الاندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب يارا عاصي في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW).
وأضافت عاصي، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "إغلاق الطرق، ونقاط التفتيش والمخاطر المتزايدة وعنف الجيش والمستوطنين أدى إلى إبقاء معظم الفلسطينيين في الضفة الغربية محصورين في مدنهم وقراهم".
وتابعت أن "عمليات الإغلاق والعنف تسحق الاقتصاد، وتبقي الأطفال خارج المدرسة. وبدأ الفلسطينيون في الضفة، الذين يشهدون الظروف المروعة التي يعيشها إخوانهم وأخواتهم في غزة، يشعرون بالقلق من أن الدور عليهم بعد غزة".
وأردفت أنه "من عجيب المفارقات أن القيود على حركة الفلسطينيين في الضفة ترسخت بعد اتفاقية أوسلو (للسلام) في عام 1993، بينما كان من المفترض أن تكون أوسلو اتفاقية مؤقتة تضع الأساس لدولة فلسطينية ذات سيادة".
و"لكن بدلا من ذلك، فرضت إسرائيل سيطرة شبه كاملة على الحدود الفلسطينية ومعظم الأراضي داخل الضفة الغربية. ومنذ أوسلو، وسّعت إسرائيل سيطرتها على حركة الفلسطينيين ماديا، من خلال بناء الجدار العازل ومئات من الحواجز المادية المؤقتة والدائمة"، كما استدركت عاصي.
واستطردت: "وإداريا، وضعت إسرائيل قواعد معقدة للتصاريح اللازمة للفلسطينيين من أجل القيام بأشياء عديدة، بينها السفر أو الصلاة في المسجد الأقصى مدينة القدس أو الاعتناء بمحاصيلهم على الجانب الآخر من الجدار أو تلقي رعاية طبية متقدمة في مستشفى إسرائيلي. والآن، وتحت ذريعة هجمات حركة "حماس" في 7 أكتوبر، شددت إسرائيل سيطرتها على الضفة الغربية".
اقرأ أيضاً
5 شهداء في الضفة برصاص الاحتلال الإسرائيلي
تصاريح إسرائيلية
عاصي قالت إن "معظم الفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية اليوم لم يعرفوا مطلقا حرية الحركة داخل المنطقة أو خارجها، أو داخل الضفة الغربية نفسها".
وأضافت أنه "لفترة ما بعد بداية الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، ظلت الحركة مفتوحة نسبيا، سواء بين الضفة الغربية وغزة أو بين الأراضي المحتلة وإسرائيل نفسها، على الرغم من أن الكثير من هذه التحركات كان يتطلب تصاريح صادرة من إسرائيل".
واستدركت: "ثم بدأت تتسارع عملية الفصل بين غزة والضفة الغربية، وكذلك سياسات الإغلاق العامة. وبحلول أواخر التسعينيات، كانت السياسات الإسرائيلية قد فصلت الضفة الغربية عن غزة".
اقرأ أيضاً
منذ اندلاع حرب غزة.. إسرائيل اعتقلت 6370 فلسطينيا من الضفة
إبادة جماعية
و"الذريعة التي استخدمتها إسرائيل لتدمير قسم كبير من غزة تتلخص في القضاء على حماس، وشرعت إسرائيل في عقاب جماعي للقطاع بدءا من الحصار (متواصل منذ 17 عاما) وحتى القصف"، كما أضافت عاصي.
وزادت بأن "رد فعل إسرائيل أدى إلى عدد غير مسبوق من القتلى في مثل هذه الفترة المحدودة (نحو 26 ألف قتيل معظمهم أطفال ونساء)، مع ما تسميه جماعات حقوق الإنسان "أدلة دامغة على جرائم حرب" وقضية ذات مصداقية قدمتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية".
وشددت على أن "الأراضي المحتلة تواجه مرة أخرى ظروفا لا تطاق، وتشاهد القوى العالمية تتحدث عن مصيرها، بينما تحترق غزة وتشتعل الضفة الغربية".
اقرأ أيضاً
ارتفاع عدد البؤر الاستيطانية بالضفة بشكل غير مسبوق منذ حرب غزة
المصدر | يارا عاصي/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الضفة الغربية إغلاق إسرائيل جدار حواجز تصاريح الضفة الغربیة فی الضفة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: الأبارتايد في الضفة الغربية على الطريقة الإسرائيلية
تناولت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في افتتاحية لها نظام الفصل العنصري (الأبارتايد) الإسرائيلي في الضفة الغربية، قائلة: "إذا كان هناك نموذج لذلك فإن قرية كفل حارس الفلسطينية شمال الضفة الغربية تقدم صورة صارخة له".
وأوردت أن هذه القرية الصغيرة تشهد كل 3 أشهر اقتحاما منظما يقوم به آلاف اليهود، برفقة مئات من الجنود الإسرائيليين والشرطة، من أجل أداء الصلاة عند موقع يزعم الإسرائيليون أنه قبر النبي "يوشع بن نون".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ديلي بيست: هذا هو القرار "المزلزل" الذي وعد ترامب بإعلانهlist 2 of 2مقال بهآرتس: بعد 250 عاما ها هي أميركا تنال استقلالها عن إسرائيلend of listوحسب الصحيفة فإنه يفرض، خلال زيارة الإسرائيليين، على سكان هذه القرية حظر تجول صارم، إذ لا يُسمح لهم بمغادرة منازلهم، بل يُمنعون حتى من النظر عبر نوافذهم، بينما تتحول شوارع قريتهم إلى ممرات حصرية لليهود فقط.
تخريب روتيني واسع
وقالت إن هذا الحدث لا يمر دون آثار تخريبية: تحطيم نوافذ، كتابات عنصرية على الجدران تدعو إلى "الموت للعرب"، وملصقات تصرّح بعدم وجود مستقبل لفلسطين، وصنابير مياه محطمة، وأبواب منازل مكسورة.
وأضافت أن الأخطر من ذلك هو أن كل هذه الانتهاكات أصبحت "روتينية" في نظر الجيش والمستوطنين، وغائبة عن وعي معظم الإسرائيليين، رغم تكرارها منذ سنوات.
وعندما يغادر المصلون، تقول هآرتس، يخلّفون وراءهم الدمار والقمامة، والأهم من ذلك، حياة كاملة يعاد تشكيلها قسرا لآلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل هذا الواقع.
إعلان
مثال واحد لظاهرة أوسع
وزيارات كفل حارس، توضح هآرتس، ليست سوى مثال واحد على ظاهرة أوسع. فهناك زيارات مشابهة إلى "قبر يوسف" في نابلس، الذي يزعم الإسرائيليون أنه قبر يوسف بن يعقوب عليهما السلام، تتسبب هي الأخرى بفرض حظر التجول على أحياء فلسطينية كاملة.
والسلوك نفسه يتكرر خلال اقتحامات الأثريين الإسرائيليين لقرى وبلدات فلسطينية أو خلال جولات منظمة في أرجاء الضفة الغربية برفقة الجيش، بناء على طلب المستوطنين، حيث يزيحون قسرا أي فلسطيني يصادفهم في الطريق.
وأشارت الصحيفة إلى أن أعمال التخريب والشعارات العنصرية مثل "فلتحترق قريتكم"، غالبا ما تكون هي الجاذب الأكبر للاهتمام، لكنها ليست الجريمة الكبرى الوحيدة.
غير مقبول أخلاقيا ولا إنسانيا
وحتى لو لم تُسجّل أي أضرار مادية، فإن جوهر المشكلة يبقى في المبدأ نفسه: منح الأسبقية لحق اليهود في الصلاة على حساب حق الفلسطينيين في الأمن وحرية الحركة والحياة الكريمة، وفق تعبير الصحيفة.
وتلخص هآرتس قائلة إن هذا هو وجه الاحتلال كما هو: منظومة تمييز ممنهجة تُفضّل جماعة إثنية على أخرى، وترسّخ واقعا مشوّها تُمنح فيه الحقوق على أساس الانتماء القومي، بينما يُطلب من الطرف الآخر دفع الثمن الكامل.
والمسألة لا تتعلق فقط بأسلوب تنفيذ هذه الزيارات، بل في تنظيمها أصلا، فما دامت تستلزم حبس الفلسطينيين في منازلهم وإفساح الطرق لليهود فقط، فهي ببساطة غير مقبولة لا أخلاقيا ولا إنسانيا، وفق هآرتس.